الفصل 36
"التدمير المتبادل المؤكد؟"
"نعم."
التدمير المتبادل المؤكد هو نموذج من نماذج سيناريوهات الحرب النووية.
فإذا بادرت دولة ما باستخدام السلاح النووي لضرب دولة أخرى، ولم ينجح ذلك الهجوم الأول في محو جميع أسلحة العدو النووية، فعندها تصبح الضربة الانتقامية أمرًا حتميًا.
وتستمر الضربات المتبادلة بلا نهاية، إلى أن يصل الطرفان إلى الفناء الكامل.
وبمجرّد أن يتوقّع الطرفان هذه النتيجة، يعجز كل منهما عن استخدام السلاح النووي. ففي اللحظة التي يضغطان فيها زر الإطلاق، يكونان في طريقهما إلى الهلاك.
مفارقة أنّ وجود السلاح النووي يمنع نشوب حرب شاملة.
وفي هذا العالم، هناك سحر واحد يخطر في بالي بقوة موازية.
سحر سقوط النيزك العملاق، "النيزك المستعر".
النيزك المستعر يمكن أن يحلّ محلّ السلاح النووي.
شرحت ذلك.
"لذلك، إذا امتلكت كل دولة سحرة قادرين على استخدام سحر واسع النطاق مثل النيزك المستعر، أو أسلحة سحرية معادلة، أو دوائر سحرية وما شابه، فلن يتمكنوا من خوض المعارك بتهوّر. هذا هو حفظ السلام عبر توازن القوى."
"همم. موضوع مثير للاهتمام."
أبدى الأستاذ كاميل اهتمامًا، وبدأ يستفسر أكثر.
"إذن ستكون هناك عمليات خاصة لتعطيل ذلك السحر، صحيح؟"
"نعم. لهذا يجب أن يُحمى السحرة أو الأسلحة السحرية التي ذكرتها في أكثر الأماكن أمانًا."
"صحيح."
هزّ رأسه وقال:
"سحر النيزك المستعر من الدائرة الثامنة. وأشهر ساحر وصل إلى الدائرة الثامنة هو أَسْتران، أول مدير لمدرسة أَسْتران للسحر، وبطل الحرب القارية الأولى. وإلى جانبه كارسينوف الذي أسّس دوقية السحر، وسيرانو بطل الحرب القارية الثانية. أترغب أن تكون شخصية تاريخية تذكر مع هؤلاء؟"
لا، لم أقل إني أريد أن أصبح واحدًا منهم. هذا مجرد طرح نظري… نظري فقط.
كيف أصل أصلًا إلى الدائرة الثامنة؟
إنه مجرد اقتراح للحصول على أستاذ مشرف لنادي السحر المُحِبّ للسلام.
مثل خطة بحث أكاديمية… أليست هذه الخطط عادةً مبالغ فيها قليلًا؟
لكن سؤال الأستاذ كاميل لم يكن موجّهًا إليّ. لقد أجاب عنه بنفسه.
"هاهاها. أهي طاقة الشباب؟ لقد أسأت الحكم عليك يا طالب. بعد سماع اسم جمعيتك، ظننتك ضعيفًا. لكنّك تنير بصيرتي."
لستَ بحاجة لتنوير كبير كهذا، يا رجل.
لم أذكر التدمير المتبادل المؤكد لسبب معقّد.
بل فقط كي أعطي الأستاذ كاميل، الذي يتحدث علنًا عن اغتيال الشخصيات المهمة، عذرًا يسمح لي بالجلوس في غرفتي والبحث وحدي حتى أصل إلى الدائرة الثامنة.
لكن الأستاذ كاميل بدا منبهرًا كثيرًا، ثم أمسك كتفيّ بكلتا يديه وقال:
"سأكون المشرف على ما سمّيته بالتدمير المتبادل المؤكد."
"...اسم النادي هو نادي السحر المُحِبّ للسلام."
(تم استبدال الجمعية بنادي)
هدفي هو السلام فقط يا أستاذ.
"أجل. نادي السحر المُحِبّ للسلام. سأكون المشرف عليه."
أوه.
أحد الهموم انزاح عن صدري.
كان الغرض الأصلي من النوادي في مدرسة أَسْتران هو بحث السحر جماعيًا، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا.
