الفصل الحادي عشر: طريق الاستنارة

====

مدينة كيني، عام 1357، يوم الجمعة.

مرّ أسبوع كامل حتى جاء يوم الجمعة، يوم الاجتماعات للطبقة الوسطى. أقامت العديد من العائلات لقاءات مع أصدقائهم ومعارفهم. البعض لم يشارك في تلك الاجتماعات، فقد كانت لديهم أمور أخرى تشغلهم مثل الدراسة للتحضير للامتحانات أو القيام بعمل إضافي أو حتى الذهاب في رحلة مع العائلة.

هذه كانت الأمور الطبيعية، ولكن ريفان لم يذهب للاجتماع مع أصدقائه.

لماذا؟

اليوم هو اليوم الذي سيصبح فيه مستنيرًا.

"اليوم سأصبح مستنيرًا"، فكر ريفان بينما يفتح باب منزله.

لقد كسب مائة عملة ذهبية من بيع بعض المعلومات عن المستنيرين بطريقة لن تجلب له الأذى. وبهذه الطريقة، قام بسداد ديونه لأصدقائه. شعر ريفان بالراحة أخيرًا، لم يعد مديونًا، واليوم سيصبح من أصحاب القوى الخارقة.

خرج من المنزل، واستقل عربة وهو يتجه إلى كشك العرافة.

أثناء الطريق، نظر ريفان إلى المشهد من نافذة العربة. لم يكن هناك الكثير من الناس في الشارع، وكان من النادر وجود متجر لم يغلق في يوم الجمعة مثل كشك العرافة.

بعد فترة، وصل ريفان إلى وجهته ووجد السيدة في مكتب الاستقبال.

انحنى بأدب وحيا السيدة، فردت عليه بنفس التحية. كان تبادل الانحناءات علامة على الاحترام في المجتمع الراقي.

سأل ريفان: "صباح الخير، أين السيدة دالي؟"

أجابت السيدة: "أوه، السيد ريفان، أخبرتني السيدة دالي بأنها تنتظرك، ولم تقبل أي عمل اليوم."

أومأ ريفان برأسه، واتجه بخطوات مألوفة نحو غرفة العرافة.

طرق على الباب، وسرعان ما جاء صوت دالي من الداخل: "ادخل."

دخل ريفان إلى الغرفة، والتي لم تتغير كثيرًا، سوى أن الطاولة قد أُزيلت واستبدلت بقماش أبيض مربع الشكل.

رغم معرفته بأن دالي تملك قدرة على التنبؤ بالمصير، ما زال متفاجئًا برؤيتها تعرف موعد قدومه بدقة.

كانت دالي تجلس في أحد الزوايا على كرسي، وعندما وقفت، حدقت في ريفان بعينيها الأرجوانيتين.

نظر إليها ريفان لبضع دقائق. في الحقيقة، كانت دالي جميلة للغاية، وعيناها تضفيان هالة ساحرة عليها. كانت لها تفاصيل مميزة مثل شعرها الأسود الكثيف والرمز المرسوم على خصرها. لم يستطع ريفان إنكار جمالها، ولكن كان يشعر بالخوف منها في نفس الوقت. كان هذا شعورًا طبيعيًا لشخص عادي أمام مستنير!

قالت دالي بعد لحظات من التحديق في ريفان: "لن يكون الأمر سهلاً، لكن نسبة النجاح مرتفعة. في النهاية، يعتمد الأمر عليك."

كان من الواضح أن دالي تحاول قراءة مستقبل ريفان.

أجاب ريفان بثقة: "أنا مستعد."

"حسنًا، اجلس هنا."

جلس ريفان متربع الساقين على القماش الأبيض.

بدأت دالي بالشرح: "هناك ثلاث خطوات يجب عليك اتباعها لتتقدم إلى تسلسل المتمكن. أولاً، عليك قراءة تعويذة المتمكن وفهم معناها. سيكون الأمر صعبًا على عقلك، ولكن لا تقلق، سأساعدك. ثانيًا، عليك امتصاص الطاقة الروحية من المكونات. وأخيرًا، يجب أن تحقق الاستنارة. لا تقلق، فقط افعل ما أقول."

شعر ريفان ببعض الارتياح بفضل ثقة دالي التي جعلته يشعر وكأنها شقيقته الكبرى التي تحميه.

