الفصل 51: ظلال لا تقال

دماء ...

تسيل ....لا ، تنهمر ...كأنها تتنفس .

اللون الأحمر يغمر الأرضية كحبر سال من كبوس قديم .

رن صدى خطوات " رين " فوق هذا المستنقع الكثيف .

قطرات ، واحدة تلو الأخرى ، تحدث تموجا باهتا فوق سطح الدماء .

رين بهمس مشوش :

" ما هذا الجحيم؟...أين أنا؟ هل هذه...بركة ؟"

تقدم خطوة ، اثنتين ....حتى اصطدمت قدمه بشيء صلب .

تدحرج أمامه بهدوء مخيف.

جمجمة .

فارغة ...لكنها تنظر. وكأنها تعرفه .

رفع عينيه فوجدهم .

الجثث .

تطفو واحدة تلو الأخرى ، تتكاثر كما لوكانت تنبع من قاع لا قرار له .

وجوههم محطمة، ملوية ، تصرخ دون صوت ، كأنما الألم لا يزال ينهشهم رغم الموت .

تراجع رين ، قلبه ينبض كطبول نجاة لا نقذه .

لكن فجأة، شيء ما أمسك بساقه .

أصابع مشوهة ....تسحبه نحو القاع .

"لا ...لا أستطيع الحركة ...ساقي ...وكأنها تذوب معهم ؟"

ثم بدأوا يتحدثون .

" أنقذنا ، رين ...أرجوك .ساعدنا .لا تتركنا هنا ..."

صوتهم جماعي ، صداه يقرع عظامه .

فتح رين فمه ليصرخ ...لكن الدم لوحده خرج من حلقه .

دموعهم ...تتحول لدم .

تكبل أنفاسه .

تحاول استيعابه معهم إلى القاع .

رين بصوت مختنق :

" ابتعدوا عني !! من أنتم بحق الجحيم! ؟"

انتزع ساقيه بصعوبة وركض .

كان المكان متاهة ، مليئة بساعات مشروخة ، إبرها مغروسة في لحم الأرض .

خيوط حمراء، تشبه خيوط العنكبوت، تتدلى من الأعلى ، تتلامس مع وجهه كأنها تزن الحقيقة .

ثم ....سمعه .

بكاء...

في عمق الظلال ، تحت قوس من الزجاج المهشم ، كان هناك ظل يجثو على ركبتيه .

يبكي ....كطفل مكسور .

اقترب رين ، يلهث .

رين بهمس :

"...يوكي ؟أنت ؟"

لكن عندما مد يده ، جاءه شيء آخر .

ذراع باردة تلتف حول عينيه.

وهمس صوت من الجحيم قرب أذنه:

" لم يحن الوقت بعد ، يارين ....لا تعبر ذاك الجانب ."

تشققت ساعة ما وسقطت أرضا .

صوت....

هادئ ...

" رين....رين..."

فتح عينيه على صوت" يوكيمارو " وعلى الضوء المتسلل من نافذة الفندق.

أنفاسه ثقيلة .

الواقع بدا هشا...وكأنه ممر زجاجي قد ينكسر في أية لحظة .

رين بصوت خافت :

"...يوكيمارو؟ "

يوكي بقلق واضح :

" أجل، أنا .كنت تتألم في نومك .هل رأيت كابوسا ؟:

خفض رين رأسه، ووضع يده على وجهه.

رين في نفسه :

" كابوس ؟لا ...كان أكثر من ذلك.

وما ذلك الصوت ؟ وما الذي يعنيه بأنه ليس وقت عبور الجانب ؟"

مد " يوكيمارو " يده ليلمس جبينه .

" الحمى انخفضت أخيرا ...هل تشعر بتحسن ؟"

ابتسم رين شاحبا :

" أجل ...لا تقلق...أنا بخير ."

لكن في داخله،

لم يكن بخير على الإطلاق.

لمح يوكيمارو أثر خنق خفيف على رقبة رين، اتسعت عينا رين بتوتر ودهشة وغضب متداخل ، ووضع يده على عنقه في محاولة لإخفاءه .

مد يوكيمارو يده ولمس عنق رين بقلق :

" من الذي فعل بك هذا ، رين ؟"

أمسك رين معصمه وأبعده بنظرة باردة :

" قلت لك لاتقلق علي. أنا بخير "

انعقدت حواجب يوكيمارو بغضب، ورد بنبرة حادة :

" هل تمزح ؟ كيف لا أقلق عليك ؟ كان زيرو، أليس كذلك ؟لا تحاول إخفاء الأمر عني ."

أشاح رين بوجهه وتجنب نظره ، وقال ببرود :

" وما شأنك أنت بي ؟"

صرخ يوكيمارو في وجهه، وقد تفجرت مشاعره دفعة واحدة :

" ما شأني ؟! ما هذا الكلام الغبي ؟ هل صدمت رأسك أيضا ؟"

تلاقت أعينهما للحظة ، ثم قال رين بصوت هادئ لكنه مشحون :

" هل تعتقد أنك الوحيد الذي يحق له الغضب والتنفيس عما بداخله ؟!" لقد انتظرتك لتتكلم ...وانتظرت . لكنك تجاهلت كل شيء ."

صمت ثم أضاف بنبرة جادة :

" يوكيمارو...أين كنت في ذلك اليوم؟ صباحا ...ثم عدت فجأة أجلني ."

نظر إليه نظرة مباشرة واحادة :

" إن لم تكن ستجيب ...فأنا أيضا لن أتكلم. "

تجمد يوكيمارو للحظة ، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة حزينة :

" الجهل ...نعمة أحيانا .لهذا ، من الأفضل ألا تعلم يا رين ."

ثم تنهد وقال:

" وأنا أيضا لم أجب ، إذا لا داعي لتجيبني ."

تراجع يوكيمارو نحو الباب ، توقف فجأة واستدار :

" بالمناسبة ، أرسلت رسالة إلى جونز أخبرته بأنك مريض ولن تذهب غدا. إلزم فراشك ....وإلا قيدتك في السرير بنفسي . سأعد لك شيئا لتأكله ."

ضرب رين السرير بعصبية ، صائحا :

" يوكيمارو، أيها الوغد الماكر ! دائما تجعلني الطرف الخاسر ! سحقا لك !" .

2025/07/19 · 16 مشاهدة · 721 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025