الفصل 47

بدأنا عملنا.

ورغم أننا بدأنا متأخرين عن البارحة، إلا أننا خططنا لبيع المزيد.

وضعت حبتَي بطاطا على المبشرة في كل مرة وبشرتهما. وبينما أفعل ذلك، كنت أقلي فطائر البطاطا بكلتا يديّ. وفي الوقت نفسه، كلما جاء زبون، كنا نضرب أيدينا ونصرخ هكذا:

"أهلًا وسهلًا"

"أهلًا وسهلًا"

إنه تمامًا مثل الترحيب بالزبائن في المطاعم اليابانية.

إنه مزيج غريب، مايجو المغولي، وفطائر البطاطا الكورية، وضيافة يابانية، ولكن من يهتم؟ إنه أشبه بمجموعة من ثقافات القارة الشرقية.

واليابان ليست قارة بل أرخبيل... لكن من يهتم بذلك أصلًا؟

(الأرخبيل: سلسلة جزر أو مجموعة جزر)

هذا هو التجسيد الحقيقي للشرق.

منذ البداية، كان الطعام الذي نصنعه بسرعة مذهلة يُقدَّم عبر نوركا ورودي.

بالأمس بعنا نحو ثلاثمئة وجبة.

وكان ذلك بعد أن جاء وذهب عدد كبير من الزبائن. لكن هذه المدرسة تضم نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة شخص مقيم، مع ما يقرب من ثمانمئة طالب في كل سنة، أي ثلاثة آلاف ومئتي طالب، إضافة إلى الأساتذة ومساعدي التدريس.

وباستثناء ثلاثمئة شخص من الأمس، ما زال هناك نحو ثلاثة آلاف ومئتي زبون محتمل.

لذا كان لدينا الكثير لنبيعه.

"أوه! لذيذ"

"كيف يمكن للبطاطا أن يكون طعمها بهذا الجمال؟"

"هذا لذيذ جدًا. إذن هذه هي ثقافة القارة الشرقية. كيف تعبّرون عن كلمة لذيذ في القارة الشرقية؟"

أجاب نوركا سؤال الزبون.

"تُقال كلمة ميمي. وتعني مذاق جميل."

"أفهم! ميمي"

"ميمي"

كان المشهد مذهلًا، خدمة على طريقة المطاعم اليابانية، وفطائر بطاطا ومايجو، وزبائن يهتفون ميمي بعد الأكل.

هل ترى هذا يا سيد كيم غو؟

(ملاحظة: كيم غو هو زعيم وطني كوري وأحد أهم رموز الحركة الاستقلالية الكورية ضد الاحتلال الياباني.

عاش بين 1876–1949، وكان رئيس الحكومة الكورية المؤقتة في المنفى، ويُعتبر رمزًا وطنيًا للكفاح من أجل الحرية والوحدة.) (المنفى: الإقامة بعيدًا عن الوطن رغمًا عنك يعني هو كان رئيس حكومة كورية مقامة خارج البلد معلش طولت بهالموضوع نرجع للفصل)

إن انسجام شرق آسيا يتحقق في هذا العالم الآخر.

أليس هذا هو السلام والمحبة الحقيقيان؟

لقد باع نادي محبي السلام كل فطائر البطاطا والمايجو، وبلغ مجموع الإيرادات ستين قطعة ذهب.

أي مرة ونصف أكثر من البارحة.

"آه. سأموت من التعب."

"كان ذلك متعبًا جدًا."

انهار رودي ونوركا اللذان كانا يقومان بالتقديم. ومسحت إيرينا، التي كانت بمثابة ثلاجة مايجو طوال الوقت، العرق الغزير المتدفق من جبينها وهي تبدو منهكة بالقدر نفسه.

كان الجميع مرهقين تمامًا، لكن وجوههم كلها مليئة بالابتسامة.

طبعًا.

انظر فقط إلى مقدار المال الذي جمعناه.

فبإضافة أرباح الأمس، أصبح لدينا ما يقرب من مئة قطعة ذهب، وهذا يكفي لنجلس من دون عشاء ونحن ممتلئون.

وحان وقت توزيع المال الذي ربحناه.

جلسنا في دائرة والمال مكدس في المنتصف.

بدأ رودي الكلام أولًا.

"تعلمت الكثير أمس واليوم. لم أتخيل أننا قد نستخدم الشائعات الكاذبة في التسويق. نواه كان سينجح كتاجر. إن لم تجد ما تود فعله بعد التخرج، تعال إلى نقابة تجارنا."

