نعود لمنزلهما عند الساعة 9:59PM
عند طاولة الطعام المستطيلة...
يجلس بمقدمتها كرينج و بنهايتها اليس...
على الجانبين يوجد أربع كراسي كمجموع...
على يمين اليس يوجد مايلز و بعده تجلس ليلى...
اما يمين كرينج فتجلس مارتا بجانبها نينا....
ينظر كرينج لساعته قائلا: إنها العاشرة تماما...اظن أنه الوقت المناسب الآن يا مارتا....
تحرك مارتا رأسها بالايجاب و تعلوها ابتسامة ثقة كبيرة..
تدخل المطبخ لتفوح رائحة زكية من المطبخ، رائحة الموزاريلا و الفلفل الحار الشهية ملأت البيت...
يلتفت الجميع و تتغير ملامحهم للجوع و يسيل لعابهم من هول ما اشتموه....
تخرج مارتا ببعض الاطباق المغطاة بالاقمشة لكي لا نرى ما يحتويها و توضب الطاولة بكل اتقان دون أي حركة خاطئة أو حتى زاوية ذراع خاطئة...
تحضر و قد وضعت كل شئ بمحله لتعطيهم نظرة الشيف الايطالي المحترف قائلة: "Buon appetito, signori" بمعنى"استمتعوا بالوجبة"...
ترفع الغطاء عن الاطباق لنرى أنها طهت ست أطباق من اللازانيا الايطالية مع الريحان فوقها و تتخلل الطبقات المقطعة بإتقان شديد الموزاريلا الذائبة لنرى البخار يخرج من الطبق بمشهد أشبه بحلم...
و كطبق جانبي كانت توجد قطع الكانيلوني الشهية و سلطة جرجير مع الريحان و النعناع و قد كانت الاطباق تتلون بألوان كالأصفر و الاخضر و الأحمر و الشموع تضيئ الطاولة بدل الضوء المطفأ...
تجلس مارتا بجانب كرينج قائلة: تبا... لم اطبخ الكانيلوني منذ زمن....
كرينج: ياله من إتقان يا مارتا... إن ما ينقص هذه المأدبة قليل من النبيذ الأحمر...
مارتا: كل شئ مجهز عزيزي... ليس عليك أن تنقد أعمال مارتا بدون وعي.... بنبرة واثقة مليئة بالكبرياء..
يصفق كرينج قائلا: أجل أجل لقد نسيت ذلك...
مارتا: فليتفضل الجميع.. إن السيد كرينج ليس شخصا غريبا... إنه من العائلة...
نرى تقلب وجه مايلز العابس الذي ينظر إليه كرينج بابتسامته المستفزة تلك....
كرينج: يمكنك أكل طبقي يا مايلز... فأنا في حمية الفترة الأخيرة...
مارتا: حقا؟ لم ألاحظ تغيرا في وزنك...
يضحك كرينج بصوت عال قائلا: لا تأخذي كل شئ على محمل الجد، هناك بعض الكلمات قد تسيئين فهمها إن أسأتي فهم المقصد منها... و هناك أنواع اخرى....
اليس: أخرى؟
كرينج: أجل... كمثال: لا تنظر للسماء كثيرا، فقد تحرق الشمس عينيك... هذه لها معاني كثيرة...
يبتسم مايلز قائلا: يارجل أنت و كلامك المبهم، لست أدري من أين سيرك أتى بك والداك...
يمسح كرينج فمه بمنديل ليقول لمارتا: اتسمحين لي؟
لترد مارتا: نعم.. ماذا هناك؟
كرينج: إنه لا يدعى سيركا عزيزي مايلز...
مايلز: ماذا يكون إذا؟
كرينج: إنها مؤخرة والدك، لكننا كنا نلونها بالأصفر والأحمر للتسلية... كانت اياما جميلة~
تكتم نينا ضحكتها حتى أحمر وجهها...
مايلز: ماذا قلت عن والدي؟!
كرينج: اجلس يا مايلز.. كلانا يعرف أن والدك ليس شخصا جيدا... ألا توافقني الرأي؟
مارتا: مهلا...سيد كرينج، لم أأذن لذلك!
مايلز: أجل! بيتنا!
مارتا: إدفع معي التكاليف و بعدها صفه "ببيتنا"، و فمك يستخدم للأكل فقط! لذا استفد منه! بنبرة غاضبة قليلا...
ليلى: و ها هي عائلتي الجميلة تستمتع بوقتها... أنا ذاهبة لغرفتي...
كرينج: مكانك يا آنستي... حتى تنتهي من طبقك...
ليلى: ليس و كأنك والدي أو ما شابه...
كرينج: بالطبع لا، لذلك لست مهتما بما سيحصل لك إذا اختفت تلك الابتسامة... و يشير لابتسامته...
