سار جياوهنغ داخل القصر بخطوات بطيئة و ثابتة و كانت الجثث تملأ المكان لدرجة أنه لا يوجد أي مكان لوضع الأقدام أثناء السير لذا كيف كان جياوهنغ يسير ؟ ببساطة كان يدوس على الجثث كأنهم ليسوا بشرا بل مجرد عشب أو حصى على الطريق
كانت رائحة الدماء تملأ أرجاء القصر لكن جياوهنغ حافظ على وجه خالي من التعابير كأنها الرائحة الطبيعة للهواء
سار جياوهنغ متوجها نحو الباب الخارجي للقصر و عندما لم تتبقى سوى بضعة أمتار فجأة تغير محيط جياوهنغ تماما
نظر جياوهنغ من حول و كان المشهد صادما ما رآه كان فتى صغيرا بعمر ست أو سبع سنوات كان يحمل سكينا ملطخا بالدم و أمامه أربع جثث ممددة على الأرض رجل و امرأة في الثلاثينات من عمرهما و شاب يبلغ عمره حوالي 16 عاما و فتاة تبلغ حوالي 14 عاما كانت الجثث غارقة في الدماء و الطفل يحدق بها بوجه خالي من التعابير
نظر جياوهنغ نحو الجثث للحظة ثم حول نظره نحو الطفل دون عناء النظر في الجثث أكثر كان هذا الطفل هو جياوهنغ و تلك الجثث تعود لعائلته الذين قتلهم بيديه عندما كان عمره ست سنوات
كانت عائلة جياوهنغ عائلة فقيرة تعيش في قرية بسيطة و لأنها كانت عائلة فقيرة لم يستطيعوا إطعام الجميع بسبب الضرائب المرتفعة للغاية و كان الموت أمرا عاديا حيث يموت بضعة أشخاص كل يوم جوعا
كانت ولادة جياوهنغ غير مرغوب بها لأنها نتيجة ليلة لتنفيس الغضب لذا اعتبرته عائلته عبئا و عاملته معاملة رهيبة من أعمال شاقة و حرمان من الطعام لأيام و كان يتعرض للضرب المبرح كلما كانوا في مزاج سيئ كوسيلة لإفراغ الغضب نتيجة ذلك أدرك جياوهنغ الطبيعة الحقيقة للبشر منذ الصغر فالبشر كائنات أنانية بطبعها فمهما بلغ مقدار الصداقة أو الحب سينقلب إلى كراهية بسهولة كل ما يتطلبه الأمر هو بعض الشك و سوء الفهم لينهار كل شيء و لأن جياوهنغ كان ذكيا للغاية فقد أدرك منذ الصغر أن الشيء الوحيد الذي يستطيع الإعتماد عليه هو قوته الخاصة لكن ماذا يستطيع طفل صغير أن يفعله
كان جياوهنغ عاجزا عن فعل أي شيء كان وحيدا تماما الكلمات التي قالها خلال ست سنوات كاملة أقل من الكلمات التي يقولها شخص عادي في يوم واحد
كانت حياة جياوهنغ اليومية عبارة عن عمل وتلقي الضرب المبرح و الوحدة و الجوع إلى أن وصل اليوم الذي غير حياته
استيقظ جياوهنغ ليلا بسبب أصوات أهله وهم يتحدثون
" حسنا إذا لنبع هذا الشقي لتاجر العبيد "
" نعم نحن محظوظون أنه مر بقريتنا بهذا يمكننا أن نجني مالا يكفينا لشهر كامل "
" حسنا اذهبي و أحضري ذلك الشقي "
" نعم أبي "
سمع جياوهنغ المحادثة بالكامل و كان يعرف جيدا ما هو تاجر العبيد و أن ما ينتظره هو جحيم أسوء مما يعيشه الآن
بعد لحظات أتت أخته لتجده مستيقظا حيث كان ينام على الأرض أمام بابي الغرفتين الوحيدتين في المنزل
اقتربت منه أخته قائلة
