---

الفصل 13.. لماذا هية في سريري

أنهى وانغ فنغ حديثه مع العجوز لي وهو يتمشى ببطء وسط غابة رطبةٍ تتعانق أغصانها العالية تحت سماءٍ ملبدةٍ بالغيوم، تنذر بمطرٍ وشيك.

لم يُسرع في خطواته، ولم يبحث عن مأوى يحتمي فيه من المطر، بل تابع سيره بهدوء حتى بلغ قمة جبلٍ شامخ، وهناك توقّف للحظةٍ، ثم بدأ المطر يهطل بهدوء، تتساقط قطراته على شعره ووجهه، تنزلق على بشرته الباردة كأنها تغسل شيئًا عالقًا في أعماقه.

كان المشهد هادئًا إلى حدٍ يُريح الروح، وصوت المطر كأنه نغمة تُخاطب قلبه مباشرة.

ابتسم وانغ فنغ بخفّة، وأخرج من معطفه الناي اليشمي، تأمّله طويلًا قبل أن تسرق روحه رحلةً عميقة إلى الماضي… إلى العالم السفلي، حيث كان يعزف على هذه الآلة ذاتها، وكان حتى أعظم الملوك والسادة يصغون له في صمتٍ مهيب، مفتونين بألحانه.

لكنه… ترك العزف ذات يوم، دون سببٍ يتذكره، وكأن شيئًا ثمينًا مُزّق من ذاكرته.

رفع الناي أمامه وقال بهدوء:

> "يا نظام... هل تعرف من هي شياو وانغ؟"

ردّ النظام بصوتٍ هادئٍ يخالطه الصدى:

> "أنت من تمنى نسيان هذا الاسم… وأنت من حاول جاهدًا أن يمحوه من ذاكرته."

تجهم وانغ فنغ قليلًا وقال:

> "لماذا؟ هل هو شيء سيئ إلى هذا الحد؟"

أجابه النظام:

> "كل إنسانٍ له لونٌ مختلف في عيون الآخرين.

ربما الطيب في نظرك سيئٌ في نظر غيرك… والعكس صحيح."

لم يقل وانغ فنغ شيئًا بعدها، بل رفع الناي إلى شفتيه وبدأ العزف.

كانت نغماته ناعمة، عميقة، تُلامس القلوب قبل الآذان، حتى بدا أن المطر نفسه توقّف احترامًا لذلك اللحن.

تسللت أنغامه إلى أرجاء الجبل، تسافر في الهواء الرطب، تخترق الضباب، وتلامس أرواح المخلوقات من حوله.

وفي أعماق الجبل، استيقظ كائنٌ غامض.

انفتحت عيناه ببطء… عيونٌ صافيةٌ كأنها بركة ليلٍ هادئة، وصوتٌ أنثويٌّ رقيق قال:

> "يا له من عزفٍ جميل… مؤسف أنني لا أستطيع لقاؤه."

ظلّت تستمع بصمت، ثم تمتمت بابتسامةٍ خفيفة:

> "جيد… هذا جيد حقًا. لم أسمع شيئًا كهذا من قبل."

لكن الفضول غلبها، فاختراق وعيها الإلهي أعماق الجبل ليتفقد مصدر اللحن.

وما إن وقع بصرها على وانغ فنغ حتى ارتجف جسدها من الدهشة، تجاهلت العزف تمامًا وركّزت على ظهره حيث انبعث ختمٌ غامض.

تمتمت بصوتٍ متقطع:

> "ه... هذا هو تجسيد القانون… وهو يملك وعيًا خاصًا؟!

غير معقول… هذا أمر لم يحدث من قبل!"

مرّت الساعات حتى حلّ الليل وتوقّف المطر، عندها اختفى وانغ فنغ من مكانه بومضةٍ هادئة، ليظهر أمام القاعة التي رممها جنوده.

كانت القاعة الآن شامخةً وجميلة، بلا شقوقٍ أو تصدعات، لكنه لم يهتم. كل ما شعر به هو رغبةٌ عارمة بالنوم، فقد نسي منذ متى كانت آخر مرة استراح فيها.

خلع رداءه الأسود، تمدّد على السرير الناعم، أغمض عينيه… وغرق في نومٍ عميق.

ومع تنفسه المنتظم، بدأ جسده يُصدر نورًا خافتًا يتلاشى في الهواء.

في صباح اليوم التالي، فتح وانغ فنغ عينيه ببطء، شعر بثقلٍ غريبٍ على صدره.

وعندما نظر للأسفل… تجمّد مكانه.

امرأةٌ فائقة الجمال كانت نائمةً على صدره، ضبابٌ أبيض رقيق يُغطي جسدها، لم يظهر منه إلا القليل، ووجنتها الناعمة تلامس جلده مباشرة.

اتسعت عيناه، وتراجع فورًا مستخدمًا قانون الفضاء لينتقل مبتعدًا أمتارًا عن السرير.

استيقظت المرأة، حدّقت فيه بعينيها الهادئتين، ثم لوّحت بيدها بخفة.

وفي لحظة، وجد نفسه مجددًا على السرير، والمرأة تعود لتنام على ذراعه وكأن شيئًا لم يحدث!

قال بانفعالٍ خافت:

> "ما الذي تفعلينه؟!"

لكنها لم تجبه، واكتفت بإغلاق عينيها بهدوء.

تكلم وانغ فنغ في نفسه مخاطبًا النظام:

> "من هذه؟ وماذا تفعل في سريري؟"

ضحك النظام بسخريةٍ خفيفة وقال:

> "إنها تجسيد قانونك يا وانغ فنغ… وُلدت من فهمك وشخصيتك.

عادةً لا يملك التجسيد وعيًا خاصًا، لكن أنت… مختلف. لقد خلقت معجزة."

> ملاحظة النظام:

"تجسيد القانون هو مرحلةٌ لا يصلها إلا المزارعون في الجسر التاسع،

لكن تجسيدك هذا… يمتلك روحًا مستقلة. وهذا أمر لا يقدر عليه إلا من تجاوز حدود الفهم نفسه."

---

2025/11/06 · 67 مشاهدة · 602 كلمة
ŻẸŘỖỖ
نادي الروايات - 2025