الفصل الأول: نهر التناسخ
الحياة الآخرة، حقول الحساب
كانت الأرواح البائسة تتجول على طريق عديم اللون، وعيونها مليئة بالندم والتوق. ندموا على اختياراتهم في الحياة وتمنّوا فرصة ثانية لتصحيح الأمور.
لكن، لقد فات الأوان.
كانوا في طريقهم إلى قاعة الحساب، حيث سيصدر الحكم النهائي، ليحدد مصيرهم إلى الأبد.
إما إلى الجنة... أو إلى الجحيم.
في بعض الحالات النادرة، كانت الأرواح الأكثر نقاءً تحظى بفرصة التناسخ. لكن لم يحدث هذا منذ قرون.
في سماء هذا المشهد الكئيب، طاف رجل يرتدي رداءً أسودًا وقلنسوة، يراقب الأرواح الحزينة بصمت.
كانت تسير في طريق محاط بجبال صخرية، رؤوسها منحنية. بدت الجبال وكأنها حراس قدامى، تلقي بظلال طويلة تحت ضوء اليوم الخافت.
بعد فترة قصيرة، غادرت الأرواح الممر الجبلي ودخلت طريقًا طويلًا مستقيمًا. كان يؤدي إلى معبد غامض يلوح في الأفق، وكأنه يدعوهم للاقتراب.
بجانب الطريق، كان هناك نهر جميل متدفق يعكس ألوان غروب الشمس كمرآة. صوته كان أشبه بلحن ناعم، وكأن هناك كمانات تعزف في الخلفية.
بمجرد أن رأت الأرواح البائسة النهر، تلألأت أعينها بالجشع والرغبة. كان هذا نهر التناسخ!
اقتربت روح متوهجة، تنبعث منها هالة أثيرية، نحو النهر. لعق شفتيه بجشع، وكأنه يستطيع تذوق الفرصة الثانية.
لم يعش حياة صالحة، بل كانت حياته مليئة بالشر—كان مُرابيًا، محتالًا، ولصًا.
لقد دمّر عائلات لا تُحصى بخداعه.
شخص مثله لن يحصل أبدًا على فرصة التناسخ.
"إذا واصلت السير، فسأُدان وأُلقى في الجحيم!" فكر بينما كان يحدق في النهر. "هذه فرصتي الثانية… التناسخ!"
بمجرد أن انتهت أفكاره، خطا خطوة أخرى نحو النهر، وفجأة، انفجر جسده إلى ملايين الأجزاء الأثيرية.
عندما رأت الأرواح الأخرى ذلك، ارتعدت خوفًا.
كان هذا مصيرًا أكثر رعبًا من الجحيم—لقد حُكم على ذلك الرجل بالدخول في دورة لا نهائية من الموت، سيتمزق ويتجدد إلى الأبد.
"همف." سخر الرجل في السماء وهو يشير بإصبعه للأسفل. "هذا عقابك، أيتها الروح الوقحة. نكرة مثلك لا يستحق فرصة ثانية. لذا، عقابك هو مليون سنة من الموت."
صوته دوّى كالرعد عبر السحب.
سمعته كل الأرواح.
"ه-هذا…" شهق أحدهم برعب. "أ-أهو… الموت؟"
حدّق الموت، الرجل ذو الرداء الأسود، إلى الأسفل بنظرة باردة وحسابية.
في تلك اللحظة، تغير تعبيره البارد للحظة.
خرجت روح من الصف، متجهة نحو نهر التناسخ. هذه الروح كانت مختلفة.
لم يكن يبدو مكتئبًا مثل الآخرين.
بل بدت ملامحه جادة ومتمردة، كأنها نمر بري ينتظر الانطلاق.
"هل هو أحمق؟!" صرخت الأرواح. "لقد رأى للتو شخصًا يُحكم عليه بمليون سنة من العذاب!"
"هل لديه رغبة في الموت؟!"
"هاه؟" نظر الموت إلى الأسفل إلى الروح الغريبة وعبس. **"في كل عام، عندما تصل دفعة جديدة من الأرواح، يكون هناك دائمًا روح واحدة تحاول القفز إلى نهر التناسخ.
