- لا يمكنني تصديق ذلك!
تنهدت الرئيسة "إليزابيل" بشيء من الارتياح:
- من كان سيعرف أنها ستحصل على جرعة إضافية من خلال استخدام الإستركنين الذي على السيف.
- الحقيقة أن جرعة صغيرة من هذه المادة كانت كفيلة بقتلها.
علق الطبيب "بين"، فتساءل "روهان":
- هل هي قاتلة لتلك الدرجة؟
- حسناً، هي مادة علاجية، ولكن جرعة إضافية غير موصوفة من قبل الطبيب كفيلة بقتلها.
تساءلت "إليزابيل" بشيء التفكير العميق:
- الأهم من ذلك، لم توجد هذه المادة على السيف؟ هل كانت تجربة ما؟
- من سوء حظها أنها تناولت دواءً يحتوي على هذه المادة، وإلا لما كنا تنبهنا للأمر.
- لم أفهم!
بدا "روهان" مشوشاً:
- هل هذا يعني أن الكمية الموجودة على السيف غير كافية.
- بلى!
علقت "إليزابيل":
- ولكنها كانت ستجعله يتعذب قليلاً.
ارتعش "روهان" من شدة الذعر، فكر في أن يسأل عن نوع العذاب الذي سيتلاقه المتضرر لكن بدا من وجه "إليزابيل" وعينا الطبيب أنه أمر من الأجدر ألا يسأل عنه.
استطردت "إليزابيل":
- ها وقد حلت المشكلة سموك، ماذا ستفعل؟
- يجب أن أخبر الحاكم.
ثم حك رأسه بشيء من التردد:
- لكنه سيكون من السيء إخباره بأنها تجرعت دواء ساماً.
أطرقت "إليزابيل" التفكير وهمست:
- أنت محق! ستكون في مشكلة.
- الأهم من ذلك ..
أتى صوت الطبيب "بين" مقاطعاً:
- ... معرفة سبب تناولها ذلك الدواء.
علقت "إليزابيل":
- ربما لأنها فقدت حنجرتها، لذلك هي بحاجة لما يساعدها على التنفس.
- ما شأن ذلك!
- أعتقد أن القصبة الهوائية متأذية بسبب تلك العملية، حقاً لا يمكنني تخمين ذلك!
شعر "روهان" بالاختناق مع ذكر كل ذلك، حينها استأذن منصرفاً:
- سأفكر في حل ما، أنا ذاهب الآن.
ثم خرج من الغرفة، لينظرا في أثره لبرهة، ثم قال الطبيب "بين":
- هل هو الوحيد الذي لا يعرف عن الأمر؟
- يبدو أن الملك يريد أن يخفي ذلك عنه.
فنظر نحوها بشيء من الخوف وقال بذعر:
- اذا هل من الجيد إرخاء دفاعك هكذا؟
رفعت كتفيها بلامبالاة، وقالت:
- سيعرف عاجلاً أم آجلاً.
بدا الطبيب "بين" غير مطمئن، لكنه اعتصم الصمت.
...
الممر الرخامي المؤدي لقاعة الاجتماع مشع على غير العادة، فلم يكن على الأميرة فينا التواجد في هذا الوقت من النهار حيث الشمس في أوج سطوعها، تطوف المكان ذهاباً وإياباً، حتى فتح باب القاعة أخيراً، وخرج روهان منه، لا تبدو عليه إمارات السعادة.
- فينا؟
ظهرت عليه الدهشة:
- ما الذي تفعلينه هنا؟
اندفعت نحوه بسرعة:
- ما الذي حصل؟
أشاح وجهه بحزن، حينها شدت على ذراعه وصرخت:
- روهان!
- حسناً، حسناً!
علق بانزعاج، ثم أزاح كلتا يديها المرتجفتان عن ذراعيه، وقال بهدوء:
- سيعاقب كلاهما.
- تقصد سيل وليون؟
- لا!
