مقدمة

اعتذر مقدما على الاخطاء الاملائية التي سوف تجدونها اعرف انها خطأ لكن لوحة المفاتيح لدي شبه معطلة و الفصل طويل جدا فتركتها كما هي تجنبا لهدر الوقت

والآن قل من أنت؟!
أنا جزء من تلك القوة.
القوة التي تريد الشر أبداً وتعمل الخير أبداً .
غوته
من فاوست
«من المؤسف أن ينسى الصديق صديقه. فالأصدقاء قليل. وقل من له
صديق. وأخاف أن أصبح غداً كالكبار من الناس الذين لا يهتمون لغير
الأرقام »
من كتاب الأمير الصغير

لا تحدث الغرباء ابدا

ذات رببع . في ساعة أصبل قائظ. ظهر رجلان بجوار البرك البطريركية؛ الأول قصير
القامة بديئاً أصلع . يرندي برّة صيفبة رمادية ويمسك بيده قبْعته الفاخرة. وكأنّها الفطيرةء
وعلى وجهه المحلوق بعناية نستقر نظارة سوداء صنعت من عظم القرون. أمًا الثاني فكان
شابًا في مقتبل العمر . عريض المنكبين, ندلت خصل من شعره الأشقر من تحت , كبكة ٠
مقطعة بترابيع . أمانها حتى قداله . برتدي قميصاً من نوع ٠ كوبويكاء وبنطالاً أبيض
إنها ميخائيل ألكسندرفتش برليوز . رئيس إحدى الرابطات الموسكوبية الأدبية
الكبرى. المعروفة . اخنصارا . باسم ٠ ماسوليت ١. والمحرر في مجلة أدبيّة سميكة, والشاعر
الشاب إيفان نبقو لايفتش بونيريف. الذي بنشر تحت اسم : م بزدومبي ‏ المستعار .

وعندما أصبح الرجلان في ظلال أشجار زيزفون. في بده اخضرارها , رأيا أن من أول
واجباتها قصد كشك أرقش مزخرف بالنقوش . وبكلمتي ٠ جعة ومياه ١.

ما يجدر ذكره هو أن نلك الأمسية من أماسي شهر ‎TP CAT SH‏ وعخيفة. فقد كان
المكان المحيط يالكشك خالياً من الناس - مقف را وكذلك الممر الموازي لشارع ١ مالايا
بروثَايا ٠: في تلك الساعة إذ تضبق على الإنسان نفسه. وإذ تحرق الشمس موسكو وهي
تسبح في الضباب وراء مستديرة » السادوقايا . لم يأت أحد لينفيًا ظلال الزيزفون. أو
يستريح على المقعد .

وطلب برليوز :

- هاتي نرزانا( *).

فأجابت المرأة البائعة في لهجة غاضبة دون معرفة السبب:

لا يوجد نرزانا.

واستوضح بزدومني بصوت أبح :

وجعة... ايوجد عندك جعة ؟

( *) نرزانا: نوع من المياه المعدنية .

- يأتوننا بالجعة مساء ,

- وماذا يوجد عندك ؟

- أبريكوسوقيا. ولكنها ساخنة.

- إذن هاتي, هاتي. هاي .

وفارت الأبريكوسوقيا برغوة صفراء غزيرة. واننشرت في الهواء رائحة كتلك التي
تنبعث من صالونات الحلاقة. وبعد أن ارتوى الأديبان صارا ٠ يحزان ٠. ونقدا البائعة
النمن ؛ ثم جلسا علي مقعد موثَيين وجهيهها ناحية البرك . فأصبح شارع ٠ بروثايا ٠ وراءهها .
وهنا حدث ليرليوز أمر خارق. فجأة لم يعد ٠ بُحرّق.! وخفق قلبه. قلبه الذي الخطن
لحظة م عاد وكأن إيرة حاذة استقرت فيه. وافترسه خوف شديد . ورعب لم يعرف له سيا
جعله يفكْر بالغرار من دون التفات إلى الوراء. وتأمّل برليوز المكان مكروباً. وهو له
يدري لخوفه سبباً؛ مسح جبهته بمنديل وطفق يفكر وقد شحب لون وجهه: , تُرى ماذا
يحدث لي ؟ لم أعرف مثل هذا من قبل. القلب يخفق وأنا مضنى متعب. آن لي أن أنرك كل
نيء وأمضي إلى كيسلقودسك!...

