الفصل الثامن عشر : الأمير النائم

اقترب زيرو من التابوت بهدوء ، خطواته لا تسمع في صمت الكنيسة المخيف ، ثم انحنى أمام رين النائم بين أزهار الموت البيضاء والحمراء .

قال بصوت منخفض. كأنما يهمس للذكرى :

" لم تتغير بتاتا يا رين ....لا تزال تنام بنفس السكينة كما كنت صغيرا . لكن ...."

وضع يده على طرف التابوت ، نبرته تزداد برودة وتهديدا :

" سأجعلك تترك التحقيق ، سأحطمك...لأبعدك عن هذا الطريق . أولئك الحمقى من البشر يستغلونك ...لكن لا بأس. أعدك ، إن لم ينهوك هم ....فسأنهيك أنا ."

ثم التفت بخفة واختفى في الظلام. تاركا خلفه أثرا من الجنون والدماء .

مركز الاستخبارات - بعد ثلاثين دقيقة

الأجواء تعج بالفوضى . تقارير. صراح تحليلات .

وصل بلاغ غامض من مصدر مجهول :

" عش الغربان قد انتهى . الرهينة بأمان .-[ الموقع مرفق ]:

تبادل الضباط النظرات ، ثم انطلقت فرق الأمن باتجاه الموقع فورا .

الكنيسة القديمة - الموقع

ما إن دخلت فرقة الأمن حتى تجمدت في أماكنها .

رفع المفتش "كي شيرو قطعة قماش إلى أنفه ، محاولا حجب الرائحة الكريهة التي تملأ المكان .

المشهد أمامهم ...لم يكن إلا مجزرة بشرية .

دماء متناثرة ، أشلاء ممزقة ، أعضاء بشرية مبعثرة بلا نظام ...كأنما الجحيم قد مر من هنا .

بدأ بعض الضباطزبالتقيؤ ، والبعض بالكاد يقف .

وعلى الطاولة الخشبية قرب المذبح ، وجد غراب أسود مثقوب بخنجر ، وأمامه تفاحة حمراء .

قال أحد الضباط بفزع :

" إنها بصمته ....زيرو ."

رد كيوشيرو بنبرة ثقيلة :

" أجل ....الوحش مر من هنا ."

صرخ ضابط من الجهة الأخرى :

" سيدي ! المفتش كيوشيرو ! هناك أحد داخل التابوت !"

اقترب كيوشيرو ببطء ، يداه ترتعشان .

فتح التابوت بحذر ....وإذا برين ممدد داخلهة، محاطا بأزهار الموت ، وبجانبه تفاحة حمراء مغروسة بخنجر مغطى بالدم .

ارتعد كيوشيرو ، قلبه يكاد يتوقف . لم يجرؤ على الفحص .

لكن بعد لحظات من الشجاعة المرتعشة، وضع إصبعه على عنق رين.....

نبض.

تنفس كيوشيرو براحة. ثم صرخ :

" استدعوا سيارة إسعاف فورا !! إنه حي !"

في ظلام الغرفة الهادئة بدأ رين يسترجع وعيه تدريجيا .

تنفسه مضطرب . وعيناه تتحركان تحت جفونه كأنه يهرب من شيء داخل حلمه .

صوت غريب خافت بدأ يناديه :

-" رين ....لقد تأخرت ....رين ..."

أدار رين رأسه داخل الحلم ، يبحث عن صاحب الصوت ، حاول أن يقترب ، أن يراه بوضوح ...لكن الظل اختفى فجأة، كأن الحلم تمزق في لحظة واحدة .

استفاق رين مذعورا وهو يلهث ، نظراته تتفقد المكان بسرعة . الظلام خيم خارج النافذة ، والأصوات من الممر توحي بأنه في مستشفى .

-" أين أنا ...؟ هل هذه مستشفى ؟"

أمسك برأسه ، الألم لا يزال هناك ، والذكريات متقطعة . وفجأة، قطع صمته بصوت مألوف :

-" رين ! الحمد لله لقد استيقظت !"

استدار رين بسرعة ، مندهشا :

-" يوكيمارو ؟! اللعنة لقد أفزعتني ! كدت أن تصيبني بنوبة قلبية !"

ضحك يوكيمارو بصوت عال ، بينما جلس بجانبه وهو يضع كيس فواكه على الطاولة ، لكن رين لم يكن في مزاج للضحك .

-" متى وصلت إلى هنا ؟ ألم أكن في الكنيسة ؟ أذكر أعين الغربان ....أذكر أن زيرو أتى ، لكن ....ماذا حدث بعدها ؟"

بدأت ملامح الحيرة ترتسم على وجهه. لكنه لم يجد جوابا . أمسك برأسه من جديد .

اقترب يوكيمارو ووضع يده على كتفه :

-" لا ترهق نفسك بالتفكير الآن . بعد أن أغمي عليك ، يبدو أن زيرو من تولى أمر الغربان ."

-" زيرو فعل هذا ....؟ لكن لماذا ؟ لماذا يساعدني؟"

رد عليه يوكيمارو بنبرة جدية :

-" لأنك لعبته . وزيرو لا يسمح لأحد بلمس لعبته أو تحطيمها ....إلا هو ."

نظر رين إلى الأسفل ، فاغرا فمه :

-" يا له من مجنون ...."

ابتسم يوكيمارو ساخرا :

-" لدرجة أنه حملك بنفسه ، ووضعك في تابوت ، وملأه بأزهار الموت . ووضع تفاحة وخنجر بجانبك ، لكنه أبقى على حياتك !"

ثم أطلق ضحكة ساخرة وهو يضيف :

-" لو رأيت نفسك ، كنت تبدو كالأميرة النائمة في القصص الخيالية ! لا ، عذرا ....أنت أمير نائم !"

صرخ رين بغضب ورمى عليه الوسادة :

" اصمت ! ما الذي تهذي به ؟"

ضحك يوكيمارو أكثر وهو يبتعد عن الضربة :

-" ما الأمر ، وجهك أحمر ؟ هل أنت خجل؟ لا تقلق، كنت نائما بشكل جميل جدا ....بالمناسبة، لدي صورة هل تريد أن تراها ؟"

في لحظة ، امتلأ وجه رين بالغضب :

-" أخرج من هنا قبل أن أخنقك !"

ركض يوكيمارو نحو الباب وهو يضحك :

-" تم طردي رسميا ! كم هو ممتع أن أغيظك يا رين !"

خرج من الغرفة ، تاركا رين يحدق بالسقف في صمت ...لكن في أعماقه ، لم يكن الهدوء موجودا . ما زال صوت ذلك الشخص الغامض يتردد في ذهنه ...

" رين ...لقد تأخرت ..."

رفع يده ببطء. وتفكيره أصبح غائما .

-" من أنت ؟ ولماذا أشعر أنني .... أعرفك ؟"

2025/05/17 · 17 مشاهدة · 802 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025