الفصل - 16 : مواجهة : خيوط القدر
---
ما زال ريفان يجوب الأرجاء متحفظًا على خطواته ومترقبًا لحظة ظهور الخطر.
كانت أفكاره مشتعلة: "لقد مرت ساعتان ولم يظهر أي إحساس بالخطر مرة أخرى. هل كان هذا الشعور مجرد وهم؟"
لم يعرف ريفان ماذا يفعل، فلم يكتسب خبرة في مثل هذه الأمور. مثل أي صبي آخر في عمره، كان مرتبكًا وخائفًا، لكن ريفان كان لديه نضج عالٍ وحالة عقلية مرتفعة. لهذا لم يكن مرتبكًا، وقرر القيام بالأمر بأكثر طريقة آمنة، وهي التجول في الأماكن العامة!
لكن كان لا يزال لديه شعور بالخوف. كان الخوف يعتريه، خوف من إصابة عائلته بأي مكروه، أو أصدقائه، أو أي شخص مقرب له.
"لقد قطعت عهدًا مع نفسي ألا أدخل عائلتي في هذه الأمور الخطيرة."
كان الثقل على قلبه كبيرًا الآن. لم يعد شابًا عاديًا يعيش مثل باقي الشباب، بل أصبح الآن مثقلًا بأرواح الناس من حوله.
"أوه ريفان، ماذا تفعل هنا؟" في هذا الوقت، سمع ريفان صوتًا مألوفًا. عندما نظر إلى مصدر الصوت، وجد أحد أقرب أصدقائه "لينا".
"لينا، مرحبًا. ماذا تفعلين هنا؟" كان متفاجئًا ومرتبكًا من ظهور لينا المفاجئ.
"لقد أتيت مع أبي لأرى كيف ينقلون علب التونة، لكن الأمر كان مملًا، لذا خرجت للمشي قليلاً." كانت الميناء قريبة من موقع تواجد ريفان. وهناك كانت الأعمال مزدهرة، حيث كان والد لينا صاحب مصنع لبيع الأسماك.
"أنا أيضًا كنت أتجول قليلاً." لم يكن ريفان يريد الكذب عليها، لكنه لم يكن لديه ما يفعله.
"حقًا...؟" ضاقت عينا لينا بينما كانت تحدق به بشك.
فكر ريفان: "حدث الأمر مرة أخرى." بينما ابتسم على السطح، قال: "بالتأكيد، لقد خرجت عائلتي من المنزل اليوم ولم يبقى سواي، لذا قررت التجول قليلاً."
يبدو أن لينا صدقت الأمر: "حقًا.. حسنًا، دعني نتجول سويًا." قالت وهي تشد ريفان من يده ويتجهان نحو الميناء.
تفاجأ ريفان، لكنه لم يستطع المقاومة، فقد ذهب مع التيار.
...
في مكان آخر في الميناء، كان هناك رجلان يجلسان داخل مقهى.
قال أحدهم للآخر: "هل الهدف موجود هنا حقًا؟"
رد الرجل الآخر: "نعم، هذا هو ما تنبأ به ذلك الشخص."
"ها، إنه شخص غريب حقًا... من كان يظن أن القطعة الأثرية التي سُرقت ستعود للظهور مرة أخرى؟"
"هل اكتشفوا من سرقها؟"
"لا، لكن العرافة تقول إن القطعة الأثرية موجودة مع شخص غير السارق الأصلي... تنهد... هذا غريب حقًا."
"نعم، كل شيء غريب في عالمنا."
ضحك الرجلان وبدآ في شرب القهوة وتفقد المكان.
...
كان ريفان يجوب الأرجاء مع لينا. كانت منطقة الميناء معروفة بمحلات الأسماك، وخاصة حلوى الأسماك.
قال ريفان وهو يأكل حلوى السمك التي كانت على شكل سمكة باللون الأزرق: "يبدو أنكِ تأتين إلى هنا كثيرًا."
وجدت لينا مقعدًا وجلست عليه وهي تنظر إلى ريفان: "نعم، أتيت إلى هنا عندما أنتهي من الدراسة، لكن يبدو أنك تغيرت... هممم." ضاقت عينا لينا وهي تحلل ريفان.