عندئذ , تكثف الحواه الحار أمامهيا . وبان عنه انسان سو . شاف . غريب المبئة . على
رأسه الصغير قبعة كتلك التي يعتمرها ٠ الجوكيّون:. برتدي سترة ضيّقة شفافة ذات
ترابيع , طويل القامة. لكنه لم بكن عريض المنكبين. بل كان نحيفاً. ونحافته زائدة. وإذا
نوخينا الدقة قلنا: إن هيثته تُوحي بالسخرية.

م يعتد برليوز الحوادث الغريبة الخارقة. فزاد لون وجهه شحوباً وشزع يفكر ذامل
وهو مسح عيليه: و هذا غير ممكن أبدا!,. لكن وبح قلبي! إنه ممكن بل وأكثر من
ممكن . . . والبرهان هو هذا المديد القامة الذي كان يتايل أمام برليوز يُمنةٌ ويُسرى دون أن
يلمس الأرض!!.

وتملّك الرعب برليوز فأغلق عبنيه. ولمًا فتحهها كان كل شيء قد انتهى وتبدد
السراب واضمحل» واختفت الترابيع وصاحبها. وانتزعت من القلب تلك الابرة التي
كانت تخزه منذ لحظات. وما ليث المحرر أن هتف

- ليْخْر الشيطان. كاد الخر يسبب لي نوبة قلبية. لقد أصبت بما يشبه الهلوسة!.
وتضاحك. غير أن الجزع كان يلوح في عبنيه. ويداه كاننا ترتجفان, لكنه سرعان ما هدأ
وسكن روعه. فمسح وجهه بمنديل. وهتف بنبرة كلها قوة وحيوية: « أجل...» وواصل
حديئاً قطعه شرب ٠ الأبريكوسوقايا ..

كان الحديث., (حسها عرف فيا بعد). يدور عن يسوع المسيح. وعن مطوّلة شعربة
الحادية؛ سبق للمحرّر أن طلب من الشاعر كتابتها لنشرها في الكتاب الدوري الذي

تصدره المجلة. لقد نقدهم الشاعر إيفان نبقولايقتش قصيدته في وقت قصير جداً. لكنها
للأسف, لم ترض المحرر . لقد رسم بزدومني شخصية يسوع. وهي الشخصية الرئيسية في
القصبدة. بألوان سوداء قائفة. ومع ذلك كان عليه إعادة ما كتب من جديد . وها هو
المحزر بلقي على مسامع الشاعر ما يشبه المحاضرة عن يسوعء لبظهر له غلطنه الأساسية .
لا أحد يدري: أكانت قصيدة بزدومني عذهء هي نمرة الموهبة الخلأقة, أم ثمرة الجهل
الكامل بالموضوع ؟. المهم أن ريشته أخرجت يسوعاً إنساناً سوياء وإن م يكن ذا شخصية
جذابة . وبرليوز أراد أن يبرهن للشاعر أن المألة ليست في كون المسيح صالحا أم شريرا .
إنما هي في أن لا وجود للمسيح أساسأ وأن القصص التي تُروى عنه إلا هي أوهام من
تسج الخبال. وأقرب إلى عالم الأساطير منها إلى عالم الحقيقة.
الجدير بالذكر هنا هو أن المحرّر كان إنساناً مثقفاً واسع الاطلاع, ويلك قدرة فن
إسناد أحاديته ودعمها بشهادات قدامى المؤرخين أمثال: فيلون الاسكندرائي الشهير ؛
ويوسف فلافياء العالم الكبير الواسع الثقافة. اللذين لم يأنبا على ذكر المسيح ولو بكلمة
واحدة. وفي الحظة تجلي البراهين الدامغة لمبخائيل الكسندروقتش أعلن. عرضاء, للشاعر.
أنه حتى الإصحاح 44 من إصحاحات تاتسوتيف الشهيرة» الذي يروي موت المسيح؛ ما
هر إل حكاية ملفقة.
الشاعر الذي كان يصغي بانتباه إلى حديث المحرر . اكتفى بأن بّت على المحرّر عبنين
خضراوين» تفيضان حياة؛ وكان ٠ يحرّق؛ من وقت لآخر شائفاً في سه ماء
الأبريكوسوقيا .

و استطرد برليوز:

لم تخلٌ ديانة شرقية من قصّة عذراء نلد إفا مخلصاً. وم يأت المسيحيون بجديد حينا
أو جدوا مسيحاً لم يكن في يوم من الأيام حقيقة واقعيّة.

