5 - انها غاضبه ..!! مشاعر الامومه

التاريخ: 4 أكتوبر 2024، يوم الثلاثاء.

​في هذا اليوم، كانت الأجواء في الصف تحمل ثقلاً غير مرئي . دخلت الأستاذة جيهان، وكعادتها، ألقت التحية وبثت بعض الكلمات اللطيفة لتحفيز الطالبات، لكن اليوم كانت كلماتها أشبه بـ صداء خافت في قاعة الصمت. بدأت تشرح الدرس، لكن زال لاحظت أن شيئًا ما قد تغير في إيقاعها. كانت تتصرف بغرابة، تلتفت إلى الخلف ببطء شديد، أو تتوقف عن الكتابة وتنصت لشيء لا تراه أو تسمعه سواها . لم تعلم زال ما هو هذا الشيء، لكن قشعريرة باردة دبت في أوصالها.

​ثم فجأة، استدارت جيهان، وعيناها تحملان نظرة حادة لم تعهدها زال من قبل. "لما تتكلمن أثناء الدرس؟ أليست هذه المواضيع مهمة في الامتحان الوزاري؟ عليكن التركيز من أجل أن تنجحن، وألا يضيع تعبنا سُدًى!" لم تكن نبرتها مجرد توبيخ، بل كانت صرخة مكتومة تحمل ألمًا خفيًا. أجابت الطالبات بنبرة خافتة: "حاضر يا أستاذة."

​عادت جيهان لشرح الدرس، لكن الإحباط بدأ يتسلل إلى قلبها. لاحظت طالبات يتذمرن، وأخريات يستسلمن للنوم على المقاعد. في تلك اللحظة، اجتاحت ذاكرتها صور أطفالها الصغار ؛ بكاؤهم الرافض لابتعادها، التعب الذي تبذله من أجل هؤلاء الفتيات اللواتي لا يُبالين. للحظات، شعرت بغصة حارقة من الألم ، وكأن شيئًا ثمينًا يتحطم داخلها . هذا الانكسار لم يكن جسديًا، بل روحيًا. لاحظت زال هذا الصراع الداخلي، وصُدمت. لم تعد جيهان تستطيع التحمل؛ اندفعت بغضب مكبوت إلى خارج الفصل ، تاركة الجميع في دهشة مطبقة، وصمت ثقيل يخيم على الأرجاء.

​في غرفة المدرسات، حيث كانت تجلس الأستاذة زينب بقرب، بعينيها اللتين تحملان عمق القمر.

​قالت زينب، بنبرة هادئة لكنها تحمل حكمة خفية: "لا تعودي إليهن الآن، دعيهن يدركن خطأهن وأن ما فعلنه سيعود عليهن بالسوء في الامتحانات."

​لكن جيهان كانت أعمق من ذلك. قالت بصوت واهن، وكأنها تعترف بسر لها وحدها: "لن أعود أبدًا... إنهن مهملات حقًا." كانت تشعر بأن جزءًا من روحها قد تحطم .

​في هذه الأثناء، ارتفعت همسات القلق بين طالبات الصف. اتّفقن أن يذهبن جميعًا إليها، معتذرات عن سوء تصرفهن. توجهن إلى الإدارة، وهناك، انحنين باحترام، و قبلن رأسها بتقدير حقيقي، مقدمات اعتذارًا صادقًا. ابتسمت جيهان ابتسامة خجولة، لكنها كانت تحمل في طياتها وميضًا من الأمل ، وعادت إلى الفصل بسعادة لم تتوقعها زال.

​اعتذرت الطالبات مجددًا. فنظرت إليهن جيهان بعينيها العميقتين، وقالت بنبرة حانية لكنها حازمة: "أنتن بناتي، وأمركن يهمني. أريدكن أن تنجحن بدرجات مرتفعة، لتدخلن جامعات راقية تليق بكن يا بناتي." كانت كلماتها تلامس الروح.

​كانت زال تشاهد المشهد، قلبها يتأرجح بين الحزن والسعادة ، ممزوجًا بشعور غريب من الغيرة على الأستاذة جيهان، على هذا الدفء الذي تستطيع أن تمنحه للجميع بينما كانت هي أكثر من يشتهيه ويحتاج إليه .

2025/11/17 · 5 مشاهدة · 414 كلمة
Zal🦋
نادي الروايات - 2025