الفصل السادس والعشرون : تفاحة من دم

بلع زيد ريقه ، ثم بدأ يتحدث بصوت مبحوح :

" قبل شهرين ....وقعت جريمة في أحد ضواحي سنغافورة .

في البداية ، بدت وكأنها حادثة انتحار ."

توقف للحظة ، وكأن عينيه تهربان من نظرة رين الثاقبة ، ثم أكمل بصوت خافت :

" وجدنا الضحية مغروسة بسيف تمثال في ساحة عامة. رأسه كان مائلا ، عيناه مفتوحتين ، وكأن آخر ما رآه قبل أن يسقط كان السماء ....وكان الدم يغطي الحجر حتى تحول لونه ."

سكت مجددا ، ثم زفر ببطء ، وكأن الكلمات تختنق في صدره .

" ظنناها حادثة فريدة ، حتى بدأت الجثث تتساقط كأنها ذباب ....واحدة تلو الأخرى ، كل يوم تقريبا . طرق القتل ؟كانت ....شنيعة ، متقنة ، مبتكرة بشكل لا يصدق ."

رفع زيد عينيه نحو رين ، ليجد نظرته القاسية الجامدة في انتظاره .

" لكن ...ما ربطها كلها ....كانت التفاحة الحمراء ."

قالها وكأنها لعنة ، ثم أضاف :

" تفاحة مغروزة بخنجر صغير ، مغطاة بدماء طازجة ، تترك بجانب كل جثة ."

ارتفع حاجب رين قليلا ...اهتمامه بدأ يستيقظ تدريجيا .

تابع زيد :

" لم نرد إثارة الذعر ...فتكنمنا عن الأمر . فوضنا المهمة لأشهر محققينا . لكن قبل أسبوعين ....وقعت الكارثة . عثرنا على جثتي المحققين ، مشوهتين تماما . لم نتعرف عليهما في البداية لولا شاراتهما ."

صوته انخفض :

" كان منظرا لا يوصف . أكثر ما أرعبنا أنه ...لا يوجد أي أثر ."

رد رين ، بنبرة باردة ترتجف فيها رائحة الرعب :

" إذا ....خلاصة الأمر ؟"

أجاب زيد بنبرة يغمرها اليأس :

"لقد سمعنت عن جرائم مشابهة تماما في اليابان ....نفس البصمة . نفس الوحشية وكان وراءها شخص واحد... يدعى زيرو . أو كما يسميه العامة : شبح الموت ، أو الشيطان ."

صمت لبرهة ثم ، تابع :

لكن الجرائم هناك ...بدأت تقل ، بعد تدخل المحقق العبقري إيتاشي رين ...عبقري القرن ، صياد المستحيل ، الذي لم تسبق قضية أن فرت من قبضته ."

رد رين ، وعيناه تضيء بشك بارد :

" إذا ...تطلب مساعدتي ؟ وما شأني بقضاياكم ؟"

أجاب زيد ، بصوت مرتجف :

" لأنك المسؤول الوحيد القادر على الإمساك بزيرو ."

ثم أضاف بسرعة :

" ولقد تواصلنا بالفعل مع الهيئة الأمنية الخاصة في اليابان ....لمعالجة هذا الأمر ."

أردف رين سلخرا :

" هاه ...إذا ، ما أفهمه من كلامك ...أنك كنت تنوي اختطافي ، لا التحدث معي ؟ تبدو كالمترصد أكثر من وسيط . كيف اختارت الاستخبارات شخصا مثلك ؟"

أطرق زيد رأسه ، معتذرا بمرارة :

" أعتذر عن وقاحتي . وشكرا .... على منحك لي بعضا من وقتك يارين - سما ."

ثم نهض ، واستدار نحو الباب .

" أتمنى أن نلتقي مجددا . وأن ...تتقبل طلبي.

غادر بعدها . تاركا ظلا لا من الدم والأسئلة خلفه .

فجأة، انفجر رين ضاحكا .

ضحكة لم تكن بريئة ... كانت ساخرة ، باردة ، وعابثة.

" ياله من أمر مثير للسخرية !" تمتم بينما يسمح دمعة وهمية من طرف عينيه .

استدار نحو يوكيمارو ، الذي زهر بجانبه كظل ، وقال بنبرة تشتعل بالحماس الخفي :

" إذا ...هل تعتقد أن شيطاننا له دخل في هذا الأمر ؟"

توهجت عينا يوكيمارو الحمراوان كجمرتين متقدتين ، ونطق وهو يهمهم بابتسامة ملتوية :

" لا...لا أعتقد ذلك . كيف لزيرو أن يترك لعبته الجميلة ويذهب ليتسلى في مكان آخر ؟"

رد عليه يوكيمارو مازحا ، بنبرة مغلفة بالخبث :

" آه ، رين ....أعتقد أن زيرو خانك . ترك أميره الصغير وذهب ليفسد ، يسكب الدماء في بلد آخر ."

فجأة تغيرت ملامح رين تماما .

صمت قاتل .

ثم ...هالة قاتمة باردة بدأت تنبعث منه . وكأن الهواء ذاته قد تجمد . نظراته لم تكن نظرات بشر .

نظرات موحشة .

يوكيمارو ارتجف دون أن يشعر . جلده اقشعر . بل حتى الظلال تراجعت خطوتين .

" هل تعلم يا رين ..." قال بصوت مظطرب ، محاولا التراجع للخلف ، " تذكرت أن لدي ...عملا عاجلا ! أراك لا حقا !"

استدار ليهرب بأقصى سرعته .

" يوكيمارووو!" صرخ رين بصوت ارتجت له النوافذ ، بينما يده رفعت كوب الشاي الفارغ ، مهددا بقذفه .

لكن يوكيمارو قد اختفى بالفعل .

رين زفر ، ثم جلس ببطء ، وابتسم بخبث :

" زيرو ...إذا كنت تخون لعبتك معي ...فسأضطر لإفساد لعبتك الجديدة ."

2025/05/29 · 16 مشاهدة · 700 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025