: الفصل.. ملكة النحل
---
تخيّل أن تولد وفي يدك كل مفاتيح المجد…
تخيل أن تكون الموهبة ذاتها، والقوة ذاتها، وأن تكون السماء نفسها كأنها تعترف بك سيدًا.
عائلة عظيمة خلفك… شهرةٌ ومال… وجمال يأسر القلوب.
إنها حياةٌ يتمنى الجميعُ مجرد الاقتراب منها.
وسيليا… كانت تملكها كلها.
لكن الآن؟
الآن كانت تنظر إلى عالمها وهو يتهاوى أمام شخص واحد… شخص واحد فقط جعل مجدها مجرد ذكرى باهتة.
كان الألم يعصر قلبها أكثر مما يعصر جسدها المتشقق من الضربات.
العار كان أثقل من الدم… والإهانة كانت كالسيف المغروز في روحها.
ولأول مرة… تفضّل الموت على لحظة واحدة أخرى من هذا الذل.
رفعت رأسها نحو وانغ فنغ، والكره في عينيها يشتعل كالجمر.
اجتمعت طاقة السفينة كلها في جسدها، ارتفعت هالتها بجنون، ورمت نفسها في أحضان الانفجار، وكأنها تعلن بكبرياء أخير:
"أنت تحلم… لن أنحني لك حتى لو احترق جسدي!"
كانت صادقة… صادقة لدرجة أنها كانت مستعدة لتدمير نفسها حرفيًا.
لكن قبل أن يبلغ الانفجار ذروته، رفع وانغ فنغ يده بهدوء مزعج…
وانقطع كل شيء.
اختفى التمزق، اختفى الضوء، وانهارت سيليا على الأرض مثل زهرة قُطفت بقسوة.
تقيأت الدم ونظرت إليه بعينين مرتجفتين…
"كيف؟"
كانت الكلمة الوحيدة التي استطاعت عقلها المصدوم تكوينها.
اقترب صوته في ذهنها، هادئًا، ثابتًا، كأنه يخبر حقيقة لا تحتاج للتزييف:
"قلتُ لك… أنتِ، وجسدك، وكل ذرة طاقة في داخلك… ملكي.
كل دخول وخروج للطاقة تحت سيطرتي.
لا تحاولي محاولاتٍ بائسة أخرى."
ثم استدار وغاب كما لو أنه لم يكن موجودًا أصلاً.
---
مر عام كامل…
عام من الصمت، من العزلة، من الانغماس في أعماق نفسه.
النظام أخبره أن السيطرة على هيئة ملك الدم تتطلب توازنًا عقليًا حديديًا، وإلا سيلتهمه الجسد الجديد قبل أن يستخدمه.
كان يتدرب في مساحة التدريب بلا توقف…
وفي بعض الأحيان، كان يخرج لسبب واحد فقط: دم سيليا.
استعادت قوتها تدريجيًا، ليس بفضل نفسها، بل بفضل المكملات التي كان يوفرها لها… لم يكن يعذبها، لم يطلب منها شيئًا مهينًا، فقط… دمائها.
ومع الوقت بدأت سيليا تفهم شيئًا غريبًا:
رغم كل قوته… لم يكن يعاملها بقسوة حقيقية.
بل إنها لاحظت تغيّرًا آخر:
لم يعد يمتص دمها من عنقها كما كان يفعل، بل من يدها…
وكان يستأذن، وكأنه يخشى إيذاءها.
لم تفهمه.
ولم تستطع التوقف عن التفكير بما يريده.
هل هو مريض؟
هل يحتاج لدمائها لتثبيت قوته؟
كانت الإجابات كلها تزيد من غموضه.
وفي يوم ما، وهي غارقة في أفكارها، ظهر فجأة أمامها.
عيناه حمراوان، لكن صوته كان خافتًا:
"أريد دمك."
مدّت يدها دون أن تتكلم.
ولأول مرة… لم ترتجف.
بعد دقائق، قالت بثبات لم تتوقعه لنفسها:
"أريد الخروج."
