---
الفصل الثاني: بوابة الخلود
فقد وانغ فنغ قدرته على الرؤية، وتلاشى وعيه تمامًا حين ضربته موجة روحية عاتية، قذفته نحو جدار المنجم بقوةٍ جعلت الصخور تتشقق من حوله.
ارتطم جسده بالأرض بلا حراك، لكن الموت لم يكن قدره… بل البداية.
بدأت على جسده ظاهرة غريبة؛
جلده صار أحمر كالجمرة، وارتسمت عليه خطوط متوهجة كأنها عروق من نارٍ سائلة.
وفي خضمّ هذا التغيّر المرعب، دوّى صوت ميكانيكي في الفراغ، صوته عميق كأن السماء نفسها تنطق:
> «تم تفعيل النظام بالكامل.»
«إنشاء ملف جديد للمضيف.»
«استيعاب بنية العالم الحالي…»
«المضيف قد عانى كثيرًا أثناء غياب النظام، لذا كتعويضٍ أولي، سيُمنح حريته، وألف جسدٍ من جنود الظل، وسيُعاد تشكيل الجسد وفق السلالة الدموية المكتشفة.»
كان وانغ فنغ غائبًا عن الوعي، لا يسمع شيئًا.
لكن جسده تغيّر بسرعة مذهلة؛
هالة أرجوانية غلّفته كوشاحٍ من النور، والخطوط الحمراء تحولت تدريجيًا إلى ذهبٍ متلألئ، حتى اختفى كل شيء وسط وهجٍ قصيرٍ سكن بعده المكان.
عاد السكون إلى المنجم كأن شيئًا لم يحدث.
ولحسن حظه، كان لكل عاملٍ فيه غرفةٌ منفصلة، فالمنجم يمتد لمساحاتٍ شاسعة تحت الأرض، كمتاهةٍ لا نهاية لها.
بعد وقتٍ غير معلوم، فتح وانغ فنغ عينيه ببطء.
لم يشعر بألم كما توقع، بل براحةٍ غامرةٍ تسري في أعماقه، كأنه وُلد من جديد.
شعر بأن روحه تحررت من قيود العالم الخالد، وأن طاقةً جديدة تجري في جسده… طاقةٌ مختلفة، خالدة.
وفجأة، انبعث الصوت ذاته من جديد:
> «تهانينا أيها المضيف، لقد نجحت في عبور بوابة الخلود.»
تجمد جسده للحظة، ثم قال بعصبيةٍ مكبوتة:
— «أيها اللعين… أين كنت طوال هذه السنين؟! هل تعلم كم عانيت من دونك؟!»
أجابه النظام بنبرةٍ هادئةٍ مائلةٍ إلى السخرية:
> «هذا خطؤك أنت، يا وانغ فنغ. أنت من استيقظ قبلي.»
— «ماذا؟ خطئي أنا؟!»
> «نعم. حين كنت في العالم السفلي، تجاهلت التنبيه الأول عندما ظهرت الشاشة الزرقاء في الظلام. كان عليك الانتظار حتى أُفعّل بالكامل.»
صمت وانغ فنغ قليلًا، ثم زفر بتعبٍ وهو يتذكر تلك اللحظة القديمة.
حقًا، كان في ظلامٍ مطبق، كل ما أراده هو الخروج… لم يُعر تلك الشاشة أي اهتمام.
— «هاه، يبدو أنك محق هذه المرة.»
لكنه سرعان ما تذكّر شيئًا، فرفع حاجبيه وقال متسائلًا:
— «انتظر، هل قلت إنني عبرت بوابة الخلود؟ كيف ذلك ولم أستخدم بعد بذرة الخلود؟»
أجابه النظام بصوتٍ حازم:
> «عبور بوابة الخلود لا يعتمد دائمًا على البذرة. طالما وُجد عنصرٌ يحمل الهالة الخالدة وتم امتصاصه داخل جسدك، فهذا كافٍ للعبور. التفاصيل الكاملة متاحة في خانة الحالة.»
أمام عينيه، ظهر وميض أزرق تَشكّل منه لوح بياناتٍ مضيء:
---
⚙️ ملف المضيف
الاسم: وانغ فنغ
العمر: 527 عامًا
العرق: بشري
المستوى: المستوى الأول من قصر البوابة الخالدة
القدرات الإضافية: ألف جندي من الظل
---
تأمل وانغ فنغ الشاشة بدهشةٍ متزايدة، ثم تمتم:
— «جنود الظل؟ ما معنى ذلك؟»
جاءه الرد فورًا:
> «جنود الظل هم نسخٌ من المضيف، يحملون نصف قوته الأصلية، ويبرعون في التخفي والاغتيال.
كما يمكن للمضيف أن يجعلهم يتدرّبون عنه، ويكتسب نتائج تدريبهم مباشرة.
وهم خالدون، لا يمكن تدميرهم ما دام المضيف حيًا.»
اتسعت عينا وانغ فنغ، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ باردة.
— «هاه… يبدو أن طريق الاجتهاد لم ينفع معي. فلنجرب طريق الغش هذه المرة.»
جلس متربعًا على الأرض الحجرية، وأغلق عينيه.
بدأ بتوجيه طاقته الداخلية كما أوصاه النظام، ومع كل شهيقٍ وزفير، راحت طاقة الخلود تتدفق في جسده كعاصفةٍ هادرة.
الهالة المحيطة به ازدادت كثافةً حتى تحولت إلى دوامةٍ من الضوء الأرجواني والذهبي.
في تلك اللحظة، كان كأن ألف مزارعٍ يتدرّبون في آنٍ واحد.
اختراقٌ بعد اختراق، والمستويات تتوالى بسرعةٍ جنونية:
> «اختراق ناجح.»
«المستوى الرابع من قصر البوابة الخالدة.»
«المستوى الخامس… السادس…»
حتى سكنت الطاقة أخيرًا، وانطفأ الوميض.
فتح وانغ فنغ عينيه ببطء، فسمع النظام يقول:
> «أنصح المضيف بالراحة مؤقتًا، للحفاظ على استقرار الجسد بعد سلسلة الاختراقات المتتالية.»
ابتسم بخفة، وقال بصوتٍ منخفض:
— «ثلاثمائة عام من العمل في هذا الجحيم، واليوم فقط أشعر أنني عدتُ حيًا.»
تأمل المكان من حوله، ثم تنهد وقال:
— «الآن عليّ أن أفكر… كيف سأخرج من هذا المنجم اللعين؟»
ما إن نطق بذلك حتى جاءه صوت النظام من جديد:
> «يمكن للمضيف الحصول على مكافأته… والخروج من هنا.»
ارتفعت حاجباه بدهشة:
— «مكافأة؟ ماذا تقصد؟»
رد النظام بهدوءٍ مهيب:
> «يمكن للمضيف استدعاء جنود الظل، وجعلهم يفتحون الطريق نحو الحرية.»
--