الفصل الثامن: صغير جدًا
"ماذا؟!" اتسعت عينا أزر من الدهشة.
"هاه"، عبس برنارد وسأل: "ألم تقل إنّه طالبٌ مصنَّف في المرتبة 204؟"
ترك أزر لسانه معجزًا، لكنه هز رأسه وعبس.
"ضربة حظ؟"
في تلك اللحظة، فتح الباب ودخلت طالبة جميلة إلى الغرفة. كانت ترتدي حقيبة ظهر وعلى وجهها نظرة ناعمة.
"أوه، أليست جوليا الشابة؟" وضع برنارد يده على صدره وانحنى بأدب.
"أوه…" نظرت جوليا إلى والدها وسألت: "هل جئت في الوقت الخطأ؟"
التفت أزر لينظر إلى ابنته وسأل: "هل تعرفين هذا الولد كيرنان؟ إنه في صفك، أليس كذلك؟"
"نعم، إنه يجلس بجانبي." قالت جوليا وسارت نحو النافذة. "من المفترض أن يخوض مباراته المصنفة مع دومينيك."
التفتت لمشاهدة المباراة. كانت تتوقع أن ترى كيرنان مهزومًا بالفعل، لكن لدهشتها، كانت شاشة كبيرة تُظهر دومينيك وهو يمسك بأنفه النازف.
"كيف ينزف دومينيك؟" سألت جوليا بتعبير مندهش.
"لابدّ أنه قلل من شأن خصمه." ضحك برنارد. "في مدرسة إيريو الثانوية، نحرص على ألا يخطئ طلابنا بهذا الشكل."
استهزأ أزر، لكنه فكر في نفسه: هل كان ذلك خطأً حقًا؟
في البداية، اندهش الجمهور، لكنهم سرعان ما عادوا إلى حالة حماسهم واستمروا في الهتاف.
على المسرح، مسح دومينيك الدم عن أنفه وطحن أسنانه قائلاً: "هجومك لا يؤلمني."
"بالطبع لا." فكر كيرنان في نفسه. أنا أفتقر إلى القوة البدنية، ولم أكن أستخدم أسلوب الحديد. أصبحتُ أقوى بعد إيقاظ روحي القتالية، لكن دومينيك يحتل مرتبة أعلى وقد درّب جسده لتحمّل مثل هذه الهجمات.
"قد استهينت به، لكن ليس بعد الآن." اتخذ دومينيك وضعية القتال وقال: "سأسحقه!"
بدأ يقترب من كيرنان ببطء، حيث كانت قدماه تجرّان على الأرض خطوة بخطوة نحو خصمه.
بعد لحظات قصيرة، وصل إلى مدى هجوم كيرنان. وإذا اقترب أكثر، سيصبح ضمن مدى ركلات دومينيك.
بينما تبادلا نظرات التحدي، اشتدت الأجواء. كان الأمر كما لو أن سيفيين حاذقين يحاولان توقع حركات بعضهما البعض، وكان خطأ واحد فقط كافيًا ليؤدي إلى الهزيمة.
ضيّق دومينيك عينيه وفكر: سأقصر المسافة بهجوم سريع؛ عندما ينشغل بمحاولة تفادي هجومي، سأوجه له لكمة صاعدة.
نظر إليه كيرنان بابتسامة هادئة؛ لم يكن واضحًا ما الذي يدور في ذهنه.
في تلك اللحظة، اندفع دومينيك من وضعية منخفضة جدًا؛ فتح ذراعيه أمامه واندفع مباشرة نحو ساقي كيرنان. كان واضحًا للجميع أنه يتجه لهجوم للإمساك به!
سرعان ما تَحَوّل كيرنان جانبًا إلى اليسار وتفادى محاولة اندفاع دومينيك.
"أمسكتُ بك!" صاح دومينيك ثم استقام قليلًا في ظهره، وأطلق لكمة صاعدة بيده اليسرى. جاءت تلك الضربة من منطقة العمياء لدى كيرنان.
لو كان كيرنان قد انحرف يمينًا، لكان استخدم يده اليمنى؛ إذ إن ذراعه كانت مخفية بجانب خصره، اعتمادًا على الاتجاه الذي يتفادى فيه.
وبما أنها كانت مخفية، لم يستطع كيرنان رؤية ما إذا كانت تلك اليد قد تشكّلت فيها قبضة أم لا، مما منعّه من الرد على اللكمة في الوقت المناسب.
عندما اقتربت اللكمة من فكه، تراجع كيرنان ببطء، وكادت القبضة أن تفوّت ذقنه؛ لقد خَدَشَ وجهه بالكاد.
"هل تفوّت ضربة؟!" صاح دومينيك ورفع ساقه بسرعة، ثم ركل نحو جانب كيرنان.
وضع كيرنان ذراعه جانب جسده وصدَّ اللكمة. طَق! لكن الركلة كانت قوية وجعلته يتمايل خطوة واحدة إلى الجانب.
هتف الجمهور بينما اندفع دومينيك بوفرة من اللكمات.
