سارت الأميرة ني هوانغ برشاقة، تحيطها هالةٌ من القوة. مشت مباشرة إلى مي تشانغ سو ولم تلقي بالًا للأزواج العديدة من الأعين الواقعة عليها. ابتسمت وقالت، "الردهة الدافئة خانقة جدًا، إنها لا تناسب شخصًا من ساحات المعارك مثلي. إن لم يعترض السيد سو، هلا رافقتني لنمشي على طول الرواق ونرى تقدّم المنافسة بالأسفل؟"

بغض الطرف عن حقيقة أنها الأميرة ني هوانغ الشهيرة، لم يكن ثمة سبب للرفض حتى لو كانت امرأةً عادية. لذلك، ابتسم مي تشانغ سو وقبل. ترك تعليماتٍ من أجل فيليو بهدوء وصاحَبَ الأميرة، ماشيان تجاه الرواق الطويل خارج الردهة الدافئة.

وقف فيليو بلا حراك بتعبيرٍ فاتر، عيناه تحدقان مباشرة إلى البعد. كان كأنما بات تمثالًا. لم يستطع السادة الثلاثة الآخرون أن يتحولوا إلى تماثيل بالضبط مثله، ووقفوا متعارضين على الدرج. هل يجب أن يغادروا؟ لكنهم كانوا قلقين على مي تشانغ سو. هل يجب أن يبقوا؟ لكنّ هذا ليس مكانًا حيث يتسنى لهم أن يتكاسلوا فيه ببساطة. بينما كانوا مترددين، مشى الخصي إليهم. قال مبتسمًا، "لقد استبقَتْه الأميرة ضيفًا. علامَ يقلق سادتي الشباب؟ أرجو أن ترتاحوا في الخيام بالأسفل. سيكون الأمر مُقيّدًا جدًا عليكم أن تقفوا هنا، أوليس كذلك؟"

كانت كلماته لبقة، لكنّ معناه واضح. لم يكن هناك خيار آخر. لم يسع الثلاثة سوى نزول الدرج. ما فاجأهم هو رغم أن غاو جان قد عاش دومًا داخل أعماق القصر الملكي، فقد بدا واعيًا جدًا حيال هوية فيليو. ومع أنه نحّى الفتيان النبلاء الثلاثة ذوي المكانة المرتفعة، فلم يلقِ بالًا لهذا الفتى البارد وسمح له بأن يقف كالعمود في الدرج.

في غضون ذلك، صاحب مي تشانغ سو الأميرة ني هوانغ إلى الرواق الخارجي. وقف الاثنان جنبًا إلى جنب وشاهدا القتال المفعم بالحيوية على المنصة بالأسفل.

"أيها السيد سو." تلألأ ضوءٌ في عينَي الأميرة ني هوانغ، اللتان استقرتا على مي تشانغ سو. سألت، "انتظرتُ حضورك في قصر الماركيز نينغ بالأمس، إلا أننا لم نستطع لقاءك لكونك كنتَ متوعك الصحة. وكما أراك اليوم، يبدو لي أنك تماثلتَ للشفاء؟"

"نعم، تماثلتُ للشفاء." أجاب مي تشانغ سو دون اهتمام. لم تكسُه ذرةٌ من الحرج الناتج عن كشف حجةٍ زائفة.

"أردت أن أنظر بإعجاب إلى كيف سيستجيب السيد مي من النهر الشرقي لشرف التعيين من الإمبراطورة. يا للأسف." نظرت الأميرة ني هوانغ إليه باهتمام أكبر. "هل تعرف كيف نما مأزقك؟"

"مأزق؟" التفت مي تشانغ سو، "هل لديّ مأزق؟"

"بوسعي أن أكون متيقنة من أنك حينما تعود إلى خيمتك بعد فترة قصيرة، وليّ العهد والأمير يو سيذهبان لزيارتك فورًا. هل تصدقني؟"

"لا أجرؤ على تكذيب كلمات سموّك."

"ألا تجد الأمر غريبًا؟" كانت نظرة الأميرة ني هوانغ كالسيف، ويغمر صوتها الكبرياء. "نعم، أنت تسيطر على أكبر عشيرة في العالم، والاسم الموهوب للسيد مي من النهر الشرقي معروف. حتى ولو، فأنت لا تزال تظل من عامة الشعب. من المفترض أنك لا تتمكن من إمداد عونٍ يذكر لنزاعات الديوان. ومع ذلك، لماذا وليّ العهد والأمير يو مهتمان جدًا بك؟"

كشّر مي تشانغ سو، "بصراحة، أجد هذا غريبًا جدًا حقيقةً. إنني متوسّطٌ للغاية، ونلتُ بعضًا من الشهرة الطفيفة عبر دعم رفاقي. ليس لديّ أيُّ إنجازاتٍ جديرة بالذكر لأستحقّ فضلًا كهذا من الأميرَين. بما أنّ سموّكِ نافذة البصيرة، أتوسّلُ إليكِ بأن تتحدثي مع الأميرَين. أرجو أن تخبريهما بأنّ مي تشانغ سو لا طائل منه أبدًا ليُعيّن."

ضحكت الأميرة ني هوانغ ببشاشة. ألقت نظرةً طويلة على مي تشانغ سو وتبعت عينَيه إلى البعد. حدقا إلى المدينة الراقدة في الضباب. بعد لحظةٍ طويلة، بدأت ببطء، "مأزقك...نشأ من مقرّ لانغ يا..."

