‘كما هو متوقع، تكررت الحلقة…’

لم يتفاجأ لوميان من سماع إجابة أورور.

كانت هذه ثالثة دورة إستطاع تذكرها. بالإقتران مع تجربته الخاصة ودلائل السيدة الغامضة، كان لديه استنتاجات أولية:

‘المهلة الزمنية للحلقة هي حتى الليلة الثانية عشرة.’

‘النطاق المكاني للحلقة هو قرية كوردو والمناطق المحيطة بها.’

‘الشخصيات في الحلقة ممنوعة من قتل الأب.’

‘هذه هي النقاط الرئيسية الثلاثة للحلقة…’

عند هذه الفكرة، نظر لوميان إلى أورور وسأل بعناية، “أختي الكبرى، إذا كتبتِ رواية عن حلقة زمنية، أين ستضعين مفتاح إيقافها؟”

نظرت أورور إلى لوميان صعودًا وهبوطًا في حيرة. “لقد طرحتَ مثل هذا السؤال فجأة ودعوتَني بِـأختي الكبرى بطاعة… هل أتيت بقصة جديدة لِـخِداع الآخرين؟”

“أعتقدُ ذلك.” أجاب لوميان بصدق.

عبست أورور وفكرت لفترة من الوقت قبل أن تقول، “من منظور روائي، أو بالأحرى، من منظور المنطق العادي، فإن الجزء الأكثر أهمية في الحلقة هو بالتأكيد المشهد الأخير. هذا لأنهُ يمثل كُلًّا من نهاية هذه الدورة وبداية الدورة التالية، إنه الزر الذي يربط النهاية بالبداية، بدونه، لا توجد طريقة لإعادة تحويل تدفق الوقت لخط مستقيم من دائرة مغلقة.

“فكر في الأمر. الحلقة تُعاد، لذلك سَـتوجدُ دائمًا مرة أولى. يجب أن يكون شيءٌ ما قد حدث في اللحظة الأخيرة لكي يعود الوقت.”

‘الليلة الثانية عشر؟’

وافق لوميان على تخمين أخته بشأن الليلة الثانية عشرة. أومأ برأسه وسأل، “إذن لماذا لا يكون الجزء الأكثر أهمية هو اليوم الأول من الحلقة؟ ألا يجب أن نسأل لماذا تبدأ الحلقة في تلك اللحظة؟”

ضحكت أورور وقالت، “إن صنع قصة قصيرة لخداع القليل من الناس مؤقتًا هو نقطة قوتك، ولكن عندما تتضمن هذا النوع من المحتوى الذي يتطلب منطقًا صارمًا ومعرفة غنية، فلن تكون قادرًا على ذلك.

“لربما يرجع السبب في كون اليوم الأول من الحلقة هو اليوم الأول للطاقة أو القوة التي سببت الحلقة. سيؤدي تجاوز اليوم الأخير إلى إعادة هذا اليوم. وهذا هو سبب عدم تغطية الحلقة للعالم بأسره على الأرجح، ولكن بعض المناطق المحلية. ليس الأمر أنها لا تريد ذلك، ولكنها غير قادرة على القيام بذلك.”

كان لوميان قد نظرَ بالفعل في هذا الإحتمال. آمل فقط أن تأتي أخته ذات المعرفة بإجابة مختلفة.

فكرت أورور للحظة وأضافت، “إذا لم تكن الحلقة دائرةً مغلقةً تمامًا، حيث لا يزال هناك تفاعل بين أولئك داخل الحلقة وخارجها- على سبيل المثال، يمكن نقل المعلومات للداخل، ويمكن للأشخاص بالخارج الدخول ولكن لا يمكنهم المغادرة- قد يبدأ اليوم الأول من الحلقة في اليوم الذي يصادف دخول الغرباء، بحيث عندما تتكرر الحلقة، لن يكون لديهم ‘موضع’. بالطبع، يمكن أن تجبر الغرباء أيضًا على القيام بشيء سَـيفعلونه لاحقًا في اليوم الأول الأصلي عديم النتائج. هناك العديد من الطرق لتكوين قصص مماثلة.”