"عندما تنتهي من الخطوات الثلاث، يأتي دورك. يمكنني مساعدتك في هذه الخطوات، لكن فيما بعد عليك الاعتماد على نفسك لختم الشارة على جسدك."

كان ريفان يعرف مفهوم ختم الشارة. الشارة هي النقطة التي تتجمع فيها الطاقة الروحية. إذا انتشرت الطاقة الروحية في الجسم دون قيود، ستتسبب في الجنون وتحول الإنسان إلى وحش روحي. كانت طريقة ختم الشارة اكتشافًا هامًا قام به أسلاف البشر بعد محاولات عديدة، مما جعل عملية الاستنارة أكثر أمانًا.

لكن رغم ذلك، لم تكن الطريقة خالية من المخاطر. نسبة النجاح كانت خمسين في المائة، وهي نسبة ليست بقليلة.

أخذ ريفان نفسًا عميقًا وبدأ في قراءة التعويذة.

لكن!

لم يستطع قراءة شيء!

أصبح مرتبكًا ومتوتراً. كانت التعويذة مكتوبة على جلد ماعز أمامه، لكنه لم يفهم أي كلمة.

'ما هذا؟'

لم يعرف ريفان ماذا يفعل.

في تلك اللحظة، جاء صوت دالي في عقله: "لا تقلق، هذا طبيعي. هذه التعويذة كُتبت باستخدام الطاقة الروحية، ولن تفهمها بالطريقة التقليدية."

'إذن، ماذا أفعل؟' تساءل ريفان في داخله.

بدأ يشعر بالتوتر. كانت فكرة وجود صوت دالي في عقله غير مريحة له، وكان يخشى أن تقدر على قراءة أفكاره أو التلاعب بعقله. لكن سرعان ما تماسك وركّز. الآن الأهم هو النجاح في التقدم.

قال صوت دالي مرة أخرى: "لكي تفهم هذه التعويذة، عليك فك شفرتها ومحاولة فهمها، ولكن لا تقلق، سأساعدك وستتمكن من استيعابها تلقائيًا."

شعر ريفان بحرارة تتصاعد من جسده، وكل مساماته انفتحت.

لكن سرعان ما هدأ الشعور. نظر إلى التعويذة مرة أخرى، وفهمها.

بدأت المعلومات تتدفق إلى عقله.

"عليك الآن الهدوء"، قالت دالي. "لقد استوعب عقلك التعويذة، لكن هذه فقط الخطوة الأولى."

كان العرق يغمر جبين ريفان، وجسده يعتريه التعب.

وضعت دالي صحنًا معدنيًا أمامه، يتوهج بالألوان الحمراء والبيضاء.

في هذه اللحظة، كان ريفان يشعر بألم كبير في رأسه وتعب شديد.

'يجب أن أتحمل. هذه فقط الخطوة الأولى. يجب أن أصبح أقوى لأكشف سر حلمي. لماذا أنا؟ لماذا أرى هذا الحلم؟'

بدأ ريفان يضغط على أسنانه بينما تضيق عيناه. لم يكن هذا مجرد حلم بالنسبة له. كان شيئًا دمّر حياته.

عندما بدأ يرى هذا الحلم، كان عمره أربعة عشر عامًا. شاهد في هذا الحلم جثثًا مقطعة بسيف طويل، وأذرع وأرجل متناثرة في كل مكان. كان هناك فارس أسود ضخم يغمر المشهد برائحة الدم.

لقد كان مروعًا!

في الواقع، حاول ريفان الانتحار، لكن عائلته اكتشفته وفشل في المحاولة.

بعد ذلك اليوم، عاش كجثة حية. في كل نهاية أسبوع، يرى حمام دماء، بينما يلعب أقرانه. قضى سنوات يحاول التخلص من هذا الحلم، لكنه لم ينجح.

'هذه اللعنة... لن أتحرر منها إلا أنا.'

بينما كان يعاني للحفاظ على وعيه، جاء صوت دالي مرة أخرى: "حان وقت الخطوة الثانية. سأساعدك في امتصاص الطاقة الروحية، لكن عليك المثابرة."

فعل ريفان ما قالته، رغم أنه كان مرهقًا عقليًا.

لكنه فشل في المرة الأولى في تجميع الأضواء الروحية.

غرق قلب ريفان...

2025/02/04 · 6 مشاهدة · 879 كلمة
Geroo”boy
نادي الروايات - 2025