لكن، بمجرد أن أعاقب تلك الروح، يستسلم الجميع عادةً ويتبعون القواعد. هذا غريب."**
عقد الموت ذراعيه واختفى من السماء. ثم ظهر على ضفة النهر، واقفًا أمام الروح المتمردة.
"أأنت أصم؟" أشار الموت بإصبعه الطويل إلى الروح. "هل تريد أن تموت؟"
"أنا ميت بالفعل." ردّت الروح ببرود بينما كانت تقترب ببطء من النهر. "أعرف أين سيأخذني حكمي. سأقاتل حتى النهاية."
"أهكذا هو الأمر؟" لوّح الموت بيده في الهواء، وظهرت فجأة حروف فوق رأس الروح.
كانت تخبر باسمه، موطنه، سبب وفاته، ونقاط كرماه.
"حسنًا." نظر الموت وقال، **"كيرنان هنتر، وأنت من الأرض. نعم، سكان الأرض عادةً متعجرفون.
سبب وفاتك… يا لها من مفاجأة."**
توقف كيرنان عن السير ونظر بصمت إلى الموت.
"الشيخوخة." ضحك الموت. "أما نقاط كرماك…"
بمجرد أن رآها، تجمدت نظراته.
"أوه، أنت بالتأكيد ذاهب إلى الجحيم."
لوّح بيده مرة أخرى، فاختفت كل الكتابات.
"تظن أنك تستطيع دخول نهر التناسخ؟" بدا الموت غاضبًا. "تظن أنك تستطيع الهروب من العقاب؟"
في تلك اللحظة، انطلق كيرنان نحو الموت، مشكلًا قبضة بيده اليمنى.
"الموت، خصم جدير." قال وهو يستعد لتوجيه ضربة.
"يا له من أحمق." أشار الموت بيده. "سكان الأرض هم الأضعف بين العشرين عالمًا."
"أضعف؟" ضاقت عينا كيرنان، متقدة بنيران العزيمة. "إذًا، هناك عشرون عالمًا. لا بد أن هناك أشخاصًا أقوياء هناك."
"حتى عشرة ملايين سنة من التدريب لن تجعلك ندًا لي." قال الموت، وبدأت راحة يده تُدخن. "أنا متأكد أن رب الجحيم لديه أنشطة ممتعة لك."
عندما لامست قدم كيرنان الأرض، تشققت التربة تحته.
"أسلوب الحديد، نبع الشبح!"
في لحظة، اختفى كيرنان، وظهر في الهواء حول الموت عشرات النسخ المتطابقة منه، كلها تهاجم بقبضاتها القوية بما يكفي لتحطيم صخرة.
"صور لاحقة؟" عبس الموت وهو ينظر حوله. "ما هذا؟ لو لم أقرأ ملفه، لكنت ظننت أنه من ذلك العالم… يبدو أن مستواه في الفنون القتالية بلغ ذروته بين سكان الأرض."
"لكن، أنا الموت."
لوّح الموت بيده، وظهر حوله مرآة شفافة عكست الهجمات عليه بقوة أكبر.
"مرآة الانعكاس." همس ببرود.
اختفت كل النسخ الوهمية، لكن روحًا واحدة فقط بقيت.
كيرنان، الذي نجا من هجوم المرآة، استغل الفرصة وقفز مباشرةً نحو النهر.
"هذا سيء!" صاح الموت. "عادةً، أولئك الذين يُعاد تجسيدهم يأخذون حبة تمحو ذكرياتهم، لكنه لم يأخذ شيئًا! سيتذكر كل شيء! والأسوأ… كل مُتجسد يحصل على نظام خاص يساعده في حياته الجديدة!"
بسرعة، لوّح الموت بيده
لاستدعاء المزيد من المعلومات.
[الوجهة - عالم الفنون القتالية]
"هذا أسوأ بكثير…" بدت بشرة الموت أكثر شحوبًا من المعتاد.
----------
Ilyes