36 - التعرّي في البراري

"لا تفتحي المصفوفة حتى تكوني مُتأكّدة مِن ذلك، فحتى وإن كانت مُجرّد بيضة إلا أنها قوية جداً"

أمسكت سويكا البيضة المختومة وكانت بِحجم بيضة النعامة، شعرَت مباشرة بِعدوانية كبيرة تنبعِث من البيضة، هذا وهي مختومة في المصفوفة، ابتلعَت ريقَها ووَضعت البيضة في حُضنِها، ومع أنها لا تملِك أي فِكرة حول كيفية ترويضها إلا أنها قد قبِلت المهمّة وستفعل المُستحيل لإنهائِها.

استمرّ بقاء شوفين بينَهم لِيومين آخرَين ثم قرّر الخروج لأنه لا يَدري أين هُو الآن، لذلك خرج مِن عالمِه الفراغي.

لا يعرف شوفين الكثير عن جزر سمهريا، وهدفُه الحقيقي بعد خروجِه من الكهف هو الذهاب إلى القارة العظمى، هناك حيث لديه بعض الأمور التي يعرِفها، أما جزر سمهريا فقد وصل إلى هناك بِالصدفة قبل خمسين ألف سنة وأخفى نفسَه في الكهف بعد أن تحكّم في آلاف الوحوش طويلة العمر وجعلَها تحرُسه ريثما يتعافى، لكن جسدَه القديم لم يستطِع التعافي، لذلك بقي في الكهف كل هذا الوقت.

يعلم شوفين جيداً بِأن خروجَه من الكهف سيتمّ اكتشافُه، وسيقوم الأعداء بإرسال الخبراء لإيقافِه، لكنّ العدو لا يعلم مكانَه، كما لا يعرف شيئاً عن جسدِه الجديد، وهذا سيعطيه الوقت الكافي للتعافي، خاصة أن الزمن في هذا العالم يسير بِسرعة كبيرة جداً مقارنة بِكوكب الأرض، حيث أن دقيقة واحدة هناك تساوي ما يُقارب شهرين هنا، ما جعل تتبّع آثارِه من الخارج شبه مستحيل، لأنه فعَل الكثير من الأمور في دولة روسكيا وغادر منها في الوقت الذي كان الناس على كوكب الأرض ينقلون تقرير خروجِه إلى المسؤولين.

يعرف سكان الأرض هذا الفارق جيداً، لذلك يعتمدون على حلفائهم داخل هذه العوالم الغريبة حيث يوجد شوفين، لكن المشكلة هي اتّساع وتعدّد هذه العوالم حيث سيكون من المستحيل نظرياً إيجاد مكانِه إذا لم يعُد إلى أنشطتِه السابقة، وهذا ما لا ينوي شوفين القيام بِه لأنه في آخر مرة قد تكبّد خسارة كبيرة رغم أنه قد أنهى هدَفه في ذلك الوقت وجعل مسؤولي كوكب الأرض يرتعدون من اسمِه.

مع أنه قد نجح في تحقيق هدفِه حينها.. إلا أنه في نظرِه لا يزال بعيداً عن هدفِه النهائي، وبِما أنه قد عاد مرة أخرى فإن الكوارث في الطريق لا محالة، لكن الوقت لم يحِن بعد، لأن هدفه الحالي هو استعادة تدريبِه والخروج من هذا العالم نحو العوالِم العليا.

نظرياً.. توجد عوالم لا حصر لها، وهي في تزايُد مُستمر، وتختلِف طريقة الوصول إليها مِن عالمٍ لِآخر، لذلك يكون الخروج من عالمٍ نحو عالمٍ آخر أمراً مزعجاً، لكن شوفين يمتلِك المعرفة اللازمة للتجوّل بين العوالِم بِسهولة، هذا طبعاً إذا توفّرت له الموارِد المناسبة لفِعل ذلك.

الكل في الكل.. لا يزال هذا الأمر بعيداً ولن يخشى شوفين أن يجدِه الأعداء لِأنه قد اتّخذ احتياطاتِه هذه المرة ولن يكشِف عن نفسِه مثل آخر مرة لأنه يعتبِر مسيرتَه السابقة غبية وصبيانية بعض الشيء، لذلك سيقوم بِالأعمال بطريقة مختلفة هذه المرّة.

