"أنتظِرك في غُرفتي"

اهتزّ باهان عند سماع صوت شوفين في ذهنِه، وصار متأكداً بِأن شوفين #ملك_مبتدئ على الأقل لِأن خاصية التخاطُر يكتسِبها المقاتلون بعد ارتقاء تدريبِهم لما بعد مستوى #ملك، وهذا يعني بِأنه لم يكُن يتخيّل سابقاً عندما شعَر بأن شوفين كان يطير، وهذه الحقيقة جعلَت باهان يرتجِف خوفاً من خلفية شوفين، لأن مستوى #ملِك ليس بالأمر البسيط في العوالِم المُتوسّطة، والوصول إليه قد يحتاج إلى عدّة آلاف من السنين، و شوفين لا يبدو أكبر من مائة عام، بل يوحي جسدُه بِأنه لا يتجاوز حتى سنّ العشرين، ولولا أن اكتشاف العمر الحقيقي أمرٌ صعب ما لم يتجاوز البشري مائة عامٍ لكان قد صُدِم باهان لِأن شوفين لم يتجاوَز حتى السابعة عشر.

بعد ساعتَين.. كان شوفين جالساً في غُرفتِه ويقوم بِتغذية سِلاحِه على المعادِن التي حصل عليها، وفي نفس الوقت.. كان يصقُل معدِن الدم الصخري داخِل شُعلة النار الروحية، وفجأة.. رفع رأسه وقال

"أدخل.. سيد باهان"

قال هذا لأن باهان كان قريباً من الباب، دخل باهان وأغلق الباب ثم نظر إلى شوفين المشغول بالصقل، وخلفَه.. كان أحد أكثر المشاهِد رُعباً بالنسبة له، وذلك لأنه يملِك خِبرة كبيرةً حول الأسلِحة، ومن النظرة الأولى.. استطاع التعرّف على نوع السلاح الخاص بِـ شوفين، لذلك وقف بِصمتٍ ولم ينبِس بِكلمةٍ واحِدة وإنما ركّز على السلاح لِبعض الوقت قبل إرجاع نظرِه نحو شوفين المشغول بالصقل.

استمرّ الاثنان في هذا الوضع لِأكثر مِن رُبع ساعةٍ قبل أن يبدأ شوفين بِتشكيل الأداة التي كان يصقُلها، بدأ المعدِن يتشكّل بعد أن طرَح شوائبَه، وبعد دقائق أخرى.. بدأ يتّضِح لِـ باهان بأن شوفين كان يصنع فُرناً صغيراً، فتح باهان فمَه مِن الصدمة لِأن صقل الأفران يحتاج إلى خِبرةٍ كبيرة جداً بِسبب الحوادِث التي تحدُث عندما تنفجِر الأفران المغشوشة، وأحياناً يكون الانفجار قاتلاً للكيميائي إذا كانت الوصفة التي يصقلها من الدرجة الثالثة فما فوق، لذلك يحتاج الكيميائيون إلى ضماناتٍ كثيرة لشِراء الأفران، وغالباً ما يطلبون من أسياد المعادِن الذين يثِقون فيهم أن يصنعوا لهُم أفراناً خاصة، أو يشترون الأفران العتيقة التي تسبِقُها سُمعتُها.

انتهى شوفين من صقل الفُرن أخيراً ثم وضعَه جانِباً فقال باهان بِتعابير جادة

"لم ألتقِ يوماً بِسيّد معادِن في مثل عُمرِك الصغير، لابد أنك تنتمي إلى عائلةٍ عظيمة"

ابتسم شوفين وقال

"كما قلتُ سابقاً فأنا مجرّد مُتدرّب جوّال، اجلِس لِنتحدّث قليلاً"

نظر إليه باهان قليلاً ثم جلس فقال شوفين

"سمِعتُ بأن السيد داوفين مُصاب، هل تستطيع إخباري حول إصابتِه ؟"

تغيّر لون باهان وصمت قليلاً قبل أن تتغيّر نبرتُه ويقول عِندما تذكّر بقاء شوفين و نيوفين معاً لِعدّة ساعات

"استغلال الصغار للحصول على المعلومات أمرٌ سيء يا سيد شوفين"

ابتسم شوفين وقال بِهدوء

"سمِعتُ أيضاً أنك تَنتظِر موتَه حتى تتخلّص مِن أبنائِه وتستحوِذ على أملاكِه"

اسودّ وجه باهان وانتفض واقفاً ثم صرخ تقريباً

"اتّهامٌ باطِل، إذا كان غرضُك إحداث البلبلة بين الأبناء فسيكون عليك مُغادرة هذه السفينة"

ضحِك شوفين وقال ساخراً

"ليس وكأنّك لم تُفكِّر في مثل هذه الخطة مِن قبل، أليس كذلك ؟"

نفض باهان يدَه وقال بِحماس

"حياتي مِلكٌ للسيد داوفين منذ قام بإنقاذي وإعانَتي قبل ألف سنة"

سُحقاً لك~

لعنَه شوفين في نفسِه عِندما علِم بِأنه شخصٌ مُخلِص، لذلك قرّر تغيِير الهدف مِن الخيانة إلى المساعدة لِأنه مُهتمٌّ بِمشاريع داوفين وليس بِمَن يُديرُها، وإذا كان باهان لا يُريد الاستيلاء عليها فسيكون من الأفضل مُعالجَة داوفين، وإذا لم تنفَع هذه الخطة فأمام شوفين خططاً أخرى مثل مُساعدة واحدٍ من الأبناء سِراً حتى يحصُل على الإرث ويقوم هو بِالتحكُّم فيه، وبعد هذا التفكير السريع.. ابتسم وسأل

