---
الفصل السادس: بطاقة الجبل المقدس
خرج وانغ فنغ من الحانة بخطواتٍ هادئة، وصوت الريح يعزف لحنًا غامضًا حوله.
كان الرداء الأزرق المصنوع من جلد تنين الفيضان ينساب خلفه كظلٍّ من النور، وكل حركةٍ منه تحمل جلالًا لا يمكن وصفه.
وراءه، كانت لين ليلي تتبعه بهدوء، رأسها منخفض قليلًا، لكنها كانت تشعر بهيبةٍ تملأ الهواء كأن كل ذرةٍ من الفضاء تخضع له.
بعد بضع لحظات من الصمت، قال وانغ فنغ بصوتٍ باردٍ قليلًا:
> "قلتِ إن هناك مزادًا كبيرًا الليلة… لكن ما طبيعة هذا المزاد؟ وما هذا الجبل الخالد الذي تحدثتِ عنه؟"
رفعت لين ليلي نظرها نحوه، عيناها تتلألآن كعقيقٍ ناعم، وقالت:
> "الجبل المقدس، يا سيدي، ليس مكانًا عاديًا. إنه أحد أقدس أسرار منطقة العين الخالدة."
توقف عن السير، نظر إليها بنظرةٍ جانبيةٍ صامتة، فأكملت بسرعةٍ وهي تحاول أن تخفي توترها:
> "منطقتنا هذه، يا سيدي، تُعرف باسم عين الخالدة، وهي إحدى مناطق العالم الخالد التسع.
وتضم سبع قوى عظمى — أربع عائلات ملكية نقية الدم، وثلاث طوائف قديمة.
معًا، يشكّلون توازن القوة في هذه المنطقة منذ آلاف السنين."
أومأ وانغ فنغ برأسه ببطء، مستمعًا بصمت، بينما تابعت بصوتٍ خافتٍ كأنها تروي أسطورةً منسية:
> "عائلة هيو الملكية، عائلة باي، عائلة شين، وعائلة ليونغ،
أمّا الطوائف الثلاث فهي طائفة السماء الخالدة، طائفة القمر الغارق، وطائفة التنين الأبيض."
> "ولكل واحدةٍ من هذه القوى السبعة عبقريٌّ فريد يمثلها.
هؤلاء هم المرشحون الطبيعيون لمقاعد الجبل المقدس التسعة،
فحين يُفتح الجبل، يختار تسعة فقط من بين المليارات — تسعة من يمتلكون الموهبة الكافية ليلامسوا قوانين الخلود."
توقفت لين ليلي للحظة، ثم همست:
> "لكنّ الجبل لا يقيم اختبارات، ولا يقيس القوة… إنه كائنٌ حيّ، يمتلك وعيًا وإرادة.
يختار من يراه جديرًا… ويمنحه مقعدًا من مقاعده التسعة."
رفع وانغ فنغ حاجبيه بخفة، وقال بنبرةٍ متفكرة:
> "كائن حي؟ إذًا الجبل المقدس ليس مجرد مكان… بل وعي."
ابتسمت لين ليلي بلطفٍ وقالت:
> "تمامًا. يُقال إن الجبل المقدس هو تجسيد لإرادة السماء نفسها.
وأنه حين يفتح أبوابه، يسمع نداءه فقط من كان يمتلك موهبةً تتجاوز حدود الفهم."
تابع السير بهدوء، والضوء المنعكس من عينيه يلمع تحت القمر:
> "تسعة مقاعد فقط… هذا يعني أن الصراع سيكون داميًا."
> "بل أكثر من ذلك." — قالت لين ليلي، وصوتها ارتجف بخفةٍ لا إرادية.
"الذين يدخلون فضاء الجبل المقدس، لا يخرجون كما دخلوا. فإما أن يمنحهم الجبل مقعدًا… أو يبتلعهم إلى الأبد."
---
بعد دقائق، وصلا إلى بوابةٍ ضخمة تؤدي إلى قاعة المزاد الخالد، التي كانت تتلألأ بضوءٍ ذهبيٍّ يغمر الشوارع من شدته.
وقف الحرّاس بانحناءٍ خفيفٍ حين مرّ وانغ فنغ، فقد شعروا بهالةٍ لم يستطيعوا تفسيرها — هالة جعلتهم يرتجفون رغم أنهم لم يعرفوا هويته.
دخل الاثنان القاعة، وكان المشهد فخمًا إلى درجةٍ أسطورية.
