في القسم الجنوبي، في شارع اثنان وثلاثون، في المنزل رقم ستة وخمسون، كان أملين ذو الشعر الكثيف والوجه الحاد واللامع، وعيونه السوداء اللامعة تدور وتنظر إلى الرجل أمامه.
كان هذا الرجل هو عالم الآثار الذي أتى أملين لرؤيته. كانت وظيفة عالم الآثار من أكثر الوظائف ربحاً واحتراماً، والدليل على ذلك هو أنه استطاع شراء منزل في القسم الجنوبي. كانت المنازل في القسم الجنوبي لا يمكن العيش بها إلا من قِبَل شخص براتب سنوي ألف عملة ذهبية. كان عالم الآثار هذا في الطبقة العليا، أعلى من الطبقة الوسطى وأقل من النبلاء.
"صباح الخير سيد سيرون، عذراً على الإزعاج." انحنى أملين وعينه تدرس المكان خلف الرجل المدعو سيرون.
كان سيرون عالم آثار. وكانت الشائعات تدور حول أنه عثر على أثر من الحقبة الرابعة، لدرجة أن المتحف العام كان يزوره بين الحين والآخر. كان على أملين دفع ثمن كبير لكي يلتقي به.
ركز سيرون قليلاً على أملين قبل أن يرد، "صباح الخير، هل أنت صديق شيفار؟"
كان لدى سيرون صوت عميق ولون عينيه كانا زرقاوين مثل البحر، وكان شعره يحتوي على بعض الخيوط البيضاء. كانت التجاعيد في وجهه جميلة بطريقة خاصة، وكان يبدو وكأنه يملك ثقة في ما يفعله.
رد أملين، "نعم سيدي، شيفار أحد أعز أصدقائي."
نظر سيرون إليه قبل أن يبتسم، "تفضل بالدخول."
في الواقع، لم يعرف أملين شيفار، لكن كان لديه صديق يعرف شيفار. يمكن رؤية فائدة العلاقات الاجتماعية الآن. أما شيفار، فقد كان صديقاً عزيزاً لابن السيد سيرون الراحل. وقد توفي ابن السيد سيرون قبل عام بعد أن حصل على آثار الحقبة السابقة بشهر.
دخل أملين المنزل، وكان يبدو المنزل عاديًا. كان المكان الرئاسي في المنزل مرتبًا ونظيفًا، ويبدو وكأنه يخضع لتنظيف مستمر.
'إن السيد سيرون يعيش بمفرده، وهو الآن عالم آثار متقاعد. يبدو أنه لا يوظف الخدم إلا عند التنظيف، لماذا لا يوظف الخدم للقيام بكل شيء؟' كان لدى أملين خط أفكار خاص به. يمكن القول إن قوة ملاحظة أملين كانت في أوج القوة البشرية. لو لم يكن من عائلة نبيلة لكان قد أصبح محققًا عظيمًا.
قاد سيرون أملين إلى غرفة الضيوف، وجلس أملين بينما سأل سيرون، "شاي أم قهوة؟"
رد أملين، "شاي من فضلك."
ذهب سيرون لبعض دقائق وعاد وهو يحمل كيسًا ورقيًا كبيرًا. بينما وضع الكيس، بدأ في الشرح، "داخل الكيس توجد آثار الحقبة السابقة التي اكتشفتها. كان ذلك قبل عام عندما ذهبت مع فريق تدريب إلى جبال الوجه. لقد وجدنا هذه الآثار هناك على حواف نهر صغير. لم تكن ملحوظة، كان يمكن اعتبارها حصىً أو بعض براز الحيوانات. لم أكن لأجدها لولا أن أحد الأعضاء داس عليها بالصدفة."
سمع أملين الشرح وهو ينظر إلى الكيس الورقي بفضول واهتمام كبير. لم يكن أملين يهتم بالتاريخ كثيرًا، لكنه كان مهتمًا بالأمور الغامضة والقوى الخارقة.
سأل أملين، "لقد سمعت أن حياتك تغيرت بعد الحصول على هذه الآثار."
أومأ سيرون برأسه ردًا على ذلك، وتحدث بينما كانت عينيه مليئة بالحزن، "بعد الحصول على هذه الآثار شعرت أن صحتي كانت تتحسن وأصبحت نشطًا حتى وأنا في هذا السن. كان الأمر كأنني إذا لم أتحرك سأفجر نفسي. بعد أن حصلت عليها بشهر، ماتت زوجتي بمرض مفاجئ. لم يكن هناك أي أمراض في الأعضاء الداخلية، لكن يبدو وكأنها أرهقت نفسها حتى الموت. وبعدها بأسبوعين مات ابني بنفس الشيء. لم يتبقَّ سواي."
كان من الممكن أن يتأثر أي شخص بسماع مثل هذه القصة مع وجه سيرون الحزين، لدرجة أن الدموع قد تنزل من عينيه. لكن أملين لم يتأثر بل أصبح أكثر حماسة. لمعت عيناه بينما يفكر، 'هل يمكن أن يكون هذا العنصر ملعوناً؟ هل يقتل أي شخص من حول حامل اللعنة؟ لكن هذا غير منطقي، فلم يمت أي من الخدم.'
لم يجرؤ أملين على لمس الأثر، بينما طلب من سيرون إخراج الأثر له. لم يتعجب سيرون بينما قام بإخراج الأثر. كان يبدو وكأنه إصبع مقطوع، لونه أسود وتم لفه بورق أبيض. إذا رآه أحد، لكان أغشي عليه أو أفرغ ما في معدته.
فكر سيرون وهو ينظر إلى وجه أملين المتحمس، 'أوه، هذا الفتى لم يتأثر. أتذكر أول مرة رأيته، كدت أموت من الخوف. حتى الأشخاص الذين جاؤوا لرؤيته كان هناك البعض بلل سرواله. لكن هذا الفتى لم يُبدِ أي رد فعل.'