"وبما أنك تعرف ثقافة القارة الشرقية جيدًا، فأعتقد أنك ستناسب أكثر شركتنا التجارية."

قدّم لي رودي ونوركا دعوتهما. هكذا تكون العلاقات الجيدة.

تلك فرص عمل مستقرة، أليس كذلك؟ ليست مكانًا بغيضًا مثل القوات الخاصة الإمبراطورية.

"لكنني أعتقد أن نواه سيفعل شيئًا أكبر."

"نعم نعم."

لا يمكن. سأكون سعيدًا فقط بالعمل في نقابة تجارية.

ويبدو أن إيرينا أيضًا اكتسبت شيئًا، إذ شاركت أفكارها.

"لقد تعلمت شيئًا جيدًا من هذا الحدث أيضًا. لم أستخدم من قبل سحرًا للحفاظ على درجة حرارة ثابتة كل هذا الوقت... وبعد القيام به، أشعر أنني بدأت أدرك التحكم الدقيق في المانا. إذا أتقنت الأمر، فقد يكون هو الخيط الذي يقودني إلى الوصول للدائرة الثانية."

"لحظة… بينما البعض كان على وشك الموت عندما كاد قلبهم ينفجر بسبب مانا كرة بلورية هائلة، ولم يتمكنوا من اختراق الدائرة الثانية إلا باستخدام سحر يشبه اللعنة يُسمّى إضعاف قوة الاستعادة…"

وتصلين أنت إلى الدائرة الثانية لأنك كنتِ ثلاجة مايجو؟ ألا ترين أن هذا تجاوز للحدود؟

"شكرًا. كل هذا بفضل نواه. هذا الإدراك يكفيني. يمكن لنواه أخذ حصتي."

دفعتني إيرينا بقطعها الفضية.

أوه، أنت لا تتجاوزين الحدود بعد الآن!

إيرينا، أنت عبقرية. تفضلي واعملي على اختراق الدائرة الثانية!

"لم نفعل هذا من أجل الفكة. نواه يجب أن يأخذها."

"صحيح."

كان هذا من رودي ونوركا.

فكة، يا رفاق...!

أنتم حقًا أصدقاء رائعون. شكرًا لكم!

لم أتردد وابتلعت المئة قطعة ذهب.

---

يوم المهرجان الثالث.

ما إن استيقظ نيريان صباحًا حتى أخرج صندوقًا من تحت سريره.

لقد حان وقت أخبار المقر.

فتح الصندوق المعدني الصدئ ونظر إلى الماء المتماوج داخله.

وسرعان ما ارتفعت ورقة ببطء من الماء.

وكان مكتوبًا عليها:

لا وجود لتسلل عملاء القوات الخاصة. وبما أن تقاعد كاميل مؤكد، تابعوا الخطة كما هي.

عض نيريان شفته السفلى.

كان من المقلق بما فيه الكفاية محاولة تفادي أعين الأستاذ كاميل، لكنه كان على أعصابه أيضًا بسبب احتمال وجود عملاء سريين للقوات الخاصة.

لكن المقر قال إنه لا يوجد.

هل يجب أن يثق بكلام المقر؟

فكّر نيريان.

هل يعرف المقر الوضع المحلي جيدًا؟ لا. ما الذي أقوله؟ كيف لا أثق بالمقر؟ لا بد أنهم حصلوا على معلومات موثوقة. يجب أن أثق بمقر نيفينتيليوم.

شد عزيمته وفكر مجددًا في هوية نواه آشـبورن الذي كان يشك فيه.

لن يسمح عميل سري بانتشار الشائعات بهذه الطريقة. بل بالأمس كان يروّج لها وينشرها بنشاط. لو كان من القوات الخاصة، لالتزم الهدوء.

ربما كان هذا التقدير منطقيًا.

فلو كان حقًا عميلًا للقوات الخاصة، لما كان سينكشف بسهولة أمام طلاب سنة أولى.

فحتى هو، كمُنتسب لنيفينتيليوم، لم يُكتشف بعد.

آه. يا سيد نيفينسيس...!

نيفينسيس هو ملك الشياطين في أعماق البحر.

ونيڤينتيليوم هو اسم الجماعة التي تتبعه. وكان مقر نيفينتيليوم ينشط أساسًا في تحالف الممالك السبع المجاورة للبحر الجنوبي.

