ثرثرة غير اعتيادية في الدفيئة، والموضوع هو ذاته:
- لا أعرف كيف يبقي الملك عائلة بهذا الازعاج إلى جانبه.
- أنا حقاً لا أفهم، ألم تسبب لنا ما يكفي من المتاعب؟
- والأجمل من ذلك أنها تمثل دوراً مضحكاً بوجودها هنا!
- صحيح، أليس لديها المال والنفوذ، فلتتزوج رجلاً نبيلاً وينتهي الأمر.
- لا عزيزتي، يجب عليها أن تدمرنا جميعاً بذلك الاكسير.
دخلت نورس الدفيئة، لكن الثرثرة لم تتوقف.
- ها قد أتى رأس البلاء!
تجاهلت نورس ما حولها بكل ما أوتيت من صبر، حتى قابلت السيدة مروة:
- آه عزيزتي، هل أنت على ما يرام؟ هل أنت متأكدة من أنه بامكانك العمل اليوم؟
هزت راسها، أشفقت عليها، لم تعلم ماذا تفعل، حينها أخبرتها أن تأخذ مكانها في سكب المحاليل في الكبسولات، الأمر الذي يفعله أي شخص، إلا أن النظرات منعتها من التركيز، فسكبت المحلول على الأرض، حينها تهافتت الضحكات، وصرخت سيدة بغضب:
- ما الذي فعلته أيتها الحمقاء؟
هنا أتت السيدة مروة مهرولة:
- اعذريها سيدة جوليا، هي لا تزال إثر الصدمة.
- أنا لا أفهم لم تدافعين عن تلك البكماء في كل مرة؟ لكن هذا ليس من شاني.
وذهبت، بينما تعتذر منها السيدة مروة، وهمت تساعد نورس على تنظيف المسحوق.
- حمقاء.
لاحظت يدها المرتجفة، فربتت على يدها، وهمست لها بلطف:
- إن كنت لازلت بحاجة للراحة، فلما لا تتركي ذلك لي لأفعله عنك؟
لكنها هزت راسها بالنفي، وتابعت التنظيف في صمت تام، فتنهدت السيدة مروة بحزن. إلا أن الرئيسة إليزابيل ظهرت وصرخت بذعر:
- رباه! آنسة لافرتين، ما الذي تفعلينه عندك؟
نظر الجميع نحو الرئيسة، حين همت تقول لها:
- أسرعي لدينا حالة طارئة.
فهمت نورس مسرعة نحو صندوق أدواتها، والرئيسة تحثها على الاسراع، عيون حانقة تتبعها، لتخرج بصندوق معداتها مع الرئيسة، حين قالت فتاة مستهزأة:
- فلينفعك الاهتمام بها سيدة مروة.
لكن السيدة مروة زمت شفتيها، وأكملت التنظيف بصمت شديد.
...
يجلس الفارس على كرسي خشبي في الردهة قبالة الساحة، يقف إلى جواره عدة فرسان، جرح عميق يخترق أسفل ابطه، أخذت نورس بسرعة تتفحص الجرح وتحرص على إيقافه، حين أتى صوت مارون مستاءُ:
- كيف أمكنه العبث معكم هكذا؟
فأجاب أحدهم بذعر:
- نحن لم نره سيدي، كان مختبأً خلف الأشجار.
- لكن أن يعتدي على حارس الحصن هكذا بمجرد رمح ...
ثم صرخ:
- هاته، هاته!
فأتاه الفارس بالرمح، ليثير غضبه:
- يا عديمي الفائدة، أليس واضحاً أنه رمح لجيس رامون.
طاطأ الفرسان الثلاثة رأسهم بخجل، حين أردف:
- هذا إعلان رسمي للحرب لا تراجع عنه.
ظهرت علامات القلق جليةً على الجميع، بما فيهم نورس، التي اكتشفت لتوها بأن الجرح ملوث، وعليها القيام بتطهيره قبل أن يتعفن جسده المصاب، إلا أنها لا تستطيع أن تقول شيئاً! هنا هزت رئيسة الصيادلة إليزابيل، وحاولت بإشارة من يديها أن تفهمها أن الجرح خطير جداً، لينظر الجميع إليها بدهشة.