نادي تقدير الأفعى البيضاء، نادي مراقبة الحوت العملاق… تحوّلت كلها تقريبًا إلى نوادٍ للهوايات.
وبسبب انتشار تلك النوادي، حُجز معظم الأساتذة الجيدين مسبقًا.
"الأستاذ موكالي لديه 12 جمعية، والأستاذة ميهو لديها 17، إذا لم تخني الذاكرة."
لم يبقَ إلا الأساتذة غير المحبوبين.
مثل الأستاذ دريهوس المختص بالسحر القديم، أو الأستاذة أَميلين المهووسة بالانفجارات.
والآن فهمت سبب عدم شعبية الأستاذ كاميل.
ليس لأنه غير محبوب، بل لأنه لم يمنح أحدًا الموافقة أصلًا.
فبذلك المزاج، كان سيرفض النوادي مثل نادي العناية بالحيوانات الأليفة دون تردد.
لكنني نجحت في إقناعه.
لم يتبقَّ إلا العثور على طالب من الصفوف العليا ليتولى منصب رئيس الجمعية…
"بالمناسبة يا نواه."
ناداني الأستاذ كاميل حينها.
"نعم؟"
"سمعت أنك بلغت الدائرة الثانية بالفعل."
"صحيح."
يبدو أن معظم الأساتذة سمعوا بالأمر بعد ذهابي للعيادة.
"إذا لم تختر رئيسًا بعد، فلماذا لا تتولّى المنصب بنفسك؟"
"ماذا؟ أليس ذلك ممكنًا فقط بدءًا من السنة الثانية؟"
"لا. طالما أنك اخترقت الدائرة الثانية، فيمكن اعتبارك في منزلة طالب في السنة الثانية. ومع صلاحياتي كمشرف، أستطيع جعلك الرئيس."
أوه.
لا حاجة إذن للبحث عن طالب أكبر. فبوجود رئيس، تكتمل بقية الشروط.
"ما رأيك؟ هل ستتولاه؟"
"نعم، شكرًا لك يا أستاذ!"
وبذلك أصبح نادي السحر المُحِبّ للسلام مكتمل.
والآن ينبغي أن أترك التدمير المتبادل المؤكد، وأفكر في شيء… سلمي حقًا.
---
في غرفة اجتماع الأساتذة.
كان موكالي، أثناء حضوره الاجتماع، يشعر بفضول داخلي.
"أتراه أنشأ نادي فعلًا؟"
الأستاذ كاميل الذي يعرفه لا يمكن أن يوافق على اشراف اي نادي يحمل هذا الاسم.
لكن…
"سيدي المدير، والزملاء الأساتذة، أطلب موافقتكم على تأسيس نادي السحر المُحِبّ للسلام، وسأتولى الإشراف عليه."
قدّم الأستاذ كاميل تصريح التأسيس موقّعًا منه.
موكالي شكّ في سمعه وسأله:
"هل الاسم صحيح؟"
"نعم. نادي السحر المُحِبّ للسلام."
بدأ الهمس ينتشر بين الأساتذة والمدير.
"ما الذي سمعته للتو؟"
"نادي السحر المُحِبّ للسلام؟"
"كاميل؟"
كاميل، صاحب الخلفية العسكرية، المدافع عن السحر القتالي، يتحدث عن السلام والحب؟
أمر لا ينسجم مع شخصيته أبدًا.
لم يتمالك موكالي نفسه وسأله:
"ما الذي قاله لك نواه بالضبط؟"
"نواه طالب بقدرة تفوق ما توقعت. التدمير المتبادل المؤكد؟ لم أتخيل أنه يفكر بهذه الأمور."
"التدمير المتبادل المؤكد؟"
"نعم. نواه قال…"
ثم بدأ كاميل يروي شرح نواه بالتفصيل.
"…لذلك نحتاج سحرًا قادرًا على تدمير مدينة كاملة، مثل سحر النيزك المستعر من الدائرة الثامنة."
تجمدت أفواه الأساتذة من الدهشة.
فسأل موكالي:
"أين يقع السلام والحب في هذا بالضبط؟"
"القوة العظيمة تصنع السلام. إنه أمر متناقض، لكنه جميل، أليس كذلك؟ لم أر نظرية أجمل من هذا."
هذا جميل بالنسبة إلى مجنون حرب مثلك فقط!
