‘إذا كان بونز بينيت قد دخل حقا إلى منزل ناروكا لأخذ شعرها وأظافرها، فهناك احتمال كبير أن ناروكا قد قُتِلَتْ على يد أحد أقاربها. فبعد كل شيء، تمتعت ناروكا بسمعة طيبة وكانت ركيزة الأسرة بأكملها. علاوةً على ذلك، تمتعت بصحة جيدة نسبيًا، جسديًا وعقليًا، لذلك لم يكن من المحتمل أنها قد تنتحر.’

جاء لوميان سريعًا بسلسلة من التكهنات.

‘لكن لو أن ناروكا قد قُتلت بالفعل على يد أحد أقاربها، فما السبب؟’

برؤية شقيقها عميقًا في التفكير بدون التحدث لفترة طويلة، إعتقدت أورور أنه قد أُرعِبَ من فكرة ‘تحول البشر إلى خراف.’ و ‘وفاة شخص من عائلة بيري بسبب القتل.’ لذلك أراحته بلطف.

“على الرغم من خطورة الأمر، إلا أنه لم يؤثر علينا بعد.

“أحتاج إلى إعادة التفكير في مثل هذه الأمور. من السهل عليك أن تصاب بالذعر عندما تصادف شيئًا مشابهًا إذا منعتُكَ دائمًا من الإتصال بالغوامض الحقيقية. حسنًا، تزايد تواتر الأحداث الخارقة في السنوات الأخيرة، وأنا لا أستطيع أن أكون بجانبك في جميع الأوقات. سوف تكبر وتحظى بحياتك الخاصة…”

رد لوميان داخليًا بأنه لم يسمَع أبدًا عن شخص ما إضطر لمغادرة الأسرة عندما كبر.

لقد شعر أن موقف أورور تجاه ملامسته للغوامض قد خفَّ بسبب مسألة تحول البشر إلى خراف.

‘إذا عملتُ بجد، يمكنني أن أخبرها مباشرةً أنني أصبحت متجاوزًا…’

فكر لوميان، ولكن قبل أن يتمكن من الكلام، كانت أورور قد اتخذت قرارها بالفعل.

“إذهب وإحزم حقائبك الآن. سنترك كوردو فورًا بإستخدام دعوة الروايات الأسبوعية. نحن محظوظون حقًا. لقد أرسلوا لنا برقية في اللحظة الحرجة، لذا سنتمكن من المغادرة علنًا دون أي شك. عندما نكون في رحلتنا، سأعلمك بعض الغوامض الحقيقية، لكن لا تفكر حتى في أن تصبح متجاوزًا حتى. إنه أمر خطير للغاية.”

تمتم لوميان لنفسه بصمت،

‘لسنا محظوظين. لقد أرسلتُ البرقية لأنني اكتشفت المشكلة. لقد تلقينا ردًا في هذه الحلقة فقط.’

لكنه كان مسرورًا لأن أخته كانت لا تزال نفس الشخصية الحاسمة.

على الرغم من أنه لم يظُن أنهم سيستطيعون مغادرة قرية كوردو بنجاح أو الهروب من الحلقة، إلا أنه كان عليه المحاولة.

“آه، ألن ننقذ تلك الخراف الثلاثة؟” سأل لوميان.

هزت أورور رأسها.

“قد يؤدي ذلك إلى نشوب صراع بيننا وبين بيير بيري، ولستُ متأكدةً من مدى قوته أو عدد المساعدين الذين يمتلكهم. إن إنقاذ الآخرين دون معرفة أي شيء أمرٌ خطير للغاية.

“من الأفضلِ تركُ المسؤولين يقومون بذلك. إنه واجبهم. عندما نصل إلى داريج ونشتري تذاكر قاطرة بخارية، سنرسل رسالة مجهولة إلى المسؤولين ونتركهم يتعاملون مع الأمر.”

“ولكن ماذا لو لم يصدقونا؟” ضغط لوميان عمدًا.

ابتسمت أورور.

“فيما يتعلق بالغوامض، أنت حقا أُمي. في الرسالة، سنصف مسألة تحويل الناس إلى خراف بوضوح. سيجدون بطبيعة الحال محترفين لأداء العرافة. حتى لو لم يحصلوا على أي وحي تفصيلي، فإنهم سيكتشفون وجود شيءٍ غير طبيعي في كوردو.”

“فهمت.” قال لوميان، وصعد إلى الطابق العلوي لحزم حقائبه.

بعد فترة وجيزة، نزل كلا الشقيقين بحقيبة بنية.

نظرت أورور خارج الباب وقالت، “دعنا نذهب إلى السيدة بواليس ونستعير عربتها للوصول إلى داريج بأسرع ما يمكن.”

كان على الشخص العادي أن يمشي طوال فترة ما بعد ظهيرة من قرية كوردو إلى داريج. كصياد، لم يكن لوميان بحاجة إلى ذلك، ولكن في نظر أورور، لم يكن متجاوزًا بعد.