لكن لاستدعاء ملك شياطين حقيقي، كانوا بحاجة إلى أفراد أكثر موهبة، تحديدًا من مستوى طلاب المدرسة الإمبراطورية السحرية.

ولهذا تم إرسال نيريان.

استجمع نفسه وأغلق الصندوق.

الخطة تسير كما هو مقرر...

ارتدى ملابسه ووضع عدة أعواد بخور سوداء في جيبه.

ثم خرج إلى ساحة المدرسة حيث يقام المهرجان في أوجه.

كانت فعاليات الحانة قد انتهت، لكن الكثير من الأنشطة الأخرى ما تزال قائمة.

وأكثرها رواجًا كان فعالية ترويض الدريك صغير في المدرج الدائري.

هذا الحدث، الذي تستضيفه المدرسة بنفسها لا المجلس الطلابي ولا النوادي، يمكن اعتباره ذروة المهرجان.

الدريكات وحوش من عائلة التنانين، أكبر من ويڤرن وأصغر من تنين.

وهذه الدريكات لديها خاصية اتباع مالكها بإخلاص حتى الموت إذا رُوّضت في الصغر، ويمكن للمالك ركوبها بحرية.

لذا فإن ترويض الدريك الصغير كان منافسة يرغب الجميع في المشاركة فيها.

ولو نجح أحدهم في ترويض دريك، فسيكون ذلك مكسبًا مذهلًا.

طبعًا، لم ينجح الكثير من الطلاب في تاريخ المدرسة السحرية في ترويض دريكات.

مقرف.

مرّ نيريان بجانب المدرج المزدحم وهو يبلع شتيمته.

كان يكره فكرة ترويض كائن آخر وجعله تابعًا.

هذا العالم خاطئ. يجب على نيفينتيليوم تطهير العالم. وعندما ينزل سيد نيفينسيس، سيجعل العالم كله متساويًا.

أخفى هذه الأفكار الداخلية وأدار ملامحه.

كانت المنطقة المحيطة بالمدرج مزدحمة بالناس الراغبين في مشاهدة الترويض.

ورغم أن المشاركة في المنافسة تقتصر على طلاب السنة الرابعة، فإن مجرد مشاهدتها كان ممتعًا أيضًا.

لكن لا بد أن بعض الطلاب في هذه المدرسة يكرهون مثل هذه الفعاليات.

طلاب مهمشون، ساخطون على وحشية ترويض الوحوش.

استهدف نيريان مثل هؤلاء الطلاب.

ورأى طالبة تجلس على مقعد في شارع هادئ بعيد قليلًا عن المدرج.

كان لديها شعر برتقالي، ونظارات بإطار قرني، ووجه مليء بالنمش. وجه رآه من قبل.

طالبة سنة أولى.

اقترب منها وقال:

"مرحبًا."

"أوه، مرحبًا..."

تقبلت الطالبة التحية بخجل. تابع نيريان الحديث كما تعلم في نيفينتيليوم.

"اسمي نيريان. ما اسمك؟"

"أنا... ماتيلدا."

"ماتيلدا. لديك هالة جيدة جدًا."

"هالة جيدة؟"

"نعم. هالة دافئة وقوية جدًا يمكنها إنارة العالم."

"أأنا؟"

هزت الطالبة المسماة ماتيلدا رأسها وكأن ذلك مستحيل، لكن ملامحها أظهرت أنها سعيدة.

فالناس يحبون سماع أنهم مميزون.

وكان ذلك تمامًا كما توقع.

"ماتيلدا، ربما لا تعلمين، لكنك شخص دافئ وقوي جدًا. لكن الطاقة الجيدة التي تملكينها لا تستطيع الانتشار الآن. لأنها محاصرة بشيء يحجب الحقيقة."

هزت ماتيلدا رأسها موافقة كما لو أنها مسحورة.

تابع نيريان:

"هل ترغبين في استكشاف الحقيقة معي؟ توجد الكثير من الحقائق في العالم التي يخفيها الناس. إنهم فقط لا يخبرونك. أأنت مهتمة أيضًا بتلك الحقيقة، ماتيلدا؟"

فأومأت ماتيلدا وأجابت:

"نعم. أنا أيضًا أؤمن بوجود حقائق خفية في العالم."

أمسك نيريان يد ماتيلدا، مسرورًا بإجابتها.

"هناك أشخاص يدرسون تلك الحقيقة معًا. أتودين الانضمام إليّ اليوم؟"

"هل... هل عليّ ذلك؟"

لحسن الحظ، كانت الطالبة ماتيلدا سهلة الإقناع. وكان قد استقطب بالفعل طلابًا آخرين، طالبتان وطالب واحد، لكن العدد لم يكن كافيًا.