" شقي تعال أبي يريد التحدث معك "
" حسنا "
اقترب جياوهنغ منها و توجها نحو باب المنزل
الأب " شقي تعال مع ... "
دون أن يكمل كلامه سقط مغميا عليه و كذلك باقي عائلته لكن لم يكن هناك أثر للصدمة على وجه جياوهنغ
" يبدوا انني محق "
لم تكن هذه أول ليلة تتحدث فيها عائلته عن بيعه لتاجر العبيد فقد جاء إلى القرية قبل ثلاث أيام و كل ليلة يتحدثون عن ذلك و طبعا فقد سمعهم جياوهنغ لذلك فكر في قتل عائلته لكن قتلهم يعتبر جريمة و خطأ يتلقى فاعله عقاب السماوات حينها جاءته فكرة وضع الروث في الطعام بما أنهم يعانون من المجاعة فإن تناوله قد يأدي إلى الموت أو الإغماء إذا كان بكميات قليلة
" إذا كان ما أفعله صائبا فإن السماوات ستساعدني و إلا سيبيعونني لتاجر العبيد قبل ظهور الآثار و هذا لن يأثر علي لأنهم على الأرجح لن يسحموا لي بالأكل لليومين القادمين "
يبدوا أن أفعال جياوهنغ صائبة
ذهب جياوهنغ و أحضر سكسنا و قتلهم جميعا بطعنة في البطن فماتوا بسبب فقدان الدماء و كان هذا ما حصل
نظر جياوهنغ إلى المشهد أمامه و بعد ذلك رأى جياوهنغ حياته بالكامل بدأ من تلك اللحظة حيث تم إمساكه من قبل تاجر العبيد و بيعه لمنظمة قتلة حيث تعلم الإغتيال و خلال سنتين و بعد سلسة من الأحداث أصبح الخادم الشخصي لزعيم المنظمة نظرا لافتقاره للموهبة لكن جياوهنغ غدر به و قتله و سرق كل أملاكه و هرب فالتقطه وزير المملكة التي تواجدت بها المنظمة و جعله ابنه بالتبني و خلال السنة التالية تلقى جياوهنغ أفضل تعليم و كان قادرا غمر نفسه في الكتب لكن سرعان ما اكتشفته المنظمة فهرب فورا مستعملا والده بالتبني كطعم و بعد سنتين وصل إلى أحد الإمبراطوريات الإثني عشر الكبرى و انظم إلى الجيش الخاص بها لكنه تركه بعد سنتين
قد تبدوا هذه التجارب عادية بعض الشيء لكن جياوهنغ خلال هذه السبع سنوات قد اختبر ما لن يختبره شخص خلال مئة حياة
بعد ذلك عاش جياوهنغ حياة كسل لبضعة أشهر قبل أن يلتقي جياوهنغ بأحد أمراء الإمراطورية الذي تعمد إهانة جياوهنغ فقط للتسلية لكن مالم يتوقعه أحد هو أن يقتل جياوهنغ الأمير مباشرة بإبرة كانت مخبأة في ثيابه فخلال هذه السنوات و بعد أن اكتسب جياوهنغ القوة طور عقلية الإنتقام كما أنه أراد عذرا لبدء الحرب ضد العالم و لا يوجد أفضل من المشهد حيث يظهر البطل لينقذ الشعب
خلال السنوات السبع الماضية فهم جياوهنغ أنه شاء أم أبى فإن المتاعب ستلاحقه و لا توجد أي وسيلة لتجنب هذا و العيش بسلام سوى القوة أن يصبح أقوى من أي شخص في العالم و أن يخافه الجميع لدرجة ألا يجرأ أحد على أن يزعجه مجددا
