6 - درع خبز النحل الأسطوري

"أُثبُت يا فتى وأخبرني بكل شيء وإلا كسرتُ رقبتك"

تلعثَم شوفين بِضع مراتٍ قبل أن يشرح لرئيس عشيرة القمر الأحمر بِنبرة مُتحشرجة

"لقد تم اختطافنا من طرف عصابة قوية، ليس نحن فقط وإنما المئات من أفراد العشائر الأخرى، قادونا للمدينة العتيقة وأجبرونا على مقاتلة الوحوش، لولا معلمتي لما استطعت الهروب، وبعدها حدث ..."

بعد الاستماع إلى تفاصيل ما حدث من شوفين، أمر الرئيس لاجتماعٍ طارئ لجميع الشيوخ الحاضرين كما أرسل إلى العشائر القريبة التي يُحتمل بأنهم قد فقدوا ذويهم، وفي آخر اليوم كان الجميع قد انطلقوا نحو المدينة القديمة يتبعون الإشارة التي حدّدها لهم شوفين على الخريطة.

حمل الحراس شوفين إلى المشفى وبقي معه حارس واحد بأمر من رئيس العشيرة حتى لا يهرب من العشيرة في حال كان قد كذب عليهم، لم يهتم شوفين بالحارس وإنما استعجَل الطبيب حتى يُنهي فحصَه، وبعد الفحص قال الطبيب

"يُمكنني علاج كسورِك، لكني لا أستطيع مُساعدتك بخصوص خطوطِك الزوالية لأنها مُدمّرة بشدّة، ستحتاج إلى حظ كبير لاستعادة تدريبك، وإلا فلن تُمارِس فنون القتال بعد اليوم"

تصنّع شوفين الحزن وهو مُطأطأ الرأس، لم يستغرب الطبيب لأن فقدان القدرة على التدريب في مثل هذا العالم يساوي الموت البطيء، تنهّد الطبيب ووضع يده على كتف شوفين ثم قال بِنبرة عطوفة

"سأراسل معارفي في العاصمة لعلّهم يعرفون طريقة جيدة لإصلاح خطوطِك الزوالية، فعلى الأقل.. أنت لا تزال تملك بحر الطاقة الداخلية"

أومأ شوفين بضعفٍ ولم يقل شيئاً وإنما انحدرت دمعة متلألئة على خدّه، ضمّ الطبيب شفتيه إشفاقاًً عليه وبدأ بعلاج عظامه المكسورة بكل ما يملك من طاقة ومعرفة، وفي الجانب.. كان وجه روماليا أسوداً وكأنها تختنِق، ليس لإصابات شوفين وإنما لِتمثيله المُتقن، لكنها للآن لا تدري لماذا قام بتحويل نفسه إلى حثالة، هل يمكن أنه يملك خطة ما ؟

بعد ساعة.. تنهّد الطبيب وقال

"لقد انتهيت، ستُشفى خلال أسبوع أو حتى أقل من ذلك، يُمكنك زيارتي في أي وقت إذا احتجتَ إلى المساعدة، وإذا أزعجك أحدهم فأخبره أنك تحت حماية الكيميائي واريان، هذا ما أستطيع تقديمَه لِتشريف ذكرى السيدة راموليا"

ابتسم شوفين داخلياً بعد سماع ما قاله الكيميائي واريان وقرّر في نفسه أن هذا الشخص يستحق المساعدة، لذلك سيضع له خطّته الخاصة عندما تستقر أموره، لكن الوقت ليس ملائماً الآن بما أنه لا يزال جديداً في هذه العشيرة، لذلك وقف بصعوبة واتّكأ على عصاً أعطاها له الطبيب ثم حيّاه وغادر ببطء، تبعته راموليا بهدوء وهو يتّجه نحو منطقة معينة، وبعد دقائق.. لاحظت بأنه يتّجه نحو منزِلها فقالت

"ألن يشكّوا بنا إذا تسلّلنا إلى منزلي في وضح النهار ؟"

