في الكشك الكبير داخل أحد الغرف، كان ريفان يجلس على الأرض، يمسك برأسه بيديه، وكان الألم في رأسه يكاد يفجره. بينما كان يسمع أصواتاً غريبة تبدو وكأنها تأتي من كل مكان، كانت أفكاره تصبح أبطأ مع مرور الوقت. كانت عينيه تفقد لونها الأسود تدريجياً، وكان هناك هذيان غريب في رأسه.
بينما كان ريفان على الأرض، استعادت العرافة دالي حواسها، وكانت هناك قطرات من الدم تنزف من عينيها. كانت دالي مرتبكة ومذهولة عندما استيقظت، لكنها أدركت ما حدث الآن. كان الصبي الذي كان يرد عرافة مصيره يجلس على الأرض ويمسك برأسه.
انطلقت نحو كومه الأشياء التي كانت داخل الخزانة، فجاءت وامسكت بشيء بحجم اليد، مربع الشكل، فضي اللون. نظرت إلى الشيء في يدها بينما همست بكلمات وهي ترميه نحو ريفان:
"ملكة الليل والهدوء، حاكمة الإخفاء، أرجو أن تجلبي السكينة إلى هذا الفتى وتهدئي روحه المسكينة."
بعدما قالت هذا، ألقت بالشيء المربع على ريفان.
سادت الصمت في المكان، وقفت دالي وهي تنتظر النتيجة بينما كانت تمسك بالرمز على خصرها.
شعر ريفان أنه استعاد وعيه مرة أخرى، لكن لم يكن الشيء الذي رآه هو غرفة العرافة والسيدة الجميلة، بل كان هناك ظلام يحيط به من كل مكان، وكان هناك باب أمامه يشع منه الضوء الأبيض مع خيوط اللون الأزرق الغامق، وكانت هناك أشكال سوداء تحيط بالباب. لم يعرف ريفان ماذا يفعل، لكنه في تلك اللحظة شعر بشعور وكأنه يسقط.
فجأة، فتح عينيه في العالم الحقيقي، لم يكن هناك تغير، كانت غرفة العرافة كما هي، والسيدة الجميلة أمامه، والتغيير الوحيد كان في الشكل المربع الفضي على الأرض.
نظرت إليه دالي عندما رأت أنه أصبح طبيعياً مرة أخرى، فهدأت.
"إنها مفاجأة أنك لم تمت!" قالت دالي بينما كانت تتفقد ريفان.
"ماذا حدث؟" كان ريفان ما زال يملك صداعاً في رأسه لكنه كان بسيطاً، لذا لم يركز كثيراً على هذا الموضوع وسأل.
"هذا رد فعل طبيعي نتيجة للبحث في المصير" قالت دالي، ومن الواضح أن نبرتها أصبحت أهدأ.
"هل هو خطير جداً؟ لماذا لم تخبريني قبلها؟" سأل ريفان.
"لأنه خطير فقط على العراف، لكن لا يوجد أي خطر عليك. في الواقع، هذه أول مرة ألتقي فيها بشخص مثلك يتأثر بالمصير لهذه الدرجة" شرحت دالي بوجه متجهم.
"ماذا يعني هذا؟"
"هذا يعني أنك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمصير."
كان المصير شيئاً مرتبطاً بالإنسان، لكنه كان شيئاً يمكن التعديل فيه بطرق عادية. يمكن أن يكون شخص ولد ليكون محارباً، لكن في النهاية أصبح متشرداً، كل ما في الأمر أن المصير تخلى عنه في المنتصف لأنه خالف القواعد. لكن في نظر دالي، كان ريفان شخصاً لن يتخلى عنه المصير حتى لو لم يتبع القواعد، ربما يقوم المصير بتغيير القواعد من أجله.
"ما هذا الشيء؟" سأل ريفان وهو يشير إلى الشكل المربع على الأرض.
"إنها تميمة، تم صنعها من قبل أتباع قائدة الليل والهدوء، إنها شيء يمكن أن يجلب الهدوء والتركيز للأشخاص" شرحت دالي بينما جلست على الطاولة في مواجهة ريفان الذي جلس قبالتها.
'تميمة؟' فوجئ ريفان من شرح دالي المفصل، رغم أنه لم يعرف التفاصيل، إلا أنه يمكن أن يقول أن هذه المعلومات مهمة، وكان متشككاً من موقف السيدة أمامه.
"لماذا تخبريني بهذا؟" سأل ريفان بينما ينظر بحذر ويقظة.
"...."
"أنت حقاً ناضج وذكي، أنا متأكدة من أن والديك يحبانك كثيراً. يمكنك القول أنك تشبه أخي الأصغر، لذا أخبرك."