- آنسة لافرتين!
خاطبها مارون:
- ما الذي تحاولين قوله؟
- تقول أنه في حالة خطرة أيها الغبي!
أتى صوت روهان مقترباً من المكان، حين اعتدل الجميع في وقفته:
- سيدي.
وبدا الجميع مذعوراً من إمكانية روهان فهمها، اقترب منها، وسأل بلطف:
- أليس كذلك؟!
ومضت عدة ومضات إثر الدهشة، ثم هزت رأسها، فنظر باتجاه إليزابيل التي تجمدت مكانها من الصدمة، يوقظها مخاطبته لها:
- ما رأيك أيتها الرئيسة؟
- علينا التوجه به إلى العيادة.
- حسناً إذاً.
همت إليزابيل ونورس تساعدان الفارس على النهوض، وسارتا به طول الدهليز، راقبهما روهان بصمت حتى اختفيتا عن ناظريه، ثم عاد إلى مارون، وسأل:
- اذاً أنت تظن أن هذا الرمح من رماح أتباع رامون، أليس كذلك؟
- بلى، أنظر هنا، أليست ريشة الصقر هذه علاماتهم.
نظر روهان إلى ريشة الصقر بقلق شديد، وكأنه نذير شؤم لا مفر منه، لينهي نقاشهم:
- إذاً استعدوا للحرب.
وهم راحلاً يرفرف وشاحه خلفه بكل رهبة، نادا مارون:
- مارون!
تنبه مارون لشروده، وهم يتبع سيده، بينما تبادل الفرسان الثلاثة نظرات مستفهمة قلقة.
...
انشغلت نورس بعلاج جرح الفارس الذي بالكاد يستطيع تمالك نفسه من شدة الألم، بينما أخذت إليزابيل تفكر:
"لكن كيف أمكنه من فهمها؟! بالكاد استطعت ذلك! أنا اتي عشت مع هذه العائلة سنوات طويلة"
ثم نظرت إلى نورس، وهامت بتفكيرها إلى ذكرياتها.
- ها قد انتهى علاجك، أرجو أن تنعم بقسط كاف من الراحة.
- شكراً لك رئيسة الصيادلة، وشكراً لك آنسة لافرتين.
هزت نورس راسها بوقار، وخرج الفارس من الغرفة، لتنظر الرئيسة للنورس التي بادلتها نظرة بلهاء، لتخاطبها:
- يبدو أن عملا كبيراً بانتظارك من الآن.
زمت نورس شفتيها بقلق، ليدخل مارون الغرفة على وجل، وقال من بين لهاثه:
- سموه يريد الآنسة لافرتين.
صفقت إليزابيل بيديها:
- أرأيت! ها قد أتى العمل!
بدا أن مارون لا يفقه شيئاً، لكن سرعان ما رافق نورس، عبرا دهليزاً طويلاً، تتأمل نورس الجدران الرخامية المزخرفة بإعجاب، فلم يسبق لها أن دخلت القصر من قبل، وما إن دخلوا دهليزاً داخلياً حتى أدهشتها الزينة الفاخرة التي تحيط المكان، الهالة المبجلة، التحف والتماثيل، البساط الأحمر، والنوافذ الساطعة، تلمع ببريق آسر من شدة نظافتها. فتح باباً خشبياً مزخرفاً من الخشب الثقيل، ودخل بها إلى غرفة فسيحة، مليئة بالنوافذ الزجاجية، تجعلها أقرب لغرفة مزججة، إلى أن الستائر التي غطت جزءً من النوافذ أعطها رونقاً مريحاً، المكتب يتوسط بلاط السيراميك المطعم بالياقوت البنفسجي القاتم، يستدير روهان بمجرد أن سمح فتح الباب، ليقابلهم.
- هذه مرتك الأولى في القصر، أليس كذلك؟
خاطبها بلطف، تعلو وجهه ابتسامة مشرقة، بينما يراقب براءة وجهها وهي تشاهد المكان بدهشة واعجاب، ليشير لها بالجلوس على أحد المقاعد الوثيرة قبالة مكتبه، يغلق مارون الباب بحذر، حينها أتى صوت والدتها إلى مسامعها:
" مهما حاول سموه فلا توافقي، الأكسير هو ما تبقى لهذه العائلة لكي تبقى على قيد الحياة"
إلا أنها سمعته يتحدث إليها بجدية لأول مرة، أو ربما رأت وجهه الجدي أيضاً لأول مرة، حين قال:
- يبدو أن مسؤولية الاكسير ستقع على عاتقك هذه المرة.
