"أنت هنا يا سكدير، ألم أُحذّرك من البحث عن الثأر ؟"

كان شوفين يجلِس مثل الملك على كرسي حجري مُرتفِع وينظُر للجميع من الأعلى وكأنه يستحقِرهم، وعلى جوانِب الكرسي كان يقِف رِفاقه وكأنهم وزراء الملك، وكان الكرسي جزءً من المنصّة الحجرية، تقدّم سكدير ورفع نظره نحو شوفين ثم قال

"أنا هُنا لِمرافقة عشيرتي وليس بحثاً عن الثأر"

فهِم الجميع بأن شوفين كان لديه تصادُم سابق مع عشيرة الطريق المقطوع، لذلك لا يجب على عشيرة الرمح الناصع أن تتصنّع الأسباب للهجوم على شوفين، لكن شوفين كان لديه رأي آخر حيث سأل سكدير

"الذي صوّرني في الحديقة كان يعرفني جيداً، ولا أستطيع التفكير في شخصٍ غيرِك يا سكدير، أنت من فعلها.. أليس كذلك ؟"

ابتلع سكدير ريقَه وتراجَع نصف خطوة للوراء دون شعور، وقبل أن يُدرِك..

بووووووم~

ارتعَب الجميع ونظروا نحو سكدير وكان نصفُه العلوي قد اختفى ولم يبقَ منه غير رأسِه الطائر في الهواء، وفي لمحة عين.. اختفى الرأس أيضاً وظهر في يد شوفين، عبس الجميع ونظروا نحو شوفين، ابتسم ورمى الرأس عند أقدام راموليا ثم قال

"هذا ثأرُك"

نظرت إليه راموليا بحِقدٍ قبل أن تضخّ عليه النار المسمومة وتُحوّله إلى رماد لأنه السبب في هلاك العديد من تلاميذِها، وحدث كل هذا في ثلاث ثوانٍ فقط.

اسودّت وجوه عشيرة الطريق المقطوع لأنهم ساعدوا شوفين لإيقاف الثأر حتى تبدأ المسابقات، لكنه الآن قام بمِثل هذا العمل المُستفزّ الذي لا يترك لهم أي وجه ؟

أما باقي الأقوياء فقد كانوا يفكّرون في الطريقة التي استخدمها شوفين لِقتل سكدير وكيف حصل على رأسِه البعيدة، ومهما فكّروا فإنهم لا يصِلون إلى أي شيءٍ غير "مرحلة المجال"، لكن هذا غير معقول بالنظر إلى عمر شوفين وعظمة متدربي المجال، ولو كان منهم لكان قد دخل عليهم عشائرهم بالقوة وليس اللعب معهم في البراري.

صرخ أحد شيوخ عشيرة الطريق المقطوع بأعلى صوتِه

"ما هذا الذي فعلتَه"

ابتسم شوفين وقال

"هذه مسألة شخصية، هل ترغبون حقاً بِتضيِيع الوقت على الحثالة ؟
أليس من الأفضل أن نبدأ القِتال ؟"

صمت الشيخ وبدأ يُفكّر، لكن شيخاً آخر من عشيرة أخرى تدخّل وقال

"كيف سيكون القتال ؟"

قال شوفين

"كل عشيرة تُقدّم مقاتلاً واحداً لِتمثيلها، فريقي مُكوّن مِن خمسة أفراد، من استطاع منكم هزيمتَنا في خمس نزالات على التوالي سيحصل على الكنز، والقاعدة الوحيدة هي أن القتل العمد ممنوع"

كانَت هذه طريقة شوفين لِتقليل العِبء عن فريقِه لأنهم سيخوضون العديد مِن النزالات بينما سيخوض كل مقاتل من العشائر خمس نزالات أو أقل، ابتهجَت العشائر وبدأت تُقدّم أقوياءَها، لكنّهم فطِنوا إلى أن من يذهب أولاً سيُقاتِل فريق شوفين في كامل قوّتِهم، لذلك قرّروا الاختيار بالقُرعة، وكان عدد العشائر المُشارِكة سبعة عشر فقط، وذلك لأن أغلب العشائر الصغيرة لا تُريد مُزاحمة العشائر الأكبر، بينما خشِيَت العشائر المتوسّطة أن يكون خلف شوفين قوّة لا يعلمونَها، وإلا فكيف سيكون جريئاً لِجمعِهم معاً، بل وتجرّأ على قتل سكدير بين شيوخ قبيلتِه، ناهيك عن الطريقة المشبوهة التي قتلَه بِها.