كتم موكالي ما كان يريد قوله، وقال ببطء:
"أنت تعلم أن الحروب القارية الأربع السابقة جميعها اندلعت بسبب جماعات حاولت استدعاء ملك الشياطين، صحيح؟"
"بالطبع."
"وهؤلاء الذين يحاولون استدعاء ملك الشياطين يريدون إحراق العالم كله — هل ينفع معهم هذا النهج؟"
"لهذا نحتاج ساحر دائرة ثامنة دائمًا."
فالأزمات تصنع الأبطال. وفي كل حرب قارية ظهر ساحر دائرة ثامنة. وهو القوة الجوهرية لمنع استدعاء ملك الشياطين.
وقال كاميل إنه يجب الاستعداد قبل وقوع الكارثة.
"وفقًا لما قاله نواه، يسمى ذلك القوة غير المتكافئة. فالخصم يحاول أصلًا استخدام قوة غير متكافئة باستدعاء ملك الشياطين. لذا يجب أن نملك نحن مثلها."
فسأله موكالي:
"وهل ستجعل نواه ساحر دائرة ثامنة؟"
هز كاميل رأسه.
"لا. سيكون ذلك حكمًا متهاونًا. حتى أنا كنت متهاونًا. لقد أدركت ذلك بعد كلام نواه."
ثم قال بحزم، كما لو قرر أمرًا مصيريًا:
"سأسلك الطريق. طريق الوصول إلى الدائرة الثامنة. لقد كنتُ راضيًا بالبقاء في السابعة دون أن أشعر."
"في هذا العمر؟"
كاميل ليس شابًا.
فهو خدم سابقًا في حرس الساحل الشرقي، ثم تقاعد.
والتدريس عنده نوع من الراحة بعد الخدمة.
لكن عزيمته تجاوزت العمر.
"حتى طالب في الدائرة الثانية يطمح لتلك المرتبة. فكيف لا يسعى ساحر في الدائرة السابعة؟ سيكون هذا تقاعسًا."
"حسنًا…"
"لذا سأكرّس ما تبقى من عمري للوصول إلى الدائرة الثامنة."
لم يجد الأساتذة ما يقولونه، وبدأت نظراتهم تتواصل سرًا:
"هل جنّ الأستاذ كاميل؟"
"وهل كان عاقلًا يومًا؟"
"إذا قال إنه سيحاول، فلا مانع… أليس كذلك؟"
معظمهم لم يكن متفائلًا.
فبلوغ الدائرة الثامنة في مثل عمره شبه مستحيل.
وفكّر موكالي:
"ظننته سيدفع نواه للذهاب لساحة المعركة ليجعله ساحر دائرة ثامنة… الْحَمْدُ لِلَّهِ لم يحدث ذالك."
ثم أنهى كاميل:
"بالطبع، يجب أن أدرّس بقية الطلاب جيدًا أيضًا، ليحلموا هم بالدائرة الثامنة."
أي أنه سيزيد صعوبة دروسه.
وموكالي لم يعترض.
---
حصلنا على غرفة للنادي.
كانت في زاوية مبنى الأندية، قرب الدرج في الطابق الأول.
كانت سابقًا لنادي بحث تاريخ السحر، لكنهم اختفوا بعدما لم ينضم أعضاء جدد.
فتحنا باب الغرفة ودخلنا.
"كيف صمد نادي تبديل الجوارب بينما…"
تساءلت إيرينا وهي تنظر إلى لوحة النادي المجاورة. فغرفتنا بجوار نادي تبديل الجوارب.
أقول: استحقّ النادي السابق الاندثار.
بحث تاريخ السحر؟
ليس مادة دراسية، ولا ممتعة.
والأدهى أن اسم نادينا "نادي السحر المُحِبّ للسلام" ليس مثيرًا أيضًا.
لكن هذا لا يهم.
"يكفي أن ننتظر أربع سنوات."
ليس لدي أي نية لتجنيد أعضاء.
أريد فقط ان ارتبط بنادي.
وحصلت على غرفة فوق ذلك… ضربة مزدوجة.
"واو. الغرفة مليئة بالغبار."
"إلى متى كانت مهجورة؟"
ما تزال آثار النادي القديمة هنا. كتب بخط اليد لطلاب سابقين بحثوا في تاريخ السحر، وكلها مغطاة بالغبار.
