الفصل الرابع والثلاثون : هاكر بدم دافئ.

حل الصباح بهدوء مريب ، كأن اليوم يحمل في طياته شيئا مختلفا. وما إن فتح رين عينيه ،حتى قفزت فكرة واحدة إلى رأسه:

الشريحة !

نهض بسرعة من السرير، ونادى بصوت متحمس: -"يوكيمارو! أين أنت؟!"

جاءه صوت هادئ من المطبخ: " صباح الخير يا رين. هل نمت جيدا؟"

دخل عليه رين بنظرة حادة: " دعك من التحيات الآن ، لنكمل حديث البارحة ."

ابتسم يوكيمارو وهو يضع كوب الشاي على الطاولة: " لا ...لا أريد "

-" ماذا ؟!لاتكن عنيدا الآن وتتصرف كطفل !"

-" قلت لك ، لن أخبرك بشيء...مالم تغتسل وتتناول فطورك أولا ."

تأفف رين وهو يمرر يده في شعره: -" حقا. يالك من طفل عنيد ."

جلس الاثنان لتناول الإفطار ، لكن رين أنهى طبقه بسرعة غير معتادة، وقال: انتهيت!هي ، تحدث .

رد يوكيمارو بهدوء مستفز: " لا" .

-" لماذا هذه المرة ؟!"

رفع يوكيمارو حاجبه وهو يضرب الطاولة بخفة : - " لأنك بالكاد أكلت لقمتين ! هكذا تعتني بصحتك ؟ هل تريد أن يغمى عليك في منتصف التحقيق؟!"

قال رين وهو يعقد ذراعيه: هل ترغب في الشجار أم ماذا؟

-" إن أنهيت طعامك ، أعدك أن أخبرك بكل شيء ...أو ، هل تريدني أن أطعمك بنفسي ، ياعزيزي رين؟"

أطلق رين تنهيدة باردة: " لك ذلك ."

أنهى رين فطوره بتذمر ، ثم قال: ها قد إنتهيت .

رد يوكيمارو كان عليك فعل هذا من البداية ...أيها الطفل الكبير .

ابتسم رين: " أعلم أنك تحاول إغاظتي ، لذا لن أمنحك هذا الشرف . فلندخل في صلب الموضوع. "

جلس الاثنان أمام الطاولة ، وسحب يوكيمارو الشريحة من جيبه ووضعها برفق فوقها، ثم قال بنبرة جادة: -" كما أخبرتك سابقا...رغم غباء الحارس، إلا أنني فتشت المكان جيدا. لم أجد شيئا سوى هذه الشريحة. كان ينوي تدميرها حين أمسكته ."

سأل رين وهو يحدق بالشريحة: " وكيف حصلت عليها؟ "

-" ببساطة ...الجهل نعمة ، جعلته يلعب في الملعب الخطأ . قمت بالقليل من التمثيل والباقي كان سهلا.

أومأ رين بإعجاب -" المهم أنك حصلت على شيء .لكن يوكيمارو.... حتى لو أثبتنا أنه من دس السم لزميله. هو مجرد قطعة شطرنج. هناك من يحركها...وأنا متأكد أنك تعرف ذلك. "

يوكيمارو: بالفعل، لكن كيف ستثبت ذلك؟ لا يمكنك أن تظهر هويتك، والمهمة سرية ، ثم أن بيانات الزبائن محمية . لن تحصل على سجل دواء الإسهال من أي صيدلية.

صمت رين للحظة وهو يفكر : كنت أفكر في التوجه لصيدليات قريبة من المتحف...ربما لاحظ أحدهم شيئا. لكن كما قلت، لا يمكنني التصريح بشيء، ولا استجواب أي أحد بهويتي الحقيقية ."

قال يوكيمارو بابتسامة جانبية : " ربما أستطيع مساعدتك في ذلك. "

-" هاه ؟ماذا تقصد؟ "

-" لدي...بعض المهارات في القرصنة والاختراق ليس قانونيا تماما. لكن فعال .هل ترغب في تجربة ذلك. حضرة المحقق؟"

ارتسمت على وجه رين ملامح الدهشة، ثم انفجرت ابتسامة واسعة على شفتيه.

