الفصل 63 : " خطايا "
تلاقت نظرات رين الحادة بنظرات شين ، كأن صراعا خفيا يدار بينهما دون سيوف أو رصاص ،بل بالكلمات وحدها .
قال رين ببرود مشوب بالغضب:
-لم أطلب منك أن تسرد علي هراءك المعتاد. لقد سألتك سؤالا واحدا وبكل وضوح....ماذا فعلت بوالدي؟ ألم تكونا صديقين مقربين ؟ لماذا قتلته ؟ لماذا خنته ؟
ارتخت ملامح شين فجأة، وخيل للحظة أن ظل حزن ثقيل مر على وجهه.
- لقد قلت لك مسبقا، يارين....أفكاري وأفكار والدك لم تتوافق . كان عنيدا بشكل يثير الجنون .أعطيته فرصا عديدة، عرضت عليه التعاون ، لكنه أصر على التمسك بمبادئه .حتى في لحظاته الأخيرة ، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ....ظل يذكر اسمك .يارين ...أردت أن أكفر عن خطيئتي بالاعتناء بك .ربما أكون قد خنته ، لكن على الأقل ...لم أخن وصيته .
ضرب رين الطاولة بنظراته كمن يطعنها بخنجر :
- وهل كان الأمر نفسه مع مورين أيضا ؟
رفع شين حاجبيه بدهشة حقيقية :
-ماذا تعني ؟
اقترب رين بجسده قليلا إلى الأمام، صوته كالطلقة:
- أعني أنك قتلت مورين أيضا ، وأخذت مكانه .رغم أنه كان أحد أصدقائك المقربين. تماما كما فعلت بجونز ، بعدما كشف أمرك، لكن الغريب...لماذا لم تقتله منذ البداية؟ ألم تكن تعلم انه يشك بك منذ أول يوم؟
ابتسم شين ابتسامة جانبية، كمن أصيب مقتل لكنه لا يريد أن يعترف :
-مثير للاهتمام...وكيف عرفت أنني أنا من قتلت مورين وجونز؟
أجاب رين ببرود قاطع:
-ببساطة . سألت جونز عنك ذات مرة .قال انه كان مقربا جدا من مورين، لكن في الآونة الأخيرة لاحظ أن تصرفاته تغيرت. ثم أخبرني بسر : أن مورين كان يعاني من مرض مزمن في القلب ، لا يعرفه أحد سواه. لقد رأى بنفسه إحدى نوبات الأزمة ،ووعده أن لا يخبر أحدا . كان مورين يتناول دواءه أمامه بانتظام ...لكن فجأة لم يعد يصاب بأي أزمات . لم يعد يتناول أي دواء . وحين سألت طبيبه عن مواعيد مراجعته .... أخبرني أنه لم يره قط .
صمت رين للحظة ، ثم أكمل بنبرة حادة:
-حينها فهمت .لم يكن مورين نفسه . لقد قمت بقتله .... وأخذت مكانه .أما جونز ؟ لقد كان أذكى مما ظننت ، ولهذا تخلصت منه أيضا .لكن أخبرني ياشين ...لماذا قتلته بالضبط ؟
أشاح شين بيده وكأنه يبعد غبارا مزعجا :
-مجرد نزوة ...مورين كان الشخص المناسب لخطتي ،بلا عائلة بلا أحد . كان من السهل محوه . أما جونز ...لم أتوقع أن يكون بتلك الحدة. كان علي التخلص منه منذ البداية، قبل أن تأتي وتخلط الأوراق .
ابتسم رين كمن وجد ثغرة :
-لهذا السبب استعملت الOFxt ، أليس كذلك ؟
هنا ، وللمرة الأولى ، توقفت أنفاس شين لجزء من الثانية . نهض من كرسيه واقترب بخطوات ثابتة حتى جلس على الطاولة بجوار رين مباشرة ، صوته يحمل خليطا من الدهشة والإعجاب :
-...إلى متى ستستمر في مفاجئتي ، يارين؟ كل مرة أظن أنني قرأتك....تفاجئني من جديد .
ابتسم رين ببرود وهو يواجهه مباشرة:
-حسنا...سأغرد لك ، كما طلبت ، اسمع جيدا . الOFxt لم يكن عقارا عاديا، بل خطيئة مكتملة. في البداية كان مجرد دواء تجريبي ، لكنه تطور لثلاثة فروع شيطانية :
العقار الذي استعملته للتخلص من الرجلين في:OFxt1المناء .يترك آثارا جسدية واضحة : طفح جلدي، بروز في الأوعية الدموية واتساع بؤبؤ العين. عدم تعاطيه يؤدي إلى هلاوس وجنون وآلام لا تطاق . تسوقونه في السوق السوداء عل أنه منشط يمنح الجسد قوة هائلة ، لكنه في الحقيقة أداة للسيطرة ....عبودية كيميائية.
القاتل الصامت . وضعته في قهوة جونز: OFxt2 واستعملته في معظم الجرائم الأخرى. لا يترك أي أثر طبي ، كأنه لم يكن موجودا أصلا ...الموت يزور بصمت .
الأخطر على الإطلاق ...عقار إعادة الانبعاث .:0Fxt 3 استعمله زيد ليوهم الجميع بموته . يوقف النبض تماما، ويدخل الجسد في حالة سبات عميق لعدة ساعات ، وكأنه ميت . بعدها يستعيد وعيه . لقد قمتم باستبدال جثته ، وأخفيتم الحقيقة . لكنني لم أصدق مسرحيتكم الرخيصة .بحثت في سجلات المشرحة ...واكتشفت أن زيد لايزال على قيد الحياة.
أطلق رين رأسه قليلا ثم أكمل بنبرة مميتة :
- أما أوراق اللعب التي أرسلتها لي ، فقد كانت مجرد لعبة نفسية. الورقة التي أشارت إلى والدي....كانت لإضعافي .وورقة " زيرو " لم تكن إلا تحديا مباشرا .... استفزاز رخيصا . لكنك ارتكبت خطأ واحدا ، شين . أنت لم تفكر أنني سأفكك لعبتك ورقة ورقة ....حتى النهاية .
ساد الصمت ، وارتجف الهواء في الغرفة كأن الكلمات وحدها صنعت عاصفة .
جلس شين يحدق برين ، ابتسامته مشتعلة كجمر ، بينما عيناه تشعان بحدة لاتقل عن حدة رين نفسه .