بعد التردد فيما إذا كان يجب أن ينتهز الفرصة للإعتراف لأخته، أدرك أنه من المستحيل عليه الهروب من كوردو. فَـلِـمَ لا ينتهز الفرصة للنظر في منزل السيدة بواليس بحثًا عن أدلة.

اعترف لوميان بإيجاز، “سوف أفعل.” ومد يده لأخذ حقيبة أخته. مع قطعتين من الأمتعة في يده، توجه نحو الباب.

أومأت أورور برضا وإرتياح، لكنها قالت في حيرة، “لقد زادت قوتك. أنت تحملها بسهولة.”

أرادت دون وعي أن ترفع يدها اليمنى وتفرك جوانب عينيها، لكن لوميان كان قد غادر بالفعل. لم يمكنها إلا الإستسلام والإتباع بسرعة.

في الطريق إلى منزل المسؤول، رأى العديد من القرويين أورور وهي تغادر بأمتعتها وسألوا عن الوضع بفضول.

أورور، التي إمتلكت سببًا وجيهًا، قد كانت هادئة جدًا بشأن هذا الأمر.

من ناحية أخرى، إختلق لوميان سبع أو ثماني قصص للتعامل مع القرويين المختلفين: شيء عن حصول أورور على ميدالية فيلق إنتيس للفخر وذهابها لترير ليتم تكريمها، شيء عن تجنيده خصيصًا من قبل كلية ترير العادية وكونه قادر على الحصول على شهادة جامعية، أو شيء عن إفلاس أورور من الإستثمار في الأسهم مع دائنيها على وشك أن يطرقوا بابها، مما لم يتركها مع أي خيار سوى الفرار إلى أمكان أخرى. صُدم القرويون الجهلة عندما سمعوا ذلك، لكن بفضل سمعة لوميان، إختاروا عدم تصديقه بعد عودتهم إلى رشدهم.

بعد فترة وجيزة، وصل الأشقاء أمام المبنى الأسود الذي تم تحويله من قلعة قديمة.

ناظرًا إلى البرجين المرتفعين، ابتسم لوميان وقال، “أتساءل ما بالداخل. أورور، هل سبق لكِ أن كنتِ بالداخل؟”

“لماذا قد أتجول في منزل شخص آخر؟” لفَّتْ أورور عينيها نحو أخيها.

تمتم لوميان بهدوء، “إعتقدتُ أن السيدة بواليس ستدعوك للقيام بجولة في القلعة. ألا يحب الناس مثلها أن يظهروا لضيوفهم منازلهم الكبيرة ومجموعاتهم الثمينة؟”

“ماذا هناك لرؤيته…” أصبح صوت أورور أكثر و أكثر خفة بينما فكرت كيف سيساعد ذلك بشكل كبير في وصفها للقلعة في أعمالها. “تنهد، دعنا نتحدث عن ذلك في المستقبل. أتساءل عما إذا كان بإمكاننا العودة إلى كورد.”

ثم قادت لوميان عبر الحديقة الملونة نحو باب القلعة.

بعد اتخاذ بضع خطوات، أبطأت أورور ونظرت في الأنحاء. علقت في حيرة، “أزهرت الأزهار في هذه الحديقة مبكرًا جدًا…”

كانت قرية كوردو في الجبال، وكان هناك مرعى على مقربة من المرتفعات. عادةً، لا تظهر الموجة الأولى من أزهار الربيع إلا في منتصف إلى أواخر أبريل.

“لربما لدى بستاني السيدة بواليس طريقة خاصة.” قال لوميان. لقد تذكر أن السيدة بواليس كانت متجاوزة من مسار غير طبيعي وإشتبه في أن هذا قد ارتبط بظاهرة خارقة للطبيعة، لكنه لم يستطِع قول ذلك بصوتٍ عالٍ.

أدلت أورور بملاحظة عرضية فقط، لذلك لم تفكر كثيرًا في الأمر. وصلوا إلى القلعة وتلقوا ترحيبًا حارًا من السيدة بواليس.

كانت السيدة ترتدي فستانًا مُشدًا أزرق اليوم، ولا يزال هناك عقد من الألماس المرصع بالذهب يتدلى على صدرها. كان شعرها البني الطويل نصف مقيد، والباقي مطلوق للأسفل، مما جعلها تبدو أصغر من المعتاد.

جلست على كرسي ذو ذراعين في غرفة المعيشة الصغيرة واستمعت بهدوء إلى طلب أورور. ابتسمت وقالت،

“ليس عليك أن تكوني مؤدبة لهذه الدرجة. نحن أصدقاء.”

‘هيه…’

سخر لوميان في قلبه.

‘من الذي سيقدم شركاء زواج سيئين لصديق؟’

لكنه سرعان ما رأى السيدة بواليس تنظر إليه بإبتسامة في عينيها البنيتين اللامعتين. استرجع فجأةً محادثتهم السابقة وشعرَ بعدم الإرتياح.

“حسنًا.” قالت أورور بلا حول ولا قوة.

