---
الفصل الثالث: ظلال الخلود
تأمل وانغ فنغ كلمات النظام التي ما زالت ترنّ في أذنه، ثم رفع رأسه ببطء وقال بصوتٍ منخفضٍ يحمل الفضول:
— «كيف أستدعي جنود الظل؟»
رد النظام فورًا بنبرةٍ هادئةٍ مهيبة:
> «بكل بساطة، فكّر في أمر الاستدعاء، والمضيف سيفتح الرابط بينه وبينهم. سيخرجون من وعيك الداخلي إلى العالم المادي.»
أغلق وانغ فنغ عينيه للحظة، وركز تفكيره على كلمة واحدة: "استدعاء".
في اللحظة التالية، بدأ المكان يرتجّ من حوله، وتموج الهواء كأن الظلام نفسه استيقظ.
خرجت من جسده خيوطٌ سوداء كثيفة، تجمّعت أمامه ببطء لتأخذ شكلًا بشريًا غامضًا.
أشكالهم لم تكن واضحة… مجرد ظلالٍ هلاميةٍ مكوّنة من دخانٍ أسود كثيف، تتماوج كأنها لهبٌ بارد، لكن هيبتهم كانت خانقة.
وقف أول جندي أمامه، ثم انحنى على ركبةٍ واحدة وقال بصوتٍ خافتٍ يملأ المكان رعبًا:
> «سيدي الخالد… في خدمتك.»
ابتسم وانغ فنغ بخفة، ثم قال:
— «افتحوا الطريق.»
رفع أحد الجنود رأسه، وأشار بيده نحو الفراغ، فانفتحت أمامهم بوابة سوداء عملاقة، دوّامة من الظلام تدور في صمتٍ مميت.
لم تكن تلك البوابة من هذا العالم، بل كانت تشعّ بطاقةٍ غريبة تشبه طاقة الخلود نفسها.
تقدّم وانغ فنغ بخطواتٍ ثابتة، وقف أمام البوابة للحظة، ثم ابتسم قائلًا:
— «لنرَ إلى أين ستأخذني هذه المرة.»
دخل البوابة، وغمره السواد بالكامل.
لم تمضِ سوى لحظات حتى أحاط به الضوء مجددًا، ومعه رائحة التربة والهواء النقي.
فتح عينيه، فوجد نفسه وسط غابة عظيمة، تمتد إلى ما لا نهاية.
الأشجار فيها ضخمة لدرجةٍ تجعل قممها تختفي بين السحب، وأوراقها الخضراء الداكنة تتلألأ ببريقٍ خافت كأنها تحتوي على جوهرٍ روحي.
الهواء كان معبّقًا برائحة الطين الممزوجة بطاقةٍ روحيةٍ نقية، وصوت الرياح بين الأشجار يشبه لحنًا غامضًا.
وقف وانغ فنغ بهدوءٍ وهو يتأمل المشهد، ثم رفع يده وقال بصوتٍ منخفض:
— «استدعاء جنود الظل.»
انبعثت من جسده موجاتٌ متتالية من الطاقة السوداء، وبدأت الأرض تهتزّ تحت قدميه.
في لحظاتٍ معدودة، تكاثفت الظلال من حوله لتشكل جيشًا كاملاً من ألف جندي.
اصطفّوا بصمتٍ مهيب، لا يُسمع سوى أنفاس الريح وهي تمرّ عبر أجسادهم الدخانية.
كانت هيبتهم تكفي لجعل قلب أي مخلوقٍ يرتجف، حتى الطيور في السماء بدت وكأنها توقفت عن الطيران.
وقفوا جميعًا في صفوفٍ طويلةٍ تمتد بين الأشجار، وركعوا بصوتٍ واحدٍ مجلجل:
> «سيدنا وانغ فنغ، أوامرك.»
كان المشهد كابوسًا حيًا من الجمال والرهبة.
ابتسم وانغ فنغ، وهو يراقبهم بنظرةٍ مليئةٍ بالرضا.
لكن قبل أن يتحدث، انبعث صوت النظام مجددًا داخل ذهنه:
> «المضيف اكتشف آلية جديدة: كلّما اخترق مستوى أعلى في عالم الزراعة، سيحصل على عددٍ عشوائي إضافي من جنود الظل.»
«تم فتح فضاء النظام — وهو بُعد داخليّ خاص لاحتواء جنود الظل.»
تغيّرت ملامح وانغ فنغ حين سمع ذلك، فأكمل النظام:
> «وظيفة هذا الفضاء هي توفير ساحةٍ لتدريب جنود الظل. يمكنهم التدريب فيه بالنيابة عنك، وجميع نتائج تدريبهم ستنتقل مباشرةً إلى جسدك وروحك.»
