الفصل الثاني: التناسخ
"آه..." كافح كيرنان لفتح عينيه. كانت الغرفة تدور من حوله، وضوء ساطع هاجم بصره.
سمع أصواتًا صاخبة، كما لو أن هناك أشخاصًا يهتفون من كل الجهات. كان الصوت مرتفعًا جدًا.
عندما وضع يديه تحته، لاحظ أنه مستلقٍ على سطح صلب. كان هناك أيضًا سائل دافئ يتساقط على وجهه.
"م-ماذا يحدث؟ هل تمت إعادة تجسيدي؟"
"الفائز هو جوناثان آكرز!" دوى صوت رجل بصوت عالٍ في أذنيه.
عندما فتح كيرنان عينيه بصعوبة، رأى حكمًا يرتدي ملابس بيضاء يرفع ذراع شاب مبتسم يلوح للجمهور.
فتح كيرنان عينيه على اتساعهما ونظر من حوله. رأى آلاف المتفرجين يهتفون ويصفقون. كانوا داخل نوع من الملاعب الصغيرة ذات السقف المفتوح، حيث كان بإمكانه رؤية السماء الزرقاء الصافية.
"هل أنت بخير؟" في تلك اللحظة، انحنى شخص يرتدي زي الطبيب أمامه وفحص عينيه ليرى ما إذا كان مصابًا بارتجاج في المخ.
نقر الطبيب بأصابعه أمام عيني كيرنان، وبعد أن رآه يتفاعل، أومأ برأسه.
"تبدو بخير. هل تستطيع المشي؟" سأل الطبيب.
"أين أنا؟" تساءل كيرنان بصعوبة، ووضع يده على مؤخرة رأسه. شعر بشيء دافئ ولزج.
عندما رفع يده أمامه، أدرك أنها كانت دماء. كان ينزف بشدة.
"همم، ألا تتذكر؟" عبس الطبيب. "فقدان ذاكرة مؤقت؟ دعنا نتحقق من ذلك، ولكن في الوقت الحالي، دعنا نغادر المنصة. المباراة التالية على وشك البدء، ونحن في الطريق."
"مباراة؟" نظر كيرنان إلى الحكم والرجل الآخر. "كنت في مباراة وخسرت؟"
في تلك اللحظة، ساعده الطبيب على النهوض وسار به خارج المنصة.
بينما كان كيرنان يسير ببطء نحو المخرج، سمع صوتًا.
"كيرنان، يجب أن تتخلى عن فنون القتال قبل أن تقتل نفسك!"
"كيرنان؟" التفت كيرنان نحو الجمهور ورأى بعض الشباب يلقون عليه تعليقات ساخرة.
بدوا في سن 16 أو 17 عامًا، وكانوا يرتدون نفس زي فنون القتال الذي يرتديه كيرنان. بدا أنهم من نفس المدرسة.
"لدي نفس الاسم هنا؟" فكر كيرنان في نفسه، مرتبكًا من الوضع. "أيضًا، لقد تجسدت في جسد هذا الشاب... من هو؟ كنت أعتقد أنني سأُعاد تجسيدي كرضيع."
أمسكه الطبيب من ذراعه وساعده على الجلوس على كرسي قريب. ثم أخذ قلمه، الذي يحتوي على مصباح صغير في نهايته، وبدأ بفحص عينيه.
بينما كان كيرنان يركز على الضوء الساطع، بدأ أيضًا في فحص الساحة، والجماهير الصاخبة، والمنصة التي كان يقف عليها قبل لحظات.
"هذه الأجواء مذهلة؛ لم أرَ شيئًا كهذا على الأرض." فكر كيرنان بقلب ينبض بسرعة. "هذا بالتأكيد ليس على الأرض. لا بد أنني تجسدت في أحد تلك العوالم الأخرى."
"لديك إصابة خطيرة في مؤخرة رأسك." قال الطبيب بعبوس. "سأجلب لك ضمادات علاجية؛ يجب أن تكون فعالة جدًا."
"ضمادات علاجية؟" تساءل كيرنان وهو يراقب الطبيب وهو يبتعد.
بعد مغادرته، لمس مؤخرة رأسه وتألم من شدة الألم.
"لابد أن هذا الشاب قد مات، وأنا الآن أتحكم في جسده." فكر كيرنان. "هذه ليست إصابة بسيطة. هل من الطبيعي أن يموت فنانو القتال في هذه المباريات، حتى لو كانوا في هذا العمر الصغير؟"
بعد فترة وجيزة، عاد الطبيب وضمّد رأسه. لم تكن الضمادة مثل تلك الموجودة على الأرض.
شعر كيرنان بأن الألم قد اختفى، كما اختفى الطنين في أذنيه فجأة. كما شعر أن إصابته بدأت تلتئم ببطء.