"أه... هذا... لا، فقط أمارس بعض الرياضة." كان ريفان محرجًا وكذب كذبة بيضاء في النهاية.
"حقًا... أظن أنني يجب أن أمارس الرياضة أيضًا." كانت تقول هذا وهي تنظر إلى جسدها، ويبدو أنها زادت في الوزن.
كانت محادثتهما طبيعية وممتعة، شعر ريفان بالارتياح وخف توتره قليلاً. نتيجة لذلك، بدأ يفكر بوضوح أكثر.
فكر ريفان: "هناك سبب منطقي للخطر، وهو أن هؤلاء الرجال عرفوا أنني سرقت الشارة ويريدون استعادتها. إذا كان الأمر كذلك... يمكنني أن أعطيها لهم فقط."
لكن هل سينتهي الأمر حقًا هكذا؟ هل سيتركوني حقًا؟
كان ريفان يصارع أفكاره حتى تحدثت لينا: "شعرت أن صديقتي تعاني من مشكلة ما."
أجاب ريفان من باب التقدم في الحوار بينما كان يفكر في شيء آخر.
لكن ما قالته لينا جعله يركز معها أكثر: "شعرت أنها متغيرة قليلاً... حيث بدأت ترتدي ملابس سوداء بكثرة ولا تحب الجلوس في الشمس وتتحدث إلى نفسها قليلاً."
قال ريفان: "ماذا كانت تقول وهي تتحدث مع نفسها؟"
ردت لينا: "كانت تقول (الشمس سوداء، الشمس سوداء، موت، موت، موت للشمس)، هذا ما كانت تقوله تقريبًا."
ركز ريفان لدقيقة قبل أن يقول: "يمكن أنها تمزح معكم."
صمتت لينا، ويبدو أنها كانت تتوقع أن لا يصدقها ريفان: "ربما..."
لكن ريفان من داخله كان يعلم أن الأمر لم يكن بسيطًا، لكنه كان يملك مشكلات تكفيه.
بينما كان ريفان يجلس ويستمتع بمشروب ساخن في المقهى، فجأة راودته أحاسيس عديدة. لم يفهم معناها، لكنه شعر بالخوف ومرًة بالحماس، لم يفهم ماذا يفعل. كانت الأحاسيس تتقلب داخل قلبه وعقله.
الأمر يبدو وكأنه في محيط شاسع، لا يرى أي اليابسة بالقرب منه، والأمواج تقذف به من اتجاه إلى آخر. فجأة شعر بالحزن، حزن شديد، حزن فراق الأحباء. لم يفهم ريفان شيئًا... لكنه فهم كل شيء الآن عندما رأى هذا المشهد.
فجأة، بينما كان ريفان يجلس وينظر إلى لينا بعين تنهار منها الدموع، رأت لينا هذا وكانت على وشك سؤاله عما حل به. إلا أن صوتًا مثل [bang] أتى من الخلف، ليست ثوانٍ قبل أن تدرك لينا أنه تم اختراق رأسها برصاصة من الخلف.
كانت هذه آخر كلمات قالتها وهي تنظر إلى ريفان: "انقذني"، ولكن بعد هذه الجملة فقدت الحياة.
ما زال ريفان جالسًا ينظر إلى هذا المشهد. كانت عينه مفتوحة على مصراعيها، ويبدو أن بؤبؤه كبر لدرجة أن عينه أصبحت باللون الأسود تقريبًا. أصبحت أفكاره ثابتة الآن، مثل هدوء المحيط بعد عاصفة كبيرة.
بدأ ريفان في سماع أفكار غريبة داخل رأسه. لقد تجاهلها، لكنه لم ينتبه أن الشارة التي في جيبه كانت تنير قليلاً.
الآن كان اهتمام ريفان مركّزًا على كل هذا، على حامل المسدس. كان يبدو طويل القامة، ذو ذقن كبير، يرتدي جاكيتًا أسود كبيرًا مع قبعة طويلة.
بدأ الرجل يضحك: "هههه، لقد أخطأت الهدف، لا بأس، لن يضر قتل شخص إضافي."