ودوى صوت برليوز عالياً في الممرّ المقفر . ومع توغله في حديئه العميق» الحديث الذي
لا يجرؤ على التوغل في مجاهله, دون أن يعثر أو تلوى عنقه إلا من أوتي حظًا كبراً في
سعة الاطلاع, قلنا مع توغّل المحرّر في ذلك الحديث, كانت نتسع حلقة معارف الشاعر
فيزداد علياً بالإله المصري أوزيريسء المبارك ابن السماء والأرض . وبالاله الفينيقي تموزء
وبماردوك» وبالإله الرهيب فيتسليبوتسلٍ ٠ الذي أنه الأزبتيكيون في المكسيك ردحاً من
الزمن .

وفي اللحظة التي كان ميخائيل ألكسندر وقتش يقص فيها على مسامع الشاعر كيف صنع
الأزيتيكيون تمثالاً من العجين لإلههم فيتسلييوتسلي. في هذه اللحظة عاد وبان في اكمر
الشخص الذي ظهر أوَّل مرّة, منذ بعض الوقت .

فها بعد. ‏ بصراحة ‏ . وبعد فوات الأوان, قدّمت ٠ مؤسسات مختلفة ؛ تقاريرها عن
هذا الشخص. وهذه التقارير كانت متناقضة بشكل مُثير للدهثة. ففها كُتب في أحداها
أن هذا الانسان كان قصير القامة. أسنانه من ذهب . يعرج من رجله اليمنى . جاء في تقرير
ثان أنه عملاق. وليّس أسنانه بالبلاتين! . وعرجه كان من عيب في رجله اليسرى. وفي
تقرير ثالث مقتضب ذكر أنه كان دون علامات فارقة .

والحق, أله لا بد من الاعتراف . بأنْ كل تلك التقارير. كانت عديمة الفائدة. وغير
جدية. فالرجل لم يكن يَعْرّحٍ على أي رجل. ولم يكن قميئأ قصيراً . ولا عملاقاً جبارا .
وإنما كان طويلاً. أما أسنانه فقد لست من الناحية البسرى بالبلاتين. ومن الناحية اليمنى
بالذهب. يرتدي بزة رمادية غالية الثمن. وينتعل حذاء مستورداً بلون البزّة. وكان ييل
قنع على أذنه في نزق. ويتأبّط عصا سوداء القبضة. لها شكل رأس كلب (يودال). ويدلٌ
مظهره على أنه جاوز الأربعين. فمه ملتو - أو هكذا يبدو - حليق. أسود الشعر, أسود
العين اليُمنى وأخضر العين اليُسرى . أسود الحاجبين. غير أن أحد حاجبيه كان أعلى من
الآخر. خلاصة القول: كان شخصاً غريباً.

أثماء مروره أمام المقعد الذي جلس عليه المحرر والشاعر. حدجه] بنظرة. ومن عم
ترقف وجلس على مقعد جاور . بعيداً عنها مسافة خطوتين.

فكر برليوز : , إنه الماني

وفكر بزدومني: ٠ إنكليزي. ويحه ألا يشعر بحرارة الطقس وهو يلبس قفّازات..

رشق الأجنبي البيوت العالية بنظرة. تلك البيوت التي كانت تحيط بالبرك من كل
جانب . وبدا أنه يرى المكان لأوّل مرّة. واستقرت عيناه على الطوابق العليا وقد نكر على
زجاجها شعاع من شمس المغيب . وهي تدرج ساطعة مبتعدة عن ميخائيل ألكسندروقتش .
بعدها جال نظره على زجاج النوافذ التي بدأت تتسربل بالظلام. ثم افتر فمه عن ضحكة
رقيقة ليّنة. لخاطر ماء زر عينيه. وضع يديه على قبضة العصا وأسند ذقنه إليها .

وأكمل برليوز:

-؛ أصبت يا إيقان وأجدت بوصفك. أو بالأحرى بهجائك . لميلاد المسيح ابن الل إل
أن جوهر القضية هر أن طائفة كاملة من أبناء الله ولدت قبل يسوع. مشل أتيس
الفريكسكي . والحق إِنّه لم يولد أحد من هؤلاء. وكذلك يسوع . وكان الأجدر بك بدلاً
من وصف الميلاد وقدوم الرعيان. تناول تلك المزاعم الخرقاء في طريقة لا تحمل الاعتقاد
بأنَ المسيح ولد حقًا ..

