رواية لغز بين ظلال الزمن

الفصل 59 : الخطوة التي لا عودة بعدها

تنفس رين بعمق، ثم مد يده ببطء إلى جيبه الداخلي و أخرج كيسا بلاستيكيا شفافا.

داخل الكيس ورقة بيضاء ملطخة ببقع دم داكنة ، بدا لونها أكثر سوادا تحت إضاءة الغرفة الخافتة .

وضعها رين على الطاولة أمامهما بصوت خافت، وكأنه يضع قطعة شطرنج حاسمة على رقعة لعب .

حدق يوكيمارو في الورقة لثوان ، ثم رفع حاجبه بابتسامة ساخرة :

-أتعلم أن سرقة دليل من موقع الجريمة بدون إذن ....مخالفة قانونية قد تجرك مباشرة للتحقيق ؟

رد رين بنبرة باردة:

-آه ....ربما .لكن ،بينما، كانوا على وشك التخلص منها مع عشرات الوثائق الأخرى الملطخة بالدم .

توقف لحظة ثم أضاف وهو يثبت نظره في الورقة :

-الفرق أن هذه الورقة ليست كبقية الوثائق ...كان لدي شعور ، واتضح أنني لم أكن مخطئا .

انحنى يوكيمارو أكثر ، صوته هذه المرة خال من المزاح :

-ما الذي تقصده ؟

أشار رين إلى البقع الحمراء المتناثرة على النص :

- أنظر هنا ...قد تبدو الحروف عشوائية للوهلة الأولى ، لكن إذا أخذنا فقط الحروف التي عليها بقع الدم ، سنحصل على : M.O.P.N.H .

توقف رين للحظة ثم أكمل:

-وحدها ، هذه الحروف لا تشكل أي كلمة مفهومة . لكن ...تذكر أن المفتش جونز من أصول روسية.

ضاقت عينا يوكيمارو قليلا، مدركا المسار الذي يقود إليه رين.

-إذا ...تقترح أن نترجم هذه الحروف إلى الأبجدية الروسية؟

ابتسم رين:

-تماما. باستخدام المقابلات بين الأبجدية اللاتينية والسيرييلية :

M=M

O=O

P= P تنطق" ر"

N=N بالمقلوب و("تنطق" يي )

H=H

وعندما نجمعها ....نحصل على MOPNH.

رفع يوكيمارو نظره ، صوته منخفض كأنه يكمل جملة يعرفها مسبقا :

-أي تعني .....؟

تسارعت أنفاس رين قليلا ، ملامحه حادة :

-بالضبط .إنها إشارة مباشرة ....أما أوراق اللعب التي وجدناها ، فكانت مجرد طعم لتشتيتنا . لكن هذه المرة ....لن يتمكن من الاختباء . سيتحرك لا محالة .

ظل يوكيمارو يحدق في عيني رين، ابتسم ابتسامة صغيرة، عميقة المعنى.

- لماذا تبتسم؟ سأل رين بنبرة متحفزة .

-لا شيء ....فقط لاحظت أنك تبدو سعيدا بشكل غريب كلما واجهت لغزا معقدا وبدأت تفك خيوطه .وكأن قلبك ينتعش وسط الفوضى ...أنت حقا مهموس بالألغاز ،يارين.

ارتسمت على ملامح يوكيمارو نظرة غريبة ، مزيج من الفرح والحزن :

-أتمنى فقط أن أراك تبتسم هكذا كل يوم...وألا تخفي مشاعرك خلف ذلك الجدار البارد .

شعرت وجنتا رين بالدفء فجأة ، فدأدار وجهه بعيدا :

-ما الذي تقوله أيها الأحمق....؟دائما ماتنطق بالهراء .

ابتسم يوكيمارو بهدوء وهو يتكئ إلى الوراء :

-ربما .لكن على أي حال ...لقد تأخر الوقت. عليك أن ترتاح ، يارين. لقد استنزفت نفسك اليوم، وغدا ...غدا ستكون جنازة المفتش جونز .

ساد الصمت بعدها ، ولم يبق سوى صوت عقارب الساعة وهي تلتهم الدقائق .