مقرّ لانغ يا.

بدا أنه اسم مكان، أو ربما اسم منظمة. ومن وجهة نظر أخرى، ينبغي أن يكون متجرًا أكثر. متجر للقيام بالأعمال التجارية.

الإجراء التجاري على النحو الآتي. تدخل مقرّ لانغ يا. تطرح سؤالًا. يُحدّد سيّد المقر سعرًا. إذا قبلت هذا السعر، فادفعه. سيمنحك مقرّ لانغ يا الإجابة عن سؤالك.

ثمة أشخاصٌ اتهموا مقرّ لانغ يا بالاحتيال، قائلون: "إن لم يستطيعوا الإجابة عن سؤالك، فسوف يحدد مقرّ لانغ يا سعرًا تعجيزيًا. بما أنك لا تستطيع الدفع، فلن يحتاجوا إلى الإجابة. أليس ذلك احتيالًا؟"

ومع ذلك، اصطفت العربات كما التنانين الطويلة في مقرّ لانغ يا، وتدفّق المال إلى داخل المقر كما الأنهار. صدّق الجميع على الرغم من ذلك أنه مهما كان ما ترغب في معرفته، ستستلم إجابةً مُرضية ما دمتَ قد جلبت مالًا كافيًا إلى مقرّ لانغ يا.

هذه الثقة لم تُكسر قط.

"نشأ مأزقي من مقرّ لانغ يا؟ ماذا يعني ذلك؟" أدار مي تشانغ سو رأسه واختلج تعبيره بشكل طفيف.

"هل تعرف ما لدى مقرّ لانغ يا من تعليقٍ يخصك؟"

"نعم،" أجاب مي تشانغ سو بلا مبالاة، "المرتبة الأولى في لائحة السادة النبلاء. إنه مجرد تلفيق."

"التصنيفات السنوية القليلة المُزوّدة من مقرّ لانغ يا مجانية، ولكنها بلا ريب ليست تلفيقًا." كان صوت الأميرة ني هوانغ واضحًا. "أعظم عشرة فناني قتال في العالم، وأعظم عشر عشائر في العالم، وأعظم عشرة أثرياء في العالم، وأعظم عشرة سادة نبلاء في العالم، وأجمل عشرة نساء في العالم. لا أحد ذُكر اسمه في هذه اللوائح العظيمة يُعد عاديًّا."

تزحزحت زاوية شفتي مي تشانغ سو، لكنه ظلّ صامتًا.

لا يشكّ أحدٌ في لوائح التصنيفات الخمسة الأساسية هذه نظرًا لقدرة مقرّ لانغ يا الغامضة والمدهشة في تجميع المعلومات. يقع تحالف النهر الشرقي في قمة أعظم عشر عشائر، والزعيم في المرتبة الأولى في لائحة السادة النبلاء. لا يستطيع مي تشانغ سو حتمًا أن ينكر أنّ لديه اسمًا مثيرًا للإعجاب.

"ومع ذلك... تحالف النهر الشرقي هو العشيرة الأولى لسنوات، ولا هذه السنة الأولى التي تحتل فيها المرتبة الأولى في لائحة السادة النبلاء أيضًا." ضحكت الأميرة ني هوانغ بلطف، "سبب حماس وليّ العهد والأمير يو غير العادي في تعيينك مؤخرًا ناتج عن تعليق جديد من قبل مقرّ لانغ يا."

"ماذا قالوا الآن؟" سأل مي تشانغ سو بألم.

"جلب وليّ العهد معه مكافآتٍ ثقيلة إلى مقرّ لانغ يا، طالبًا توصيةً لأعجوبة تساعد في حكم العالم." نظرت الأميرة ني هوانغ إليه بتعاطف، "لقد وصّوا بك لسوء الحظ."

"من لا يملك مكتبًا معيّنًا لا يجب أن يخطّط مهامّه." ردّ مي تشانغ سو ببرود. "حكم العالم لا يزال مسؤولية الإمبراطور الآن. فيمَ يفكّر الآخرون ليقلقوا على ذلك مُقدمًا؟ حتى لو كنتُ أُعجوبةً حقًا كما يصرّح مقرّ لانغ يا، ألا ينبغي أن أكون ذا نفع فقط بعدما يعتلي الإمبراطور الجديد العرش؟"

"أتعتقد حقًا أنه يريد أعجوبة لمساعدة الإمبراطورية؟ مع ذلك، لا حاجة بنا الآن إلى التحقيق فيما سأل. إنّ الإجابة من مقرّ لانغ يا جديرةٌ بالذكر حقًا." تحدثت الأميرة ني هوانغ ببطء، "حسب علمي، كانت الإجابة هكذا: ’السيّد مي من النهر الشرقي، أُعجوبة كيلين[1]. نَلْه تَنَل العالم.‘"

———

[1] وحش أسطوري، "يُقال أنه يظهر مع الوصول أو المرور الوشيك لحكيمٍ أو حاكمٍ لامع. هو بشير خير يُعتقد أنه يسبّب الازدهار أو السكينة. غالبًا ما يُصوّر بما يبدو كالنار على كل جسده."

2019/09/04 · 440 مشاهدة · 1045 كلمة
nourayu
نادي الروايات - 2024