وهنا حاول بزدومني أن يوقف ٠ حزوقة ٠ طالما عذبته فحبس أنفامه . مما جعله ٠ يحرّق ,
بصوت أعلى ويتألّم أكثر. في هذه اللحظة توقّف برليوز عن الكلام, لأنّ الغريب نهض

فجأة من مكانه ومثبى نحو الكاتبين. اللذين صارا يتأملانه يتعجّب. وتكلم بلهجة اجنبيه
دون أن نشوه لكنته كلراته :

أرجو المعذرة لأثني لا أعرفكياء ومع هذا سمحت لنفسي... إن موضوع حديثك]
العلمي على جانب كبير من الأهمية. بحيث انني...

وهنا خلع (البريه) بنهذيب. بحيث لم يبق أمام الصديقين إلا القيام ومبادلته التحية .

رفكر برليوز : , إِنّه فرنسي على الأرجح ٠.

وتساءل بزدومني : ١« بولوني؟ ٠.

ومما يحدر ذكره. أن الغريب ترك أثرا سُفْراً على الشاعر منذ تفرّهه بالكلمات الأولىء
فيا استحوذ على إعجاب برليوز . أو بالأحرى أثار اهتامه .

وسأل الغريب بتهذيب كاد يكون عفويًا :

أتأذنان لي بالجلوس؟

ووسع الصديقان له فجلس بينها بأدب, مم اشترك في الحديث فوراً:

إذا لم أكن مخطتا فكأتني سمعتكا تقولان إن المسيح لم يوجد قط؟

سأل الأجنبي وهو ينظر إلى برليوز بعينه البسرى المتضراء . فأجاب برلبوز بتهذيب:

كلاء لم تخطىء. هذا ما قلت.

فوتتف الأجنبي :

آه. يا له من موضوع طريف!

حينما سمع بزدومني هذه الكلمات» قطب ما بين حاجبيه وفكر : ٠ وما شانه بهذا ؟ 2.

وتلفت الأجنبي إلى اليمين. ووجه السؤال إلى بزدومني:

وأنت موافق على كلام محدئك؟

مئة بالمئة!. اكد الشاعر الذي كان يحب استخدام المجاز والتفنن في التعبير .

- عجيب غريب !.

هتف الطفيل . وتلفّت حوله كلص, ولغاية ما خقّض صوته, الخافت أصلاً . وقال:

- أرجو منكا المعذرة على تطفّلى. ما فهمته. أنْكرا عدا عن ذلك لا تؤمنان باللك؟.
وأردف. وقد بدت في عينيه علامات اهلع : «أقم لكا بأني لن أبوح بهذا السرَ لأحد ٠.

اجاب ير ليوز وقد ارتسمت على وجهه مخايل ابتسامة ساخرة من حذر السائح وخوفه:

أجل . نحن لا نؤمن بالله ... ويمكننا التحدّث في هذا بحرية مطلقة .

واستوى الغريب في جلسته . وأسند ظهره إلى الوراء . وهتف بصوت أقرب ما يكون إلى
الزعيق :

أنتما إذن دهريّان؟

> قأاجاب بزليوز مبتسماً : .
- أجل نحن دهريّان ملحدان.
أما بزدومني ففكّر في غضب: من أين أتانا فرخ الاوز الغريب .
- يا للروعة!...
بهذا هتف الأجنبي العجيب, وهو ينقل نظره بين الأديبين. يتأمّل كل منهها على حدة.
وما لبث برليوز أن قال بلباقة الديبلوماسي ولطفه :
الالحاد في بلادنا لا يُدهش أحدا. وغالبية شعبنا. عن وعي كامل. لم تعد تؤمن
بالخرافات والاساطير الدينيّة عن الرب.
وهنا أتى الأجنبي عملاً غريبا: :بض وشد على يد المحرر المذهول وقال:
- اسمحا لي أن أشكر كرا من أعباق قلبي!.
واستوضح بزدومني. وقد طرفت عينه:
- على أي شيء تشكره؟.
فأجاب الأجني , الغريب الأطوار وهو يرفع إصبعه دالأ على أهمية ما يسمع :
- أشكره على معلومات قيّمة. تهمّنى معرفتها كثيراً كر حالة.
بدا وكأ لهذه الشهادة الحامة تأثيراً كبيراً على المسافر» إذ أله شرع يتأْمّل البيوت هلعا '

فكأنه كان يخشى أن تقع عيناه في كل زاوية على كافر.

وفكر برليوز: لا إنّه ليس انكليزياً ٠.

