الفصل السابع عشر : رقصة في ظلال الموت
تردد صدى خطوات " زيرو" داخل القاعة المظلمة ، بردائه الأحمر الطويل ، وملامحه الظلية التي لم تر بوضوح بعد، وقف أمام الزعيم مباشرة ، نظراته لا تهتز. ونبرته باردة كالسيف :
<< سأجعلك تندم على ولادتك ....لأنك تجرأت على لمس ممتلكاتي، أيها الغراب القذر. >>
ابتسم الزعيم بازدراء ، وهويتقدم بخطى ثابتة نحو رين المقيد على السرير الحديدي، ويداه خلف ظهره. صوت حذائه العالي يقرع الأرض الحجرية. كأنه يقرع طبول المعركة. انحنى قليلا ، أمسك وجه رين من ذقنه ، ورفع رأسه للأعلى ، يتأمل ملامحه الباردة .
همس بنبرة خبيثة :
<< يبدو أن هناك فارسا شجاعا أتى لينقذ أميره من أسر الوحوش....لكن للأسف فارسك لن يستطيع ذلك . لأنك أسيرنا الآن ، ولن ينقذك أحد .>>
ثم ترك ذقنه وسار بخطى هادئة ليقف مجددا أمام زيرو ، ونظر إليه بابتسامة ثقيلة بالسخرية :
تقول أنها ممتلكاتك ؟ للأسف ، هذه الملكية تمت مصادرتها منذ زمن . لقد تعدت حدودها ....فدخلت قفصي . ومن يدخل قفصي ، لا يخرج منه حيا .
" زيرو " لم يظهر أي توتر . رد بابتسامة باهتة :
<< كم تتكلم كثيرا ....لغراب محكوم عليه بالذبح .>>
وفجأة بدون إنذار ، اندفع زيرو كظل خاطف . لم ير أحد كيف تحرك . لكن الدم تناثر في اللحظة التالية من رقبة الحارس الذي كان يراقب الباب. سقط أرضا بلا صوت.
<< أنتم لا تحمون قفصا ...أنتم محبوسون داخله .>>
الزعيم يلوح بيده، ليظهر من بين الظلال العشرات من الرجال ، مسلحين ، أعينهم حمراء كالغربان .
<<أطلقوا النار >>
لكن زيرو لم يتحرك .
قال بهدوء قاتل :
أنا لست هنا كي أهرب . أنا هنا كي أنهي هذا القفص ...ومن فيه .
انهالت الرصاصات على جسد زيرو ....لكنها مرت من خلاله كما لو كان شبحا .تجمد الجميع في أماكنهم ، و الرعب يشل حركتهم .
<< مستحيل ....إنه...ليس بشريا !>> تمتم أحدهم
وفي غمضة عين ، تحرك .
مر زيرو بينهم بسرعة البرق ، وكأن الزمن توقف للحظات . راح يقطعهم واحدا تلو الآخر ، بسلاسة مرعبة ، كأن الموت يعزف لحنه الأخير .
وقف زعيم الغربان يصفق ببطء ، بعينين تلمعان بالسخرية :
<< مذهل ...مذهل ! أنت سفاح بالفطرة . دعني أشدو بموهبتك .... لكن للأسف ، هذا السفاح التقى أخيرا بوحش سينهيه ويجعله يندم على مجيئه .>>
زيرو تجاهله تماما . ومر من خلاله كضباب قاتم ، متجها نحو " رين " وقف أمامه. وانحنى قليلا، ثم لمس الجرح على جانب فمه باصبع بارد .
همس :
<< أعدك ....أنك ستذوق طعم الجحيم فقط لأنك خدشت . لا أحد يلمس لعبتي . لا أحد يؤذيها. لا أحد يكسرها... غيري .>>
رمقه " رين " بنظرة غاضبة ، وقال ببرود:
<< منذ متى أصبحت ملكيتك الخاصة؟ ....نفسي...لي فقط .ولا أحد غيري ...>>
ابتسم " زيرو " ابتسامة واسعة ، ثم فك وثاق رين بهدوء .
صرخ " رين " بغضب :
ماذا تفعل ؟!
وضع زيرو يده على رأسه ، وقال :
<< آسف ...لكنك ستخلد للنوم الآن . أحلاما سعيدة ، أمير الجحيم .>>
في لمسة واحدة . غاب رين عن الوعي. حمله زيرو برفق ووضعه داخل تابوت خشبي مملوء بأزهار الموت البيضاء والحمراء .
استدار نحو الزعيم، الذي لا زال يبتسم بثقة زائفة .
قال زيرو بنبرة شيطانية :
<< لم أشأ أن تشهد لعبتي على موت شيء قذر مثلك .>>
قهقه الزعيم ساخرا :
إذن لا تريد أن تبدو بمظهر سيء أمام أميرك ؟
ضحك زيرو بدوره :
<<لا . فقط لا أريد أن يتلطخ بدمائك النتنة عند موتك .>>
هم الزعيم بالكلام ، لكن فجأة ....
بتر زيرو يده اليمنى .
صرخ الزعيم متألما ، يتراجع للخلف ، لكنه لم يمنح فرصة للهرب.
قال زيرو :
<< هذا ثمن لمسك لعبتي...>>
فقع عينه اليمنى .
ثم أطراف أصابه ، واحدا تلوا الآخر ليذيقه طعم الألم .
الصرخات ملأت الكنيسة .
وفي النهاية ، بصوت بارد :
<< والآن ....حان وقت الخاتمة .>>
قطع رقبته في سكون .
سقط الزعيم ، والجدران القديمة شهقت أخيرا ، كما لو أن الكنيسة نفسها لفظت دنسها .