هذا ما قاله، لكنه زاد من رغبة ريفان في قتله أكثر.
بالطبع، بدأ الناس في الصراخ والهروب من المقهى. عندما خرج الجميع من المقهى، تبقى ريفان والقاتل.
"من أنت؟" سأل ريفان وهو في نفس وضعه.
"أنا؟ يسمونني بـ [فرانكو]، أما لماذا أنا هنا فأتيت لأرجع ما أخذته."
رتب ريفان أفكاره وعرف أنه كان يتحدث عن الشارة: "كنت سأعطيها لك إذا سألت، لكن الآن... أريد قتلك وكل من معك."
أصبحت عين فرانكو لونها أحمر وزادت الهالة من حوله بينما أصبح فرانكو حذرًا أكثر.
أمسك ريفان بمنديل على الطاولة وأطلقه على شكل رصاصة على فرانكو. تجنبها فرانكو بصعوبة، لكنه تفاجأ أيضًا: "واو، أنت مستيقظ حقًا، لكن تسلسلك ضعيف! هممم، يبدو أنك من مسار السيف، ههه، هذا يجعل الأمر مثيرًا للاهتمام."
كانت الحرارة تلمع في عين فرانكو. أمسك بمسدسه وهو يطلق على ريفان في المقهى.
بالطبع، هرب الجميع من المقهى، كان الناس خائفين، كانوا يركضون في ذعر كبير.
كان ريفان يتفادى طلقات الرصاص باستخدام مرونته العالية.
"هههه، لا تهرب هكذا، فقط مثل الجبناء، تعال واجهني!" كان يبتسم بشكل مخيف وهو يقول هذا، تحولت عينه وهو يطلق الرصاص بشكل عشوائي على مكان تواجد ريفان.
اختبأ ريفان خلف طاولة وبدأ يفكر في طريقة للهروب: "كل هذا بسببي، لقد ماتت لينا والأبرياء بسبب هذا الشيء." أمسك ريفان الشارة في يده وهو يرتجف من موقفه.
فجأة اخترقت رصاصة كتف ريفان: "كخخهه!" صرخ ريفان من الألم. ابتسم له فرانكو وهو يقول: "دادي دادي بيبي، أين ستذهب؟"
وقف ريفان وهو ينظر في عين فرانكو بشراسة.
"أوه، هذه نظرة رائعة التي في عينيك، أظن أنني سأتركك حيًا لفترة من الوقت حتى أقتل كل أحبائك أمامك، لنرى كيف ستكون رد فعلك."
قشعريرة نزلت على العمود الفقري لريفان عندما سمع هذا. بدأ يشعر بالخوف الشديد، خوف لا متناهٍ، وكأنه يخسر عائلته كلها أمامه الآن.
لكنه تمالك نفسه، كانت لدى ريفان قدرة عقلية مرعبة، وباستخدامها استطاع أن يهدئ من نفسه قليلًا وبدأ يتحدث.
"ألا تريد هذا الشعار؟ خذه ولا تمس عائلتي بسوء." قالها ريفان وهو يحمل الشعار بيده.
ضحك فرانكو: "هههه، لا لا، هكذا ليس ممتعًا."
عرف ريفان أن هناك خيارًا واحدًا فقط أمامه، وهو قتل هذا السفاح الذي أمامه ليُنقذ عائلته. لكن كيف؟ كانت هناك طريقة واضحة، وهي استخدام
"زيز الخريف".
لكنها خطيرة جدًا الآن، بسبب أن معظم قوتي الروحية استنزفت. إذا استخدمتها الآن، سيتم التضحية بنفسي.
لكن إذا كان الأمر يتطلب هذا، إذًا...
أصبحت نظرة ريفان غامقة أكثر.
"ها انظر إليك الآن، هذا أفضل، يبدو أنك استسلمت لي مصيرك."
"نعم... إذا كان مصيري الموت، سأخذك معي." قال ريفان هذا، وبدأت قوته الروحية تزداد بشكل مهول. قوة عظيمة ملأت المكان. أصبحت الهالة القمعية شديدة جدًا حتى أن فرانكو أذهل من هذا.
