قطرات الدم تسترسل واحدة تلو الأخرى، بينما تجد مستقرها على قطعة صغيرة ورقيقة من الزجاج، تمسكها ايزابيل بكل دقة وتركيز مرتديةً نظرات مضحكة كنظارات الغواص، حين قطع تركيزها وشرودها دخوله.
- سمو الأمير!
قفزت من الفزع، فأحنى رأسه معتذراً:
- أعتذر عن دخولي المفاجئ.
- آه، لا عليك!
- هل من نتائج جديدة؟
عقدت يديها وأخذت تفكر وكأن الحيرة غلبتها، ثم قالت:
- لا أثر للسم في السيف، وهذا يبدو مؤكداً من قطرات الدم التي عليه، كما أن المعدن نظيف تماماً، المشكلة في الدم الذي سال من جسدها هي، فهو مسموم كلياً، وبالتالي هناك افتراض واحد، أن أحدهم سممها بعد أن أصيبت.
- هذا مستحيل!
علق مارون:
- لم يدخل أحد الغرفة.
نظرت نحوه بدهشة، ثم جحظت عيناها وكأن فكرة خطرت ببالها:
- هناك احتمال آخر، وهو أن السم هو مادة حميدة وما إن تؤخذ بكمية معينة تصبح سامة!
- وهل هناك شيء كهذا!
- بالتأكيد! كالأدوية
نظر روهان ومارون في وجه بعضهما البعض بدهشة، ثم نظرا نحوها، وقال روهان موضحاً:
- هذا يعني أننا نعود لافتراض أن السيف هو من يحمل السم.
- أجل!
جرى صمت خانق يتخلله التوتر، ثم سأل مارون السؤال الحساس:
- ولكن هل ستتمادى عائلة لافرتين إلى هذا الحد؟!
- اذا كان كذلك فهي في مشكلة حقيقية.
علقت إيزابيل:
- فكما سمعت أن الضربة كانت موجهة لقائد فرسان.
- أجل صحيح، وهنا المشكلة بذاتها.
- لا أعتقد!
قاطع استنتاجاتهم روهان وهو يذعن التفكير:
- اذا كان سيف الكونت سيل مسموماً بتلك الطريقة فستكون سيوف القصر جميعها هكذا.
- ماذا؟!
هتفا معاً بدهشة، ليردف روهان بثقة:
- ذلك سيزيد من نفوذ العائلة في القصر.
- رباه!
شهقت إيزابيل بذعر:
- تعني أن العائلة لافرتين من تضع تلك المادة على السيوف؟!
- ربما!
بدا عليهما الذعر الشديد، حين علق مارون باستنكار:
- إلى أي حد تريد هذه العائلة أن تصل؟
- لكنه يظل احتمال.
علق روهان، فأجابته إيزابيل:
- لكنه معقول سموك، معقول بشكل كبير.
ثم أخذت تنظر في الأدوات والاختبارات الموجودة حولها، حينها علق مارون يخاطب روهان:
- اذاً هل من المعقول أن نجد الترياق مع الدوقة؟
لم يستطع أن يجيبه، استكفى بالنظر نحوه، ثم خاطب إيزابيل ليوجه السؤال إليها:
- ما رأيك أيتها الرئيسة؟
- أعتقد أن ذلك غير محتمل، فلو حصل ذلك لكانت أرسلت الترياق منذ رأت إصابتها.
ثم نظرت نحوهما، وتساءلت:
- أليس كذلك؟
- رباه!
علق مارون بفزع:
- ما نوع هذه المصيبة؟!
- آه!
تنهدت بنفاذ صبر:
- كما لو أنها عائلة عصابات.