أضاءت عيون لوميان عندما سمع ذلك. أراد أن يمدح أخته بصوتٍ عالٍ.

لقد إشتبه في أن دخول ليا، رايان وفالنتين قد تسبب في بدء الدورة بعد ظُهرِ شهر مارس 29.

إذا كان هذا هو الحال، فَلَـرُبَما كانت الليلة الثانية عشرة قد تحولت بالفعل إلى الليلة العاشرة أو التاسعة. بالطبع، ربما كانت الليلة الثالثة عشرة هي التي تحولت في الأصل إلى الليلة الثانية عشرة بسبب ‘تدخل’ الغرباء.

كل هذه قد كانت إحتمالات إحتاج لوميان للتحقق منها بنفسه.

وافق تمامًا على إستنتاج أخته. لقد صَدَّقَ أن شيئًا ما يجب أن يكون قد حدث في الليلة الثانية عشرة لحدوث الحلقة. فقط من خلال إكتشاف ما حدث في ذلك الوقت، سيمكنه العثور على مفتاح إيقاف الحلقة.

لذلك، قرر لوميان عدم إثارة أي تشوهات في هذه الدورة. كما سيجد عذرًا لعدم الإنضمام إلى الموكب والبقاء حتى الليلة الثانية عشرة.

لكنه لم يستطِع ألَّا يفعل أي شيء حتى حينها. الوقت لم يسمح بذلك.

لو لم يستطِع لوميان الخروج من الحلقة بعد المرور بالليلة الثانية عشرة، فسيتعين عليه الإستفادة من الوقت في الدورة التالية بأفضل ما يمكن.

إستمرت دورة كاملة لإثني عشر يومًا. بعد ذلك، ستزداد إحتمالية اكتشاف العالم الخارجي لأي تشوهات في كوردو أضعافًا مضاعفة. إمتلك لوميان، في أحسن الأحوال، دورة كاملة واحدة أو أقل لحل المشكلة.

إذا أراد إيقاف هذا الشذوذ في دورة واحدة، فعليه الحصول على معلومات كافية وفهمٍ كافٍ للقرية بأكملها.

لم يستطِع لوميان إلا أن يسخر من نفسه.

‘لا يتعين علي تجنب إثارة الشذوذ فحسب، بل يتعين علي أيضًا التحقيق في المشكلة.’

ما الفرق بين هذا وبين مهرج يمشي على حبل مشدود على حافة جرف؟

الرغبة في كِلا الأمرين لم يكن شيئًا جيدًا.

رأت أورور أنه لم يتحدث لبضع ثوانٍ وبدا وكأنه يختلق قصة. لوحت بيدها وقالت، “كدت أن أنسى إعداد العشاء!”

“إنتظري لحظة.” قال لوميان بتعبير مهيب.

نقرت أورور لسانها على الفور. “أشم رائحة تلاعب.”

قال لوميان بصراحة، “أورور، آه، أختي الكبرى، في الواقع ، لقد وقعنا بالفعل في حلقة. “

“هيه، لقد تعلمت الحيلة للتو وأنت تستخدامها عليَّ بالفعل؟” كانت أورور غاضبة ومتسلية في ذات الوقت.

‘أظن أن الناس يحتاجون حقا لأن يكونوا جديرين بالثقة في بعض الأحيان…’

تنهد لوميان بصمت.

“هل يمكنُكِ على الأقل الإستماع إلى القصة التي إختلقتها أولًا؟ لماذا لا تقومين بإعطائي علامات عليها بينما نحن نقوم بذلك؟”

نظرت أورور للخارج إلى السماء الساطعة.

“ذلك يعمل أيضا.”

بدأ لوميان من الوقت الذي إلتقى فيه بليا والأجانب الآخرين. تحدث كما لو كان لديه مخطط عام، مدعيًا أنه حافظ على وعيه في الحلم ودخل في أنقاض فريدة. من خلال صيد وحش، حصل على خاصية تجاوز وأصبح صياد.

لم يُخفِ الأمر عن نمط الحلقة الشائك الذي لف صدره لأنه قد يتضمن مفتاح الحلقة الزمنية. لقد رأى نفس الرمز على الأب، وقد تسبب قتل الأب في إعادة بدأ الحلقة.

