الفصل الثالث والثلاثون : " الشبح الذي لا يرى... لكنه يخيف ."
في الليلة التالية ، تسلل يوكيمارو إلى غرفة الحارس بهدوء تام .تململ وهو يتفحص الظلام وقال متمتعا : -" سحقا لك يارين...لماذا دوما أكلف بالمهام الخطيرة ؟ دائما! يالك من بغيض ."
ثم ابتسم بخفة ، كأن الذكريات شدته للحظة دافئة: - " لكن هذا بالظبط مايعجبني فيك .لم تتغير ، أيها المعتوه البارد ."
وضع إصبعه على خده وهو يراقب الغرفة بنظرة ماكرة :- " حسنا...لنتظاهر للحظة أنني حارس غبي ، مثل صاحبنا ...أين كنت سأخفي الدليل ؟"
بدأ يبحث بدقة ، يقلب الوسائد ،يدس يده في الأدراج ، ثم تنهد : -" لا شيء . تبا . يبدو أنني مضطرة للانتقال للمتحف ...آه ، ها لقد وصلت ".
لكن ما إن اقترب من قاعة الأمن ، حتى لمح الحارس المتهم يسير في الرواق، فاختبأ خلف أحد الأعمدة : :-" هاه ...هذا وجه مشتبه فيه بلا شك .هل أتبعه؟ أجل...أتبعه."
مشى الحارس بخطى حذرة حتى وصل إلى غرفة المراقبة ، ثم دخل وقال لزميله الذي كان يحدق في الشاشات : -" مرحبا ...أحضرت لك قهوة ."
رفع زميله حاجبا بشك:-" أنت ؟لست من النوع الذي يقدم قهوة للآخرين ."
ضحك الحارس بتصنع:-" هيا...ألست صديقك ؟ لا تكن ناكرا للجميل ."
مد يده بكوب القهوة ، لكن فجأة ...انسكب المشروب على ملابس زميله .
-" آه، سحقا ! لقد اتسختت ملابسي ."
-" آسف ! لم أقصد...لاعليك ، اذهب واغسلها، سأراقب الكميرات بدلا منك ."
خرج زميله ، بينما تسلل الحارس بهدوء خلف أحد الشاشات، وبدأ يعبث بجهاز صغير . تمتم بصوت خافت :-" وأخيرا...طوال شهرين وأنا أبحث عن فرصة لاسترجاع هذه الشريحة ...صحيح أنني عطلتها ، لكن وجودها بيد أحد سيورطني ...خاصة بعد تدخل ذلك الياباني ."
أخرج شريحة رقمية صغيرة ، نظفها ، وابتسم بخبث.
كان يوكيمارو يراقب كل ذلك من الأعلى، وهو معلق في الهواء كالشبح: -" آه، إذا لهذا سكب القهوة ...خطة رخيصة لكنها ذكية ."
حين غادر الحارس الغرفة وسار في الرواق ، اقترب يوكيمارو بخفة ثم ...عرقله !
سقط الحارس أرضا ، وصرخ :-" سحقا ! ما الذي...؟كأن أحدا دفعني! هل أتوهم؟ "
قبل أن يستعيد توازنه ، التقط يوكيمارو الشريحة الرقمية بمنديل نظيف وقال مبتسما :-" وأخيرا ، دليل ملموس."
لكن الحارس بدأ يفتش الأرض بجنون :أين هي ؟! أين الشريحة؟!لاااا...ليس الآن !أيها الحظ العاثر !
ابتسم يوكيماروبخبث وقال:-" حسنا ...بما أنني شبح ، ألا يحق لي بعض المتعة ؟"
ثم بدأ يصدر أصواتا غريبة تتردد في الرواق، يطرق الأبواب، يصرخ بصوت مشوه،يسحب مقابض الحديد . توقف قلب الحارس من شدة الهلع ،ارتعشت ركبتاه ،وصاح : من ...من هناك ؟! هل هذا ...حقيقي ؟أم...هل أتوهم؟!
