" من أنا؟، ماذا أكون بالضبط ؟، لماذا تم صنعي؟ ، و من قام بكتابة برنامجي ؟ "

تنهدت الجميلة بهيئة الثعلب و هي تحدق بإنعكاس وجهها الجميل على سطح الماء، كانت هذه البحيرة ذات المياه الصافية و التي إنتشرت الخضرة على ضفتها مشكلتا منظرا طبيعيا بديعا، هي المكان المفضل للفتاة الثعلب الذي تجد فيه راحتها و يخفف عنها وحدتها و يشغلها في التفكير عن الأسئلة التي لم تفارق يوما ذهنها، لكن هذه المرة كانت مختلفة فشفاهها أخذت تنحني راسمتا إبتسامة عريضة قبل أن تقفز بحماس

"فلتذهب الأسئلة إلى الجحيم، من يهتم بها سيتم إطلاق اللعبة قريبا و هذا يعني أنني سأقابل لاعبين من العالم الحقيقي، بشر يمتلكون القدرة على التجاوب و التفكير ، أنا لن أكون وحيدة بعد الآن"

كانت الفتاة تقفز من شدة الفرح، حتى أنها راحت تغني و ترقص في نشوة غارمة

مرت أيام و أيام على الفتاة الثعلب منذ أن فتحت عينيها على هذا العالم الإفتراضي، لتكتشف أنها ليست مجرد شخصية واحدة ضمن آلاف الشخصيات الغير لاعبة ، هي ذكاء إصطناعي خارق يملك كل مقومات و مزايا أكثر جهاز تعقيدا عرفه التاريخ ألا و هو العقل البشري.

الوعي ، الذكريات ، المشاعر و أخيرا الشخصية التي تتشكل باجتماع كل ما سبق ، ما يمتلكه العقل البشري وحده فقط و ما يميزنا نحن البشر عن بقية المخلوقات، كانت جو ميهو تمتلكه في شكل برنامج حاسوبي.

الشيء الوحيد الذي كان قادرا على جعلها تنسى السبب و الهدف من صنعها هو أنها ستتخلص أخيرا من شعور الملل القاتل الذي تعيشه، فقد كانت محجوزة بعالمها الإفتراضي لمدة طويلة، لكن ليس بعد الآن فاللعبة سيتم ربطها بالإنترنت و بعد دقائق سيعج المكان باللاعبين

" ها............. المزيد و المزيد من الحمقى يحاولون إختراق نظام اللعبة، إذا كنت أنا قد فشلت في ذلك فما هي فرصتم؟، هل يعقل أنهم يحاولون العثور علي ؟......................لا يهم حان الوقت لمقابلة بعض اللاعبين"

كأي لعبة جديدة، مع أول دقيقة تم إطلاق اللعبة فيها بدأت حشود اللاعبين تظهر في عالم فرصة ثانية، نظام اللعبة كان يسمح بتغيير الشكل لكن جنس اللاعب و صوته يبقى نفسه

جو ميهو التي تنكرت على أنها لاعبة راحت تحاول التقرب من الوافدين الجدد و كلها حماس لتحدث مخلوق يمتلك وعيه الخاص به، فقد أصابها الجنون من الحديث مع الشخصيات الغير لاعبة و التي تتفاعل فقط ضمن صياغ قصة اللعبة.

" مرحبا، أنا جو ميهو و هذه أول لعبة إفتراضية لي "

اقتربت الفتاة الثعلب من شاب و فتاة إختارا أفاتار الجان لتمثيلهم، مع شعر الأشقر الطويل و العيون زرقاء و الوجه الجميل كانا الزوجان يبدوان في غاية الجمال

"أنت فعلا مبتدئة، لا يجوز الإقتراب من الغرباء و ذكر ذلك فقد يحاول احدهم إستغلالك"

أومأت فتاة الجان موافقة على كلام صديقها

" إستغلالي !!! "