قام كيرنان بصد تلك اللكمات عن طريق التلويح بها بعيدًا، محاولًا إعادة توجيهها بحيث تفوت جسده. لم يستغرق الاتصال مع اللكمات سوى جزء من الثانية، لكنه كان كافيًا لتوجيه تلك الهجمات بعيدًا.
"أسلوب عائلة رايز، ضربة المئة نقطة!" صاح دومينيك واستمر في توجيه اللكمات.
كانت كل لكمة موجهة إلى نقاط مختلفة في جسد كيرنان، وكل ضربة كانت كافية لإسقاطه على ركبتيه، ومع ذلك، لم تصب ولا لكمة واحدة!
بدأ الجمهور يدرك الأمر ببطء. بدا عليهم الحيرة؛ كان من المفترض أن تكون هذه معركة سهلة لنجم كاروزا الصاعد، دومينيك.
فكيف يعاني بهذا القدر؟
"أوي، أوي، ما هذا بحق الجحيم؟" سأل برنارد بعبوس. "هل هو مريض أم ماذا؟"
"لا…" همست جوليا بنظرة مندهشة. "دومينيك يبذل قصارى جهده. إنه لا يستطيع اختراق دفاع كيرنان الصلب كالطوب!"
"طالب في المرتبة 204، بحق الجحيم." قال برنارد باستهزاء. "هل كنت تخفي طالبًا بمثل هذه الكفاءة، أزر؟"
تلمع جبينه بعرق. كان هو الأكثر صدمة بينهم جميعًا. لم يكن هذا منطقيًا!
"قرأت ملفاته. يجب أن يكون مقاتلًا دون المتوسط!" ابتلع أزر ريقه. *"أستطيع أن أرى أنه أيقظ روحه القتالية. لكن الشعور الذي يظهر ضعيف جدًا. لابد أنه فعل ذلك مؤخرًا فقط.
*"مع ذلك، مجرد إيقاظ روح القتال لا ينبغي أن يجعله قويًا هكذا. دومينيك في ذروة مرحلة مجند الفنون القتالية. في عام، سيستطيع التقدم إلى مرتبة جندي الفنون القتالية.
"كان من المفترض أن تكون مباراة سهلة بالنسبة لدومينيك. فهو يمتلك حتى أسلوب عائلة رايز الخاص به. إنه فن قتالي قوي جدًا!"
على المسرح، كان دومينيك يتصبب عرقًا بحدة، وتغلي بداخله مشاعر القلق. استمر في توجيه اللكمات، لكن لم تصب واحدة منها.
كان في حالة يأس.
"م-ما هذا؟" نظر دومينيك إلى كيرنان بنظرة مرتجفة. "ل-لماذا أشعر بأنني صغير جدًا؟"
بينما كان ينظر إلى كيرنان، تخيّل قصرًا ضخمًا بجدران منيعة شاهقة فوقه. كان يشعر أنه مهما لكمته مليون مرة، فلن يستطيع اختراق دفاعاته!
"لو أصابتني لكمته، لسُدتّ تحت وطأتها."
فكر كيرنان بهدوء.
*"لهذا سأحرص على ألا ألمس قبضاته كثيرًا أثناء إعادة توجيهها بعيدًا. إذا لمستها لفترة طويلة، فسوف تتعرض يداي للإصابة.
*"قوته البدنية هائلة بالفعل، ومع فنه القتالي تتضاعف قوته. يُذكرني هذا إلى حد كبير بـ 'تحطيم الحديد'. فهو يركّز كل قوّتي في نقطة واحدة.
"مع ذلك، تحطيم الحديد لدي أفضل بكثير. فنونه القتالية جيدة وكل ذلك، لكن في النهاية، لا تقارن بأسلوب الحديد."
"لقد قاتلت جيدًا، دومينيك." قال كيرنان بابتسامة. "مع ذلك، أظن أن هذا هو حدودك. هذه المدينة صغيرة جدًا لشخص مثلي. أنا أصبو إلى ما هو أعلى بكثير!"
اهتزّت عينا دومينيك من الصدمة، وجمد جسده في رعب. شعر وكأنه يواجه وحشًا من عصور ما قبل التاريخ. كانت يداه ترتجفان، وتحولت لكماته إلى شيء غير مرتب.
في تلك اللحظة، تفادى كيرنان لكمة دومينيك بخطوة جانبية نحو اليمين، ثم وجه له لكمة بزوايا واسعة جدًا. ضربت اللكمة فكه، وأسقطته أرضًا.
ساد الصمت في الملعب؛ بدا كأن العالم بأسره أصبح هادئًا فجأة.
راقب الجميع دومينيك وهو ينحني على ركبتيه ثم سقط ببطء على الأرض في كومة متداعية. انتهت المباراة بصمت مدوٍ بينما كان دومينيك يرقد بلا حراك على الأرض.
دينغ، دينغ!
[لقد هزمتَ مقاتلًا من مرحلة مجند الفنون القتالية العليا!]
[تم اكتساب 10 نقاط خبرة!]
—-------
Ilyes