ابتسم بخُبث وقال

"نتسلّل ؟
نحن سنعيش هنا من اليوم فصاعداً"

عبست مباشرة ولم تفهم من أين يأتي بثقتِه حتى بعد أن فقد تدريبه، فهما في نظر العشيرة ليسا سوى نملتين بدون تدريب، فكيف سيفرّطون في أملاك المعلمة راموليا لصالح نملتين ؟
هل يُمكن أن شوفين لا زال يعتقد بأنه في أيام أمجاده القديمة ؟

وصل الاثنان إلى المنزل فقامت راموليا بفتح مصفوفة الحماية التي بنَتها بنفسها لحماية المنزل، ابتسم شوفين عند رؤية المصفوفة لأنها كانت بسيطة جداً يستطيع اختراقها في لمحة عين حتى بدون تدريب، خاصة إذا استخدم عينيه الأرجوانيتين القديمتين.

دخل الاثنان تحت تعابير قاتمة من الحارس المكلّف بِمرافقتهما حيث لم يعُد بإمكانه سوى البقاء بعيداً عن أملاك المعلمة راموليا بسبب مكانتِها في العشيرة، خاصة أنه لا يعلم إن كانت قد ماتت حقاً أم هي مجرد لعبة قذرة مِن تلميذها بعد أن تحوّل إلى حثالة، وهذا النوع من التفكير قد زاد حماسَته وقرّر أن يُراقب المحيط حتى يُمسك الطفلين في حال كانا يخطّطان لسرقة أغراض معلّمتهما والهرب بها.

دخل الاثنان وكان المنزل كبيراً وواسعاً جداً وذا تصميم معاصر، بعد استقرارهما.. أخرج شوفين قردَه ريكو من خاتم التخزين وكان في لحظة حرجة حيث كان يأكل بعض الأعشاب الثمينة، سقط العشب الذي يشبه حبة بطاطا يابسة من فم ريكو عندما لاحظ بأنه قد خرج من الخاتم وصار تحت أنظار الاثنين، ابتسم بحرجٍ وحكّ رأسه وهو يتراجع للخلف فضحك شوفين وقال ساخراً

"لقد صِرتَ قرداً حقاً يا ريكو"

عبس ريكو وشد قبضتيه لأنه لا يزال تحت تأثير الصدمة من تحوّله إلى قرد، وقبل أن يقول شيئاً.. لاحظ إصابة شوفين وفقدان الهالة التي كان يتمتّع بها، بل وحتى أن شكلَه قد تغيّر، صاح مباشرة بقوة وغضب وهو يقفز للأعلى والأسفل كقردٍ حقيقي

"ما الذي فعلته بجسدي الرائع أيها اللئيم ؟
لماذا اختفى تدريبي ؟"

لم يُجبه شوفين وإنما استلقى على الأريكة وأغلق عينيه فتدخّلت راموليا لتهدئة ريكو

"السيد هو من أصاب نفسه بِنفسه، يبدو أن لديه خطة ما.."

شرحت له كل ما حدث ثم ارتاح الثلاثة بهدوء لعدّة ساعات قبل أن يفتح شوفين عينيه ويتصفّح محتويات خاتم التخزين بوعيِه وكان بحجم المرآب وفيه الكثير من الأغراض الثمينة من أسلحة وأعشاب وأحجار طاقة، ابتسم بِعجزٍ لأن مثل هذه الأغراض لا تُساوي شيئاً بالنسبة له في سابق عهده، لكنه بحاجة إليها بشدة وهو في حالته الضعيفة، وبفكرة منه.. أخرج جبلاً من الأعشاب الثمينة وقال

"بخلاف البشر.. يعتمد تدريب الوحوش على الأكل والنوم أكثر من التدريب والممارسة، ومع ذلك.. سأمنحك دليل استخدامٍ سيساعدك على استخراج قدرات جسد هذا القرد"

قال هذا ومدّ أصبعه نحو جبهة ريكو فشعر بتدفّق المعلومات في ذهنه، ومع أنه ليس راضياً عن جسدِه الجديد إلا أنه ابتسم بسعادة لأن هذه التقنية ستقوده ليُصبح وحشاً سيادياً إذا سار تدريبُه كما يجب، بعد استيعاب المعلومات.. منحَه شوفين جميع الأعشاب الثمينة لِدرجة أن روماليا ابتلعت ريقها لا إرادياً لأن مثل هذه الكمية من الأعشاب يمكن أن تجعل أي شخص يصبح من أغنى سكان جزر سمهريا.