الآن أصبحوا خمسة.

أخذ ماتيلدا وانضم إلى بقية الطلاب.

ثم توجهوا إلى المدرج الخارجي حيث يتلقون حصص حلقة دوران المانا كل صباح.

المدرج الخارجي هو المكان ذو أعلى كثافة مانا في المدرسة. وهو أيضًا المكان الذي يجتمع فيه كل طلاب السنة الأولى كل صباح. إنه المكان المثالي لنشر إرادة سيد نيفينسيس.

كانت الخطة تقضي بزرع إرادة نيفينسيس هنا باستخدام الطلاب الخمسة كوسطاء.

فالناس الذين يراكمون حلقاتهم الماناوية بمانا مختلطة بتلك الإرادة سيبدأون لا شعوريًا بتقبل كلام نيفينتيليوم.

وكان هذا أحد مخططات نيفينتيليوم الكبرى.

لحسن الحظ، لا توجد حصص أثناء المهرجان، والجميع يتدفق إلى المدرج، لذا ليس هناك الكثير من الناس هنا.

كان التوقيت مثاليًا.

وكل ما تبقى هو أن يمسك الخمسة أعواد بخور نيفينتيليوم ويتلوا التعويذة المظلمة في المدرج الخارجي.

لكن.

لا!

صُدم نيريان ما إن دخل المدرج.

كان نواه آشـبورن جالسًا هناك في المدرج الذي كان من المفترض أن يكون فارغًا.

كيف يكون نواه آشـبورن هنا؟!

امتلأت عيناه بالخوف والارتباك.

---

لم أنسَ أن أراكم حلقة دوران المانا الخاصة بي حتى خلال المهرجان.

فمع أنني زدت سرعة التراكم عبر سحر إضعاف قوة الاستعادة، فإن تركيزي الأساسي لتراكم المانا ما يزال بدرجة B+. ولا أعرف كيف سيعمل سحر إضعاف قوة الاستعادة عندما أصل إلى الدائرة الثالثة أو الرابعة.

كنت بحاجة إلى تراكم أكبر قدر ممكن من المانا ما دمت قادرًا.

لذا حتى صباح اليوم الثالث من المهرجان، جئت إلى المدرج لأراكم المانا.

يا للنعمة أنهم يفتحون المدرج صباحًا حتى أثناء أيام المهرجان الثلاثة.

فالمدرج الخارجي هو المنطقة ذات أعلى كثافة مانا في المدرسة، مما يجعله المكان الأكثر كفاءة لتراكم المانا.

وقد راكمت بالفعل ما يقرب من عشرين ماكينا من المانا. وبذلك، ربما أصل إلى مئة ماكينا قبل أن أصبح طالب سنة ثانية.

أما اختراق الدائرة الثالثة فشيء آخر.

لقد كنت محظوظًا لاختراق الدائرة الثانية مبكرًا، لكن الدائرة الثالثة قد تكون أصعب. لذا من الأفضل الوصول إلى الحد الأقصى بأسرع وقت ممكن.

ولهذا كنت أتدرب على تراكم المانا اليوم أيضًا في المدرج الخارجي.

ثم دخل عدة طلاب آخرين المدرج.

كانوا طلاب سنة أولى.

كان هذا مفاجئًا لأنه لم يحدث من قبل.

هل جاءوا أيضًا من أجل تراكم المانا؟

لدرجة وجود طلاب يأتون للتدرب على تراكم المانا حتى في صباح المهرجان.

إن الحماس الدراسي في مدرسة السحر مذهل فعلًا.

نظرت إلى وجه الطالب الذي دخل أولًا. كان ذا شعر أزرق باهت ممشط بدقة، ويبدو كطالب نموذجي.

بدا مندهشًا جدًا عندما رآني جالسًا قبله.

ربما لم يتوقع وجود شخص آخر سبقه.

سألته:

"آه، أنت أيضًا؟"

فانتفض رعبًا.

"ماذا! هل يمكن أن...؟!"

ما الأمر؟ لماذا هو مصدوم هكذا؟

هل كان مفاجئًا جدًا أنني كنت أتدرب هنا أولًا؟

انتهى الفصل

عنوان الفصل (آه، أنت أيضًا؟)

2025/11/26 · 324 مشاهدة · 1731 كلمة
Y A T O
نادي الروايات - 2025