*دينج~دونج*
رن جرس منزل عائلة ريفان. تقدم أنطونيو وفتح الباب.
"صباح الخير، سيد أنطونيو~" قال موزع الصحف بابتسامة، وكان يحمل في يده الصحيفة الأسبوعية وبعض المجلات.
"صباح الخير سيرو" رد أنطونيو بلطف.
كان سيرو أحد جيرانهم، شابًا موهوبًا. والده يعمل في مصنع للحديد، ووالدته خياطة، أما هو فكان موزعًا للصحف، وأحيانًا يكتب الروايات. على الرغم من بساطة حياته، إلا أنه كان محبًا للكتابة والطموح.
في حي ريفان، كانت الحياة بسيطة ومتواضعة. أغلب السكان من الطبقة المتوسطة، يعملون بجد لتوفير المال لتأمين حياة أبنائهم وتعليمهم. لم يكونوا أغنياء، لكنهم لم يعانوا من الفقر المدقع. كانت الحياة هنا تتطلب الاستقرار، والعمل كان مفتاح البقاء.
...
في الطابق العلوي، جلس ريفان في غرفته التي كانت تبدو عادية جدًا. السرير على يمين الغرفة، والمكتب الدراسي على يسارها، بينما كانت النافذة تومض بأشعة الشمس الدافئة. كان هذا فصل الربيع، حيث تغمر أشعة الشمس الشوارع وتملأ الأجواء بالحيوية.
نظر ريفان من نافذته. كان الحي يعج بالنشاط، مباني من طابقين وأصوات سكان يخرجون للعمل أو للتنزه. لاحظ فتاة بشعر أشقر وعيون خضراء تتنزه مع كلبها. كانت لورا، التي لم تكن غريبة على ريفان. كثيرًا ما كانت تُذكر في الأحاديث المتعلقة بالخطوبة، خاصة وأن والدها كان ثريًا.
كما رأى جاروس، أو "القبطان جاروس" كما يحب الناس أن يلقبوه، كان بحارًا سابقًا يحب الأطفال. كان الأطفال يتجمعون حوله كل أسبوع ليستمعوا إلى قصصه عن رحلاته في البحر. لم يكن ريفان استثناءً، فقد كان مغرمًا بقصصه عن الفرسان والتنانين والوحوش البحرية.
أخذ ريفان نفسًا عميقًا "... هذه هي الحياة..." تمتم وهو يسحب نظره بعيدًا عن النافذة ويتجه نحو الطابق السفلي.
...
كان والده يجلس على كرسي في غرفة المعيشة، مستمتعًا بأشعة الشمس التي تدخل من النافذة بينما يقرأ الصحيفة بوجه جدي.
"هل هناك شيء خطير؟" سأل ريفان بقلق.
"نعم... يبدو أن مرضًا مفاجئًا انتشر في غرب المدينة." قال فالت بتعبير ثقيل ومتعاطف.
كانت مدينة "كيني" معروفة بأنها "بلد المستقبل والأمل"، وهي أفضل مدينة في القارة. كان ريفان يسكن في القسم الشرقي من المدينة، حيث الهواء النقي ومحطة القطارات التي تربط المدينة ببقية البلاد. كان الحي مكانًا مناسبًا لحياة هادئة ومستقرة.
لكن القسم الغربي من كيني كان مختلفًا تمامًا. كان يُعرف بالجانب المظلم من "المستقبل والأمل". عاش فيه الفقراء الذين كانوا يعتمدون على العمل اليومي في المزارع والمصانع، التي بالكاد كانت توفر لهم لقمة العيش. لكن مهما ازداد عدد المصانع والمزارع، لم تكن تلك الوظائف تكفي لتوظيف 10 ملايين نسمة، وهو عدد السكان الهائل في الغرب.
"كم عدد المصابين؟ هل وجدوا علاجًا أو سببًا للمرض؟" سأل ريفان بقلق.
"المصابين؟ لقد مات خمسة آلاف، وأصيب تسعة آلاف آخرين." أجاب فالت بنبرة حزينة.
كانت تلك الأرقام صادمة لريفان. رغم أنه لم يعش حياة الفقر، إلا أنه عرف ألمها. كان يذهب مع أصدقائه خلسة إلى الأحياء الفقيرة ويلقون المال عند أبواب المنازل المتواضعة بعد سماعهم لقصص القبطان جاروس عن الأبطال الذين يساعدون المحتاجين.
"خمسة آلاف شخص..." تمتم ريفان. الرقم بدا وكأنه خيال.
'كيف يمكن أن يختفي خمسة آلاف شخص في يوم واحد؟'
تنهد بعمق وهو يفكر في المصير القاسي الذي يواجهه أولئك الفقراء.
"هذه أيضًا... نوع من أنواع الحياة."