مارتا: هل لديك ما تقوله لنا يا كرينج؟
كرينج: بالطبع، نسيت خطابي...
يمسح فمه بأحد المناديل و يقف ليخرج ورقة من جيبه قد كان واضحا أنها فارغة...
كرينج: هئحم... يا عائلتي الجميلة.. مارتا، اليس، نينا، ليلى، مايلز... لدي وصية صغيرة لكم لأنني يمكن أن لا اراكم مجتمعين مرة اخرى... و رمنا"إيتومي" قد يأتي لاصطياد روح أحد منكم...
"ايتومي هو روح الموت في ديانة جرح هانيبال الايمن و تقول الاسطورة أنه يخطف الارواح بصنارة الصيد"
مايلز: منذ متى و نحن نعرفك يا سيد كرينج؟! الست تتكلم كمن نعرفه حق المعرفة؟
يبتسم كرينج مغمضا عينيه و يغلق ورقته قائلا: ألا تمتلك الصبر؟ إن لم انتهي من خطابي خلال العشر دقائق القادمة فلسوف انحر اعناقكم و اضعها كزينة لثريات مارتا في بيتها الجديد! يقولها بنبرة غاضبة بالنهاية...
يبلع كل من في الغرفة ريقه خائفا من مزاجه المتقلب...
يفتح ورقته مجددا و تعود ابتسامته ليكمل:
عزيزتي مارتا.. الزواج هو أسوء خيار يمكن أن يحصل لك.. لا تستعجلي به، خصوصا إن كنتي لم تثقي بالطرف الآخر كما يجب...
يقاطعه مايلز: مالذي تتحدث عن-
لم يكمل كلامه حتى وجد كرينج أمامه مباشرة ينظر له قائلا: اتريد أن أقول لأليس؟
يتجمد مايلز و يجلس مكانه دون أي مقاومة...
كرينج: عموما... اليس، يا صديقي الصغير... إن النظر للسماء أمر سئ بالنسبة لشخص مثلك، ستختفي ألوان عينيك و ربما تفقدهم إن أطلت النظر للسماء.. و ايضا.. كل عام وأنت بخير... أعرف ان لا أحد قال ذلك لك غير مارتا... لذلك استمر بابتسامتك و جد ما فقدته من ذاكرتك.. و صدقني، اشباهي لن يجلبوا لك إلا المتاعب...
اليس: مالذي؟؟
يكمل كرينج قائلا: و نينا... يا ملكة الحظ السابعة.. إنك إن لم تسامحي أخاك، فأقسم بدم ذراع هانيبال أنك ستندمين، اعتذري له بعد رحيلي... و ليس عليك أن تغضبي على أتفه الاسباب لأن عائلتك ليست مثالية... فلا تنتظري الكثير منهم اتفقنا؟
تتجمد نينا بمكانها لسماع نفس الجملة أكثر من مرة...
يكمل كرينج: اجل... تعرفين قصدي من كل كلمة قلتها...
عليك أخذ المجوهرات التي تقدم لك، إنها ثمينة بالطبع...
ليلى: مالذي تتفوه به بالضبط؟
مارتا: أجل، كرينج ما المقصد من كل هذا؟
ينظر كرينج لساعته ثم يقول لهم: لم يتبقى شئ على انصرافي... اتسمحين؟
يكمل كرينج: مارتا.. إيرينا قريبة جدا من العودة لمنزلها...
ثم يغلق الورقة و يضعها بجيبه ليظهر بيده كأس نبيذ احمر من العدم! يرفع يده لفوق لتظهر في أيدي الجميع كؤوس من نفس النوع....
ليقول: نخب العائلة...ثم يهمس لمارتا: لا تخافي إن كأس اليس و نينا به بعض عصير العنب..
يرفع كل منهم كأسه و كل منهم يحمل نظرة مختلفة على محياه...
الساعة 11:23PM
تصعد نينا متجهة نحو غرفتها ليناديها اليس...
اليس: إن... لدي شئ لأعطيه لك...
نينا بنظرة باردة: ماذا لديك؟
يصعد اليس نحو غرفته ليقول لها: من هنا...
تستغرب نينا و تذهب وراءه بيأس واضح على وجهها...
يبحث اليس بأحد الصناديق لتدخل نينا غرفته و بدا كأنها لم تدخل منذ مدة.. لقد أخذت تنظر يمينا و شمالا في غرفته...
كان يوجد ملصقات ل"آينشتاين" هنا و هناك و رسومات جدارية ل"سبادير مان" يبدو أن اليس من رسمها بنفسه..
