استفاق ريفان من نومه مفزوعًا، قلبه ينبض بسرعة كأنه كان يركض في سباق. كانت عينيه مفتوحتين على مصراعيها، وكان الهواء البارد يتخلل رئتيه بسرعة، بينما كان يشعر بقشعريرة في جسده. خفق قلبه بعنف، وعقله ما زال مشوشًا، كأن صرخات مكتومة تتردد في أذنه. ألقى نظرة متوترة على الغرفة حوله، متأملًا بقع الضوء المتناثرة التي كانت تتسلل من النوافذ، بينما يتلاشى الصوت المرعب الذي كان يملأ أذنه أثناء الكابوس

."ها... ها... ها... ها..."

فتح عينيه بعنف، يلتقط أنفاسه بصعوبة. "هذا الكابوس... مرة أخرى."

في تلك الليلة العاصفة، ملأ صوت الرعد أرجاء الغرفة بينما تتساقط قطرات المطر الثقيلة على النوافذ. جلس

ريفان

على سريره، جبينه مغطى بالعرق البارد. تنفس بعمق محاولًا تهدئة ضربات قلبه المتسارعة.

"ما هذا الكابوس اللعين الذي لا يرحل؟"

تمتم وهو يحدق في السقف المظلم.

تسللت أشعة البرق من خلال الستائر، لتضيء ظلام الغرفة للحظات. وقف ببطء واتجه نحو النافذة. السماء كانت ملبدة بالغيوم، وكأنها تعكس اضطراب روحه.

"سنتان مضت، ومع ذلك... لا زال هذا الكابوس يلاحقني. يظهر دائمًا مع اكتمال القمر."

نظر إلى القمر المكتمل خلف الغيوم، ضوءه الخافت يبدو كأنه يتحداه.

"في كل مرة... نفس الفارس... نفس الدماء... ونفس الموت."

في الكابوس، كان يرى فارسًا يرتدي درعًا أسود، ملوحًا بسيفه العملاق، يقطع ويقتل بلا رحمة. مشهد الدماء المتناثرة كان واقعيًا لدرجة أن ريفان شعر وكأنه عاشه شخصيًا.

"أتذكر أول مرة رأيت هذا الكابوس..."

قال بصوت منخفض، وهو يتذكر لحظة استيقاظه في ذعر، معدته تتقلب وكأنه فقد السيطرة على جسده بالكامل.

جلس على حافة السرير، عيناه متوهجتان بالأسئلة التي لم يجد لها إجابة.

"من هذا الفارس؟ ولماذا يبدو الحلم حقيقيًا لدرجة تجعله يعلق في ذهني؟"

.

لقد حاول مرارًا البحث عن تفسيرات، لجأ إلى أطباء ومعالجين، لكن لا أحد استطاع تقديم إجابة تُطفئ قلقه.

"لقد اعتدت على الأمر الآن... لدرجة أنني ربما سأشعر بالغرابة إذا لم يظهر الكابوس هذه الليلة."

تنهد وعاد إلى سريره. وبينما استلقى وأغلق عينيه، لم يعد الكابوس. عندما استيقظ صباحًا، كانت أشعة الشمس الدافئة تتسرب من بين الستائر الثقيلة.

بعد ارتداء ملابسه اليومية، نزل إلى الطابق السفلي. عائلته كانت تجلس حول طاولة الإفطار، وجوههم مسترخية وكأن شيئًا لم يكن.

"صباح الخير، ريفان. هل نمت جيدًا؟"

سألته

ميليسا

، أخته الصغيرة، بعينيها اللامعتين.

"نعم، رغم أنني حلمت بالكابوس مجددًا."

ردّ ريفان بلامبالاة، وكأنه يتحدث عن أمر معتاد.

نظرت إليه والدته بقلق واضح:

"الكابوس نفسه؟"

"نعم، لكن لم يعد مزعجًا كما كان."

قال وهو يلتقط قطعة خبز، يحاول تجاهل التوتر الذي بدأ يتسلل إلى الجو.

"ذلك الفارس مرة أخرى؟"

سأل

أنطونيو

، أخوه الأكبر، دون أن يرفع عينيه عن الجريدة.

"بالضبط."

أجاب ريفان وهو يمضغ بهدوء، متجنبًا النظرات الفضولية من بقية أفراد العائلة.

التفتت

ميليسا

نحو والدها، قائلة:

"أبي، ألم ترَ فارسًا عندما كنت في الجيش؟"

رفع

فالت

عينيه ببطء، وهو يمسك بكوب القهوة.

"لم أرَ فارسًا بنفسي، لكنني سمعت قصصًا."

كان فالت قد تقاعد من الجيش منذ خمس سنوات، لكن ذكريات الحرب ما زالت محفورة في عقله.

"حقًا؟"

كان هذا أول اهتمام حقيقي يظهره ريفان منذ بداية المحادثة.

ابتسم فالت قليلاً وقال:

"نعم، أحد أصدقائي في النادي أخبرني عن فارس خلال الحرب الثانية. رجل طويل القامة، يرتدي درعًا أسود ويحمل سيفًا عملاقًا. يقولون إنه كان وحشًا في ساحة المعركة."

تجمد ريفان في مكانه.

"درع أسود؟"

كانت الكلمات تتردد في ذهنه.

"نعم... كان هذا الفارس يقف وحده في مواجهة عشرة آلاف جندي. في كل مرة يهوي بسيفه، يسقط العشرات."

نظر الجميع إلى والدهم وكأنهم يسمعون قصة خيالية، لكن ريفان كان مختلفًا. قلبه تسارع، عيناه اتسعتا.

"هذا... منطقي."

بدأت التفاصيل تتشابك في عقله. كان الفارس في حلمه يبدو مشابهًا. كان قويًا، طويلاً، يحصد الأرواح بلا رحمة.

لكنه لم يستطع أن يهز شعورًا غريبًا داخله.

"ما هذا الحلم اللعين؟ وما علاقته باكتمال القمر؟"

تنهد بعمق، عبس وجهه، وعقله يسبح في دائرة لا تنتهي من التساؤلات.

"من هو هذا الفارس الأسود...؟"

2025/02/04 · 49 مشاهدة · 602 كلمة
Geroo”boy
نادي الروايات - 2025