الفصل الواحد والعشرون : العد التنازلي للصمت
بدأت سلسلة الموت بصمت ...ولم تنته .
لم تمض أيام قليلة على كشف الشريحة ، حتى بدأت الأسماء تختفي . ليس من الملفات فقط ، بل من الواقع .
أولهم كان " سوزوكي"، عميل سابق قبض عليه في مطار طوكيو وهو يحاول الفرار بهوية مزيفة .
تم وضعه تحت الحراسة المشددة ، في مركز احتجاز تابع للشرطة الدولية.
في صباح أحد الأيام ، وجدت جثته ممزقة في الزنزانة . لا أثر لاقتحام، ولا حركة مسجلة على الكميرات .
وقف الضباط مذهولين أمام الشاشة ، حيث الساعات المسجلة تظهر فقط " صمتا مطبقا "...
ثم يظهر جسد سوزوكي فجأة على الأرض .و كأن الموت نزل عليه من فراغ .
...
بعدها بيومين ، تم اكتشاف " ماسايوشي " ، العميل الأوروبي الذي سلم نفسه مقابل الحماية .
كان في سجن مشدد في برلين، تحت أنظمة مراقبة حرارية وبصرية.
ورغم ذلك ....
في الساعة 3:06 فجرا ، انقطعت الحرارة عن زنزانته لثوان، ثم عادت.
عندما دخل الحراس ، و جدوه معلقا بسقف الزنزانة بأسلاك شفافة ، ولسانه مقطوع وموضوع في جيبه .
...
الذعر بدأ ينتشر ، ليس فقط بين الضباط ، بل حتى داخل قاعة قيادة الاستخبارات.
-" هذا مستحيل !" صاح أحدهم ، وهو يقلب التقارير .
-" هؤلاء تحت حماية الشرطة الدولية ! نحن لا نعرف كيف يدخل ....لا نعرف حتى كيف يفكر !"
قال أوساكا بصوت خافت وكأنه لا يريد سماع كلماته :
-" زيرو لا يلاحقهم فقط ...إنه يمحوهم من الوجود ."
...
في مكتب معزول ، جلس رين أمام الشاشة ، عيونه شاحبة ، لم ينم منذ أيام .
فتح قائمة الأسماء المتورطة التي كشفها محتوى شريحة والده.
سطر بعد سطر ...كان يمحى من الواقع .
بعضهم هرب. بعضهم اختبأ. بعضهم اختفى قبل أن تصلهم الأخبار .
لكن النهاية واحدة ....زيرو لا يترك أحدا .
قال أحد عملاء التحاليل :
-" كل من تواصل مع منظمة الغربان ....يتم تصفيتهم . حتى الذين ليس لهم علاقة مباشرة ، فقط وجودهم في سجل واحد كاف لإدانتهم بالموت ."
...
لم يعد رين قادرا على الصمت.
كل شيء ينهار من حوله. وكأن زيرو يكتب النهاية بطريقته .
قرر أن يواجهه.
توجه رين لمكان معزول ، قاعة مهجورة في أحد المباني القديمة وسط المدينة، بعيدة عن أنظار الناس .
وقف رين وسط الغرفة. ينظر حوله ، ثم نادى بثبات :
-" زيرو ...أعلم أنك تراقبني . هيا ، أخرج من مكانك ."
صمت ....
ثم همسة قرب أذنه :
-" لم تلعب لعبتي في الأرجاء وحدها وتبحث عني ، رين ؟"
تجمد جسد رين . لم يدرك متى اقترب زيرو منه ، لكن غريزته انفجرت فجأة .
استدار بلكمة خاطفة .
لكن ....
قبضت يد زيرو على معصمه من الخلف ، وفي اللحظة نفسها كانت ذراع أخرى تحاصر رقبته برفق قاتل .
-" يالها من غريزة دفاعية ...."
ابتسم زيرو بصوت بارد ، وهمس عند عنقه كأنما يختبر ضعفه .
رين استجمع قوته فجأة ، وحرر نفسه بحركة عنيفة ، ثم دفع زيرو بقوة وابتعد ، يلهث من التوتر .
-" ماذا تريد مني بالضبط ؟!" صرخ رين .
ابتسم زيرو بخفة ، تقدم خطوة للأمام ، عينيه تلمعان بجنون هادئ .
-" ماذا أريد ؟ اللعب معك طبعا ...بما أنك دميتي المسلية ."
-" إذا لماذا قتلت أولئك الأشخاص ؟!" صاح رين ، يزداد توتره وغضبه مع كل كلمة .
ضحك زيرو ، بصوت خال من الرحمة :
-" لأنهم تجرؤوا على لمس تسليتي الوحيدة ...أنت .
مجرد حشرات اقتربت من لعبة لا تخصهم .
فأزلتهم من الطريق ...كي لا يعيقوا تعذيب لك ...بشكل أنيق ."
تشنج وجه رين ، وهو يصرخ :
-" يالك من وغد مجنون !!"
انفجر زيرو بالضحك ، ثم سكن فجأة ونظر إلى بنظرة تحد :
-" إذا يا لعبتي ....هل نعقد رهانا ؟"
صمت رين للحظة قلبه ينبض بجنون ، وزيرو يقف هناك ....كعاصفة هادئة ، لا تقرأ.