"هذا... هذا... لا، مستحيل، كيف لك الحصول على شيء كهذا... من أنت بالضبط؟" كان فرانكو في حالة ذهول تام الآن.
قال ريفان شيئًا بصوت منخفض لكن يمكن سماع صوته يرن في المقهى كله.
كان صوت ريفان هادئًا، وظهرت من حوله أنوار ذهبية تدور حوله. كان يبدو مثل إنسان من نور يخلص العالم من كل الشرور.
كان يتلو كلماته وكأن العالم كله ينصت له:
مشاعر عميقة في ليلة خريفية
البكاء يبلي العينين
ويحطم القلب تمامًا
أخشى أن بعد ذلك الشفق
سيحل ظلام الليل
الأسوأ، أنني أتحمل مطرًا رقيقًا
في ليلة خريفية جديدة
وليس بصحبتي غير بقعة ضوء لمصباح يحتضر
مع امتداد الليل الطويل.
تسلق برج في يوم خريفي
الظلال المتناثرة من أشجار الظل
تلعب في ضوء المساء.
زيز الحصاد تحتضر وتأز باردة
وأنا كئيبة ولا أستطيع تحمل الإصغاء
من أعلى جبال الخريف
حتى نهاية مد البصر
إلى العيون المترعة
بالاخضرار طبقة فوق طبقة
محدقة في البعيد في مساء يوم خريفي
في ضباب كثيف يصعب تمييز
تلال منطقة مختلفة.
إنها تشبه سربًا من النوارس
يستحم على ضفة رملية بعيدة.
بقعة
من شراع المسافرين تتأرجح
حيث صفوف من الغيوم والشمس الحمراء
تلعب بالبرد اللامع.
مطر مدرار في منتصف الخريف
أوراق متجمعة
باردة وتتطاير على العتبات
غيوم بلا حراك
تحجب أفق البحر
ومن الأعلى أجهد عيني
لرؤية حلكة السماء
تقطع أغنية قلبي
وظلت تعيد الحزن
صعب النسيان.
وقت لم الشمل لم يتفق عليه بعد
حول الأفاريز الأربعة
مطر مدرار ينهمر
وأنا ما زلت صامتًا
أجلس في هذا المكتب الفارغ.
...
في الواقع، لم يتحرك فم ريفان أبدًا، لقد خرج صوته من العدم وبدأ ينتشر مع قصيدة من روحية خيالية تنشر النور في الأفق. كانت الشارة في جيب ريفان تنير وتومض مع كل كلمة، ويبدو أنها بدأت في الذوبان.
فتح ريفان عينيه ببطء ليُري كل شيء جامدًا حوله وكأن الزمن توقف في جميع العالم من أجله.
لقد كان لديه إحساس غريب في مثل هذا الوقت، شعر ببرودة غريبة، نعم، لقد تجمد العالم لدرجة أنه شعر بالبرودة من حوله.
نظر إلى الأسفل في أحد أركان المقهى، كانت جثة لينا ملقاة على الأرض... هذه المرة، عندما نظر إليها، لم يشعر بالحزن أو الغضب... لقد شعر ببرودة لا توصف... أعاد النظر إلى السفاح من الجانب الآخر. كان السفاح يجلس على الأرض وينظر إلى ريفان في حالة ذهول.
كان هذا المشهد غريبًا حقًا!
المقاعد والطاولات تدمرت داخل المقهى في أحد شوارع الميناء، وهناك جثة فتاة، يبدو أن جمجمة الفتاة تم اختراقها برصاصة، وكان هناك القاتل يحمل في يده المسدس، وبين كل هذه الفوضى وقف فتى ذو شعر أسود كثيف، وعينان نصف مغلقتين وبؤبؤ أسود كاحل السواد... كانت تلف الصبي شرائط ذهبية مثل الكرة.
ألا تبدو هذه مثل لوحة جميلة؟
وهكذا اقترب ريفان من القاتل وأمسك ورقة من الأرض ووضعها في عنق القاتل...
نظر ريفان إلى هذا المشهد وبدأ في إغلاق عينيه واختفى في الهواء!
---