هزت راسها ببطء، توافق بتردد وشيء من الخوف، فابتسم ابتسامة طفيفة، حين سأل:
- لكنه ليس الوقت المناسب لتجرعه، أليس كذلك؟
فهزت رأسها بالايجاب بحركة بطيئة مرة أخرى، وكأنها تترقب القادم، حينها سأل:
- اذاً كم تبقى من الوقت بعد لكي نستطيع استخدامه؟
أخذت بضعي ثوانٍ تستجمع أفكارها، ثم أشارت بثلاثة أصابع.
هتف مارون بمرح:
- ثلاثة أيام!
فهزت رأسها بالنفي، فقال بتفاؤل أقل:
- ثلاثة أسابيع؟
فهزت بالنفي، ليظهر الذعر في وجهه، وهمس بحذر:
- ثلاثة أشهر؟
فهزت راسها بالايجاب، ليتبادلا نظرات القلق، حين سألها روهان مجدداً:
- هل يمكننا استخدامه قبل ذلك الوقت؟
فهزت رأسها بالنفي، ثم أشارت بيدها، فقدم لها روهان قلماً وورقة بسرعة، فترسم عليها، بينما اعتلت الدهشة وجه مارون. ما إن انتهت من رسم ما تود قوله، حتى نظر روهان إلى الورقة، ثم قال يخاطب مارون:
- تقول إن بلورة الاكسير تحتاج لثلاثة أشهر، ما يعني أنه لا وجود للاكسير حالياً.
- ماذا؟!
تساءل بشيء من الذعر، وضع روهان يده على رأسه، ونهض في مواجهة النافذة، بينما أشاح مارون وجهه بحزن.
- اذاً الأمر لا يتعلق بوجود الاكسير من عدمه ...
علق مارون بخيبة أمل:
- هو ليس جاهزٌ أساساً!
ظهرت علامات الاسف على وجه نورس، هي لم تخالف ما أمرت به والدتها، بل أطلعتهم على إحدى أسرار الاكسير، لكن ما باليد الحيلة، هي لا تستطيع الكذب.
- هل يعلم الحاكم بذلك؟
خاطبها فجأة، ثم عاد ينظر إليها، فهزت رأسها بالايجاب، ليخفض رأسه وهو يهمس:
- اذا هي لم تخفي ذلك عن الملك.
- ماذا سنفعل سيدي؟
- مادام الملك يعرف، فعلينا مخاطبته.
إلا أنها استوقفته باشارة من يدها، ثم اشارت بيدها على شفتيها، فسألها بدهشة:
- أتعنين أننا لا يجب أن نعرف ذلك.
فهزت رأسها بالايجاب وبقوة، ثم تراجعت يظهر على وجهها الاستياء، ليشرد روهان بعيداً، ويهمس:
- فهمت، يبدو أنه سر لا يعرفه سوا الملك.
نظر كلا منهما نحو روهان بقلق، الاشد قلقاً هو مارون، فنظرات سيده البعيدة لا تبشر بخير، هو بالتأكيد يفكر في مخاطبة الملك بشأن ذلك!
...
- روهان! روهان!
ركض مارون في محاولة للحاق بسيده الذي كان يسير بغضب واضح.
- روهان!
لكنه استمر بتجاهله، حتى فتح باب غرفة الحاكم بغضب، ليتراجع مارون بذعر.
- كيف تفسر امكانية استخدامنا للاكسير كل ثلاثة أشهر؟
كان الحاكم يجلس خلف مكتبه يطالع مستداً، حين جحظ عيناه اثر الدهشة، ونظر إلى روهان الذي يتنفس بسرعة واضحة عيناه تتقدان غضباً، ليخاطب مارون المختبئ خلف سيده في محاولة لضبطه.
- دعنا بمفردنا مارون.
- أعتذر جلالتك.
