الفصل 64: بين انسان وشيطان.

اقترب شين من رين أكثر، حتى أصبح وجهه يكاد يلامس وجهه ،رفع ذقنه ببطء كمن يريد أن يرفض حقيقة لا مهرب منها.

قال بصوت مبحوح لكنه واثق:

-كلامك صحيح ، يارين....لقد جعلتني أعجب بك أكثر فأكثر ولهذا ....سأخبرك بالبقية .

تنفس بعمق ،ثم نطق :

-أوراروس....كان والدي. أما "إيتو" فليس لقبي الحقيقي . اسمي الكامل....ماتوبا شين .

اتسعت عينا رين قليلا، فيما تابع شين، صوته يتقلب بين الحنين والمرارة :

-توفي والدي وانا صغير. تزوجت أمي من أوراروس. كان يملك ابنا بالفعل ، وبالصدفة كان اسمه .... شين .كنا نحمل الاسم نفسه ، لكن العالم لم يعترف بي قط . والدي الجديد كان يحتقر أمي ، يزدريها أمامي، وفي النهاية...انتحرت .لم يحبني أحد ...سواه .حينها ظننت أنني فقدت آخر شعور بالانتماء .

توقف قليلا، صوته يرتجف للحظة :

-غادرت المنزل .بدأت حياة بلا جذور. عملت مع الاستخبارات. وهناك ...التقيت بوالدك ، ريون .كانت أول مهمة لنا معا، و سرعان ماتقربنا. رغم بروده الظاهر، كان لطيفا على نحو غريب. دائما مايعطي الأولوية للآخرين....قبل نفسه. كنت أظنه أول من أعاد لي طعم الصداقة .لكنني...في النهاية...خنته.

تسحرت عينا رين في عينيه، بينما تابع شين بمرارة قاتلة:

-كان مسعاي في البداية الانتقام من والدي وأخي ...لأنهم أخذوا أمي، لكن مع الوقت ، صار غضبي أكبر. السلطات أيضا قتلت زوجتي ، وكانت حاملا بطفلي .اختطفوها ، زرعوا قنابل عليها...كان بالإمكان إنقاذها .لكنهم لم يهتموا .عينوا قناصا لينهي حياتها قبل أن تنفجر وتأخذ معها آخرين. ريون وحده وقف بجانبي، رغم أنه كان يعلم بأنه سيعاقب. حينها أقسمت أنني سأنتقم من كل شخص جعلني أعاني .

اطرق رأسه للحظة ، ثم رفع عينيه بنظرة دامعة :

-بينما كان الآخرون ينادونني بالألقاب ....والدك ناداني ب " سوي " .أحببت الاسم ، أحببته أكثر من نفسي. اعتبرته كنزا لا يقدر بثمن . لكن في النهاية ...كنت أنا من غرز الخنجر في صدره. لحظاته الأخيرة مازالت تلاحقني ....ناداني باسمي " سوي " ...وابتسم .كان آخر ما سمعته منه .

انحدرت دمعتان ساخنتان على وجنتي شين ، وسقطتا على خدي رين .

قال بصوت مبحوح وهو يمد يده ليلمس وجهه :

-آه ...كم أنت تشبه ريون يارين. تشبهه لحد الجنون.

رفع وجه رين إليه، عيناه الزرقاوان العميقتان تعكسان غضبا وغموضا في آن. مد شين أصابعه ليمررها على خصلات شعره برفق ، ثم همس:

-أتدري يارين؟ لو كان ابني حيا اليوم...لكان في مثل عمرك. عندما أنظر إليك ...أرى الاثنين معا : ابني الذي لم يولد ، و ...ريون .

شدد على كتفيه فجأة ، احتضنه بقوة تكاد تسحقه:

- رين...مارأيك أن تصير ملكي ؟ مثل ابني...بل أكثر. أريدك .أريدك بشدة ...من أسفل قدميك إلى آخر شعرة في رأسك . ماذا أفعل كي لا أفقدك ...مثلما فقدت ريون ؟

ارتجف قلب رين بين ضلوعه كأنه يريد أن يصرخ: " هذا الرجل...إنه مجنون حقا. كان مهموسا بوالدي لدرجة قتله بيده .وهو الآن ...يريد حبسي في قفص من جنونه ."

قال شين بعينين محمومتين ، وهو يعانقه أكثر :

-وجدتها ...سأبني لك قفصا ، من حديد، واضعك فيه .هكذا ...لن تتركني أبدا .

اتسعت عينا رين، قلبه يخفق بجنون. تمالك نفسه بصعوبة ، رفع رأسه لينظر مباشرة في عيني شين وقال بصرامة:

-شين ...ما أنت بالضبط ؟لست إنسانا. لم أشعر قط بدقات قلبك ، ولا بظل روحك بشرية داخلك .هل أنت فعلا شين ...أم مجرد وغد مجنون مهووس بوالدي؟

انفجر شين ضاحكا، صدى ضحكته ارتد في أرجاء الغرفة كصفير الريح :

-عزيزي رين....الناس لا يولدون أشرارا ،بل يصنعون .

الشياطين....ليسوا سوى بشر .والناس ....هم الشياطين. أنا مجرد نتاج لما صنع بي .لذا ....نعم. شين القديم قد رحل .أنا لست إنسانا ...لكنني في نفس الوقت....لست شيطانا.

2025/08/21 · 9 مشاهدة · 575 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025