ثم ابتعدت زال عن مرفأ الأمان، لكن قلبها لم يزل يخفق بإيقاع الاحتضان الكوني. وفي خطوة تالية، اندفعت بكل حب واشتياق نحو الأستاذة زينب، وهي تتقاسم معها العناق الدافئ قبل أن تنحني بحنان لتقبّل ابنها الصغير الرضيع
.الأستاذة زينب، المختصة بـ علم الكيمياء، كانت قصة أخرى من التفرُّد. فقد وُلدت في الثاني من نوفمبر عام 1995؛ يومٌ لم يكن عاديًا على الإطلاق، لأنه شهد ميلاد فتاة تشبه القمر وربما أعمق. كانت زينب أنثى استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لطيفة جدًا ومحبوبة من الجميع، لكنها كانت تخفي في أعماقها ما هو أبعد من مجرد اللطف الظاهر. كانت مميزة جدًا، مختلفة كليًا؛ إنها ليست كالقمر فحسب، بل هي قمر ليلة لم يُرَ من قبل، ضوؤه يخترق السواد دون أن يُفصح عن مصدره الحقيقي. كان فيها ذلك الغموض الجميل الذي يُشعرك بأن كل معادلة كيميائية تشرحها تخفي سرًا كونيًا لا يعرفه سواها.في تلك الأثناء، اهتزت أرجاء المكان حين رنّ الجرس بإلحاح، مُعلنًا بداية الحصة الأولى. كانت الإشارة لا لبداية درس عادي، بل لبدء الرحلة التي ستكشف الأسرار المختبئة خلف الوجوه البراقة والقلوب العميقة في ثانوية جرير.