---

الفصل: عودة سيد الضلال

في تلك الحقبة التي ساد فيها السكون المريب على منطقة العين الخالدة، بدأت تنتشر بين الطوائف والعائلات الكبرى أخبارٌ غامضة عن قوةٍ جديدة ظهرت من العدم.

لم تكن تلك القوة ضخمة كالطوائف العظمى التي تتحكم في القارات، لكنها سرعان ما فرضت احترامها بالخوف والدماء.

اسمها وحده كان كافيًا لزرع الرعب في القلوب — طائفة ضلال العالم السفلي.

يُقال إن زعيمها كان مجهول الهوية، لا يُرى، ولا يُسمع له صوت.

لكن كل من حاول الاقتراب من أسرارها اختفى في ظلالٍ لا عودة منها.

لم يَعرف أحد من أين جاءت تلك الطائفة، ولا كيف تمكنت من القضاء على عشرات الجواسيس والزعماء الفاسدين الذين حكموا مناطق العين الخالدة لقرون.

غير أن الاسم الذي تحمله كان الدليل الوحيد —

فـ سيد الضلال، مؤسسها، أراد أن يتذكر الجميع أنه من العالم السفلي، من الأعماق التي لا يجرؤ أحد على ذكرها.

ومع مرور العقود، لم تستغرق الطائفة سوى سبعةً وأربعين عامًا لتصعد إلى قمة القوى القتالية.

بل إن بعض الطوائف العظمى بدأت تتعامل معها بحذر، وكأنها وحشٌ ينهش في الظلام دون أن يُرى.

---

وبعد عامٍ من ذاك الصعود المهيب...

في مكانٍ خارج حدود الزمان والمكان، داخل البعد السادس —

ذلك الفضاء الخالي من الحياة والرحمة —

ارتجّ الفراغ نفسه.

اهتزّ العدم كأنه يستيقظ من سباته الأبدي، وتصدّعت طبقاته على شكل شقوقٍ متعرجة تنفث ضوءًا أزرق باهتًا.

وفي قلب تلك العاصفة الوجودية،

انبثقت شرنقة شفافة، تتلألأ في داخلها آلاف النجوم الصغيرة كأنها نسخةٌ مصغّرة من سماءٍ خالدة.

بدأت الشرنقة تتشقق ببطء، حتى ظهرت يد بشرية مغطاة بضوءٍ أسود يمتص النور من حوله.

ثم خرج الكيان كاملاً...

كان وانغ فنغ، لكنه لم يكن كما كان من قبل.

شعره الأسود لم يكن لونًا فحسب، بل هاوية تمتص الضوء نفسه.

عيناه أصبحتا بلونين متقابلين — إحداهما بنفسجية داكنة، والأخرى أزرق أفندر باهت، كأن الفضاء قد منح روحه لونين متناقضين من ذاته.

أما هالته فكانت تُمزق الفراغ كلما تنفّس، كأن جسده لم يعد ينتمي لهذا الوجود.

رفع رأسه ببطء، والهدوء يملأ ملامحه التي اكتسبت مزيجًا من الجمال والهيبة المطلقة، ثم قال بصوتٍ منخفضٍ ملأ الفضاء صدًى لا ينتهي:

> "أخيرًا... الجسر السادس."

أجاب النظام بصوتٍ معدنيّ مهيب:

> تهانينا للمضيف على عبور الجسر السادس.

تمت ترقية قانون الفضاء.

المهارة المكتسبة: ختم البعد —

القدرة على نفي الأجساد والأرواح إلى الفراغ اللانهائي، ولا يمكنهم العودة إلا بإذنك.

تأمل وانغ فنغ الأفق المتشقق حوله، وابتسامة خافتة رسمت على وجهه.

> "ختم البعد، ها... يبدو أن الوقت قد حان لأجعل هذا العالم يذكر اسمي مجددًا."

مد يده إلى الفراغ، فانشقّ النسيج نفسه كأن السماء طُويت.

وبنظرةٍ واحدة إلى العداد الطافي أمامه، قرأ: عامان متبقيان على نهاية السجن.

