49 - لعبة زيرو : "حين يحتظنك الجحيم "

الفصل التاسع والأربعون : لعبة زيرو: "حين يحتظنك الجحيم ".

كانت الخطوات صامتة ، ثقيلة كأنها تحمل ظلال موتى خلفها .

دخل رين عبر الباب المعدني الذي تركه الرجلان خلفهما .

وتقدم إلى الداخل دون أن يلتقط أنفاس.المكان كانوخانقا .

غارقا في رطوبة نتنة ورائحة دماء فاسدة اختلطت بالعفن والحديد الصدئ.

أدار بصرهوحول الغرفة المعتمة ، وعيناه تتكيفان تدريجيا مع الظلام .أول ماوقعت عليه كانت جثة بشرية ....ممددة ، محطمة مشوهة .

بعضها مقطوع الأطراف ، الأخرى بلا رؤوس .مشهد بشري تم تجريده من أي إنسانية .

"مذبحة ؟لا ....هذا شيء آخر ."

خطى رين بحذر ، وكلما اقترب ، لاحظ أنابيب مملوءة بأعضاء بشرية محفوظة بسوائل شاحبة ، قلوب نابضة كأنها لاتزال ترفض الموت ، أكباد ، أعين ....كأنهم اختزلوا إنسانا إلى قطع غيار.

وضع كم قميصه على فمه وأنفه.

"الهواء هنا مسموم ....الرائحة وحدها تكفي لإسقاطك ."

في الزاوية ، مكتب قديم عليه أوراق مبعثرة. بعضها أكلها العفن ، والأخرى جديدة نسبيا ، عليها ختم غريب .قلب الأوراق ببطء .كلمات تقنية ، جداول ، أسماء ....ثم توقف فجأة.

0Fxt...

"هاهو الاسم مجددا ....العقار الذي ذكره والدي في مذكراته .هل كانت كل هذه التجارب لأجله ؟!"

كانت الورقة تحمل وصفا مختصرا :

"المركب 0Fxt: المرحلة الثالثة .الاختبار النهائي .استجابة الأنسجة الجزئية ....الجرعة القاتلة 0.2مل."

تحول نفس رين إلى همسات ثقيلة .

0.2مل تقتل ؟"

لكم لم يكن هناك لمزيد من التحليل .

مقبض الباب بدأ يتحرك

سحقا.

أدار رأسه بجنون يبحث عن مهرب . عن مكان للاختباء . قلبه بدأ يدق بعنف .فجأة ...

يد خرجت من الظلام ، أطبقت على فمه وسحبته بعنف إلى الزاوية المظلمة .

كاد يصرخ ، لكن تلك البرودة القاتلة التي أحاطت فمه ، وتلك الأصابع التي شلت حنجرته ...

"لا ...هذا الشعور ...هذه اليد ليست بشرية ....أعرف هذا الملمس ."

توقفت أنفاسه .

إنه هو .زيرو .

اقترب الصوت من أذنه، ببرودة جعلت جسده يقشعر :

"ابق صامتا ، وإلا ستقع قبل أن تعرف من أسقطك."

اتسعت عينا رين، وبدأت الأفكار تتقافز في رأسه بجنون .

"لماذا هو هنا ؟ كيف عرف ؟ هل كان يراقبني طوال الوقت ؟أم أنه ..."

لكن لا وقت للأسئلة.

اليد لا تزال على فمه .

والموت ...لا يزال يتسلل في الهواء .

....

مرت لحظات ثقيلة حتى غادر الرجال المكان ، وعم الصمت من جديد.

خرج رين من الظلال ، يتنفس بعمق وهو يهمس في نفسه.

"أخيرا ...ابتعدوا ."

لكن الراحة لم تدم طويلا ...

من الخلف ، انقض عليه شيء ....أو بالأحرى شخص ،

واحتضنه من الخلف بقوة، بصدر بارد يكاد لا ينبض ، وهمس في أذنه بصوت حالم مشوب بالجنون :

"آه ....كم اشتقت إليك ، يا رين خاصتي ."

ارتعش جسد رين دفعة واحدة، ودفع ذلك جسد بقوة وهو يلهث ، يتراجع إلى الوراء ، ثم مسح فمه بكم سترته بحدة وهو يتمتم :

"يا إلا هي ....ياله من شعور مقزز .

ارتسمت على وجه زيرو ابتسامة غير طبيعية ، تلك الابتسامة التي لا تخبرك إن كان يريد تقبيلك ....أم قتلك :

"كم أنت قاس .يارين. تعاملني وكأنني ...مجرد قمامة .كان عليك شكري. على الأقل. "

لكن رين رد ببرود وهو يحدق فيه بعيننين زرقاوين أشبه بحد ة السكاكين :

"ولماذا أشكر من كان سببت في كل هذا؟ كنت سأدبر أمري دونك . والآن ، أجبني ....ما الذي تفعله هنا يازيرو؟ "

ضحك زيرو بصوت منخفض كمن يتلذذ بالجنون :

"ماذا أفعل هنا ؟ دعني أرى ...بالطبع ، اشتقت إلى لعبتي الجميلة. هل هذا يرضيك؟"

اقترب أكثر . رين تراجع خطوتين ، لكن زيرو مد يده بلطف شيطاني ، يلامس خصلات شعره ويكاد يجر وجهه إليه .

في لحظة ، صفع رين يده بقوة :

" قلت لك ...لا تلمسني مجددا ."

صمت زيرو للحظات ، ثم انفجر ضاحكا ، تلك الضحكة المجنونة التي تملأ الفراغ كما لو كانت كاوبوسا :

"آه ،هذا ...هذا ما يجعلني أتوق إليك أكثر يارين. كم أنت ....مثير ."

ثم ، أكمل ، ونبرة صوته تغوص أعمق في الظلام .

" لكن ما أعجبني أكثر هو أنك دخلت عرين النمر بنفسك . بدون تردد . يبدو أن المجنون هنا ...ليس أنا فقط ."

رد رين ببرود قاتل وهو يحدق بعيني زيرو :

" أجل ...أنا مجنون. وما شأنك أنت ؟ فقط ...ابتعد عن طريقي ولا تتدخل بشؤوني مجددا ."

حاول رين التقدم ، لكن زيرو قطع عاليه الطريق بثبات . مد يده فجأة ، وأمسك معصمه بقوة، قوته غير بشرية ، ببرودة جلده كأنها حقنت من الموت نفسه .

"لا تكن مضحكا ، يارين قلد صوته ساخرا لا ترني وجهك ....لا تتدخل ... . هل تظن أنني سأتخلى عن لعبتي الوحيدة بهذه السهولة ؟"

ثم اقترب أكثر ، صوته يغوص في أذن رين كسم :

"هذا الجسد المتهالك ...كيف تظن أنك ستواصل به؟"

شهق رين من الألم :

" تبا... معصمي !"

قاوم ، لكن لم يستطع الإفلات .

" أهذا ....وقت مرضك ؟أيها الجسد اللعين ..."

صرخ رين أخيرا، بعينين تغليان بالغضب .

" قلت لك ....دعني !"

لكن زيرو ابتسم مجددا، ثم حمله فجأة من ساقيه كأنه لا شيء ، ورماه على كتفيه بسهولة صادمة .

" ماذا تفعل أيها المجنون ؟! أنزلني الآن !!"

صوت رين انشق في المكان وهو يحاول التحرر ، يركل ويصرخ ، لكن زيرو كان هادئا وكأن مايحدث ...مجرد رقصة أخرى بين عاشقين مجنونين في مسرح الظلام .

2025/07/17 · 16 مشاهدة · 846 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025