في البداية، كانت أورور لا تزال تبتسم، تظن أن شقيقها قد توصل إلى قصة مبدعة. لكن كلما إستمعت، كلما أصبح تعبيرها أكثر جدية. كان هناك الكثير من المعرفة التي لم ينبغِ أن يعرفها لوميان.

عندما قال لوميان أنه قد أصبح متجاوزًا، رفعت أورور يدها اليمنى ودلكت صدغيها.

أصبحت عيناها الزرقاء الفاتحة عميقة على الفور، لكن لم تنعكس أي هيئة علها.

نظرت إلى لوميان لبعض الوقت وأومأت برأسها قليلاً.

“لقد خضع جسدك الأثيري لتغيير كبير. قوة حياتك وحالتك الجسدية أقوى بكثير من خاصة الأشخاص العاديين. لقد تغير إسقاطك النجمي إلى حد معين، ولكن ليس كثيرًا… كما هو متوقع من الصياد الذي نقاط قوته موجودة في القتال القريب أكثر من التعاويذ… لا يمكنني رؤية الرمز والتغييرات ذات الصلة، ولا أجرؤ على النظر بشكل أعمق…”

تجهمت أورور وسألت بإرتباك، “لا تخبرني أنك اختلقت عمدًا مثل هذه القصة السخيفة لتجعلني أتقبل كونك قد أصبحت متجاوزًا؟”

كانت هذه طريقة عمل لوميان نموذجية.

لم يشرح لوميان وتحدث مباشرةً عن معرفة الغوامض التي نقلتها إليه السيدة.

بالطبع، لم يذكر إلا الإسم بشكل وجيز ولم يَخُض في التفاصيل.

لم يكن هذا لأنه كان أخلاقيًا ومبدئيًا للغاية بعدم إخبار أخته قبل الحصول على إذن السيدة. بدلًا من ذلك، كان من الواضح أن الطرف الآخر كان قويًا للغاية. إذا سرب معرفة ثمينة وأغضبها، فقد يتم حل مشكلة الحلقة الزمنية، لكنهم سيموتون.

“قانون غير قابلية التدمير… قانون التقارب… طريقة التمثيل…” كان أورور مندهشة.

صُدمت أورور لأن شقيقها الأُميَّ في مجال الغوامض قد إستوعب هذه المعرفة الثمينة بشكل لا يضاهى.

لقد مرت أكثر من خمس سنوات منذ أن أصبحت متجاوزًا. في البداية، إعتمدت على يوميات الإمبراطور روزيل للإنضمام إلى تلك المنظمة. كان مسارها رمزًا للمعرفة في مجال الغوامض. من وقت لآخر، لاحقتها المعرفة، مما سمح لها بإتقان طريقة التمثيل، قانون عدم قابلية خصائص التجاوز للتدمير، وقانون حفظ خصائص التجاوز، الركائز الثلاث لعالم التجاوز. لذلك، إعتبرت نفسها متجاوزًا ذو خبرة غير كافية ولكن معرفة كافية، متقدمةً بأميال على معظم أقرانها.

الآن، شقيقها، الذي لم يتعامل مع الغوامض مطلقًا، إستطاع ذكر مثل هذه المصطلحات. علاوةً على ذلك، كان على علم بقانون تجاذب خصائص التجاوز الذي لم تكن تعرف عنه!

أدى هذا إلى القضاء على احتمال أن لوميان قد ألقى نظرة خاطفة على دفتر السحر الخاص بها.

كمتجاوز من مسار باحث الغموض، قمعت أورور رغبتها في معرفة تفاصيل قانون التجاذب بينما نظرت إلى شقيقها. سألت في حيرة، تفاجئ وقلق، “ما الذي دفعته لتلك السيدة لتعليمك هذه المعرفة؟”

حتى أن تركيبة الجرعة قد كانت مجانية!

قامت بمسح لوميان مرة أخرى، من الأعلى إلى الأسفل، ثم من الأسفل إلى الأعلى، في محاولة لمعرفة ما ينقصه.