قبل أن يخرُج من عالمِه الفراغي لاستكشاف الأرض التي وصل إليها بعد هروبِه من دولة روسكيا.. وقف على المنصة الحجرية قرب شعلة النار البيضاء وبدأ يُحرّك يدَيه بِبراعة بينما يتحكّم في إحدى قنوات الطاقة مِن الوريد الروحي، وبعد ربع ساعةٍ من العمل.. كان قد انتهى من تشكيل شاشةٍ عملاقة مربوطة بِعينَيه، وعبر هذه الشاشة سيرى رفاقُه ويستمِعون كل ما يحدُث في الخارِج ما دام يرغب هو في ذلك، وبِما أنهم في عالمِه فهو يستطيع الحديث معهم واستِماع ما يقولون عبر التخاطر حتى يتشاركوا المعرفة بينهم.

وزّع عليهم مهامّهم حيث ستقوم راموليا بِتعزيز مؤسستِها قبل أن يحصل لِأجلها على بعض الموارد الطبية التي ستدعمُها وتساعدها على الاختراق إلى مستوى تهئية الوعاء، أما ريكو فمُهمّته الحالية هي فَهم الروح، وستقوم راموليا وأرفود بِمُساعدتِه، خاصة أرفود الذي ليس أمامه الكثير من العمل في الوقت الحالي لِأن شوفين قد أمرَه بِالتركيز على التعافي حتى يستطيع إعادة بناء عالمه الفراغي المُدمَّر.

مهمة سويكا هي الأصعب، حيث يجب عليها تجربة العديد من الطرق لإنشاء علاقة "أم وإبن" مع المخلوق الغريب داخل البيضة، وفي نفس الوقت ستقوم بِالتركيز على فَهم المصفوفات اعتماداً على إرشادات شوفين وراموليا وأرفود، حيث يُعتبر هؤلاء الثلاثة أكثر خِبرة منها في مجال المصفوفات، وقد سبق لِسويكا أن اتّخذَت راموليا كمعلّمتها فِعلياً بعد عِلمها بِحقيقتِها، لكن راموليا اشترطت عليها ألا تُناديها معلّمتي حتى لا يُفتضَح أمرُها في الخارج حيث يُعتبر تبديل الأجساد أمراً أسطورياً وليس من الجيد كشفُه.

لا يعلم أحدٌ من المجموعة ما يعلَمه شوفين حول البيضة التي أعطاها لِسويكا، لذلك لم يفهموا سبب ارتباكه عندما كان يشرَح لهم نظرية الدجاجة، ولو علِموا الحقيقة التي يعلَمها لَربما هربوا إلى أبعد ما يُمكنهم، وذلك لأن المخلوق الذي بِداخلها ربما لا يمكن ترويضه من الأساس حيث كلما تم استخدام مِثله عبر التاريخ إلا وكان له هدفٌ واحد فقط وهو تدمير العالم، لذلك اعتبَر مهمة سويكا وكأنها انتحارية، وعوّل على القلب البدائي الذي سينمو مع الوقت ويُطلِق كمياتٍ ضخمة جداً من الطاقة، وإذا تم إنشاء علاقة أمومة بين الاثنين فسيكون بينهما عقدٌ مثل عقد العبودية حيث سيعتمد المخلوق بِشكل شبه كلي على طاقة القلب البدائي، لكن هذا لا يزال بعيداً جداً.

استقرّت الأمور فخرج شوفين إلى حيث كان قد ترَك جسدَه مخفياً، لكن هذه المرة لم تختَفِ نُسخته الروحية من العالم الفراغي وإنما جلس قرب الشعلة وبدأ يتأمل، فعل هذا حتى يسهُل عليه التواجُد مع رِفاقِه إذا احتاجوا إليه حيث يُمكنه القيام بالمهام البسيطة داخل عالمِه دون الاضطرار إلى الجلوس والتأمّل خارجه، هذا بِالنسبة لِلأمور التي تحتاج إلى تدخّله شخصاً، أما التخاطر فلا يحتاج إلى نُسختِه الروحية للقيام بِذلك لِأنه يتم مباشرة عبر عقد السيد والخادم الذي يجمعهم بِه.