أما بزدومني ففكّر: «أين تعلّم التحددث باللغة الروسيّة هكذا؟ هذا أطرف ما في
الأمر ! . ثم عاد وعَبس. .

وبعد تفكير مقلق. قال الضيف الغريب:

- اسمحا لي أن أسألكما ما رأيكما في تلك البراهين على وجود القدرة الالهيّة. البراهين
الخمسة المعروفة ؟.

أجاب برليوز آسفاً :

- ويح قلبي! لا قبمة لأي برهان منها. لقد تخطّتها الانسائيّة ووضعتها في أرشيف
النسيان؛ ولا بد أنّكم توافقون على أن لا ظل لدليل على وجود الله تحت شمس العقل .

وهتف الغريب :

- عظم! عظم! إِنّكم تعيدون ما فكّر به وأعلنه العجوز القلق عرانويل كانط. ولكن
أليس غريباً أنه بعدما دحض البراهين الخمسة دحضاً قاطعاً. عاد فاجتهد . وكأنّه يسخر
من نفسه. وجاء ببرهان مسادس.

- «برهان غير مُقنع أيضاه - أجاب المحرر المثقّف مُعترضاً. وارتسمت على وجهه

ابنسامة رقبقة وأكمل : وليس من قبيل المصادفة أن أعلن شيلر : ه إن أقاويل كانط في هذا
الوضوع. لا تقنع سوى العييد فقط .. أما شتراوس فسخر بكل بساطة من تلك البراهين .

قال برليوز هذاء. وفكر في الوقت نفسه: ٠ ومع ذلك من غَناه يكون هذا الرجل ٠
وكيف يحبد التحدّث بالروسية 019

وفجأة. قال إيقان نيقولايقتش:

يستحق ذلك الكائط على براهينه تلك , ثلاث سئوات سجن في سالوفكي.

وهمس برليوز مرتيكا ٠

- إيقان!...

فكرة إرسال كانط إلى سالوفكي لم نُدهش الغريب وحسبء بل صعقته. فهتف وقد
لمعت عينه النضراء اليسرى المثيّتة على برليوز :

أجل! أجل! لا شك في أن له هناك مكاناً لائقأ به كيف لا وقد حلدائته بنفسي
حبنئذ على مائدة الإفطار . قلت له: عفوك يا حضرة البروفسور لقد أنيت بفكرة غير
لائقة, قد تكون ذكيةء إلا أنّها غامضة كثيراً. وميسخرون منك كثيراً .

وجحظت عينا برليوز : على مائدة الافطار. خاطب كانط!؟ . بماذا هرف ويدجل ؟.

وأكمل غريب الديار حديثه مخاطباً الشاعر . دون أن يعر استغراب برليوز أدنى اهقام:

٠ غير أن إرساله إلى سالوفكي, يبدو مستحيلاً . لأنّه يقطن منذ أكثر من مئة عام في
مكان أبعد بكثير من تلك المدينة» وجرّه من هناك مسألة صعبة. بل ومستحيلة,

مكين يستحق الشفقة .

وأنا أشفق عليه. ‏ أكْد الغربب وقد للعت عينه, وما لبث أن أكمل : مسألة واحدة
تهحني . بل ونقلقني, هي أنه لو سلّمنا بمسألة عدم وجود الله. فمن يدبّرء إذن, الحياة
البشرية ويضبط ناموس الأرض؟ .

وسارع بزدومني؛ فأجاب . غاضبا. عن سؤال والحق أنه غير واضح ماما :
الإنسان هو المدير وحده.
- عفواً. ‏ رذ المجهول بلين ‏ لكي يتولّى الانان أمر التدبير , يجب عليه أن يلك
بأ دقيقاً لفترة زمنية معيّنة, اسمحا لي أن أسألكيا: كيف يكون في ومع الانسان أن
يدير , إذا كان عاجزاً عن وضع تصمم لفترة زمنبة قصيرة, تثير » لقصرها ؛ الضحك . فترة
ألف سنة مثلاً! بل إِنَه لا يعرف.حتى ماذا يكسب غداً ؟.. وفعلاً ‎ :‏ وهنا التفت الغريب
إلى برليوز - وأكمل: تصرروا أنّكم أنم مثلاً بدأتم بالتدبير والتصيرف بمصائر الأخرين
وبمصي ري : واستسفتم طعم عملكم هذاء وفجأة إخ... إخ... يظهر ورم خفيف؛ - وأطلق
الأجنبي ضحكة خببئة. كأن ذكر الورم الخبيث شرح له صدره فراح يكرّر هذه الكلمة
الرئانة وقد اغمض عينيه كافر : ورم... أجل ورم... وننتهي حيلذاك فترة إدارتك . ولن
يعود بِيمَّك مصير أحد غير مصيرك. وسيبدأ الأقارب بالكذب. وبعد أن تدرك ما
وصلت إليه حالتك من سوء ستهرع لائذأ بالنطاسيين من الأطباء . وتستنجد بالمشعوذين.
والعرافين. ولن ينفعك هؤلاء جميعا. لا الأؤلين منهم ولا التالين, ولا بدّ نك تعرف هذا .
أما النهاية فأساوية حتا: فذاك الذي افترض من قليل أنه يدبْر العالم بإرادته. تراه جنّة
هامدة. سِْجِيت في تابوت خشي . والذين من حوله يعمدون إلى حرقه بعدما يدركون أن