أخذت أحدها.
"فوووه—"
طار الغبار فور نفخي عليه، وملأ الجو.
سعلت قليلًا وفتحته.
— ...مات الكونت بيرين أغشاد، المعروف بمثير الحروب في تحالف الممالك السبعة. كانت وفاته مفاجئة.
بعد موته، أُحرقت ممتلكاته وصودرت أملاكه. لم يعلّق الملك نوراد، وانشغل بمحو كل أثر للكونت.
وبحسب الشائعات، كان الكونت تابعًا لملك الشياطين موركراتوس. واكتشفت القوات الإمبراطورية الخاصة الأمر ونفذت اغتيالًا استباقيًا، ويتعاون الملك نوراد معهم لإبادة فصيلته...
بعد قراءة عدة صفحات، بدا الأمر أقرب إلى أبحاث نظريات المؤامرة منه إلى التاريخ.
ربطت الوفيات الغامضة بالحوادث الغريبة، مدعية وجود خيط خفي خلفها.
"همم؟ القوات الإمبراطورية الخاصة؟ سمعتُ عنها."
قال رودي وهو يقرأ بجانبي. وأضاف نوركا:
"نعم. القوات الإمبراطورية الخاصة. هذا هو الاسم."
"هاه؟"
"يُقال إنها منظمة سرية خاصة تديرها الإمبراطورية. تتولى أعمال التخريب واغتيال الشخصيات المهمة."
إذًا أشبه بالـ CIA أو قوات النخبة البحرية.
حسنًا… قواعد مثل المنطقة 51 أو الاستخبارات الأمريكية تظهر دائمًا في نظريات المؤامرة.
وتابع نوركا:
"تقول الشائعات إن مشرفنا كان ضمن القوات الإمبراطورية الخاصة أيضًا."
"الأستاذ كاميل؟"
شعرت بقشعريرة.
ذلك الشعور البارد الذي كان ينتابني كلما التقيته… الآن أدركت معناه.
"أيمكن أن يكون فعلًا من القوات الإمبراطورية الخاصة؟"
لو كان الأمر صحيحًا، فالمكان الذي أراد ترشيحي له لا بد أن يكون هناك أيضًا. وهذا واضح بما يكفي.
كنت أظن أنه لا يوجد أستاذ عاقل سيرسل طالبًا لمكان كهذا، لكنني نسيت للحظة أن هذه المدرسة مليئة بالمجانين.
من يضع جرعات سحرية في شاي الطلاب، ومن يحب التفجيرات، ومن يهوى نظام القياس بالياردات…
وجود مهووس حرب إضافي لن يكون غريبًا.
"ربما لهذا السبب أحبّ التدمير المتبادل المؤكد إلى هذا الحد؟"
كانت عيناه تتوهجان.
أخشى أنني أشعلت شيئًا داخل الشخص الخطأ.
"على أية حال."
الترشيح مجرد ترشيح.
إن لم أذهب… انتهى الأمر.
ولا يزال أمامي عامان قبل اختيار التخصص. لا داعي للقلق مسبقًا.
مسحت ذراعي التي وقف عليها شعر بدني.
(يقصد القشعريرة)
كان أصدقائي منشغلين بقراءة كتب المؤامرات الأخرى.
حتى إيرينا كانت تقلب الصفحات بعينين لامعتين.
فقلت لهم:
"بما أنه أصبح نادي السحر المُحِبّ للسلام، ألا ينبغي أن نبحث شيئًا يناسب الاسم؟"
"هاه؟ مثل ماذا؟"
دور الطالب في عالم يسوده السلام.
"الامتحان النصفي يقترب. هل أنهيتم الصيغ الأساسية؟"
لا شيء يحقق السلام أكثر من… الدراسة.
وتصبّب العرق البارد من جباههم.
انتهى الفصل
عنوان الفصل (حصلنا على غرفة للنادي)
{ بدلت اسم جمعية ب نادي}
شتفضلون؟ اسم نادي ام جمعية (الرسمية هي جمعية لكني غيرتها لنادي)
و كتبو هل تحبون انزل مجموعة فصول دفعة واحد او على عدة دفعات طوال اليوم
هذا الفصل مجرد افتتاحية بنزل 4 فصول بعدين