-" هذا رائع...لم أكن أعلم أن لدي هاكر بجانبي ! لا ، بل هاكر شبح ! يوكيمارو...أنت غامض أكثر مما أظن. "

رد عليه يوكيمارو بابتسامة مغرورة وهو يعدل قبعته الوهمية : " أرأيت؟ صديقك عبقري، كن ممتنا لوجودي في حياتك. "

ضحك رين : -" حسنا، يا هاكر خاصتي...ماذا تنوي أن تفعل؟ "

فرك يوكيمارو أصابعه كأنما يستعد لعزف مقطوعة موسيقية : -" لنرى ...ما رأيك أن أبدأ باختراق كاميرات المراقبة؟ سأتتبع تحركات الحارس خلال الشهرين الماضيين، وسنحدد بدقة إلى أين ذهب .لو دخل إلى صيدلية، فهذا يؤكد شكوكنا حول دواء الإسهال ."

ثم أمال رأسه مبتسما بمكر : -" مارأيك ، يارين خاصتي؟ هل أبدأ ؟"

رمقه رين بنظرة باردة، ثم ابتسم بدوره وقال: " علبك ذلك...وبأقصى سرعة ممكنة ، هاكر خاصتي. "

ضحك يوكيمارو بخفة: " كما تأمر ، سيدي المحقق. "

جلس أمام جهازه المحمول وبدأ العمل بتركيز، أصابعه تتحرك بسرعة مذهلة على لوحة المفاتيح، في حين جلس رين خلفه يراقبه بصمت .

مرت لحظات قليلة، وفجأة ارتفعت نبرة صوت يوكيمارو وهو يقول: " رين تعال إلى هنا بسرعة...أعتقد أنني وجدت فريستنا ."

اقترب رين ووقف خلفه، يحدق في الشاشة التي عرضت خريطة متفرعة ومسارات متصلة بعدة نقاط .

-" هذه ...هذه الأماكن التي ذهب إليها خلال الشهرين الماضيين. وانظر هنا ..." أشار يوكيمارو إلى إحدى النقاط المتكررة ،" صيدلية محلية ، زارها أكثر من مرة ، والفاتورة الرقمية تشير إلى شراء أدوية معدة !"

اتسعت عينا رين بدهشة : -" ووو ...يالسرعتك ...هذا غير طبيعي. "

نظر إليه يوكيمارو بخفة دم : ومن تظنني؟ يجب أن تفتخر بي . تملك هاكرا محترفا وساحرا وسيما في آن واحد .

ابتسم رين، لكنه لم يجب. بقي صامتا لثوان، يحدق في الشاشة ...ثم إلى يوكيمارو من الخلف، وتأمل ملامحه.

صوت داخلي -رين :

لم أكن أظن أنه سيعثر على هذا الخيط بهذه السرعة ...إنه موهوب بحق . لكن...من أنت ؟

لماذا حين أنظر إليك ، أشعر أنني...أضعف ؟ وكأنني أرغب في أن أريك جانبي الآخر ...جانب لا يراه أحد.

رفع يده ببطء ، ووضعها على صدره حيث قلبه ينبض بإقاع غير مألوف .

كما لو أن دفئا يخرج منك ...يحيطني ...ليس دفئا عاديا ، بل لطيف ، يبعث على الابتسام ...بلا سبب.

نظر رين بعيدا بسرعة ، كأنما تدارك نفسه .

قال يوكيمارو ، دون أن يلتفت : " هل أنت بخير ؟ وجهك يبدو غريبا قليلا ."

رد رين بسرعة وهو يعيد هدوءه : " أنا بخير ، فقط مندهش ...من عبقريتك ."

ضحك يوكيمارو: " تال للننطلق إلى خذه الصيدلية . أظن أن الأمور بدأت تخرج من تحت الطح ."

2025/06/08 · 16 مشاهدة · 874 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025