كان شكل الإصبع مقززًا حقًا. كان طوله حوالي عشرين سنتيمترًا، أي ضعف طول إصبع الشخص العادي مرتين، وكان له ظافر كبير، وكان هناك بعض الفطر ينمو على أطراف الإصبع. كان مشهدًا مروعًا.
كانت أفكار أملين غير ذلك. لقد فكر، 'لمن هذا الإصبع؟ إنه كبير للغاية. يمكن تخيل حجم اليد الذي كان متصلاً به. هل يمكن أن يكون لعملاق؟ همم، هذا ممكن، لكن لماذا لونه أسود؟ هل هذه لعنة؟'
لم يعرف أملين أي شيء في الواقع عن الخوارق أو المستنيرين. كل ما كان يعرفه كان يتعلق بالشائعات فقط. الآن كان يحلل الوضع بناءً على الشائعات المتداولة بين النبلاء المهتمين بالخوارق. لكن رغم هذا، شعر وكأنه توصل إلى بعض الاستنتاجات. لكنه لم ينسَ أنه يمكن أن يصل آخرون إلى نفس الاستنتاجات.
بعد بعض الوقت، انتهى أملين من فحص الآثار وشرب الشاي. كان سيرون متعجبًا فعلاً من موقف أملين. كيف يمكنه بعد رؤية مشهد الإصبع أن يستطيع شرب الشاي والجلوس هادئًا هكذا؟ كان يتذكر أنه في أول أسبوع بعد رؤية الإصبع لم يأكل أو يشرب أي شيء لونه أسود، حتى أنه كان يملك فوبيا بسيطة من الأصابع.
وقف أملين وشكر سيرون بشدة قبل المغادرة.
---
في القسم الشرقي، شارع سبعة، كان ريفان يتفقد الرسالة التي أتت من أملين. بعد الانتهاء من قراءة الرسالة، فكر ريفان، 'هذا غرض روحي بالتأكيد. يبدو أن منظمة الفرسان أو السحرة قد زاروه على أنهم أشخاص من المتحف العام كل فترة لتفقد حالته. همم، إذا لم يفعلوا شيئًا، فما الذي يمكننا نحن البشر فعله؟' تنهد، 'في الواقع، عندما يعرف الشخص العالم أكثر، يشعر بأنه ضئيل الحجم أكثر.'
رغم أن ريفان قال ذلك، إلا أنه كان فضولياً حول الغرض الروحي. في النهاية قرر وضع الأمر جانباً. سيستفسر عن معرفة الأغراض الروحية من دالي عندما يتقابلون. وبعد أن يصبح مستنيرًا، يمكنه زيارة السيد سيرون.
كان ما يقلقه الآن هو كيفية جمع عشرين عملة ذهبية قبل يوم الجمعة. يمكنه الاقتراض، لكن هذا حل لم يرغب ريفان في اللجوء إليه، فسيكون الحل الأخير. كثرة الديون يمكن أن تغرق صاحبها.
كان لديه طريقتان. الأولى هي بيع الأشياء القيمة، وعندما حسب ثمن هذه الأشياء كان سعرها سبع عملات ذهبية وخمس فضيات، وكان هذا السعر المتوسط.
الطريقة الثانية هي بيع المعرفة حول المستنيرين. كان أبناء النبلاء مهتمين بهذه الأشياء. بالطبع لم يرغب ريفان في استغلال أحد، لذا قرر بيع المعلومات الشائعة حتى لا يجلب الأذى له وللطرف الآخر.
فكر ريفان قبل إرسال رسالة إلى أملين.
---
في اليوم التالي في القسم الشرقي، اجتمع أملين مع ريفان في مقهى الحصاد.
سأل أملين، "لماذا تريد مقابلتي؟ هل أنت مهتم بالأثر؟"
رد ريفان، "لست مهتمًا. الوضع يبدو خطيرًا. ربما في وقت لاحق أذهب لرؤيته معك."
كانت عين أملين تدور وتنظر لكل ركن وكل شخص في المقهى قبل أن ينظر إلى ريفان. ضاقت عين أملين وكأنه يحاول إيجاد عيب.
لم يُظهر ريفان أي رد فعل بينما قال، "هل يمكنك أن تقدمني لشخص مهتم بالخوارق؟"
تعجب أملين
قليلاً، "أنا؟!"
كان يقصد أنه هو الشخص المهتم بالقوة الخارقة الذي يبحث عنه، لكن ريفان لم يرد أن يقول أي شيء لأملين. لم يكن أملين غبيًا أو غير ناضج. بل على العكس، كان في بعض الأحيان يبدو أكثر نضجًا من شخص أكبر منه في العمر.
إذا قال ريفان لأملين شيئًا، ربما كان أملين سيكتشف شيئًا ويشك في أمر ما ويبدأ بمراقبته. في الواقع، كان تتبع ريفان سهلاً ويمكن تتبع دالي بنفس السهولة. كان هذا خطرًا لم يحسب ريفان حسابه.
رد ريفان، "ليس أنت، بل شخص من أبناء النبلاء يهتم بهذه الأشياء ويمكن أن يدفع مبلغًا كبيرًا من المال لمجرد اهتمامه بها."
لم يكن أملين غبيًا. سرعان ما أعطى ريفان الجواب، "أعرف شخصًا يمكنني أن أخذك له غدًا، ما رأيك؟"
"حسناً"، وافق ريفان. كان عليه أن يربح غدًا عشرين عملة ذهبية.
بعد الانتهاء من شرب العصير على الطاولة، غادر ريفان وأملين في طرقهما.