بعد حادثة قتل الأمير بدأ جياوهنغ ثورة امتدت لاحقا إلى العالم بأسره و استمر في تحقيق إنتصارات أكبر و أكبر مما أجبر جميع الأباطرة على توحيد القوى للتعامل معه لكن بسبب غبائهم و غطرستهم بدأوا القتال بينهم لتقسيم الغنائم و الأراضي التي حصل عليها جياوهنغ بعد إسقاط العديد من الممالك الصغيرة قبل حتى أن يحققوا النصر لذى هزموا في النهاية رغم أن جياوهنغ أعطاهم فرصة للنصر
استمر جياوهنغ في مشاهدة حياته دون أن يشعر بشيء عادة شخص عانى من حياة صعبة سيشعر بالغضب و الحزن و العديد من المشاعر المختلطة بعد تذكر الماضي لكن جياوهنغ كان مختلفا
" ما الذي يجري لم أشاهد حياتي تمر أمامي "
لقد اضطر جياوهنغ لإمضاء عشر سنوات في هذا الحلم لكنه بقي هادئا
" كيف حصل هذا مرت عشر سنوات لكنني ما زلت حيا دون أكل شيء , هل مت ؟ قرأت أن الشخص عندما يقترب من الموت فإنه يتذكر حياته كلها لكن هذا يبدوا مختلفا الأمر أشبه بعيش حياتي مجددا "
عند وصول المشهد حيث كان جياوهنغ يقترب من الباب تغير العالم مجددا و أصبح محاطا بنيران فضية فجأة سمع جياوهنغ صوتا ساحرا من الواضح أن صاحبه امرأة بجمال مطلق لكنه كان مليئا بالكراهية و عدم الرغبة
" لينغ تشينغ تشو قصر الزهرة المتجمدة لن يسامحك أبدا إخوتي حتما سيسعون للإنتقام لي سوف ......" سعلت المرأة الكثير من الدماء
كان هذا الصوت قادما من الأعلى فرفع رأسه عاليا و لأول مرة رأى جياوهنغ شيئا صدمه في السماء كان هناك امرأتان تطيران في الهواء و كلاهما كان جمالا مطلقا المرأة التي تحدثت قبل قليل كانت ترتدي ثوبا أزرقا مع شعر أسود طويل كالشلال كانت منحنيات جسمها مثالية تماما عدى أنها غارقة في الدماء أما المرأة الأخرى المسماة لينغ تشنغ تشو فقد كانت ترتدي ثوبا أبيض كالثلج مع شعر فضي حريري و الأغرب هو عيونها القرمزية المخيفة كانت جميلة وكأن الرقم الذهبي وجد لأجلها
لم تتعب لينغ تشينغ تشو نفسها بالنظر إلى المرأة أمامها بل التفتت نحو جياوهنغ و نظرت إليه باستغراب و بادلها جياوهنغ نظرات التعجب
سعلت المرأة ذات الثوب الأزرق المزيد من الدماء فجأة ظهر حجر أسود بحجم قبضة اليد و ظهر توهج أسود حوله لكن المرأة ذات الثوب الأزرق كانت مصابة بشدة ففقدت وعيها قبل تفعيل الحجر بالكامل و سقطت مباشرة نحو الأرض
سقط الحجر الأسود بجانب جياوهنغ تماما و بعد لحظات ازداد الضوء الأسود شدة و أحاط بجياوهنغ بالكامل و بعدها اختفى الضوء و الأسود و اختفي جياوهنغ معه
نظرت لينغ تشينغ تشو إلى هذا المشهد ثم تنهدت و هزت رأسها
" بشري فاني استطاع مقاومة وهمي الذي يجعل الشخص يواجه أتعس لحظات حياته بسهولة تامة لابد و أن إرادته قوية للغاية بما أنه لم يمت من شياطين القلب أردت إعادته معي لكنه اختفى بسبب حجر الفراغ مؤسف للغاية "
ثم التفتت و حلقت نحو النجوم
ما ذكر لاحقا في التاريخ هو ان جياوهنغ كان طاغية يقوم بكل الأمور الشريرة لكنه تعرض مع جنوده لعقاب السماء المتمثل في النيران الفضية