لا فائدة ُرجى منه. وقد تحدث أمور أسوأ. مئلاً: انسان يتهبأ للسفر إلى كيسلقود سك ؛ -
وغمز الأجنبي بعينه. مشيرأ إلى برليوز ‏ حتى هذه الرحلة التي نبدو مهلة ويسيرة. لا يقدر
أن يقوم بهاء لأنه دون أن يعلم السبب؛ يتزحلق فجأة وبقع نحت عجلات الترام. هل
بإمكانكم القول. بعد هذاء أن الاننان مدبّر نفسه؟ أليس من الأصح التفكير أنْ الذي
يدبّْر هو قُوَةِ ما غير الانسان؟1.

قال الأجني هذا والفجر بضحك غريب.

وأصغى برليوز لبه وأذنيه إلى الحكاية المُكْربة عن الورم والترام . وبدأت الأفكار
المقلقة تعدّبه. وفككر : , الرجل ليس أجنييًا! إلا هو انان غريب الأطوار. فمن عساء
يكون؟2.

التفت المجهول بغتة نحو بزدومني وسأله:

- كبا أرى تريد أن تدخن... أي نوع من السكائر تُفظّل ؟

فسأل الشاعر بوجوم وقد فرغت علبة سكائره:

- وهل عندك سكائر منّعة ؟

وأعاد الغريب:

- أي نوع تفظل؟

فاجاب بزدومني حانقا :


ومسح الغريب من جببه . دون إبطاء , علبة سكائر . وعزم بزدومني على « ماركتنا .
لم ير استغراب الشاعر والمحرّر أمر العثور على ذلك النوع من السكائر في العلبة. بقدر
ما أثارت استغرابها العلبة نفسها. كانت ذات حجم كبير . صيغت من الذهب الخالص»
ورْسم على سطحها مثلّث ماسي بنومّج . حين فتحهاء بنار بيضاء وزرقاء .
واختلف الأديبان بتفكيره| :
فَكّر برليوز : ٠ إن الرجل لا بد غريب.

أمَا بزدومنى فقال في قرارة نفه: ٠ ليخطف الشيطان روحه! من أين أتى ؟ ٠.
ودخن الشاعر وصاحب العلبة . أمّا برليوز فلم يكن من المداخنين.
وشلا برليوز من عزيته وأعلن ما جال في رأسه:
الانسان كائن فان . لا ريب في ذلك. !لما ..-
لكنه ما كاد بتلفّظ بكلراته. حتى بادره الأجنبي بالقرل:
مسألة موت الانسان وفنائه نصف مصيبة. أضا المصيبة فهي أن الموت يدرك
الإنسان. أحباناً.. فجأة. وليس بمقدوره حتى أن يقول ماذا سيفعل آخر يومه ١.
وفكر برليوز : ٠ يا للمسألة التافهة ». ثم ما ليث أن أجاب:
هذه مغالاة! فأنا أعام ماذا سأفعل هذا المساء . وإن كنت أن ذلك تخمينا . هذا إذا
لم تسقط على رأسي آجرة في شارع ( بروثّايا)...
.الرجل المجهول قاطعه برصانة . قائلا :

- لن تسقط على رأسك آجرة. .. كد لك بأنَ الآجر لا يهناد حياتك؟ إِنَّا تنتظرك
منيّة أخرى!.٠.

- ريا تعرفون سبب تلك المنية. فتعلنوه لي. ‏ قال برليوز كلاته بلهجة تهكمية
واضحةء وقد استُدرج إلى الحديث السخيف من حيث لا يعلم.

