الفصل 66 : " القفص الدموي "

قبض رين على فكه حتى عض شفتيه بقوة، نزف الدم من فمه قطرة بعد أخرى .

صرخ بغضب مكتوم :

-ما الذي تقصده بقولك هذا؟ لست إنسانا...لكنك لست شيطانا أيضا؟

اقترب شين منه ، مد إصبعه، مسح الدماء عن شفتي رين بطرف إبهامه ، ثم همس بابتسامة باردة:

-آه ...يبدو أن أحدا لم يخبرك بالحقيقة بعد حسنا، لا بأس....بما أنك ضيف شرفي يا رين سأخبرك.

رفع رأسه قليلا، عيناه تتلألآن بجنون غامض :

-لم أعد إنسانا كاملا ....صرت شيئا آخر. الأصح أن تقول ....صرت كيانا شيطانيا. نحنى نسمى ...." الريجين ."

اتسعت عينا رين:

- كيان شيطاني ؟ ريجين ؟ انصاف بشر ؟

ابتسم شين ابتسامة قاتلة:

-أجل. نحن لسنا بشرا عاديين. كل واحد منا يتشكل بطريقة مختلفة ...حسب رغباته ، حسب شهواته . يولد الريجين من الندم العميق ، من فقدان شيء عزيز ، من رغبة لا يمكن السيطرة عليها . كلما زادت شهواتك ....زادت قوتك .

لكنك بالمقابل ...تفقد جزءا من إنسانيتك.

توقف لحظة ثم اقترب أكثر من رين وهمس في أذنه:

-أما أنا...فقد عقدت صفقة مع شيطان ، بشروط محددة. أردت الانتقام، وحصلت عليه ... لكن حتى بعد أن انتقمت ، لم يرتو عطشي . لم يعوضني أي شيء عما فقدت . ولهذا ....يارين أريدك....أريدك . أريدك بشدة . بشدة ...لدرجة الجنون.

شد على كتفيه بعنف ، وقال بعينين جاحظتين :

-أنت لا تدرك قيمتك بعد ، رين . أنت قطعة نادرة في هذا العالم. لا يمكنك أن تهرب مني ...أبدا .

التقط شين سكينا من فوق الطاولة. بلا تردد...غرزها في معصمه . تدفق الدم القرميزي الحار بغزارة. مد يده الأخرى، أمسك وجنتي رين بقسوة ، وفتح فمه بالقوة .

-م-ماذا تفعل ؟! سعل رين محاولا المقاومة .

لكن شين ضغط أكثر...فأكثر ، جعل الدم ينهمر داخل فم رين:

-أصمت ...واشرب . اشرب دمائي كلها ، يارين. حتى آخر قطرة . هكذا ....سأظمن أنك لن تهرب مني أبدا. لا مثل والدك ... ولا مثل زوجتي .... ولا مثل ابني . لن أفقدك . لن أفقدك أبدا !

بصق رين الدم فجأة في وجهه وهو يسعل بعنف ، ثم زمجر :

-يا لك من حثالة....لا تستحق أن تعيش !

ضحك شين بجنون. قطرات الدم تناثرة على وجهه لكنه لم يمسحها ،

-أجل ....أنا حثالة . وما المشكلة ؟ سأفعل أي شيء ، يارين....أي شيء ، كي لا تفلت مني . حتى لو كرهتني .

فك قيود رين ، كمن يثق أنه لم يعد بحاجة إليها . حاول رين النهوض ، لكن جسده خانه . سقط أرض ، يلهث ، يشعر أن أطرافه تتجمد .

ركع شين أمامه ، وضع قبضة يده على وجنته ، ونظر إليه نظرة من يملك مفتاح الجحيم :

-لا تحاول ، عزيزي رين. دمائي التي شربتها بدأت تجري داخلك . جسدك لن يخضع بعد الآن . مفعولها واضح ....لن تستطيع الحركة كما تريد .

اقترب أكثر ، صوته صار همسا شيطانيا :

-قلت لك ، يارين...لن أدعك تفلت مني . لقد أصبحت ملكي . للأبد .

...

رنت الطرقات فجأة، بم ....بم ...بم !

كسر الباب في لحظة، انخلع من مكانه وتحطم على الأرض بصوت مدو ارتد صداه في أرجاء الغرفة المعتمة .

من عمق الظلام ، انبثق كابوس حي .

رداء أحمر ، لونه كالدم المتخثر .

ملامح جهنمية ظلالية تتلوى تحت الإضائة الخافتة.

يد شيطانية مشؤومة تسحب جثة مشوهة ، مببللة بالدماء ، واليد الأخرى تحمل جثة ثانية لا تقل بؤسا ، وجهها يروي قصة معاناة لا تنتهي .

توقف الكيان وسط الغرفة .

ثم ألقى الجثتين أمام قدمي شين ، كمن يرمي بقايا لا قيمة لها .

ارتج المكان للحظة ، وعم صمت ثقيل قبل أن يخرج صوته ....صوت مرعب أجوف ، يشق الأبدان كخنجر صدئ :

-ألم يعلمك أحد في حياتك....أن لا تقترب من " ملكية الآخرين " ....أيها الشيطان القذر ؟

تجمد الهواء، وتصلبت نظرات رين بين شين وذلك الكيان الملعون .

شعوره لم يكن خوفا فحسب ، بل صدى غامضا .... كأن دمه استحاب لصوت القادم الجديدشين ، الذي لم يهتز حتى وهو يجر رين إلى القاع ، بدا للحظة .... وكأنه يواجه خصما يعرفه جيدا .لكن نظرة عينيه كانت خليطا من غضب قاتل ....وريبة مميتة .

2025/09/08 · 4 مشاهدة · 666 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025