ضحك بخفوتٍ وقال بثقةٍ باردة:

> "عامان؟ لا يهم... لم يعد هذا الفضاء قادرًا على حبسي."

لوّح بيده، فانفتح شقّ هائل في السماء.

ومن خلاله، خرج الضوء كفيضانٍ مقدس، تلاه جسده الذي غمره وهج القوة.

وفي لحظةٍ، اختفى صدى العدم، لتحلّ مكانه همسات الرياح وصوت المطر.

---

سقط وانغ فنغ في عالمٍ حقيقي، فوق غابةٍ مغطاةٍ بالضباب، تحيط بها جبالٌ عالية كأنها تلامس السماء.

كانت الأمطار تتساقط بهدوء، ورائحة الأرض الرطبة تمتزج بعطر الأعشاب القديمة.

ضوء البرق يلمع بين الحين والآخر، كاشفًا عن الأشجار العملاقة وأوراقها المتلألئة بندى الخلود.

تنفّس بعمق، وأغمض عينيه قليلًا وهو يتمتم:

> "الهواء الحقيقي... كم اشتقت إليه."

---

وفي مكانٍ آخر، على قمة جبلٍ يلامس السحاب،

كانت قاعةٌ ضخمة من الجر الذهبي تلمع كالشمس.

جلس فيها ثلاثة رجال بهيئات الملوك، تتنفس أجسادهم طاقةً لا تقل عن عظمة الملوك الخالدين.

كانوا يتأملون في صمتٍ عميق حتى ارتجّت القاعة فجأة، وتشققت الجدران بفعل ضغطٍ هائلٍ خفي.

فتح الثلاثة أعينهم في اللحظة نفسها، نظراتهم تمزج بين الرعب والدهشة.

قال الذي في المنتصف بصوتٍ متحشرج:

> "سيدي... لقد خرج."

---

في نفس اللحظة، كان وانغ فنغ واقفًا فوق قمة الغابة، يحدق في الأفق الملبد بالغيوم.

تألقت عينيه وهما تتلألآن بقوة الفضاء، وقال بهدوءٍ عميق:

> "الجسر الأول... مهارة الفضاء المتلاحق."

خطا خطوةً واحدة فقط، لكن الأرض اختفت من تحته.

في طرفة عين، عبر عشرات الكيلومترات، لتتبدل السماء فوقه ويظهر داخل القاعة الذهبية.

أمام أعين الرجال الثلاثة، لم يتح لهم حتى الوقت للتنفس قبل أن تلتف حولهم دوامات الفضاء.

وقفوا مذهولين، ثم انحنوا بركبةٍ واحدة، رؤوسهم منخفضة، وأصواتهم متشابكة:

> "نرحب بعودة سيد الضلال... تهانينا على خروجك سالمًا، يا زعيم الظلال!"

نظر إليهم وانغ فنغ بهدوءٍ مميت، ثم استدار ببطءٍ نحو العرش الذهبي في نهاية القاعة.

جلس عليه بلا كلمة، وأغمض عينيه للحظة، قبل أن يفتحها مجددًا، صوته يخرج كحكمٍ لا يُرد:

> "اذهبوا وجهزوا لي مكانًا للاستحمام... وأحضروا لي ثيابًا جديدة. لقد طال غباري في هذا العدم أكثر مما ينبغي."

أجاب الثلاثة بانحناءةٍ عميقة:

> "أمرك، سيدي!"

---

وبينما اختفوا واحدًا تلو الآخر، بقي وانغ فنغ وحده على العرش، يحدق في السقف الذهبي، وصدى المطر في الخارج يتساقط فوق قاعةٍ لا تعرف الرحمة.

كانت ابتسامةٌ خفيفة تعلو شفتيه، مزيجًا بين الألم والحنين، حين تمتم بصوتٍ خافتٍ لا يسمعه أحد:

> "سو شياو... لقد عدت. هذه المرة، لن أسمح للقدر أن يفرقنا مجددًا.

---

2025/11/04 · 76 مشاهدة · 793 كلمة
ŻẸŘỖỖ
نادي الروايات - 2025