لم تكن الليلة كباقي الليالي كان القمر محتجبا خلف الغيوم والهواء يلفح الوجوه ببرودة خفيفة فيها شيء من الغموض، الشوارع بدت خالية كما لو أن المدينة بأكملها قررت النوم مبكرا هربا من لعنة ما تلوح في الأفق.
إيميلي :كانت فتاة تحب التجوال والمغامرات الليلية ومعلمة رقص في أحد مدارس الرقص الموجودة بنيويورك كانت فتاة مفعمة بالطاقة والحيوية وكانت جميلة قلبا ومظهرا وفي عمر السابعة عشر 17 ) تمردت على عائلتها التي كانت مسؤولة عن مخازن الأسلحة وقررت العيش في حي شعبي بعيدا عن كل شيء.
_بخطواتها الهادئة المتراقصة تتجول كما إعتادت، كانت تكره الزحام، تعشق السكون الذي يمنحه إياها الليل، تراه زمنا خاصا بها تتصالح فيه مع نفسها، مع نبظها، ومع حريتها تلبس فستانا أحمرا بسيطا يتمايل على جسدها الرشيق مع كل خطوة شعرها البني المنسدل بحرية على كتفيها ، وعيناها البنيتان الرائعتان كأنهما تبحثان عن مغامرة لاتعرفها.
_ في طريقها شدها ذلك القصر العتيق، كان يقف شامخا في وسط حي غابي راقٍ محاط بأشجار كثيفة وسور حديدي، ورغم فخامته كان في صمته شيء مريب لم تستطع منع نفسها من التوقف شعرت كأنه نداءا ً خفيا يجذبها إليه كان الباب الرئيسي نصف مفتوح، كأن من فيه نسي إغلاقه، او ربما تعمد ذلك! دون تردد... دخلت الداخل كان أوسع مما توقعت، ديكور فخم، لوحات فنية باهظة، وموسيقى كلاسيكية خافتة تنبعث من جهاز قديم في أحد أركان القصر، كل شيء بدا أنيقا... لكنه بارد كأن المنزل بلا روح.
_ لكنها لم تخف فكانت تحب المغامرة على العكس، أخذت خطواتها بالتسارع تتجول تلمس الجدران تراقص نفسها أمام المرآة ثم بدأت... ترقص لم يكن رقصا عاديا بل كان تحررا.
_ أدارت جسدها بإنسيابية، وكأنها تحكي قصة حياتها للحائط، للآثاث، للفراغ، ابتسامتها كانت طفولية نظراتها حالمة كان يمكن لأي شخص يراها أن يظن أنها تنتمي لهذا المكان وكأنها مالكته... لامتسللة إليه لكنها لم تكن وحدها!.
_ آندرو :فرد من عائلة مافيا عنف إشتباكات ورصاص ودم لم يكن يحب واقع عائلته لكنه كان يجب عليه أن يتأقلم وان يعيش رغم كل شيء.
_على بعد أمتار توقف آندرو بسيارته السوداء الفاخرة أمام القصر يداه مغطاتان بدم جاف، عيناه تلمعان بتعب ورغبة في النسيان خرج من سيارته ببطء خطواته تحمل وزنا ثقيلا... ثقل رجل عالق بين الولاء لعائلته وبين الغضب من حياته كان قد عاد للتو من إشتباك مع رجال العائلة الروسية حاولو إقتحام منطقة نفوذهم، الدماء لم تكن غريبة على ملابسه، لكنه كرهها أكثر الليلة شيء ما في قلبه كان يضطرب... لكنه لم يفهمه بعد.
_ فتح الباب.. ودخل صدم!!..... وفي منتصف غرفة الجلوس، كانت هناك هي!، فتاة لايعرفها ترقص بثقة وكأنها تعيش هنا الضوء إنعكس على بشرتها فزادها سحرا، وحركاتها تلامس شيئا دفينا بداخله لم يعرف له إسما منذ زمن طويييل. توقف لحظة لم يتكلم، فقط راقبها ثم كمِن يخرج من وهم، قال بصوت منخفض مشبع بالتهديد : "من انتِ؟ "
"اوه أتيت؟ ظننت أنك نسيت بابك مفتوحا ودعوتني للرقص هنا " زم شفتيه وعيناه لم تتركا وجهها
"أنتِ في المكان الخطأ والوقت الخطأ"
إقترب منها بخطى بطيئة، كل خطوة منه كانت كأنها تهز الأرض من تحت قدميها. هي بدورها لم تخف، بل نظرت إليه نظرات ساخرة متحدية
"لكن.رقصي أعجبك أليس كذلك؟ رأيت ذلك في عينيك " وقف أمامها تماما. لاتفصل بينهما سوى أنفاسهما نظر إليها ملياً ثم قال :
"مإسمك؟ "
"إيميلي " أجابت بثقة
"وما الذي تفعلينه هنا؟ " "أهرُب، أبحث، أكتشف لا أعلم.. الحياة مملة إن لم تكسر قوانينها أحيانا أليس كذلك؟
أغمض عينيه للحظة گأن شيئا في كلامها يضرب صميمه، في عبث لايشبه عالمه فيه حرية تفتقر إليها حياته.. فيه حياة.
_ قال أخيرا : "أتعلمين لو كنتِ هنا قبل ساعة لكنتِ ميتة الآن "
ضحكت بخفة:
"لكني هنا، حية، ارقص في قصر قاتل "
حدق بها ثم إستدار فجأة نحو المطبخ گأن وجودها لايزعجه... لكنه يزعجه كثييرا.
هي تبعته كأنها تقرأ خطاه، ثم قالت من خلفه :
"هل تقتل كثيرا؟ "
لم يجب
"هل يؤلمك؟ "
توقف لحظة... ثم همس
"ليس القتل مايؤلم... بل الصمت الذي يليه "
تقدمت نحوه، وقفت على بُعد خطوات شيئ في هذا الرجل جذبها إليه لم يكن وسيما فقط، بل كان مكسورا بطريقة فريدة... رجل يعيش بين الظلام والدم والرماد ينتظر شيئا يعيده إلى الحياة... ولم يعرف أن تلك الفتاة التي دخلت منزله بلا إذن قد تكون هي ذلك الشيئ.
تقدمت أكثر وضعت يدها فوق الطاولة، نظرت إليه وقالت :
"ربما لم أكن مخطئة حين إخترت هذا البيت عشوائيا، ربما كان يجب علي أن ألتقي بك. نظر إليها بصمت ثم تمتم :
"ربما أنا من ترك الباب مفتوحا دن ان أدري "
_ وفي تلك اللحظة حين إلتقت نظراتهما مجددا، لم يكن بينهما دخيل سوى الصمت،، صمتٌ كان صاخبا بكل المشاعر التي لم تقال وهكذا في مكان لا يجب أن يجتمعا فيه وفي ليلة لم يكن مخططا لها... بدأ الصدام لكن لم يكن صداما عاديا بل بداية لقصة لا أحد يعرف كيف ستنتهي؟.