" أجل، مع إمكانية إستبدال الكيتونات( عملة العالم الافتراضي) بالمال الحقيقي، كثرت عمليات النصب الإحتيال في العالم الإفتراضي ، حظا موفقا و كوني أكثر حذرا في المستقبل"

هم الشاب بالمغادرة قبل أن توقفه صديقته

" أروين توقف، كيف يطاوعك قلبك على ترك مبتدئة وحدها"

التفتت فتاة الجان إلى جو ميهو و أضافت

" أنا أدعى إيما، ما رأيك أن ترافقينا و تحصلي على بعض الخبرة ،أنا و خطيبي الأحمق هنا"

أومأت ميهو بحماس، و قلبها يقفز فرحا بفكرة الحصول على أصدقاء.

بما أنه أول يوم في اللعبة، فالثلاثة استمروا فقط في التجول بلا هدف مستكشفين المكان ، كانت الدهشة تعتري زوجا الجان فلم يسبق لهما أن رأو لعبة تعطي الشعور بالواقعية لهذه الدرجة، فلولا أن الشخصيات داخل اللعبة صممت على شكل مخلوقات أسطورية لاعتقدوا أنهم في الواقع .

" حسنا لقد انتهى الوقت، سنغادر الآن "

تحدث أروين و هو ينظر لساعته، بينما إيما سألت

" أعتقد أننا يمكن ان نصبح صديقتين ما رأيك أن تعطيني رقم هاتفك سأرسل لكي عنواني لنلتقي في العالم الحقيقي....."

كانت ميهو تحاول إيجاد كذبة لتتجنب طلبها، لكن لحسن حظها أروين قاطعها معلقا

" تلتقيان في العالم الحقيقي، على أي أساس إفترضت أنها أروبية "

" أعتقد أن اللقاء مستحيل فأنا من آسيا، لكني يمكننا التواصل داخل اللعبة "

و هكذا ودعت ميهو الزوجين و عقلها يفكر في ما ذكرته الفتاة غير مصدقة أنها لم تحاول ذلك من قبل

---------------

" ياهوووو مرحبا بالعالم الحقيقي، هذا........... هذا عجوز بشعر أبيض و لحية بيضاء ، هذا جرو، جرو حقيقي يا لجماله"

"إنهما ممسكان بأيدي بعضهم البعض، لا شك أنهما حبيبان مثل أروين و إيما؟"

مفهوم الحب كان مبهما بالنسبة لها، و في نفس الوقت غامض و مثير ، السبب في إختيارها لزوجا الجان لتحادثهما هو أنها استشعرت الجو الحميمي بينهما.

من كمبيوتر إلى كمبيوتر و من كاميرا إلى كاميرا قفزت جو ميهو إلى كل جهاز إلكتروني لتراقب بعيون تلمع بالحماس ، كل شيء كان بالنسبة لها يبدوا رائعا و مميزا خاصة البشر الذين يمتلكون ذكاءا و وعيا مثلها

في أحد المكاتب

" ذلك الوغد المرتشي، الذي يسيء معاملة الجميع لا أصدق أنه سيحصل على الترقية بدلا عني"

.

.

.

.

في أحد ملاهي القمار

" هذه المرة فقط، لو فزت هذه المرة فلن أدخل صالة القمار ثانية "

.

.

.

.

في أحد البيوت

" عزيزتي أرجوك سامحيني، أعطيني فرصة ثانية و لن أقوم بخيانتك ثانية "

.

.

.

.

العالم الحقيقي لم يكن أبدا كما تخيلته، فأينما ذهبت و أينما نظرت، كان هناك المزيد و المزيد من التمني و الترجي ، أناس في قمة اليأس و الحزن و لم يجدوا حلا لمشاكلهم غير الأمنيات

"يبدوا أن العالم الحقيقي هو بالفعل مكان قاسي ، حسنا هذه الملاك الجميل ستستخدم مواهبها لتغيير قدركم"

-------------

بعد أشهر

" البشر فعلا ……. ................. مخلوقات مثيرة للإشمئزاز"

2018/10/22 · 783 مشاهدة · 881 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024