في كل مرة إقترضت فيها عربة، كانت تعرض دفع ثمنها، لكن السيدة بواليس دائما ما رفضت. لذلك كانت عادة ما تحضر بعض الهدايا للسيدة عند عودتها، والتي لم تكن باهظة الثمن ولا رخيصة، كما أنها قدمت إكرامية لسائق العربة.

أثناء انتظار سائق العربة للإستعداد، دعت السيدة بواليس الأشقاء لتذوق بعض الحلويات التي أعدَّها طاهيها الخاص.

تذوق لوميان الفطيرة ونظر حوله.

“أين السيد لوند؟”

كان لويس لوند رئيس خدم المدير بيوست. لقد تبعه من داريج إلى قرية كوردو.

كان لدى لوميان دليل على أنه كان على علاقة مع امرأة في القرية وباع بعض أغراض القلعة سرًا. كانت هذه هي الطريقة التي علم بها أن السيدة بواليس كانت عشيقة الأب.

مصادفةُ الأب والسيدة بواليس في علاقة غرامية في الكاتدرائية؟ كانت تلك كذبة للأجانب!

في هذه اللحظة، كان لوميان يبحث عن لويس لوند من أجل لَعنِه، قائلًا، “يا إبن العاهرة، لماذا لم تخبرني أن السيدة بواليس مشعوذة؟”

تنهدت السيدة بواليس.

“لويس مريض. إنه يستريح في غرفته.”

‘مريض؟’

لسبب ما، شعر لوميان أنه قد توجد مشكلة هناك.

بينما كانت أخته تتحدث مع السيدة بواليس، عَذَرَ نفسه للذهاب إلى الحمام وخرج من غرفة المعيشة وصعد مباشرةً إلى الدرج.

كانت هذه القلعة ضخمة، ولم يجلب الزوجان معهما العديد من الخدم. بدت فارغة في كل مكان، وكان بإمكان المرء أن يسمع صدى عند المشي في أماكن معينة. أعطى هذا لوميان ظروفًا أفضل للتسلل.

بالإعتماد على حواسه القوية، تفادى بسهولة خادمًا وخادمة. بخطى خفيفة، وصل إلى الطابق الثاني ووجد غرفة لويس لوند.

لم يكن في عجلة من أمره للطرق. أدار رأسه وضغط أذنه على الخشب.

“آه!”

“آه!”

جاءت أصوات رَجُلٍ يصرخ من الألم من الغرفة.

‘أهو مريض حقا؟ يبدو خطيرًا جدًا…’

فكر لوميان للحظة وسار إلى الجانب. فتح باب الخدم الآخرين- عاش المدير بيوست والسيدة بواليس في الطابق الثالث.

بعد الإندفاع إلى الغرفة، أغلق الباب الخشبي برفق، خطى بضع خطوات إلى الجانب الآخر، وفتح النافذة الزجاجية.

نظر لوميان إلى الأسفل ورأى أنه لم يوجد أحد في الجوار. قام على الفور بدعم نفسه بكلتا يديه وانقلب برشاقة، ‘متعلقًا’ على الجدار الخارجي للقلعة.

ثم قفز بخفة مثل قطة برية وهبط بصمت على حافة نافذة رئيس الخدم لويس لوند.

وقف لوميان على حافة النافذة الزجاجية، وأدار جسده، ونظر إلى الغرفة سرًا.

رأى لويس لوند العاري مستلقي على السرير، وبطنه منتفخ، معطيًا الإنطباع بأنه قد ينفجر في أي لحظة.

عند رؤية شعر كبير الخدم الأسود مبلل بالعرق ووجهه يتقلص من الألم، لم يستطِع لوميان إلا أن يعبس بينما سمع صرخاته المأساوية من وقت لآخر.

‘أي نوع من المرض هو هذا؟’

‘يبدو مخيفًا. يمكنه جعل المعدة تنمو بشكل كبير جدًا…’

في هذه اللحظة، وقفت امرأة في الأربعينيات من عمرها بجانب سرير لويس لوند.

لقد إمتلكت شعرًا بنيًا وعينان بنيتان. بدت جميلة ولم يكن لديها الكثير من التجاعيد. وإرتدت فستانًا أبيضًا مائلًا للرمادي وصرخت بحماس على لويس لوند.

“قريبًا، قريبًا.”

‘ما الذي سيحدث قريبًا؟’

بمجرد أن أومضت هذه الفكرة في عقل لوميان، سمع صرخة ورأى شيئًا ما يدفع على معدة لويس لوند.

في غمضة عين، انفجرت تلك البقعة. انفجرت معدة لويس لوند!

إمتدت يد صغيرة ملطخة بالدماء.

“لقد ولد! لقد ولد!” صرخت المرأة بسعادة.

ثم انحنت وأخذت طفلًا مجعدًا، قذرًا وملطخًا بالدماء من معدة لويس لوند.

تفاجأ لوميان.

“…”

2023/06/05 · 259 مشاهدة · 1511 كلمة
Kurt Wilson
نادي الروايات - 2025