“لا شيء.” ضحك لوميان بسخرية من النفس. “ذلك هو الأكثر رعبًا في الأمر. لا أعرف حتى الثمن الذي سأدفعه في المستقبل. نعم، أشك أن له علاقة بالرمز الموجود على صدري وأنقاض الحلم. ربما تريدني تلك السيدة أن أكشف السر المقابل.”

تقبلت أورور باقتضاب، “إستمِر.”

انتظرت بقية ‘القصة’ بموقف جاد.

تحدث لوميان عن البومة، الشذوذ أثناء الصوم الكبير، تجارب الأشقاء خلال الدورة الثانية. كما تحدث عن كيف تمت إعادة الحلقة في اللحظة التي حاولوا فيها مغادرة كوردو.

استمعت أورور بعناية وتمتمت لنفسها في حالة عدم تصديق، “إما أن تكون قد نومتني مغناطيسيًا وأخبرتُك بكل شيء، أو أن الوقت قد دخل بالفعل في حلقة…”

بدأت تصدق لوميان لأنها قد كانت من سمى ‘مشبك النزاهة’ خاصتها، ولم يكن هناك أي سجل عن ذلك في أي مكان. ما لم تخبر شقيقها بنفسها، كان من المستحيل على يعرف لوميان عنه، ولم يكن لديها أي انطباع عن فعلها لذلك.

ضرب لوميان بينما كان الحديد ساخن.

“يمكنني أيضًا أن أتنبأ بأن الأجانب الثلاثة سيظهرون في الحانة القديمة الليلة. ويمكنني أيضًا أن أتنبأ بأن الأب سيقيم علاقة مع السيدة بواليس الليلة. ويمكنني أيضًا أن أتنبأ بأن الراعي، بيير بيري، قد عاد إلى القرية… هناك شيء خاطئ مع الخراف الثلاثة التي أحضرها معه…”

كلما استمعت أورور أكثر، كلما أصبحت أكثر جدية. بعد فترة، قالت، “دخل الأجانب الثلاثة القرية في فترة ما بعد الظهر بينما كنا نتدرب على القتال. بعد ذلك، إسترحنا ولم نخرج على الإطلاق. نعم، في درس القتال عند بعد الظهر، كنت لا تزال شخصًا عاديًا…”

قبلت نظرية الحلقة الزمنية الخاصة بلوميان.

لو كان هذا أي شخص آخر، لضحك لوميان وقال، “لقد صدقتِ ذلك! ها! لقد صدقت مثل هذه القصة السخيفة.” لكن أمام أورور، كان شديد الانضباط.

ثم إقترح، “سوف أتجول في القرية الآن وأرى ما إذا كان بإمكاني جمع المزيد من المعلومات.”

أومأت أورور.

“سأستخدم أيضًا ‘عيناي’ للنظر في الأرجاء، لكن هناك قيود ضخمة وذلك خطير للغاية. لستُ متأكدة من أنني سأجد أي شيء.”

لوح لوميان بيده، مشيرًا إلى أنه قد فهم، وخرج من الباب.

عندما خطا لوميان بضع خطوات، نظر إلى الوراء إلى شخصية أورور الواقفة في المطبخ. فكر على الفور في مشهد أورور وهي تدفعه إلى الأمان بين عدد لا يحصى من اللاموتى وشعر بألم إنفصال لا يمكن تفسيره.

سأل بشكل لا شعوري، “أختي الكبرى، لماذا تبنيتِني في المقام الأول؟”

أجابت أورور بتذمر، “لم أرغب في ذلك أيضًا!

“لقد كنتُ لطيفة بما يكفي لإعطائك بعض الطعام، لكنك واصلت متابعتي. لم أستطِع التخلص منك، حتى أنك ساعدتني بطاعة على القيام بكل أنواع الأشياء. خفَّ قلبي للحظة، و… من علم أنك ستنمو لتصبح هذا!

“أتعرف مدى صعوبة تربية طفل مثلك على فتاة شابة؟”

أراد لوميان أن يشكرها ويمدحها، لكن الكلمات علقت في فمه، وكأنها أرادت الإندفاع من عينيه وأنفه.

أدار رأسه وسار مجددًا إلى القرية.

2023/06/05 · 111 مشاهدة · 1693 كلمة
Kurt Wilson
نادي الروايات - 2025