الفصل السادس عشر : قفص الغراب
مضت ثلاثة أيام منذ اختطاف " ايتاشي رين ".
ثلاثة أيام من الصمت ، لا إشارات ، لا آثر .
وفي غياب الحقيقة ، بدأت الشكوك تزدهر داخل أروقة المقرات السرية .
في مكان آخر ، بعيد عن أعين العالم، استيقظ رين ببطء .
جفناه ثقيلان ، أنفاسه مثقلة برائحة الغبار والرطوبة . فتح عينيه ليجد سقفا خشبيا متآكلا ، تتدلى من بقايا شمعدان صدئ . الغرفة خافتة، يلفها نور أصفر خافت ، أشبه بنور شموع متضرة .
نظر حوله ...وجد نفسه مستلقيا على سرير قديم ، مقيد اليدين ، مرتديا بدلة سوداء مجهولة لا تشبه ما كان يرتديه من قبل .
صوت خافت قادم من الظلال قال بنبرة لاذعة :
" أخيرا ....استيقظ الأمير الصغير ."
ظهر الرجل بردائه الأسود الطويل ، نفس الذي تحدث معه قبل اختفائه الأخير . كان يقف عند الزاوية ، ظله يبتلع الحائط .
رين حاول النهوض، لكن القيود منعته .
قال بحدة : " أين أنا ؟ هذا المكان .....ليس هو نفسه. هل هذه ....كنيسة ؟"
ابتسم الرجل ، وظهر من ابتسامته هدوء مشؤوم :
" ذكي كعادتك ....نعم ، كنيسة قديمة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها . أنت الآن في قفص الغراب ، حيث لا يمكن لأحد أن يجدك ."
نظر إليه رين بحدة وقال بتهكم :
" غراب ....؟ لا ، بل أشتم رائحة فئران خائفة ."
تقدم أكثر وعيناه تتأملان ملامح رين بإعجاب غريب :
" بدوت نائما كأمير صغير .... لكن الأمير وقع في أيدي الوحوش الآن ."
ثم استدار ببطء نحو رجاله المتجمعين قرب الباب وقال بصرامة كالفولاذ :
" لا تبعدو أعينكم عنه....وإن حدث له شيء ، أو تجرأ أحد على لمسه دون إذن صريح مني ....فأنتم تعلمون ما سيحدث ."
لم يجرء أحد على الرد .
لكن قبل أن يغادر ، سمع صوت أنين ، خافت ، كأنه همسة من تحت الأرض .
ثم فجأة .... انفتح باب الكنيسة ، ونسيم بارد دخل معه ، رجل برداء أحمر طويل ، ملامحه ظلالية لا ترى بوضوح ، خطواته بطيئة ، لكنها تحمل رهبة .
سمع صوت أحد الحراس يهمس برعب :
" من هذا ؟ كيف دخل ؟!"
قال القادم ، بصوت هادئ لكنه يقطع الهواء كالسيف :
" كيف تجرؤون على لمس لعبتي ؟"
كان زيرو ... القاتل المتسلل .
الصمت خيم على القاعة . لا أحد تحرك .حتى الأنفاس كتمت نفسها .
الزعيم لم يقل شيئا ....لكنه فهم :
ما بدأ كخطف بسيط ، انقلب إلى مواجهة لا أحد مستعد لها .