---
الفصل... سيف اسود وملاك جميل
كان وانغ فنغ في تلك اللحظة يلعن اليوم الذي قذفته فيه الأقدار إلى هذا العالم الغريب… عالم تختلط فيه الحضارات، وتتمازج فيه القوى، ويقف فيه الضعيف مجرد ظل تحت قدمي الأقوياء.
ومع ذلك، أطلق تنهيدة قصيرة، كأنها حمل ينساب من صدره، ثم رفع رأسه ونظر إلى من حوله… نظرة واحدة فقط، لكنها كانت كفيلة بأن تجمّد الدم في عروق الجميع.
من تلك النظرة خرجت هالة رهيبة، ضعيفة في مظهرها… لكنها ثقيلة كجبلٍ ينهار فوق صدورهم.
وفي لحظات معدودة، بدأ الجميع يتظاهر كأنهم لا يرونه… كل واحد يعود لعمله، وكل واحد يحاول أن يُبعد نفسه قدر الإمكان عن مركز الخوف.
لكنهم لم يستطيعوا منع ارتعاشاتهم… فالقوة التي خرجت منه كانت مُرعبة أكثر عن قرب.
العامل المسؤول عن جناح الأسلحة كان أكثرهم رعبًا.
رجلاه ترتعشان، وصوته يختنق في صدره، لولا أن مدير الفرع — وليس مدير مدينة هونغ مينغ— هرع فور سماعه بوجود ملك القمر الدموي داخل متجرهم.
كان المدير رجلًا بشريًا، يلف جسده درع أخضر بسيط، لا يملك أي مهابة سوى تلك التي تأتي من منصبه بين العمال.
اقترب بسرعة، انحنى احترامًا، ثم قال بصوت خافت:
"سيدي الكبير… من فضلك، تفضل معي."
قاد وانغ فنغ إلى جناح السيوف…
ولم تكن تلك السيوف مصنوعة من خشب رخيص أو معادن بدائية، بل كانت ذات مقابض كريستالية منحوتة، ونصال طويلة مصقولة بعناية…
لكن بالنسبة لوانغ فنغ، كانت كلها مجرد خردة.
لهذا سأل بصوت بارد:
"ما هو أقوى سيف لديكم؟"
توتر المدير، وظهر عليه الارتباك:
"سيدي… الأسلحة القوية هنا شديدة الخطورة… وقد يكون من الصعب إخراجها."
لكن قبل أن يتكلم وانغ فنغ، حدث ما لم يتوقعه أحد…
طار المدير فجأة واصطدم بالجدار بقوة!
لقد ضربه ثلاثة أشخاص ظهروا دون مقدمات.
تقدم الثلاثة، وانحنى الشاب الذي يتصدرهم قائلًا:
"سيدي… نعتذر. هذا الرجل لا يعرف مقامك!"
نظر وانغ فنغ إليهم بهدوء قاتل… ثم رفع يده ببطء.
في اللحظة التالية سقط الضغط عليهم مثل صاعقة.
ركع الثلاثة على الأرض، وبدأ الشاب ينزف من أنفه وأذنيه تحت وطأة القوة الهائلة.
كان المنظر مرعبًا… مرعبًا حد الصمت.
قال وانغ فنغ ببرود:
"تجرؤون على ضرب من كان يقود طريقي؟ يبدو أنكم تبحثون عن الموت."
ركض مدير العمال من فوره رغم الألم، وانحنى وهو يصرخ:
"سيدي! أرجوك… لم نقصد إهانتك!"
لكن وانغ فنغ لم يوقف الضغط… بل زاد من شدته حتى بدأ الهواء نفسه يرتج حولهم.
عض المدير على أسنانه واندفع نحو الجدار، ضغط زرًا أحمر، فخرج جهاز شبيه بالهاتف.
أخرج بطاقة خاصة ووضعها بداخله…
فانفتح الجدار خلفه، واندفع منه ضباب كثيف، ثم انشق ليظهر ثلاثة سيوف.
اثنان وُضعا فوق قماش فاخر، أما الثالث…
فكان خلف حاجز زجاجي محكم، أسود اللون، مزخرف بعلامات غريبة، وذو نصل طويل حاد.