ثم دفعه يوكيمارو من الخلف مجددا فسقط ، قام الحارس يصرخ كالمجنون ، وركض في أرجاء المتحف كطفل هارب من كابوس .
انفجر يوكيمارو ضاحكا وهو يلوح بالشريحة : -" هاهاها! كنت أود أن أستمتع أكثر، لكن لا بأس...أعدك ،في المرة القادمة . ستكون اللعبة أطول ".
....
عاد يوكيمارو إلى الفندق في ساعة متأخرة من الليل ، خطواته خفيفة كعادته، لكن في عينيه بريق إنجاز جديد.
فتح الباب بهدوء ،ليجد رين مستلقيا على كرسي في الزاوية ،رأسه مائل على يده،وقد غلبه النعاس .تنهد يوكيمارو واقترب منه وهمس: -" رغم أنك وعدت العجوز كيوشيرو بألاترهق نفسك...إلا أنك لاتزال تفعل ذلك.أيها الأحمق العنيد ."
انحنى بلطف ، ثم حمل رين بذراعيه إلى السرير، وغطاه بالملاءة بهدوء . لكنه ما إن لمس الغطاء جسده ،حتى فتح رين عينيه فجأة، وأمسك بيد يوكيمارو بقوة: -" يوكيمارو....؟هل هذا أنت؟ ...لقد عدت!"
ابتسم يوكيمارو ابتسامة خفيفة :-" أجل ...لقد عدت .:
جلس رين ممسكا رأسه بتعب وقال : " يبدو أنني غفوت دون أن أشعر ...إذا ، هل عثرت على شيء ؟"
رد يوكيمارو بمكر :-" لا " .
-" ماذا ؟!" قالها رين بدهشة .
رفع يوكيمارو حاجبه وأضاف: " حسنا...يمكنك القول أنني وجدت شيئا آخر ...مثير للاهتمام ."
انحنى فجأة ووضع إصبعه على شفتي رين ، ثم نظر في عينيه مباشرة : -" لكن قبل أن أخبرك ...عليك أن تعدني بشيء واحد ."
-" هاه؟"
-" أن تذهب مباشرة للنوم بعد أن أخبرك...أنت مرهق جدا، وهذا أمر غير قابل للنقاش."
ضحك رين بتعب :-" حسنا ، حاضر يامربية الأطفال ."
أخرج يوكيمارو الشريحة من جيبه ولوح بها أمام وجه رين وقال : -" ترااا ..."
-" هل هذه ...شريحة رقمية ؟"
-" نعم .أخذتها من الحارس نفسه ، بعدما انتزعها من جهاز المراقبة .يبدو أنها كانت المسبب في تجميد الشاشة على صورة ثابتة ."
حدق رين في الشريحة مذهولا ، لكن قبل أن ينطق ، وضع يوكيمارو إصبعه مجددا على فمه : - " ششش...ألم تعدني ؟ النوم...وإلا سأضطر لاستخدام وسائل لا تليق بسمعتك كمحقق ذكي ."
-" أوه . حسنا ، حسنا .حاضر ، أيها الشبح المتسلط ."
ربت عليه يوكيمارو وقال مازحا: -" يالك من فتى مطيع .أحسنت ."
دفعه رين برفق وهو يغمض عينيه : -" أغرب عن وجهي ...أيها المزعج ."
وما إن وضع رأسه على الوسادة حتى غط في نوم عميق .
اقترب يوكيمارو منه ، وأبعد خصلات شعره عن عينيه، ثم همس :-" وتقول إنك لست مرهقا ...لقد نمت في اللحظة التي لمست فيها الوسادة ، ياعزيزي رين ."
ثم توجه نحو النافذة ، ونظر إلى السماء التي كانت تتلألأ بالنجوم في ليلة قمرية ساحرة .تنفس بعمق وتمدد قليلا :-" يا لها من ليلة...أتساءل فقط...ماذا يخبئ لنا الغد ؟ ".