تابع امتصاصه دون ردّ.
أكملت بيأس ممزوج برجاء:
"عائلة جي تبحث عني… قد يصلون قريبًا.
أحتاج أن أطمئن فقط… شهر واحد، ولن أخبر أحدًا."
قالته مئات المرات… وكان يتجاهلها دائمًا.
لكن هذه المرة…
أنهى امتصاصه، أخرج منديلًا، مسح يدها برفق غريب، وقال:
"يمكنك الذهاب… لديكِ عشرة أيام فقط."
ثم اختفى قبل أن تستوعب الكلمة الأولى.
خرجت سيليا مذهولة، تكاد لا تصدق أن القيود التي خنقتها لعام كامل انفتحت فجأة.
---
في الجانب الآخر…
أمر وانغ فنغ الذكاء الاصطناعي إيميلي بالبحث عن متجر أسلحة.
كان بحاجة لجرعات، وهو يملك 120 مليار من عملة هون يوان… مبلغ يكفي لشراء مدينة بأكملها.
اتجهت السفينة نحو كوكب أزرق ضخم.
عند الوصول، دخل وانغ فنغ وحده، متبعًا الخريطة حتى وصل إلى متجر فخم بشكل غريب—هيكل ثلاثي أزرق، أبواب ضخمة، وحركة هائلة للكائنات.
لكن ما إن دخل… حتى لاحظ شيئًا غير طبيعي.
جميع الموجودين كانوا من نفس الجنس:
مخلوقات بأربعة أذرع ووجوه حشرية.
قبل أن يستوعب، جاءه صوت خلفه:
"لم أتوقع أن يتجرأ البشر لدرجة اقتحام أراضينا…"
استدار… فرأى حشرة خضراء تتحرك نحوه ببطء قاتل.
سأل النظام ببرود:
"أين أنا؟"
أجابه النظام بسخرية تقطر منها الكارثة:
"أنت في عشّ ملكة الحشرات."
---
قبل أن يتصرف، ظهرت أمامه نافذة مهمة:
× دمّر هذا العالم
× المكافآت:
— درع عشوائي
— الوصول لعالم الماركيز الخالد
— ناي ملك الألحان
— وصول هيئة ملك الدم إلى المستوى الثاني // إمبراطور الدم
ابتسم… ابتسامة من يعرف أن الحرب قادمة.
أطلق مجاله وقال للحشرات من حوله:
"أنا لا أقتل الأطفال.
أحضِروا ملكتكم."
لكن صرخاتهم كانت أسرع من تنفيذ أوامره:
"كيف تجرؤ أيها البشري؟!"
لوّح بيده بلا اهتمام…
والفضاء أمامه انضغط حتى تبخروا كما لو لم يكونوا موجودين يومًا.
"بما أنها لا تأتي… سأذهب أنا."
اختفى كوميض برق، متجهًا نحو أعظم هالة على الكوكب.
---
كانت الملكة الحشرية الذهبية تقف في وادٍ مليء بجثث البشر.
طولها عشرة أمتار…
ستة أذرع…
وفمها يلتهم ذراع بشري كأنه مجرد وجبة خفيفة.
ثم توقفت فجأة…
ابتسمت ابتسامة مرعبة، واختفت هي الأخرى.
---
ظهر وانغ فنغ…
لكن قبل أن يتحرك، ضربته قوة لا تُوصف جعلته يخترق الجبل خلفه.
خرج من الحفرة… وهو يبتسم.
كان يعلم… لن يكون قتلها سهلاً.
سحب سيفه "إينسو"، تفعّلت هيئة ملك الدم، وانفجر العالم حوله بقوة لا يمكن وصفها.
---
المعركة بدأت…
والنتيجة؟
لم تكن بصفه.
لكن وسط كل ذلك…
كان وانغ فنغ يبتسم.
ابتسامة شخص اكتشف أخيرًا خصمًا يستحق غضبه… ويستحق دمه.
---