بدا على روهان الحزن والشرود، هل يعقل أن والده أوكله بهذه المهمة ليدرك مدى دهاء هذه العائلة، أم أن هناك شيئاً آخر بين السطور؟ وإلا فكيف سيضع قضية مهمة كهذه على عاتقه وما درجة تعقيدها، هو لا يعرف أن الفتاة التي أراد رؤيتها والده هي ذاتها التي هو يريد انقاذها، وإلا فهو لا يعرف حقاً كيف هي العلاقة بين والده وتلك العائلة الممتلئة بالغموض. ثم إن ليون هو من سبب كل هذه المتاعب، فإن وضع الأميرة فينا المسؤولة عن هذه القضية فهي ستبذل جهدها لتوقع به وتستعيد لابنها لوكاس موقعه كقائد، ولكن أن يضعه هو مسؤولاً يجعل من الامر ضبابياً؛ فهو لا يعرف في صف من يقف، هل أوكله هذه المهمة ليوقع بالافرتين أم بليون؟! كما أنه يعرف حقد اللورد جون عليه، هو لا يعترف به كفرد من العائلة، اذا فهو سيحول على نجاحه، وبما أن اللورد جون من الأشخاص المقربين للملك، فهو متأكدٌ تماماً أن فشله أمام والده لن يزيده إلا عاراً، ولن يضيف شيئاً جديداً على اسمه الملوث.
- سيدي!
أيقظه مارون بنبرته القلقة:
- أهناك ما يشغل تفكير سمو الأمير؟
ابتسم روهان في وجهه، إلا انها ابتسامة جعلت مارون أكثر قلقاً، ليخاطب روهان إيزابيل أخيراً:
- سأذهب الآن، أعلميني بما ستتوصلين إليه حضرة الرئيسة.
- أوامرك مولاي.
وهم مغادراً يتبعه مارون الذي يحمل ألف تساؤل وتساؤل.
- روهان!
أوقفه مارون بحزم:
- هل أنت قلق بشأن اللورد؟
نظر نحوه بدهشة، ثم ابتسم باستسلام، وقال بنبرة هائمة حزينة:
- لن يتفانى في تلطيخ سمعة والدتي، أنا أعرف ذلك.
- لكن اللورد ماركوس ولين معك، أليس كذلك؟
- حتى لو كان كذلك، فهما لا يملكان القوة التي يملكها اللورد جون، إن فشلت مهمتي ..
قاطعه مارون بعصبية:
- عليك حذف هذه الكلمة من قاموسك روهان، عليك أن تثق بقدرتك.
نظر روهان نحو مارون تعلو وجهه ابتسامة امتنان، وهمس:
- أتمنى ذلك.
وتابع مسيره فتنهد مارون بحزن وبدا عليه القلق الشديد.
...
القصر في حالة فوضى عارمة، الخادمات في حالة ارتباك، وصراخ يملأ المكان.
- ابنتي! ابنتي! أريد رؤية ابنتي!
أمسكتها السيدة لارا وهي تحاول تهدأتها:
- سيدتي، أرجوكِ أن تهدأي.
قاطعتها الدوقة باكية:
- كيف أهدأ وابنتي بين الحياة والموت.
- الطبيب "بين" والرئيسة "إيزابيل" يبذلان جهدهما لانقاذها.
- لا أستطيع تصديق ذلك! لا استطيع.
- سيدتي !
قاطعهما دخول مارون وروهان، فأخذت تمسك بوشاحه وتتوسله:
- أرجوك، أريد رؤية ابنتي لمرة واحدة فقط.
بدا أنه وضع في طريق مسدود، كيف سيمنعها من رؤية ابنتها، ولكن كيف سيسمح لها، أردفت:
- لقد طلبت منها أن تشرب جرعة الدواء البارحة، وأعتقد أن هذا هو سبب التسمم. أرجوك اسمح لي أن أراها.
جحظ عيناه وكأن خيطاً من الأمل أشرق فعلاً، ثم قال في محاولة لضبط أعصابه:
- هل يمكنك توضيح ذلك للرئيسة "إليزابيل"
فأومأت بالايجاب، ليرشدها نحو المكان بسرعة.
...

2019/06/16 · 422 مشاهدة · 831 كلمة
بيان
نادي الروايات - 2024