الشاشة والنسخة والتحكم بِالعالم.. كل هذا يُسبّب ضغطاً على قِواه الروحية، لكنّه في نفس الوقت يُعتبر تدريباً مستمراً يُساعِده على استعادة قواه، فِفي السابق كان يتحكم بِعالمِه الذي كان أكبر بِكثير ممّا هو عليه الآن.

فتح عينَيه وخرج من مكانِه الآمن، فتح يدَه وظهرَت عشر قطرات مِن جوهر الدم الذي أخذَه قبل ساعات من ريكو حسب اتّفاقِهم، قام بِصقلِه ثم ابتلَعه وانطلق نحو وِجهة عشوائية حيث توجد سلسلة جبلية مرتفعة، وفي الطريق.. لم يتكاسل عن التدريب حيث اخترقت جميع تقنياتِه الآن إلى المستوى الثاني وصار طول خيط الضوء أكثر من مائة وخمسين متراً مع إمكانية إنشاء خمسة خيوط طولها ثلاثون متراً، وكل خيط يقوم بِمهمة معينة بين الهجوم والدفاع، لكنّه لِحد الآن لا يمتلِك أدواتٍ قتالية كثيرة من صنف الإبَر الثلاث التي أطلق عليها اسم "النحلة القاتلة"، لذلك فكّر أن يُنشئ بعض الأدوات عندما يجد الموارِد المناسبة.

استخدم شوفين سرعة كبيرة وهو يتقدم نحو السلسلة الجبلية البعيدة معتمداً على تقنية الألف ظل، وصنع نسخة شبيهة منه تجري معه أيضاً لِبعض الوقت لكنها اختفَت بعد بِضع دقائق بِسبب ضُعف تدريبِه، وكان في طريقِه يستخدم خيط النور من تقنية النور المظلم ويخترق به الصخور البعيدة أو يرفعُها ويرميها هنا وهناك، وفي نفس الوقت كان يتّجه عمداً نحو الصخور الكبيرة ويصدِمها بِجسده لِتدريب تقنية الجسد الخالد، وأحياناً يكسِر تلك الصخور لكنّه كان يرتدّ في أغلب الأحيان، لذلك اختار طريقةً أكثر صعوبة وهي رمي نفسِه مِن أي جرف مُرتفع ثم لا يستخدم أي طاقة لِحماية جسدِه، وذلك بِغرض تحفيز وتفعيل الجسد الهلامي من تقنية الجسد الخالد.

داخل عالمِه الخاص.. كان الأربعة يُشاهدون ما يفعله ويبتلعون ريقهم لأنهم لم يروا مثل هذا التدريب من قبل، لكنهم سرعان ما عادوا إلى تدريباتهم الشخصية حتى لا يتّسع الفارق بينَهم كثيراً.

استمرّ في الجري لِعدة أيام نحو وِجهتِه، وكانت ثيابُه مُمزقة ومليئة بِالتراب وكأنه شخص مُشرّد قد مرّ بِالعديد من الكوارث، كما كان مجروحاً بِسبب مُجازفاتِه، لكن الجسد الهلامي لا يزال بعيداً عن الوصول إليه.

قبل الوصول إلى الجبال.. وجد طريقاً كبيراً يقود إلى مكانٍ ما، وقف إلى جانب الطريق ولا يدري أي جانبٍ يجب عليه أن يسلُك، استخدم قِواه الروحية للاستكشاف إلا أنه لم يجِد أي شيء قريب، وفي هذه اللحظة.. استشعر شيئاً قادماً مِن بعيد اعتماداً على عظمة السمع التي وضع إحداها في أذنه وأعطى الأخرى لِراموليا قبل مدّة، نظر نحو ذلك الاتّجاه واستخدَم عينَيه الخارِقتَين لِتكبير المشهد، ظهر أمامه بِوضوحٍ أنه وحشٌ كبير يُشبِه الجُندُب، وهو من النوع الذي يقفِز عالياً ولا يطير، وفوق الجندب قاعةٌ رفيعة مصنوعة من اليشم، ويبدو بِأنها تتبع شخصاً مهماً جداً.

