الفصل السابع : انعكاس الظل

كان الليل قد فرض سطوته على مدينة شيبويا ، بينما تمطر السماء كأنها تبكي على خطيئة لا تغتفر.

الرعد يهدر في الأفق ، والبرق يشق العتمة كنصل حاد.

الشوارع خاوية إلا من ظلال تركض على عجل، كأنها تهرب من شيء تعرفه ولاتملك له اسما.

رن هاتف رين فجأة.

رسالة واحدة ، بلا عنوان :

" أراك الليلة أيها المحقق...على سطح مبنى ساغامي .

الساعة الثانية عشرة. لا تتأخر...فالضحية تكره الانتظار ."

انطلق رين إلى الموقع بسرعة ، لكن الساعة كانت تشير إلى 00:14 حين وصل.

المكان : سطح مبنى ساغامي المهجور .

الرياح تصفر بين زجاج النوافذ المحطمة ، والمطر ينهمر كستار يخفي وجوه الأشباح .

تقدم رين بخطى ثابتة، رغم أن صدره كان يضج بشيء غامض....ربما خوف؟ حذر ؟ أم ذلك الاحساس الخفي بأن هذا الليل لن يمر بسلام ؟

ثم رآها...الجثة.

ممدة على الأرض ، يدها مشدودة للأعلى كما لو أنها كانت تحاول الإمساك بشيء في اللحظة الأخيرة .

وفي صدرها. كما في كل الجرائم السابقة. تفاحة حمراء مغروسة بخنجر صغير يقطر دما .

وقف رين صامتا يحدق في المشهد. ثم رفع عينيه نحو العتمة وقال :

" زيرو ، أعلم أنك هنا...هيا، أخرج من مكانك حالا ."

ضحكة خافتة ارتدت في الفراغ :

" ههههههههه...."

ثم تكررت، أعلى ، أعمق أكثر جنونا .

وفجأة .... سقط ظل من فوق المبنى المقابل.

بخفة حيوان مفترس ، وقف أمام رين .

رداء أحمر يلتسق بجسده النحيل ، وعيناه تلمعان في الظلام .

" اوه، أتيت فعلا يا حضرة المحقق ... كنت أخشى أنك تخاف من المرتفعات ....أو من الحقيقة ."

تقدم رين بخطى ثابتة :

" أنت من يجب أن يخاف ."

ابتسم زيرو ابتسامة عريضة ، وتقدم هو الآخر.

المطر ينهمر فوق وجهه دون أن يرمش .

رين بحدة : " لماذا...لماذا تفعل هذا ؟"

زيرو : " القتل ؟هه...لا، لا ، أنا لست قاتلا ، أنا مجرد انعكاس لهذا العالم .... أنا الصدق حين ينزع القناع ."

اقترب أكثر ، صوته يزداد برودة :

" هل تعلم لماذا أقتل ؟

ليس للغضب ، ولا للانتقام .

بل للمتعة .

لأنني أستمتع ... أستمتع حين أرى ملامح الرجاء على وجوههم ... قبل أن أمزقها بيدي.

لأنهم كاذبون ....يستحقون الموت."

" ههههههه"

صمت ، ثم أكمل بنبرة أغمق :

" ينظرون إليك بابتسامة قذرة ....ويطعنونك في ظهرك.

يتحدثون عن الشرف ...وهم يغرقون في الخيانة.

مجرد حشرات وضعية .

ذئاب بشرية ....ترتدي بدلات أنيقة ، وتعيش على الجشع والطمع .

ما أفعله؟ تطهير ."

تجمدت نظرات رين وبصوت غاضب :

" ماتفعله هو القتل ، لا التطهير . لا يختلف عما يفعلونه ."

ضحك زيرو بجنون : ههههه....هههه..

" ربما...

لكن انظر إلي جيدا ، إيتاشي رين ....

ألا ترى ذلك الجزء فيك الذي يوافقني ؟

ذلك الجزء الذي يعرف أنني على حق .... حتى لو كرهتني ؟"

سكت رين ، ثم بحدة قال :

" ولماذا انا ؟ ... لماذا اخترتني ؟"

زيرو بابتسامة عريضة وصوت غامض :

" لأنك مسل....

لأنك لست مثلهم .

تفكر ، تشعر ، تتألم ...

قطعة نادرة في شطرنج هذا العالم .

أريدك خصما .....أو شريكا ."

اقترب خطوة إضافية ثم .... مد يده :

" ما رأيك يارين ؟ أن نطهر هذا العالم الفاسد معا ؟"

دون تردد أخرج رين مسدسه ببطء :

" أنا لا أنظم للأشباح .... أنا أوقفهم ."

ابتسم زيرو بأسى :

" آه يال الأسف .....كنت أتمنى لو كنت شريكي لكن ... لابأس ."

وانقض عليه فجأة .

بدأ التشابك بينهما تحت المطر ، ضربة بضربة .

الهواء صار ثقيلا ، والبرق يكشف وجه زيرو المبتسم كأن الموت رقصة. والقتل لحن يرقص عليه بجنون .

رين كان سريعا ، لكن زيرو ... كان يتحرك وكأنه ظل ، لايمكن لمسه .

وفجأة .... توقف زيرو ، وتراجع خطوتين .

رين رفع المسدس وصاح :

"انتهى أمرك زيرو !"

ضغط الزناد بسرعة .

رصاصة ....اثنان... ثلاث!

لكن الرصاص مر عبره ..... لا دم ، لا أثر كأن جسده دخان.

شهق رين ، يديه ترتجفان .

ثم ... ظهر زيرو خلفه .

همس بصوت بارد كالعاصفة :

" الواقع أغرب مما تظن ، رين ...."

صمت ثم قال :

" أخبرني .... هل مازلت تحلم بذلك الفتى المقيد ؟

الذي يصرخ باسمك ولا تعرف من هو ؟"

تجمد رين في مكانه .

ذلك الكابوس .... لم يخبر به أحد

ابتسم زيرو ، وكأن عينيه تقرأان روحه .

ثم تراجع خطوتين ، المطر لا يلمس جسده .

" لقد أصبحت اللعب أكثر إثارة ....

أمسكني إن استطعت ، سيدي المحقق ... أنا في انتظارك ."

لذا لا تتأخر .

ثم... اختفى كشبح مثلما ظهر .

2025/05/04 · 16 مشاهدة · 739 كلمة
Amina Mino
نادي الروايات - 2025