الفصل الثامن والأربعون : في جوف الظلام
خرج رين من مركز الشرطة متأخرا، والليل قد بلغ منتصفه . المدينة نائمة ، لكن أفكار رين كانت أكثر صخبا من الضجيج نفسه . وبينما يسير ببطء في الشارع المبتل ، لمح من بعيد ظل رجل بدا مريبا للغاية . وقف في مكانه، وحدق.
"ذلك القوام...والمعطف الأسود...أليس هو نفس الرجل؟ "
الرائحة ....تلك الرائحة المنعشة الغريبة التي لا تنسى ، رائحتها لا تشبه سوى ما أحاط بالجثث الأخيرة .
"علي أن أتبعه .الآن ."
تقدم بخطوات خفيفة ، يتبعه دون أن يصدر صوتا ، انعطف الرجل عند زاوية ضيقة مظلمة بالكاد تتسع لشخص . كانت مهجورة تماما ، مرمية في ظلال المدينة .
"كما توقعت ...إنه مشبوه بحق ."
في نهاية الزاوية ، وقف الرجل أمام جدار يبدو صلبا لا ينكسر . وضع يده على نقطة خفية في الزاوية ، ثم: خطوتان للأمام ....خطوة واحدة للخلف ....
دفع صخرة بارزة ، وفجأة انفتح باب أوتوماتيكي بصوت خافت بالكاد يسمع، كأن الجدار ابتلعه ، وظهر درج حجري عميق يهبط نحو الأسفل ، غارق في ظلام خانق .
دخل الرجل .
وتبعه رين.
نظر حوله بحذر ، بحثا عن كميرات أو أفخاخ .
مرر أصابعه على الجدار...
"خطوتان للأمام ....واحدة للخلف ..."
ضغط على نفس النقطة ...
فتح الجدار من جديد .
الظلام في الداخل كثيف كفم كهف قديم .لكن في نهايته، ومضت أضواء خافتة ...
" هل أخوض مذا الطريق؟ أم أعود ؟"
لكن الشك لم يكن في قاموس رين .
"إن لم أتقدم الآن ، سأندم لا حقا ."
هبط الدرج ببطء ، وحذائه يصدر صدى طفيف يتردد داخل الجدران . وعندما وصل للأسفل ، كان المشهد مفاجئا .
شبكة أنفاق تحت الأرض ، تتفرع لثلاثة ممرات مظلمة .
"ما هذا المكان ...؟هل نحن في وكر ؟"
صوت خطوات !
اختبأ خلف جدار مائل ،راقب .
ظهر الرجل ذو المعطف الأسود مجددا ، ثم انظم إليه شخص آخر .
"ها قد أتيت إذا ...هل تبعك أحد ؟"
"لا . تأكدت من ذلك ."
ارتجف جسد رين للحظة ، ليس خوفا بل حماسة .
" ذلك الصوت ...أهذا هو الرجل الذي التقيت به في ذلك اليوم ؟"
ابتسامة باردة تسللت إلى وجهه .
مرر يده على هده وهو يهمس:
"لم أكن مخطئا ...الأمر أوضح الآن من أي وقت مضى ."
ثم حدق في الظلام أمامه وقال:
"لقد أصبحت اللعبة الآن مشوقة حقا ....وكان الأمر يستحق كل هذه المخاطرة فعلا ."