تسارَعت الأفكار داخل ذِهن شوفين قبل أن يُقرّر الخيار الأفضل الذي سيفعله، خاصة أن المحطّة التالية للجندب قبل القفزة الجديدة ستكون في مكان قريب منه، وبِابتسامة خبيثة.. مزّق ثيابَه المثقوبة والمليئة بِالأوساخ ثم قام بِتخزينها مع حذائه حتى صار عرياناً بِدون أي شيء عليه، فعل هذا في جزء من الثانية وانتظر للثانية التالية التي سيسقُط فيها الجندب الوحشي، وفِعلاً.. ما هي إلا غمضة عين حتى سقط الجندب في مكانٍ قريب منه، وقبل أن يقفِز مرة أخرى.. سُمِع صوت لطيف يقول

"تحقّقوا منه"

كان هذا صوت سيدة جالسة داخل العربة التي تسَع لأكثر من ثلاثين شخصاً، ومن استشعار شوفين.. يبدو بأن بينهم العديد من الأقوياء، وكان أقواهم شخصٌ في بداية مرحلة التألّق، أي مِثل ذلك الأربعيني من الكهف أو ذلك الشيخ الأول من القصر الحاكم لِدولة روسكيا، لكن شوفين كان مهتماً بِشخص آخر وهو الذي يتحكّم بِالجندب، ما يعني بِأنه مُروّض وحوش بارع لأن مثل هذا الجندب المتوحش لا يُمكن السيطرة عليه بِسهولة، وهذا المروّض يقوم بِالتحكم بِه من داخل العربة، أي أنه يرى الخارج من خلال عيون الوحش، وهذا أمرٌ متقدّم في ترويض الوحوش، بل هو أقرب إلى عقد العبودية الذي وضعَه شوفين على أتباعِه حيث هو أيضاً يُمكِنه أن يرى ما يرَونه إذا شاء ذلك.

في القديم.. كان شوفين أيضاً مروض وحوش، وكان يتدرب على تقنياتٍ تُساعِده، لكنّه هذه المرة يعاني من ضعف قواه الروحية وسيكون صعباً بعض الشيء إخضاع الوحوش أو الأشخاص دون هجمات روحية قوية، لكن هذا لا يعني بِأنه لا يستطيع ترويض وحش مثل هذا الجندب، لأن الوحوش لديها قوى روحية ضعيفة ويعتمد الترويض على القوة الجسدية أكثر، حيث يكون ترويضُه أسهل عندما تقوم بِأسر الوحش وتقيِيدِه، وذلك لِأن الوحوش تعترِف بِالأقوى ويسهُل عليها خِدمتُه.

فُتِح باب العربة وخرَج منها أربعة رجال أقوياء في مستوى تقوية الروح، أحاطوا شوفين من كل جانب فتظاهر بِالرعب وهو يُغطي عورتَه بِشعرِه الطويل، كانت تعابير الأربعة ثابتة ودون عواطِف حين سأَله أحدُهم

"من أنت ؟
ومن أي عشيرة ؟"

تظاهر شوفين بِالخوف وقال بِصوتٍ مُرتجف

"أنـ.. اسمي شوفين، أنا أعيش في البراري منذ وُلِدت"

صمت السائل لِبعض الوقت ثم نهرَه بِصوتٍ قوي

"لا تكذب علي، كيف يعيش شخص مشلول في البراري ؟"

قال هذا ومدّ يدَه ثم أمسَك شوفين مِن رقبتِه وكأنّه يستطيع كسرَها بِسهولة

تظاهر شوفين بِالعجز وبدأ يصرُخ

"أتركوني ... أنا أكرهكُم جميعاً ... دعوني وشأني"

كانت صرخاتُه عاجزة أمامَهم، وهذا نبّه رِفاقه في عالمِه الفراغي، وقف ريكو على كتِف راموليا وقال بِحُرقة

"ما الذي يطبُخه هذا الشيطان ؟"

قالت راموليا بينما تستدير للعودة إلى تدريبِها

"دعك منه، عُد إلى تدريبك"

نظرت سويكا بِعين الإعجاب والاستغراب نحو أفعالِه لأنها لا تعرِفه جيداً، أما أرفود فقد كانت نظرتُه مليئة بِالتقديس، فرغم أنه يملِك إدراكَه إلا أن عقد العبودية الخاص بِه أقوى من الجميع، وهذا جعله يغضَب داخلياً من ريكو لأنه نادى سيده بالشيطان.