وانحنى بأدب منسحباً، وأغلق الباب، ليضع الحاكم المستند على المكتب، وقال بهدوء:
- اذاً فقد تحدثت إليها، أليس كذلك؟
ثم نظر نحوه بنظرات متقدة متحدياً، ليخاطبه روهان بعصبية:
- ما الذي يعنيه كل ذلك؟
- بني! بعض الأسرار عليها أن تبقى أسراراً
صرخ:
- لماذا؟
- هذا من أجل المملكة!
- من الذي يحكم المملكة، أنت أم الإكسير؟
- لا نستطيع فعل شيء بدونه، حياتنا متوقفة عليه.
- لكننا لا نستطيع استخدامه إلا بعد ثلاثة أشهر من إعداده.
- بلى، صحيح.
- اذا كيف تفسر المعارك الثلاث المتتالية التي خضناها هذا العام، ما الذي كنت تعطيه للفرسان أنذاك؟
أخفض الملك رأسه وتحل بالصمت، فأضرمت النار في عينيه، وصرخ:
- ما الذي فعلته للفرسان ذلك الوقت؟
- قدمت لهم الاكسير بحالته الغير مكتملة.
تنهدت روهان بملئ رئتيه، حينها نظر الحاكم لروهان الذي اقتضب وجهه بالكامل:
- لا يمكننا الاستغناء عن الاكسير، كل ذلك من أجل مصلحة المملكة.
- وهل نجح ذلك؟
- مات عدة فرسان إثر الأعراض الجانبية.
قالها وهو يشيح نظره عنه، لتتلألأ عينا روهان بدموع خيبة الأمل، وقال بحرقة واضحة:
- وأنا الذي كنت أرى فيك رجلاً عظيماً.
صمت، ومض عدة ومضات في محاولة لتمالك نفسه، بينما تلألأت عينا الحاكم بوميض من الندم، ليخرج صوته محشرجاً ضعيفاً:
- لكن تبين لي أنك وحش كاسر عديم الرحمة.
وانصرف طارقاً الباب بقوة، تاركاً والده مهموماً في غيومه السوداء.
...
- سيدتي!
نظرت السيدة لافرتين إلى خادمتها المذعورة بوجل:
- مولاه أتى للزيارة!
هي تعلم تماماً أن زيارة الحاكم لها بشكل شخصي نذير شؤم لا مفر منه، لذلك لم تكن بهذه الزيارة السارة على الاطلاق، دخل الحاكم القاعة المزهرة حيث قدمت له الخادمة الشاي وهي ترتجف من الخوف، لتأتي السيدة لافرتين وفي قلبها ألف هاجس.
- وجود مولاي هنا أي أن هناك أمر مستعجل، أليس كذلك؟
شرف شرفة من الشاي، نهض وأخذ يجول بنظره المكان، حين قال بهدوء مرعب:
- يبدو أن سموه عرف بأمر التبلور للاكسير من ابنتك.
شهقت بذعر، وضعت يديها على ثغرها تحاول تمالك نفسها، ليستدير باتجاه إحدى النوافذ، حين قالت بسرعة:
- خالص اعتذاري مولاي.
- أنا لا ألومها، فسموه فضوليٌ جداً.
- خالص اعتذاراتي صاحب السمو.
صمت لبرهة، ثم خرج صوته هادئاً بشكل حزين:
- أنت تعلمين أنني أريد أن أخرج من ماضي أنيس، ولا أريد أن يحصل لروهان الشيء نفسه.
أخفضت راسها بيأس:
- أتفهم ذلك صاحب السمو.
- لا أريد خسارته هو الآخر!
لم تستطع أن تقول شيئاً، ليتنهد، ويرفع رأسه في محاولة لتمالك أعصابه:
- ألم أخبرك أن تجدي طريقة لتسريع عملية التبلور؟
- أجل مولاي، لا زلت أعمل على ذلك.
- اذا عليك أن تجعليه جاهزاً لمعركتنا التالية.
قالها بحزم، لكن كلماته وخزت جسدها كله، نظرت نحوه بذعر، عيناها وحدها تقول أنه مستحيل، إلا أنه نظر إليها ببرود:
- إلا إذا كنت لا تقدرين حياة ابنتك.