على الرفوف بجانب مكتبه يوجد مجموعة كتب سوداء تحت عنوان "عصيان الفلك" و كتب مختلفة اخرى مثل(حبكة #3، وداعا يا غرناطة، بذلات آدم، قصر الشراهة و كتاب فيزياء الكم)
كانت غرفته شبه فارغة من أي شئ آخر غير ما ذكرناه... كانت هناك مساحة كبيرة باقية لم يستعمها اليس...
تقول نينا بنبرة خائفة قليلا: ماذا حدث لغرفتك؟
يرد اليس مستغربا: ألم تكن هكذا من قبل؟
نينا: بصراحة أنا لا أعرف... لكن... أذكر أنني لمحتها مرات قليلة و لم تكن تلك المساحة موجودة قبلا...
يتوقف اليس عن البحث لينظر لها نظرة بحزن قائلا: لم أكن أتوقع أنني سأنسى الاعتناء بك...
تتوتر نينا قائلة: تعتني بي؟ بصفتك من؟
ينظر لها اليس مباشرة في عينيها قائلا: لأنني كل ما تبقى من عائلتنا...
نينا: ماذا؟
اليس: لا عليك... بنبرة حزينة...
نينا: أنت لا تعرف ماذا حدث وقتها؟
اليس: أنا لا اتذكر أي شئ حدث قبل سنتين...
نينا: إذن أنت لا تعرف-
يقاطعها اليس قائلا: أجل... أعرف...
يقف اليس و يلتفت نحوها و بيده كيس قماشي...
نينا: ما ذلك؟
اليس: اعتبريه هدية مني...
يخرج من ذلك الكيس العِقد ذو حدوة الحصان الذهبية...
تلمع عينا نينا بلون اصفر ذهبي و تتوسع عيناها حتى كادت تدمع... بدأت بالتلعثم و قد ظهر على وجهها الخجل...
اليس: أنا آسف على كل شئ حدث في السنتين الماضيتين...
نينا: لكن... أنت لا تذكر...
اليس: لا أحتاج للتذكر أنني كنت شخصا سيئا حينها...
يلبسها العِقد و قد كانت ابتسامة نينا واضحة رغم دموعها التي بدأت تهطل كالمطر....
تعانق نينا اليس و قد كان واضحا أنها كانت أقصر منه فقد كانت تعانقه من جهة معدته و بالكاد يصل رأسها لبداية عنقه...
اليس: كل عام وأنتي بخير....
نينا: لا تشعرني بالخجل فأنا لم أحضر لك هدية حتى...
يضحكان و قد كان اليس مرتاحا أخيرا لأنه أصلح ما حدث...
يسمعان صوت عراك بالأسفل فينزلان لتفقد الأمر....
يريا مايلز الذي بدا كأنه غاضب على مارتا بعد ذهاب كرينج...
اليس: إلى أين ذهب سيد كرينج؟
مايلز: أيتها الغبية!! كيف تسمحين له بإهانتك أنتي و عائلتك هكذا!!!
مارتا: أنا آسفة! إن كل ما في الأمر أنه عزيز علي!...
مايلز: لطالما كنتي طيبة مع الجميع!! حتى يتبرزوا على وجهك اللعين!
اليس: هاي!! ما هي مشكلتك يا عم مايلز!!؟؟
يلتفت له مايلز و قد كان على وشك أن يضرب اليس بظاهر يده! ليتفاجأ بضربة على وجهه بشئ معدني لم يميزه!!
يسقط على الأرض و قد ملأ الدم يده بعد أن أمسك برأسه!
يرفع بصره ليرى مارتا ممسكة بمسدس 0.9 و تشيره لوجهه بكل هدوء و قد ظهر على وجهها الغضب...
مايلز: ما.. ماهذا؟!
مارتا: لست أظن أنك أعمى... لا اظنني مضطرة لشرح الموقف...
مايلز: هل فقدتي...
تقاطعه مارتا قائلة: أنت الوحيد المجنون هنا.... أتظن أنني سأنتظرك حتى تضرب اليس لاغضب؟
يمكنك إهانتي كما تريد! لكن لن يقدر أمثالك على لمس شعرة من ابنائي... و الآن... هل انتهينا هنا؟ أم أنك تريد الحفاظ على حياتك؟
اليس: يكفي ماما... دعيه يذهب...
يلتفت له مايلز بغضب... فتقول له مارتا: اجمع اغراضك و ارحل!
مايلز: هيا ليلى! لم يكن علينا المجيئ هنا من الاساس!!
يخرج راكضا لتلحق به ليلى وهي تدير وجهها لهم...
ينظر لها اليس منتظرا أن تودعهم على الاقل...
تشير لهم ليلى بالاصبع الاوسط و تخرج راكضا بحقيبتها...
اليس: تلك ال...
نينا: لا تكمل حفاظا على حياتك...