صمت ريفان لدقيقة كاملة، لم تتحرك دالي أو تتكلم بينما انتظرت بصبر. في هذه اللحظة قال: "هل هذه التميمة مثل القوى الخارقة التي يشاع عنها؟" كان ريفان حذراً وفضولياً حول هذه القوى، حيث كانت هناك نوع من الناس في المجتمع يسمون عشاق الخوارق، وكانوا أشخاصاً فضوليين وراغبين في تلك القوى، لذا كانت هناك العديد من الشائعات حولها.
"همم، رغم أن معرفة هذه الأشياء بشكل أعمق أمر خطير، إلا أنه لا داعي للقلق من معرفة القليل." تابعت دالي: "هناك قوى خارقة في عالمنا، رغم أنه يتم احتقار هذه القوى من قبل الفرسان والسحرة والمنظمات الرسمية، إلا أنه لا يزال تتسرب بعض المعلومات، وعلى مدار آلاف السنين تم إنشاء العديد من المنظمات التي اكتسبت القوة ولها مبادئها الخاصة، ويسمون بفارس غير رسمي، يمكنك القول غير قانوني أيضاً. تأتي القوة الخارقة من المكونات، وهذه المكونات تحتوي على روحانية كثيرة من الحياة" شرحت دالي وكانها تنير عقل تلميذها بمدى ضخامة العالم وكم كان يشبه الضفدعة داخل البئر.
صمت ريفان وهو يستوعب ما قالته دالي. 'إذن هناك حقاً قوة خارقة. هل الفارس الذي في حلمي هو نتيجة القوة الخارقة؟ هذا ممكن، لكن المهم الآن هل لهذا الحلم مخاطر محتملة؟'
كان ريفان حذراً بطبيعة الحال، لم يخبر دالي عن حلمه، في هذه اللحظة كان فهم وضعه الخاص أمراً مهماً.
"سيدتي، هل أنت تملكين قوة خارقة؟" سأل ريفان بحذر.
"... نعم."
"حقاً؟"
"نعم."
"إذن لماذا تعملين هنا؟" كان ريفان فضولياً.
"حسناً، يمكنك القول إنها حالة خاصة."
لم يسأل ريفان مرة أخرى. في هذه اللحظة سألت دالي: "هل أنت مهتم بأن تصبح مستنيراً؟"
"مستنيراً؟"
شرحت دالي: "إن المستنيرين هم أصحاب القوة الخارقة المشاع عنهم، لكنهم لا يظهرون أمام الناس العاديين خوفاً من المنظمات السرية."
فهم ريفان ما قالته تقريباً قبل أن يرد: "وما هو مقابل مساعدتك لي؟"
قالت دالي: "في الواقع، ليس شيئاً كبيراً. يمكنك شراء المكونات مني، وهذه المكونات عند دمجها معاً سوف تجعلك مستنيراً."
سأل ريفان بدون تفكير: "كم عملة أحتاج لأصبح مستنيراً؟"
"مئة عملة ذهبية."
"... حسناً، أعطني بعض الوقت."
أومأت دالي، في الوقت التالي، سأل ريفان دالي بعض الأسئلة قبل الخروج من الكشك.
كان ريفان بعد دخوله الكشك شخصاً، وبعد خروجه منه أصبح شخصاً آخر. لقد تغيرت نظرته للعالم الذي عاش فيه ودرس تاريخه.
'مئة عملة ذهبية ليست بالمبلغ القليل، سأحتاج بعض الوقت لجمعه. تنهد~'
كان 100 عملة ذهبية مبلغاً كبيراً من المال، كان الراتب السنوي لشخص في الطبقة الوسطى بين أربعمئة إلى خمسمئة عملة ذهبية. كان النظام المالي في كيني يعتمد على ثلاث عملات: العملة البرونزية، العملة الفضية التي تساوي عشرون عملة برونزية، والعملات الذهبية التي تساوي عشرون عملة فضية.
كان ريفان يدرس في مدارس الحصاد، وهي مدارس عالية المستوى، وعندما يتخرج يمكنه أن يعمل براتب عالٍ، لكن حالياً لم يكن يملك سوى عشرون عملة ذهبية كانت مدخرات هذا الشهر الخاصة به. إذا أراد توفير المبلغ، عليه أن يبحث عن طرق لكسب المال بسرعة.
تنهد~
تنهد ريفان بقوة، كان عليه الآن فعل أشياء كثيرة ولكنه لم يعرف من أين يبدأ. في هذه اللحظة، قد غادر ظل الشارع وهو يغوص في أفكاره، وفي النهاية لم يتبقى له سوى فكرة واحدة.
"بعد المعرفة يأتي المال..."