"إذا كُنتَ مُخلِصاً له فلِماذا لا تبحث له عن دواء ؟"

عبس باهان وهزّ رأسَه بِأسفٍ ثم قال

"وهل تعتقِد بِأن شخصاً قوياً وغنياً مثل السيد داوفين لم يبحث عن العلاج ؟"

سأل شوفين جدّيةٍ هذه المرّة

"ما هو مرضُه ؟"

تنهّد باهان ثم قال

"ليس وكأن مرضَه من الأسرار، فالعديد من العوالِم تعرِف جيداً ما حدث له قبل عشر سنوات"

صمت قليلاً ثم جلس أرضاً وقال

"حينها.. كان يقِف السيد داوفين على رأس تُجار خمسة عوالِم مُتوسّطة، وكان الحاكِم الغير مُعلَن لِـ عالم البحر الضبابي، وكانت لديه زوجةٌ جميلة عاشَت معه لِأكثر من ثلاثة آلاف عام، لكنّها قامَت بِالغدر بِه وحصلَت منه على قوّتِه الحَيويّة حتى صار وقتُه رحيلِه قريباً، لذلك بدأ يشتري الأطفال المميّزين حديثي الوِلادة مِن العشائر ويجعلُهم أبناءً له حتـ.."

قاطعَه شوفين

"هل كانَت زوجتُه تتدرّب على تقنية نحيب الحبيب ؟"

اتّسعَت عينا باهان وتغيّر لونُه قبل أن يصرُخ

"كيف تعرِف هذا ؟"

تعمل تقنية نحيب الحبيب بعد تحقيق عددٍ مُعيّن من عمليات الزراعة المُشتركَة، ولا يشعُر فيها الطرف الآخر بأي شيءٍ غريب حتى يحين وقت تفعيل التقنية، وحينَها.. سيُصبِح عاجزاً ويُشاهِد حيوِيّتَه تُسحَب مِنه بِبُطء، وتبدأ أولاً من العضلات ثم الدماء والعِظام، حتى تصِل أخيراً إلى القوة الروحية، وعند اكتِمال العملية.. سيبقى الطرف المخدوع مِثل خِرقةٍ بالية على سريرِه، ولولا باهان الذي اعتنى بِسيِّدِه وجلَب له الأطباء مِن كل مكانٍ لما عاش كل هذا الوقت.

وقف باهان مع داوفين منذ إصابتِه، ورغم استِقدامهِما للكثير من الأطباء الخبراء إلا أن واحداً مِنهم فقط هو الذي عرف المرض بعد مُعاينةٍ دامَت لِعدّة أيامٍ مع الكثير مِن التجارب، ورغم معرِفتِه بِالمرض إلا أنه لم يعرِف له دواءً، والآن.. تعرّف شوفين على التقنية المُستخدمَة مِن مجرّد كلِماتٍ قليلة، وهذا جعل جزءاً مِن عقل باهان يحتاط من شوفين خوفاً مِن أن يكون لِقاؤه بهِم مُدبّراً وليس مجرّد حظّ، خاصة عندما يُفكّر في بعض الأمور البسيطة مثل اسم شوفين الشبيه بِأبناء داوفين.

فهِم شوفين ما يُفكّر فيه فقال

"مرضُه ليس بِالصعوبة التي تتخيّلُها"

قطّب باهان جبينَه ونظر إلى شوفين طويلاً قبل أن يسألَه

"هل تقول بِأنك تملِك دواءً لعِلاجِه ؟"

كان باهان مُتردّداً كثيراً لأنه يخشى أن تكون لدى شوفين نوايا سيئة، ابتسم شوفين وقال

"ليس دواءً وإنما تقنية تدريبٍ ستجعلُه يسترجِع حيويّتَه في أقل مِن سنة"

اتّسعَت عينا باهان وتهلّل وجهُه لِأن تقنية التدريب يُمكِن مُراجعَة فصولِها والتأكُّد من ضررِها عكس الأدوِية والحبوب، لذلك تغيّرَت طريقة حديثِه مع شوفين حين سألَه بِحماس

"هل تملِك هذه التقنية ؟"

أومأ شوفين فانحنَى باهان بِسرعة حتى كاد رأسُه يُلامِس الأرض ثم قال بِتذلُّل

"أرجوك.. أنقِذ سيدي، واطلُب ما تشاء"

قال شوفين بِنبرةٍ هادئة

"مِمّا سمِعتُ لِحدّ الآن عن سيّدِك داوفين فهو يبدو شخصاً واعِداً، سأُعطيه التقنية التي تجعلُه يستَعيد حيوِيّتَه أولاً ثم نرى، لكن.. يجِب أن تعلم بأن المُقابِل سيكون كبيراً"

تهلّل وجه باهان أكثر من السابق وانتظر أن يُسلِّمها له فقال شوفين

"متى سنذهب لزِيارة السيد داوفين ؟"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. كيف تعمل التقنية التي يُريد شوفين منحَها لِـ داوفين ؟

#تحت_المجهر
--------------

صفحة الرواية على فيسبوك:
https://fb.com/MicroShowFine

2020/02/11 · 506 مشاهدة · 1017 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024