"مدهش..." لمس كيرنان رأسه الملفوف بالضمادات بتعبير مذهول. "هذا العالم مذهل حقًا."
"هذا يجب أن يكون كافيًا." قال الطبيب وهو يحزم أغراضه. "عليّ فحص المقاتلين الآخرين. اعتنِ بنفسك واحصل على بعض الراحة."
"شكرًا..." أومأ كيرنان، وبعد أن غادر الطبيب، وجه انتباهه إلى القتال الحالي على المسرح.
كان هناك شابان يتصارعان بقبضتيهما.
تناثرت الدماء على الأرض بينما صرخ الجمهور بحماس.
أثار الجو حماس الجميع.
"هذا جنون." فكر كيرنان.
كان من الواضح أن القتال على المسرح قد ينتهي بالموت، لكن الجمهور كان متحمسًا، ولم يتحرك الحكم شبرًا واحدًا.
في القتال، استخدم كلا المقاتلين كل طريقة ممكنة لاكتساب ميزة على خصمهما. حاولوا استخدام ضربات العين والركلات المنخفضة.
ومع ذلك، استخدموا فقط أرجلهم وأيديهم. لم يستخدموا أي أسلحة.
بعد فترة، خرج أحد المقاتلين منتصرًا. وانفجر أحد جوانب الملعب في الهتافات، وقفزت مجموعة المشجعين احتفالًا.
"يا له من قتال مجنون." وقف كيرنان وسار ببطء خارج الملعب. كان بحاجة إلى تصفية ذهنه.
بمجرد أن خرج، استقبلته مشاهد مدينة مزدحمة. كانت السماء صافية، بلا غيوم، والشمس مشرقة.
كانت الطيور تزقزق، والحشرات تطن من حوله بينما أخذ نفسًا عميقًا من الهواء النقي.
كان هناك شباب وشابات، يرتدون زي فنون القتال لأحد المدارس، يدخلون ويخرجون من الملعب.
بعضهم غادر بتعبيرات حزينة بعد خسارتهم، وبعضهم احتفل مع أصدقائهم. وبعضهم بدا متوترًا وهم ينتظرون دورهم لدخول الحلبة وعرض مهاراتهم.
"ماذا أرتدي؟" نظر كيرنان إلى ملابسه ورأى أنه كان يرتدي زيًا أبيض مع حزام أبيض مربوط حول خصره ونقوش زهرية سوداء متناثرة عبر القماش.
"والآن، ماذا سأفعل؟" تساءل كيرنان بينما كان ينظر حوله إلى الملعب المزدحم. شعر بالضياع.
لقد تجسد للتو في جسد شاب مجهول - لم يكن يعرف حتى شكله بعد.
"هذا الفتى لابد أن لديه عائلة، أصدقاء، إلخ. كل ما أعرفه هو اسمه—كيرنان."
في تلك اللحظة، هاجمه ألم حاد في رأسه، كما لو كان يعاني من صداع ساحق. أمسك رأسه الملفوف بالضمادات بألم، لكنه لم يصدر أي أنين.
اجتاحت ذكريات غير مألوفة عقله مثل موجة لا تتوقف، كل واحدة أكثر وضوحًا وألمًا من السابقة.
بعد دقيقة من المعاناة، تلاشى الألم، وأصبح لديه خمسة عشر عامًا من الذكريات التي بدت مألوفة وغير مألوفة في نفس الوقت.
"أتذكر كل شيء." همس كيرنان لنفسه بصدمة. "اسم هذا الفتى هو كيرنان هانتر أيضًا."
خف تعبيره. هذا الشاب مات بالفعل في القتال. كانت هذه أول مباراة له في الملعب الكبير. كان لديه أحلام في الوصول إلى قمة عالم فنون القتال، حاملاً آمال والده الوحيد.
لكنه واجه خصمًا صعبًا. لقد كان ضد جوناثان آكرز، شاب قوي من مدرسة "إريو هاي"، وهي مدرسة منافسة لمدرسة كيرنان.
لم يكن لديه أي فرصة للفوز. استمر القتال، وفي النهاية، تحول كل شيء إلى ظلام. يبدو أنه مات، لكنه لا يستطيع تذكر كيف.
"كان عديم الموهبة. لابد أنه تدرب مئات المرات أكثر من أقرانه، لكنه لم يستطع مجاراتهم."
نظر كيرنان إلى قبضته، ثم استدار ونظر إلى الملعب، حيث تر
ددت الهتافات.
"هذه حياتي الآن." أخذ نفسًا عميقًا وأطلق زفرة طويلة.
"ربما كان من المفترض أن أولد هنا منذ البداية."
----------
Ilyes