تقدّم الرقم واحد من المقاتلين وكان من إحدى عشائر صحراء بيجاد، توسّط المنصة وصاح

"أنا مستعد، من سيُقاتِلني ؟"

نظر إليه شوفين قليلاً ثم انفجر ضاحِكاً، استمرّ ضحِكُه عالياً بينما يُربّت على فخذِه بقوّةٍ حتى انزعَج الجميع وكادوا ينفجِرون عليه غضباً، استمر شوفين ضاحكاً وهو يقول

"هل تعتقد بِأني أرعى جمعية خيرية هنا ؟"

اسودّ وجه المقاتِل الذي تقدّم للقتال وصرخ غاضباً

"ما الذي تقصِده ؟"

قال شوفين ساخراً من الجميع

"أنا هنا للرهان معكم على كنوزي، ومن ليس مُستعداًّ للرهان فلا مكان له على المنصّة"

لوّح بِيدِه وأخرج جبلاً من مُختلف أنواع الكنوز، وكان قد مرّر له زِنهار أغلب كنوزِه مؤقتاً حتى يعرِضها عليهِم بِغرض تشجيعهم على الرهان، ارتجفَت قلوب العشائر عندما رأوا العديد من الأسلحة الملكية بين الكنوز، وهذا وحدَه يستحق المغامرة، ولِحسن الحظ أن زِنهار لم يمنح شوفين كنوزَه المعروفة مثل سيفِه ودِرعِه وأشياء أخرى، لذلك لم يعلموا مِن أين حصل شوفين على هذه الكنوز.

لوّح شوفين مرة أخرى بِيده وخزّن كنوزَه ثم قال

"حضّروا كنوزَكم خلال ثلاثة أيام، سأنتظِركم هنا"

صمت الشيوخ قليلاً قبل أن يصرُخ أحدُهم من عشيرة الطريق المقطوع قائلاً

"لديه العديد من الكنوز، لماذا لا نأخذُها مِنه ونقسِمها بينَنا ؟"

كانت هذه الفكرة مُباشِرة وفعّالة، فلماذا ينتظرون ثلاثة أيام ثم يُقاتِلون بينما يستطيعون أخذَها منه بِالقوة ؟

نظروا تلقائياً إلى شوفين فضحِك وقال

"هذه أيضاً فكرة رائعة، يُمكننا القيام بالأمر بهذه الطريقة"

كان لا يزال شوفين جالساً في مكانِه بِهدوء، تردد البعض عندما رأوا هدوءه، إلا أن شيوخ عشيرة الرمح الناصع قد أرادوا استغلال الموقف فصرخوا

"هل يُهدّدنا جميعاً ؟"

"إنه مجرّد مُهرج لا يعرف قساوة الحياة"

"أطيحوا به وسنقتسم الكنوز"

عبس شوفين والتفَت إلى زنهار قائلاً

"هؤلاء الحمقى يقتلون المتعة، لِنأخذهم رهائن يا رفيق، فصديقُك لا يزال بعيداً وربما ليس أصلاً في هذه الأرض"

كان شوفين يستشعِر اتجاه مكان وجود تلميذ زنهار باستغلال إشارة دودة تقصّي المصير، لكنه لن يستطيع معرفة مكانِه بالضبط إلا إذا كان قريباً، أومأ زنهار ثم أطلق طاقتَه نحو مصفوفةٍ كان قد جهّزها شوفين كلمسة أخيرة بعد بناء المنصة، وكانت هذه المصفوفة من نوع الحاجز وتوضع في العادة حول المنصة القتالية حتى لا تتسرّب الهجمات إلى الجمهور، لكن شوفين وضع لها خياراً جديداً وهو توسيع نِطاقِها إلى ثلاثة أميال، وإذا كان المتدرّب قوياً ويملك طاقة كبيرة فيُمكِنه تشغيلها لِعدّة أيام، كما أن صلابتها ستكون أعلى ولن يستطيع الضعفاء اختراقها.

توقف الجميع عندما رأوا الحاجِز الذي يُحيط بهم قبل أن ينظروا نحو شوفين، عبس في وجوهِهم وصرخ

"لقد أردت الاستمتاع معكم قليلاً، لكنّكم تريدون إفساد مُتعتي، لذلك.. لن يُغادر أحدٌ منكم هذا الحاجز حتى يقوم بإمتاعي"

--------------
سؤال الفصل:
في رأيك.. هل سيظهر عدو زِنهار قريباً ؟

2020/01/23 · 552 مشاهدة · 869 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024