في الخارج.. استمرّ صراخ شوفين قبل أن يسمع الجميعُ ذلك الصوت العذب مرة أخرى يقول

"أعطوه ثوباً ثم اجلبوه إلي"

أطاع الأربعةُ أمرها ونزَع أحدُهم رداءَه ثم رماه على شوفين، أمسك شوفين الرداء وكأنه لا يعرف كيف يلبِسُه، استغرب الأربعة من تأخّرِه في لُبس الرداء وغضبوا عليه فقال لهم

"أنا لم ألبِس ثياباً مِن قبل"

عبس الجميع لكنّهم لم يسألوه وإنما ساعدوه على ارتدائه ثم أمسكوه وقفزوا بِه إلى ظهر الوحش العملاق، أدخلوه إلى العربة فرأى داخلها أكثر مِن عشرة رجال أقوياء بعضُهم في مستوى تهئية الوعاء، يُحيط هؤلاء الرجال بِسيدةٍ ثلاثينية جالسة على كرسي فخم وخلفها أربع بناتٍ يافعات، وقُرب السيدة كُرسيان آخران يجلِس عليهِما شيخٌ عجوز وشاب في العشرين، تصفّحهم شوفين بِسرعة وعلِم بِأن الشيخ الكبير هو الذي يتحكّم في الوحش رغم أن تدريبَه لا يزال في مستوى تهئية الوعاء، أما الشاب فقد كان عجوزاً أيضاً لكنه قام بِالتحكّم في شكلِه، وكان تدريبُه عالياً في بدايات مرحلة التألّق.

ركّز نظرَه على السيدة وكانت أيضاً في مستوى تهئية الوعاء، لكن شوفين أحسّ بِقواها الروحية تُريد التأثير عليه، أو بالأحرى.. تريد إغراءَه وإغواءَه جنسياً رغم أن السيدة كانت تبدو هادئة ومُحتشِمة، وشعورُه هذا كان بِسبب تقنية روحية قوية، لكنها لم تصل حتى إلى نصف قوتِه الروحية، لذلك ابتسم في نفسِه ولم يُظهِر لها أي تأثّر.

".. ؟"

استغربت السيدة وأرادت قول شيء ما حول مناعتِه، لكنها تراجعَت وقالت

"قُلتَ أنك تعيش في البراري منذ وُلِدت ؟"

كانت السيدة الثلاثينية تلبِس ثياباً خضراء وتملِك جسداً ممتلئاً بعض الشيء، جمعَت شعرَها فوق رأسِها وظهر قِرطان صغيران على أذنَيها، ورغم أنها تبدو بسيطة إلا أن شوفين قد لاحظ بِأنها من طبقة راقية، ولابد أنها تحكم طائفة أو عائلة ما.

أومأ شوفين ولم يقُل شيئاً، صمتَت قليلاً ثم قالت

"كيف نجَوت كل هذا الوقت ؟"

قال مباشرة

"كنتُ أعيش مع بعض الأشرار، لكني هربتُ وبقيت في البراري لِعدّة أشهُر"

اتّسعت عيناها قليلاً ثم قالت

"لماذا لا تعرف كيف تلبس ؟"

قال

"ذاك الشيطان لم يُعطِني أي ملابس مِن قبل، قال بِأني مُجرّد طُعم لِصيد الوحوش، والطعم لا يحتاج إلى ملابِس"

مصّت السيدة شفتَيها وبدأت بِالتفكير، ممّا يقوله شوفين فهو قد عُثِر عليه من بعض الصيادين من الطريق الشيطاني مباشرة بعد وِلادتِه، لذلك كانوا يستغلونه في صيد الوحوش كطُعم، وهذا يبدو منطقياً بعض الشيء، لكن.. هل الأمر حقاً كما يقول ؟

ابتسمت مرة أخرى وقالت

"ما رأيك أن تُصبِح خادمي ؟"

عبس شوفين وظهر الغضب على وجهِه قبل أن يصرُخ عليها

"تباً لك ... الموت أفضل لي من خِدمة أحد"

--------------
معلومة سريعة:
التعليق والإعجاب يزيد من عدد الفصول وجودتِها

2020/01/14 · 628 مشاهدة · 2096 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024