فرد الغريب :

ه بكل طيبة خاطر .. وتفخص برليوز بنظرة, كأنه هم بأن يفطل له بذلة. وصرٌ
أستانه وتمم : . واحد , اثنان... عطارد في البيت الثاني. .. غاب القمر ... ستة تعاسة...
مساء - سبعة ٠ ثم أعلن بصوت مرتفع بتجلى الفرح بنيراته :

- سيبترون رأسك !..

وحتلق بزدومني بالغريب حانقاً ساخطأ. أمّا برليوز فتكلف ابتسامة خبيثة وسأله:

ومن الذي سيقطع رأمي ؛ الأعداء ؟ أم المرنزقة ؟...

فأجاب الأجنبي :

لا؟. إنها سيّقطع على يد امرأة روسية من ٠ الكمسمول »٠.

إحم!.. . غمغم برليوز وقد كلارته دعابة الرجل الغربيب.

- لكن , أرجو المعذرة منك. فتلك منيّة بعيدة الاحتيال.

- أرجو أن تعذراني أيضاً .. المعذرة مرّة أخرى... هذا ما ميحدث. والآن أريد أن
أسألك : ماذا أنت صائع مساء . إذا كان ما ستفعله ليس مر ؟.

- ليس ثمّة أسرار... الآن سأعرّج على بتي في شارع (السادوقايا). وبعد ذلك؛ في
العاشرة ماءً . مأكون في (الماموليت). حيت سأرأس اجتماعا .

فر الغريب جازماً:
- لاء هذا لن يحدث ,
- لماذا؟
- لأن أنوشكا اشترت زيتاً وسكبته .. . وهذا يعني أن اجتاعكم لن يُعقد .
قال الأجنبي هذا وزر عينيه متأملا السباء . وقد أحسٌ ببرد المساء.
وهنا يهم لماذا ران الصمت تحت أشجار الزيزفون. وبعد فترة من الصمت والتفكير
بخطل الأجني السخيف. قال برليوز :
- أرجوك! مل قلت لي ما علاقة زيت عبّاد الشمس بمرتي. ومن هي أنوشكا تلك ؟
وفجأة تكلم بزدومني وكأنّه أراد أن يُعلنها حرباً شعواء على هذا المتحدّث المتطفّل :
- أنا أقول لكم ما علاقة زيت عيّاد الشمس بكل هذاء أيها المواطن ألم نَزْر مصمّات
الأمراض العقلية ؟.
وصاح ميخائيل ألكندروقتش بصوت خافت:
- إيشان!...
لكن الأجنبي لم ينزعج أبدا. وضحك ملء فمه مسروراًء وهتف دون أن يُحول عبنيه
الضاحكتين عن الشاعر :
- زرث تلك المصحّات مراراً... وأي مكان في العام م أزره؟!.. إن أنا آسف لأتني لم
أجد الوقت الكافي لأسأل البروفسور عن ( الشيزوفرانيا), والتي ستعرف عنها منه بنفسك يا
إبقان نيقولايقتش!.
- وكيف عرفت إسمي ؟ ومن أين ؟.
- خذني بحلمك يا إيقان نيقولايفتش ... نك أشهر من أن تُعرّف!.
وهنا أخرج الأجنبي من جيب بنطاله العدد المسائي من جريدة ( ليتراتورنايا غازيتا ) »
ورأى إيقان نيقولايقتش على الصفحة الأولى صورته» وتحت الصورة أشعاره.
المجد الذي أفرح قلب الشاعر البارحةء لم يرّه عصر هذا البوم . فقال وقد اسودٌ لون
وجهه : .

- أعتذر منكم. هل بامكانكم الانتظار دقبقة ؟ ريثها أسرّ لرفبقي بكلمتين؟.
فاجاب الغريب:
- أننظر بكل سرور أنتظر! فالجلسة تحت أشجار الزيزفون مائعة. مع إنِي لست على
عجلة من امري .
وهمس الشاعر في أذن برليوز. بعدما انتحى به جاتباً:
- ما أريد قوله يا ميشاء هو أن هذا الرجل ليس بائح. وإِنَا هو جاسوس. إِنَّه روسى

أبيض مغترب تسلل إلينا . أطلب منه وثالقه. قبل أن بيرب!.
أنظن؟ هَمَسن برليوز جزعاً. وفك : لا شلك في أنه على حق!. .
صلقني - أجاب الشاعر موشوثئاً رفيقه بصوت أجش وأردف: إنه يتحامق لبسأل
عنا يريد . ألا تسمعه كيف بتكلّم الروسيّة!. لتعمل من أجل إلقاء الفيض عليه . ثبل إن
يفلت من بين أيدينا ! .
قال الشاعر هذا ونظر زرا خوفاً من أن ير كن الغريب إلى الفرار . ثم أخد بيد برليوز

إلى المقعد .