بعد استلام ريكو لِجائزتِه.. علّمه شوفين طريقة استخدام جوهرة التخزين المُدمجة في جبهته فقام بتخزين الأعشاب التي ستكفيه لأكثر من سنة حتى وإن كان يأكل ليل نهار، لكنه بالتأكيد لن يستطيع استهلاك كمية أكبر من التي يستحملها جسده، لأنه سينام مباشرة بعد استيعاب القدر الكافي للاختراق إلى المستوى القادم، وبما أن هذا القرد كان قد دخل مرحلة تقوية اللحم من مستوى تقوية الجسد.. فقد كانت مهمة ريكو الحالية هي الاختراق إلى مرحلة بناء العظام.

وقف شوفين ونظر بعبوسٍ في ريكو قم قال بنبرة صارمة

"ستعيش هنا في الطابق السفلي، لا يُسمح لك بالخروج في الوقت الحالي حتى تستقر الأوضاع، كما لا تستطيع الصعود إلى الطابق العلوي حيث يعيش سيدك ومعلّمتك"

قطّب ريكو جبينه قليلاً ثم نظر نحو راموليا التي صار وجهُها أحمر مثل الطماطم الناضجة، استدارت من الإحراج وتبعت شوفين الذي بدأ بالصعود للطابق العلوي، دخل بدون إذن إلى غرفة نوم راموليا وبدأ يفتّش أغراضها الشخصية ببجاحة، عبست راموليا وصرخت عليه

"لا تكن وقحاً"

التفت إليها وابتسم بخبث ثم قال بتعابير منحرفة

"وقح ؟
هل نسيت أنك جاريتي ؟"

اسودّ وجهها بسماعه رغم أنها تعي هذه الحقيقة جيداً، وقبل أن ترد عليه.. ابتسم وقال

"انزعي ثيابك"

تراجعت خطوة للخلف وأمسكت يديها على صدرِها وصرخت باستغراب

"هاه ؟
ألـ.. ألن تنتظر حتى تُشفى ؟"

انفجر شوفين ضاحكاً عليها قبل أن يرميَ أمامها درعاً شفافاً يبدو وكأنه مصنوع من مادة شمعية، تصفّحت الدرع الذي سيكون من الأفضل تسميته قميصاً وليس درعاً، أشار إليه شوفين وقال

"وجدت هذا الدرع بين غنائمي في خاتم التخزين، سيقوّي جسدك ويجعلك تنتقلين مباشرة إلى مستوى تعزيز الجسد"

رفعت حاجبيها وقالت

"هل يُعقل بأن هذا هو درع خبز النحل الأسطوري ؟
سمعتُ أن مستخدميه سيكون طريق التدريب أسهل عليهم لأنه يقوم بتعزيز الجسد داخلياً وخارجياً"

أموأ شوفين برأسه وقال

"مع أنه سينقلك إلى مستوى تعزيز الجسد إلا أنه انتقال مادي فقط ولن يُلاحظ أحد بأنك قد دخلتِ طريق التدريب لأن الأمر سيحتاج إلى تقوية هالتِك أولاً، لذلك لن تُواجهي تساؤلات الشوخ في الفترة الحالية"

توجّه مباشرة نحو الحمام وأعدّ حوضاً من الماء الساخن ثم قال بتعابير منحرفة

"تعالي.. حان وقت التدليك هيهيهي"

2020/01/09 · 838 مشاهدة · 1185 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024