ثم أضاف النظام:
> «ميزات فضاء النظام كالتالي:
. يمكن لجنود الظل التدرب بدلًا عن المضيف، وكلّ ما يكتسبونه من قوة سينتقل إليه مباشرة.
. الفضاء قابل للتوسع كلما زادت قوة المضيف.
. لا يمكن لأي مخلوقٍ خارجي دخوله دون إذن النظام.»
ضحك وانغ فنغ بخفة وقال:
— «رائع… هذا يعني أنني أملك ألف مزارعٍ يعملون لأجلي دون توقف. يبدو أن طريقي نحو القمة سيكون أقصر مما توقعت.»
ثم رفع يده وأصدر أمرًا واضحًا:
— «تفرّقوا، وابحثوا عن أقرب مدينة أو قرية في هذا العالم. أريد أن أعرف أين وصلت.»
انحنت الظلال جميعًا في صمت، ثم تلاشت في الهواء كأنها لم تكن موجودة.
اختفوا واحدًا تلو الآخر، تاركين خلفهم أثرًا خافتًا من السواد المتبخر.
في لحظاتٍ، أصبحت الغابة هادئةً من جديد، لكن وانغ فنغ كان يعلم أنهم موجودون في كل مكان، يتحركون في الظلال بأمره.
جلس على صخرةٍ ملساء وسط الغابة، وأخذ نفسًا عميقًا.
كانت الغابة مهيبة إلى حدٍّ مخيف، مليئة بطاقةٍ روحيةٍ كثيفة جعلت حتى أنفاسه تشعر بالثقل.
بين حينٍ وآخر، كان يسمع زئير مخلوقاتٍ غريبة من أعماقها، لكنه لم يبدِ خوفًا، بل راقب كل شيء بهدوء.
أغمض عينيه، وفعّل وعيه الإلهيّ.
في تلك اللحظة، شعر بعشرات الرؤى تتدفق إلى ذهنه — رؤى من أعين جنوده المنتشرين في الأرجاء.
كان يرى ما يرونه ويسمع ما يسمعونه؛ فهم متصلون بوعيه، كأنهم جزءٌ من كيانه.
وبينما هم يمتلكون إرادةً مستقلةً، إلا أنهم خاضعون بالكامل لقانون ولائهم الأبدي له — لا يمكنهم خيانته أو إيذاؤه حتى لو أرادوا ذلك.
ابتسم وانغ فنغ وهو يراقبهم يتحركون في الظلام، وقال بهدوء:
— «ألف عينٍ، ألف سيفٍ، وألف ظلٍّ في خدمتي… يا لها من بداية عظيمة.»
ثم جلس يستعيد ذهنه ذكريات خصائص جنود الظل الثلاثة الأساسية:
.. القدرة المطلقة على التخفي والاغتيال.
.. إمكانية التدريب بدلًا عنه، ونقل نتائجهم إليه.
.. خلودهم الأبدي ما دام هو على قيد الحياة.
فكر قليلًا، ثم ضحك بخفةٍ ساخرة:
— «هاه… يبدو أن هذا النظام ليس مجرد أداة، بل جيشٌ كامل من الخلود.»
نهض من مكانه، وسار بخطواتٍ بطيئةٍ وسط الأشجار الضخمة، بينما كان ذهنه مشغولًا بتحليل ما سمعه من النظام سابقًا عن مراتب الزراعة.
بحسب ما أوضح له النظام، فإن عالم الزراعة في هذا الكون الواسع يتكوّن من عشر مراحل رئيسية، تبدأ من أدناها وتنتهي بأعلاها:
.. عالم البوابة الخالدة
.. عالم القانون الخالد
.. عالم ملك القانون الخالد
.. عالم قديس القانون الخالد
.. عالم كسر الفراغ
.. عالم الفراغ المقدس
.. عالم الخالد الافتراضي
.. عالم الخالد الحقيقي
.. عالم الخالد الذهبي
.. عالم الملك الخالد
وقف وانغ فنغ عند جذع شجرةٍ ضخمة، ورفع رأسه نحو السماء الملبدة بالسحب، ثم قال بصوتٍ خافت:
— «في هذا المستوى، أنا مجرد نملةٍ في عالم الخالدين… لكن حتى النملة، إن أُعطيت ألف ظل، يمكنها أن تدهس تنينًا.»
ابتسم، ومد يده إلى الأمام، لتشتعل حول أصابعه هالةٌ أرجوانيةٌ خافتة.
— «رحلتي الحقيقية تبدأ الآن.»
وفي عمق الغابة، هبّت ريحٌ باردة، حاملةً معها صدى خطواته التي تمضي نحو المجهول، حيث يتقاطع الخلود مع ضلاضه
---
؟