كان الغريب يقف قرب المقعد : وهو يُمسك كنبا ذا غلاف رمادي غامق, ومغلفاً
سميكاً من أجود أنواع الورق: وبطاقة. وبادرهم| بلهجة حازمة؛ وهو يرشقه| بنظرات
ثاقبة :

أعتذر منكبا. وقد أنساني وطيس الجدل الحامي أن أعرّفكها عن نفسبي , إليكرا بطاققي
وجواز سفري . والدعوة التي نلقينها للمجيء إلى موسكو بصفة مستشار .

وأسنقط في أيدي الأديبين.

وفكر برليوز : , لبر الشيطان, لقد سمع كل ثبيء ».مم أنى حركة لطيفة : أن لا داع
لابراز الوثائق .

وبينا كان الغريب منهمكاً في عرض وثائقه على المحرّرء كان الشاعر قد رأى كلمة
' بروفسور ٠ مكتوبة عل البطاقة بأحرف أجنبية؛ والحرف الأوّل من اسم العائلة ٠ ف »
مكرراً.

وتنم الحرر مرتبكاً:

- سررنا بمعر فتك .

وأخفى الغريب الوثائق في جيبه, وعادت العلاقات طبيعية. وجلس الثلاثة من جديد
على المقعد .

وسأل برليوز:

إذن أنت مدعو إلينا يا حفرة البروفسور بصفة مستشار .

أجل . بصفة مستشار .

واستوضح بزدومي:

أنتم من التابعية الألمانية ؟.

أنا؟ تساءل البروفسور . وبعد فترة ثفكير قصيرة أجاب:

-الماني نعم

-تتكلم الروسية بطلاقة

- أه على وجه العموم. إنني عالم لغات, وأعرف الكثير ملها .

ومأل برليوز:

ما اختصاصكم ؟

اختصاصي بالسخر الأسود .

٠ أبة بلنة هذه .. رنت في رأس ميخائيل الكسندروقتش. وال مُلمْحا:

- ودعو إلينا حسب اختصاصكم؟

- نعم دعوني حسب اختصاصي . لقد عاروا في المكتية الحكومية على محطرطات أصلة
لكناب (غربرت أقريلاكسكي ) الأسود من القرن العاشر . وقد طُلب مي النظر في
المخطوطات . فأنا الاختصاصي الوحيد في العالم.

وسأل برلبوز بكثبر من الاحترام والارتياح :

أه!. انت مؤرّخ إذن؟؟.

- أجل أنا مؤرّخ. - أكد العالم. وأردف بكليات لا تناسب المقال. أنت في غير زمانيا
ومكاءبا: سنحدث مساءً واقعة غريبة عند يرك ( المطرير كّة) .

ومن جدبد عقدت الدهشة لساني المحرر والشاعر.

وأومأ البروفسور إلى الاثنين. مشيراً بأن يدنوا منه فلمًا فعلا عمس :

- يحب أن ندخلا في حسابكيا . أن وجود المسيح حقيقة لا ريب فيها .

فأجاب برليوز متكلفاً ابتسامة:

- نحن نحترم معرفتك الوامعة الشاملة. أيها البووفور. غير أَنْ لنا رأياً آخر في هذا
الموضوع وتدمسك به.

فأجاب البروفسور الغريب الأطوار:

للاداع للآراء الأخرى . وجود بسوع حقيقة حقة.

وسأل برليوز :

- لكن لا بد من برهان ما؟.

- لا ضرورة لأي برهان ‏ أجاب البروفسور بصوت خفيض : - واختفت . لسبب ما
لهجته الاجنبية . وأضاف:
- ببساطة : في الرداء الأبيضي ...

___________________________________________________________________________________________________________________________________-

هذا ينتهي الفصل في الرواية

الفصل كان متعب جدا

اعتذر مجددا على الاخطاء الاملائية لكني اعرف انها خطأ لكن ليس بيدي حيلة لاني لو ركزت على التصحيح سوف يأخذ اكثر من ما هو يحتاج وقت طويل اصلا

من يستطيع المساعدة في الترجمة سوف اكون ممتن له







2019/06/25 · 456 مشاهدة · 3818 كلمة
Paranormal
نادي الروايات - 2024