في تلك اللحظة… جاء صوت النظام في ذهن وانغ فنغ:
[تم العثور على السيف المناسب.]
اختفت نظرة وانغ فنغ الباردة للحظة، وتوهج شيء في عينيه.
اختفى من مكانه وظهر أمام السيوف، متجاهل كل شيء آخر.
مد يده إلى السيف الأسود…
اخترق الزجاج دون أن يُحدث أي كسر، وكأن الجدار انحنى لإرادته.
عندما لامست يده المقبض…
اهتز شيء داخل السيف نفسه، كأن روحًا قديمة تتعرف على صاحبها.
قال بصوت جاد:
"ما سعره؟"
نظر مدير العمال للشاب الراكع، فتراجع الضغط فجأة.
تنفس الجميع الصعداء وكأنهم خرجوا من تحت الماء.
اقترب الشاب بخوف وقال:
"سيدي… هذا السيف مجهول الأصل. عُثر عليه في منطقة نائية… لكنه قوي للغاية ومصنوع من معدن غير معروف…
لهذا… سعره… تسعون مليار."
تجمد مدير العمال…
لكن ما صدمه أكثر هو جواب وانغ فنغ:
"أنا أريده."
وبعد نصف ساعة من الإجراءات والتحقق والموافقات…
كان اسم ملك القمر الدموي كافيًا لجعل الجميع ينحني بلا نقاش.
جاء الشاب ببطاقة سوداء، وقدمها قائلاً بامتنان:
"سيدي… تمت عملية الشراء. السيف سيكون جاهزًا خلال ساعة."
---
خرج وانغ فنغ يتمشى في المدينة خلال تلك الساعة.
كانت مدينة هونغ مينغ عالمًا آخر… آلات ضخمة، أضواء متوهجة، ألوان غريبة، ومزيج هائل من الأجناس والكائنات.
رأى مخلوقات بأجنحة، وأخرى بقشور، وبعضها بنصف جسد معدني…
حتى البشر هنا كانوا أقلية وسط هذا العالم.
وصل في تجواله إلى متجر يوباو تانغ…
بناء معدني ضخم، يدخل إليه الكثير من المقاتلين والتجار.
دخل وانغ فنغ، فوجد الرفوف مليئة بالجرعات والبلورات والكنوز…
بعضها يتجاوز المليارات…
لكنها كلها لا تُقارن بسعر السيف الذي اشتراه.
تجول بين الجرعات:
جرعة مينغ ليميان: تجدد الخلايا وتُنقي الجسد.
جرعة مينغ سيل: تشفي الإصابات العميقة.
جرعة مينغ لين: مناسبة لمربي النباتات.
لكن بالنسبة له… كلها غير مفيدة.
انتقل من قسم لآخر… حتى وصل إلى قسم الدروع.
هناك… لفت انتباهه درع ذهبي ضخم، يشع بهالة قوة واضحة.
فكر وانغ فنغ أنه يستطيع دمج درعه الأسود الداخلي بجسده، ويرتدي هذا الدرع فوقه…
وهذا سيزيد دفاعه بشكل هائل.
لكن أمام الدرع كان يقف ثلاثة أشخاص.
الأول… رجل ذو أجنحة حمراء، جميل الملامح، ذا ابتسامة متعجرفة.
الثاني… بشري يرتدي درعًا أحمر ثقيل.
أما الثالثة…
فقد جعلته يتوقف للحظة.
كانت جميلة إلى حد السخرية…
جناحان أحمران طويلان، شعر فضي منساب، بشرة بيضاء لامعة، ودرع أحمر يظهر جسدها الرشيق بطريقة مهيبة لا مبتذلة…
وعلى جبينها نجمة ذهبية تتوهج كوميض سماوي.
لكن وانغ فنغ لم يتجمد بسبب جمالها…
بل بسبب صوت النظام الذي ظهر فجأة:
[تم اكتشاف كائن ذو دماء نقية للغاية.]
[يُرجى من المضيف… الحصول عليه.]
---