وهم منصرفاً، لتخور قواها، لم تعد قدميها تستطيع حمل جسدها، انهارت على الأرض، غضت وجهها بكفيها، وأجهشت ببكاء مرير.
...
الشمس تداعب زجاج النوافذ في مكتبه، فيسطع النور كستائر مشعة شفافة، تتغير درجة اشعاعها مع كل ستارة تندمج مع ستارتها الأخرى، منهمك في المستندات، بينما يرسم وجهه العبوس، حين دخل عليه مارون، وقال يخاطبه:
- سموك، فاتك الاجتماع اليوم.
رد بلامبالاة:
- أجل، أعرف.
- أعلن الملك فرماناً بمنع الآنسة لافرتين من دخول القصر.
نظر نحوه بدهشة، وهتف:
- ماذا؟
- قال إنه خطأها لأنها لم تخبر الملك عن زيارتها لسموك.
اقتضب وجهه، ودفع كرسيه بعنف شديد، وهم مسرعاً نحو الباب متجاهلاً نداءات مساعده، حتى أوقفه مارون بحزم:
- روهان!
توقف، فأردف مارون:
- لا تجعل سلطتك أداة لأذية الآخرين.
تراخت يد روهان عن المقبض، جسده يشتعل، بينما يجبره عقله عن التراجع، لان مارون بكلامه:
- أعرف أنه ليس عادلاً، لكنني لا أظن أنه من الحكمة أن تتدخل فيما بين الملك والعائلة.
عاد إلى مكتبه بحركة آلية، لا رغبة له بالعودة، لكنه مكره على فعل ذلك، على الأقل سيدعي انشغاله إلى حين تسنحه له الفرصة برؤيتها. طرق الباب، لتدخل رئيسة الصيادلة إليزابيل، وجهها مليء بعلامات الدهشة والاستفهام.
- سموك!
نظر إليها مترقباً، حين سألت:
- هل يمكنني معرفة ما الذي جرى بينكما؟
- لماذا؟
بدت متوترة، حين قالت بقلق:
- يبدو أن صاحب الجلالة سيرسل الآنسة لافرتين إلى الأكاديمية الملكية في الولاية الغربية لبضعة سنوات.
جحظ عيناه بأوسعها، صدمة كبيرة تصفع وجهه الآن، عقله غاب في دوامة من الأفكار اللامنتاهية، وقلبه يطرقه نيازك من جمر، توقف عنده الوقت، كلاهما ينظران نحوه باستغراب، ما الذي جرى له؟ إلا أنه سرعان ما تمالك نفسه، ومض عدة ومضات يسترجع ذاته، وقف باتجاه النافذة، يواجههم بظهره، نظر لصفاء السماء لبرهة، ثم خرج صوته منكسراً:
- لا شيء، سألتها عن إمكانية استخدامنا للاكسير في هذه المعركة.
- هل جننت؟
أتاه صوتها مؤنبة، ما جعله ينظر نحوها بتلقائية.
- من يفكر حتى في أنه من الممكن التخلي عن الاكسير، بالتأكيد سنستخدمه!
لم يعترض، وجد نفسه في زاوية محاصرة، لا يمكنه البوح لها بما أخبرته نورس عن الاكسير والا انتهى أمرها، همس:
- أجل أنت محقة، كنت متهوراً.
بدت إليزابيل منزعجة، فهي ستخسر أفضل طبيبة أعشاب لعدة سنوات بسبب اهماله، وها هي المملكة على استعداد لمواجهة ثاني أعظم جيش في المملكة باسرها، وتنقل المسؤولة عن صحة الفرسان بهذا الشكل المهين. أشاحت وجهها باستياء، هو أيضاً لا يستطيع مواجهتها، لكنها لا تستطيع أن تلومه أكثر من ذلك، فهو بنظرها لا يزال شاباً طائش ضيق البصيرة، فاستأذنت، وانصرفت، تنهد وعاد ينظر إلى النافذة، بينما بقي مارون يحدق في سيده بحزن لا يتفوه ببنس شفة.
...

2019/06/27 · 402 مشاهدة · 2157 كلمة
بيان
نادي الروايات - 2024