صفوف من المقاعد المرصعة بالأحجار الخالدة، وشخصيات مرموقة من العائلات السبع تجلس على المنصة العليا.
كان المزاد في ذروته، وقد بيعت عشرات الكنوز النادرة، لكن الأجواء بقيت هادئة إلى أن أعلن المضيف بصوتٍ مهيب:
> "الآن، أيها السادة، نقدم لكم القطعة الأخيرة لهذا اليوم — بطاقة الجبل المقدس!"
ما إن نطق الاسم، حتى ساد الصمت.
الأنفاس توقفت، والقلوب ارتجفت.
العيون كلها اتجهت نحو المنصة، حيث أُخرجت بطاقة ذهبية نقية، تتلألأ بنقوشٍ غامضة تشبه النجوم المتحركة.
> "يُقال إن هذه البطاقة هي المفتاح الذي يقود إلى فضاء الجبل المقدس،
وإن من يحملها، سيُسمع نداء الجبل حين يفتح أبوابه القادمة."
كانت تلك اللحظة كوميض برقٍ في عاصفة.
همس الناس:
> "الجبل المقدس؟! هذا مستحيل!"
"لقد مضت آلاف السنين منذ آخر مرة فُتح فيها الجبل!"
"هل يمكن أن تكون البطاقة حقيقية؟!"
في وسط تلك الهمهمات، دوّى في ذهن وانغ فنغ صوت النظام، هادئًا وواضحًا كجرسٍ سماوي:
> «تحليل النظام: طاقة البطاقة متطابقة بنسبة 78% مع الفضاء الأساسي للنظام.
هذه فرصة فريدة لتوسيع فهمك لقانون الفضاء.
يُوصى بالحصول عليها بأي ثمن.»
ارتجف الهواء حوله قليلاً من شدة تفاعله الداخلي، لكن وجهه بقي جامدًا كالجليد.
وفي اللحظة التي مدّ فيها يده للمزايدة،
لمحت لين ليلي الوميض الخفي في عينيه — الوميض الذي لم تره في أي مخلوقٍ من قبل، مزيج من العظمة والهاوية.
وبدون أن تتردد، رفعت يدها وقالت بصوتٍ ثابتٍ وقويٍّ كأنها أميرة من السماء:
> "أنا، لين ليلي من متجر الأعشاب الخالدة، أشتري البطاقة بمئة ألف جوهرة خالدة!"
القاعة تجمّدت.
مئة ألف جوهرة؟ رقمٌ لا يُصدق.
لكن المزاد أُغلق فورًا، والبطاقة كانت لها.
اقتربت بخطواتٍ بطيئة من وانغ فنغ، وقد بدا على وجهها مزيج من الجرأة والحياء، ومدّت يدها بالبطاقة وهي تقول:
> "لقد رأيت في عينيك ذلك البريق يا سيدي… وأشعر أن هذه البطاقة خُلقت من أجلك."
تأملها وانغ فنغ بهدوء، قبل أن يأخذ البطاقة.
وفور لمسها، انبعث من البطاقة نورٌ خافت، كأن الجبل المقدس نفسه تنفّس للحظة،
وانتشر صدى غريب في القاعة جعل جميع الخالدين ينظرون نحو وانغ فنغ بدهشةٍ مكتومة.
---
في تلك الليلة، انتشر الخبر في كل أرجاء المنطقة:
“بطاقة الجبل المقدس ظهرت من جديد.”
ومنذ تلك اللحظة، بدأت قوى عين الخالدة بالتحرك.
العائلات الملكية أرسلت مبعوثيها، والطوائف أطلقت تلاميذها، والجميع ينتظر “نداء الجبل”.
لكن الأحاديث الأكثر إثارة لم تكن عن البطاقة…
بل عن من ستحصل على المقعد الأول في الجبل المقدس —
التي تُلقب بـ فتاة السماء الخالدة، أجمل كائنٍ في المنطقة كلها،
فتاة تتبّع قانون الزمن نفسه،
جمالها يُقال إنه يتجاوز كل من ضن نفسه خالدً في جماله
قيل إن الزمن يتباطأ حولها،
وأن أنفاسها وحدها قادرة على طيّ لحظةٍ إلى الأبد.
وما لم يعرفه أحد…
أن الجبل المقدس، ذلك الكائن الحيّ،
قد بدأ بالفعل يفتح عينيه…
وأن عيناه تتجهان نحو من يملك ما لا يملكه احد.....
---