فتراجعت بشيء من الصدمة، وضعت كفيها على شقتيها من الذعر:
- هذا مستحيل!
- هدأي من روعك ..
قاطعه وهي تهزه مجدداً:
- هذا ليس صحيحاً، هذا ليس صحيحاً!
- لا يمكننا أن ننسى أن سيل أشهر سيفه على قائد جيش المقدمة!
- لكن ما شأن الآنسة لافرتين بذلك؟!
صمت لبرهة، فظهرت شكوكها، وهمست بغيظ:
- لا تخبرني !
تلألأت عيناها بلمعان حزين، فعلق مطمئناً:
- حسناً هو ليس بالأمر الجلل، الحاكم فقط يريدها أن تقدر حياتها أكثر.
- وما رأيك أنت؟!
نظر نحوها بدهشة، نبرة صوتها في غاية الجدية، ليطرق مفكراً لبرهة، حينها كررت:
- ما رأيك؟ هل تظن أن هذا صحيح؟
- إن كنت تقصدين ليون، فنحن لا نملك أي دليل لابتزازه، بدا كلعب صبيان.
أشاحت وجهها بالضيق، نظر روهان نحو شقيقته بشفقة، هو يعلم أنها تحاول جاهدة أن توقع بذلك الثعلب المتغطرس، حاول مواساتها:
- فينا !
قاطعته توقفه:
- لا يهم، سأذهب لأرى الآنسة لافرتين.
وهمت منصرفة، لتتركه غارقاً في بحر من الحزن والشكوك.
...
الغرفة هادئة على غير العادة، مارون يجلس على مائدة صغيرة يراقب سيده المنهمك في توقيع التقارير، وجهه متيبس وكأنه يحاول أن يكبت ما يساور نفسه مكرهاً. ضحك مارون فجأة، فنظر نحوه بدهشة.
- سيدي!
وأخذ يمسح قطرات الدموع التي تسللت من عينيه:
- ليس عليك أن تخفي عني!
تراخى جسده على الكرسي، وتنهد، ثم زفر بنفاذ صبر:
- أنا لا أفهم!
- ما الذي لا تفهمه؟ الجميع يشيد بما فعلته اليوم، ألست سعيداً؟
نظر روهان نحو مارون، حدقا في بعضهما البعض لبعض الوقت، وكأن كلا منهما يقرأ أفكار الآخر. قال مارون بمكر:
- هل أنت مستاء من عودة الآنسة لافرتين إلى قصر عائلتها؟
صرخ بعجل:
- الأمر! الأمر ليس كذلك!
ضحك مارون حتى تضخمت أوداجه، بينما بدا على روهان الاستياء:
- يا للفظاظة!
أخذ يمسح دموعه التي لا تنفك تسترسل من عينيه إثر الضحك، حينها أجابه:
- سيدي، سستعود الآنسة إلى قصر لافرتين لا محالة، شئت أم أبيت.
بدا عليه الضيق، حين أردف مارون بمرح:
- أراهن أن والدتها تلقنها درساً، ربما بتنظيف القصر أو تقشير البطاطس.
ثم ضحك، ما جعل روهان يبتسم، لينظر مارون أخيراً نحو سيده، ويسأله بشيء من الجدية:
- ولكنك لم تخبر الحاكم عن الدواء أليس كذلك؟
- لا لم أفعل!
فعاد يتكأ على الكرسي، وهتف:
- هذا هو سيدي.
- أعتقد أنها أرادت الأمر طي الكتمان، لذلك لم أشأ أن أتورط معها.
- أجل، أجل، فهي حماتك المستقبلية!
- مارون!
فعاد يضحك بلا توقف، حينها استوقفه روهان بغموضه المفاجئ:
- لكن ألم توحي لك الحادثة بفكرة.
ومض مارون عدة ومضات، وهتف:
- أسمعنا يا أبا الأفكار.
- بالحديث عن معركتنا مع جيش رامون...
...

2019/06/19 · 424 مشاهدة · 836 كلمة
بيان
نادي الروايات - 2024